24 ديسمبر، 2024 4:00 ص

فيلم “Eternals” من مارفل .. يفضح سيطرة “البنتاغون” على إنتاج هوليوود !

فيلم “Eternals” من مارفل .. يفضح سيطرة “البنتاغون” على إنتاج هوليوود !

وكالات – كتابات :

نشر موقع (ريسبونسبل ستيت كرافت) تقريرًا أعدَّه، “ديفيد سافيليف”، الباحث في برنامج دراسات روسيا وأوروبا الشرقية بجامعة “أكسفورد”، والذي يغطي الاحتجاجات والسياسات الثورية، سلَّط فيه الضوء على العلاقة التي تربط بين أفلام “هوليوود” وبين المؤسسة العسكرية في “الولايات المتحدة”.

هل كل شيء داخل “هوليوو” تحت يد “البنتاغون” ؟

في مستهل تقريره يُشير “سافيليف” إلى أن فيلم (Eternals)، أحدث إنتاج من سلسلة أفلام “مارفل” السينمائية، (التي تُركز على الأبطال الخارقين)، قد أثار ضجة كبيرة بسبب إشكالية تصويره لانفجار قنبلة “هيروشيما”، وأشعل من جديد فتيل الانتقادات الموجَّهة إلى عالم “مارفل” السينمائي؛ بشأن تعاونه مع “وزارة الدفاع” الأميركية، (البنتاغون)؛ مما يكشف عن الكيفية التي تترسَّخ من خلالها الدعاية العسكرية في الثقافة الأميركية الشعبية.

ويوضح التقرير أن فيلم (Eternals) يضم مجموعة من البشر الخارقين الذين يعيشون على كوكب الأرض على مر العصور، ويُؤثرون أحيانًا على سير الأحداث عبر التاريخ. وقررت “ستوديوهات مارفل” أن تجعل أحد أبطال هذا الفيلم مسؤولًا عن القصف الذري لـ”اليابان”. ويُظهر الفيلم على ما يبدو شخصية، “فاستوس”، أحد الأبطال الخارقين في الفيلم، وهو يقف على أنقاض “هيروشيما”، ويُصيح قائلًا: “ما الذي اقترفته” ؟

ولفت التقرير إلى أن العديد من النقاد أعربوا عن اعتراضهم على أن تُصوِّر سلسلة “مارفل” السينمائية أول شخصية من ذوي البشرة السوداء ومثلي الجنس على أنه: “مجرم حرب”، بالإضافة إلى إقحام “مارفل” نفسها في منطقة الصدمة التاريخية الحقيقية. بينما أشار بعضهم إلى العلاقة الطويلة والمثمرة بين “ستوديوهات مارفل” و(البنتاغون). بل دفعت هذه السخرية، “جيمس جان”، مخرج سلسلة أفلام “مارفل”، إلى توبيخ النقاد ومهاجمتهم على (تويتر)، قائلًا: إن أفلامه لم تكن بحاجة إلى: “الحصول على موافقة المؤسسة العسكرية الأميركية”؛ وعندما يتطلب الحصول على موافقة تكون المؤسسة العسكرية: “متساهلة جدًّا” حيال ذلك.

مراحل الموافقة على أفلام “هوليوود” !

لكن قراءة المؤسسة العسكرية الأميركية، للسيناريو؛ والموافقة عليه وتعديله في واقع الأمر هي ممارسة معتادة في “هوليوود”. ويوافق المنتجون على ذلك حتى يتسنى لهم استعارة المعدات العسكرية وأفراد الجيش من أجل التصوير؛ مما يُوفر ملايين الدولارات التي تُنفَق على الدعائم، والإكسسوارات، والصور، والمناظر الطبيعية المنشأة بالكمبيوتر. ولا يُعير الجيش الأميركي معداته سوى للأفلام التي لا تسيء إلى المؤسسة العسكرية.

ويقول ممثل عن مكتب الاتصال التابع لـ (البنتاغون): “إن الموافقة العسكرية لا تُمنح إلا إذا كان الفيلم يُصوِّر المؤسسة العسكرية على نحو صحيح. لكن أي فيلم يُصوِّر المؤسسة العسكرية الأميركية بصورة سلبية لا يراه (البنتاغون) يتَّسم بالواقعية”.

ويُنوِّه التقرير إلى أن عملية الموافقة تشمل عدة مراحل، أولًا: أن يقرأ مسؤولو (البنتاغون) سيناريو الفيلم، وفي جميع الحالات تقريبًا يتوقع الجيش الأميركي إجراء بعض التعديلات التي تُصحح صورته. وإذا تمسَّك المخرجون بقصتهم فلن يحصلوا على مساعدة المؤسسة العسكرية.

على سبيل المثال لا يُخفى على أحد أن (البنتاغون) رفض دعم فيلم: (يوم الاستقلال-Independence Day)؛ وذلك لأن البطل كان يُواعد راقصة تعري. كما رفض (البنتاغون) أن يُعير أي معدات لفيلم: (المنتقمون-The Avengers)؛ الذي حقق نجاحًا باهرًا من إنتاج شركة “مارفل”، (أول إنتاج يُدرُّ مليار دولار في مبيعات التذاكر)، لكن ما السبب ؟.. يبدو أن المؤسسة العسكرية لم تكن متأكدة من أن المنظومة الأمنية الاستخباراتية الخيالية: “شيلد”، في الفيلم؛ تتلاءم مع الهيكل الهرمي لـ (البنتاغون).

ويؤكد التقرير أن التعديلات المقترحة يقبلها صانعو الأفلام في كثير من الأحيان؛ لأن العديد من الأفلام ببساطة لن تكون مجدية من الناحية المالية دون الحصول على الدعم من المؤسسة العسكرية. وعندما سُئل “ريدلي سكوت”، مخرج فيلم: (سقوط الصقر الأسود-Black Hawk Down)، هل بإمكانه إخراج الفيلم دون الحصول على هذه المساعدة، فأجاب قائلًا: “نعم، لكن كان علينا فقط أن نُسمي الفيلم: (سقوط المروحية العسكرية-Huey Down)”.

وفي أحيان كثيرة يُجري الجيش الأميركي تغييرات على بعض الأفلام لاستهداف الجماهير الأصغر سنًا بالذات. وفي كتابه: (عملية هوليوود)؛ استشهد “ديفيد روب”؛ بحادثة وقعت في فيلم: (الرجال الحقيقيون-The Right Stuff)؛ إذ تلقى منتجو الفيلم رسالة بناء على مراجعة من مؤسسة الجيش الأميركي مفادها أن اللغة الفاحشة المستخدمة في الفيلم تضمن: “تصنيف R”؛ (أي مُقيد ويحتوي على بعض المواد الخاصة بالبالغين ويتطلب وجود أحد الوالدين)، وإذا وُزِّع الفيلم على أنه: (R)، فسوف يؤدي إلى التقليل من جمهور المراهقين، “وهي شريحة أساسية للخدمات العسكرية عند النظر في قوانين التجنيد الخاصة بنا”. وقد جرى تغيير السيناريو.

القرار الأول والأخير لـ”البنتاغون” !

يُتابع التقرير موضحًا أنه إذا حصل الفيلم على موافقة؛ ينضم مراقب عسكري إلى فريق الإنتاج، ويُشرف على الصورة التي ستظهر بها المؤسسة العسكرية الأميركية أثناء تصوير الفيلم. ويكون لدى هؤلاء المراقبين صلاحيات غير محدودة في مقابل حصول منتجي الفيلم على المعدات العسكرية. وكما أخبر أحدهم المؤلف، “ديفيد روب”؛ قائلًا: “إذا لم يفعلوا ما أقوله، فسوف آخذ ألعَابي (مُعدَّاتي) وأغادر”.

وحتى بعد الإنتهاء من تصوير الفيلم؛ تحاول المؤسسة العسكرية الإحتفاظ بالقرار الأخير. إذ اعترض (البنتاغون) على المقطع الأخير من فيلم: (هارت بريك ريدغ-Heartbreak Ridge)، من بطولة: “كلينت إيستوود”؛ لأنه تضمن مشهدًا يُطلق فيه جندي أميركي النار على جندي كوبي أعزل مصاب، وهذه جريمة حرب لا يود (البنتاغون) تصويرها، ومنع عرض الفيلم في دور السينما بالخارج، بل لم يُسمح لـ”إيستوود” نفسه أن يستخدم الفيلم لجمع تبرعات للجمعية الخيرية، “تويز فور توتس”، التابعة لـ”سلاح البحرية الأميركية”.

وبطبيعة الحال كان ينبغي على فيلم هوليوود: (الرجل الحديدي-Iron Man)؛ الشهير والواسع الانتشار بجزئيه الإثنين، والذي أطلق إمتياز “مارفل” السينمائي، الحصول على موافقة (البنتاغون)؛ لأن الفيلم بجزئيه استخدم ما تُقدَّر قيمته بمليار دولار من المعدات العسكرية، مع تجسيد بطل الفيلم شخصية رئيس شركة لتصنيع الأسلحة.

مساعٍ لتجنيد أميركيين أكثر !

يجيب التقرير عن عدة تساؤلات؛ منها: لماذا يُنفق (البنتاغون) أموال دافعي الضرائب ووقت الجنود لمساعدة “هوليوود” بالمعدات العسكرية ؟.. قائلًا إنها وسيلة لاستقطاب الأميركيين وتجنيدهم. ويُعد فيلم: (كابتن مارفل-Captain Marvel)، الذي أُنتِج عام 2019، أحدث مثال على التعاون الوثيق بين “مارفل” و(البنتاغون). ووصف موقع (Task & Purpose) – الذي يُغطي في الأساس أخبار القوات المسلحة الأميركية وشؤون الدفاع – الفيلم بأنه: “وسيلة لتحقيق حلم التجنيد” للقوات الجوية. بل إن المقطع التشويقي الأول يُشبه إلى حد كبير الإعلانات الحقيقية التي تُروجها المؤسسة العسكرية الأميركية بسردها لبعض التحولات التي تطرأ على الأشخاص بعد إنضمامهم إلى القوات المسلحة.

وفي هذا الصدد؛ يقول “تود فليمنغ”، مدير قسم التوعية المجتمعية والجماهيرية في مكتب الشؤون العامة للقوات الجوية: إن “شَراكة القوات الجوية مع، (كابتن مارفل)، سلَّطت الضوء على أهمية القوات الجوية لدفاعنا الوطني”. ومع عرض الفيلم الناجح على الشاشة الفضية، بدأت القوات الجوية بالتوازي حملة تجنيد أسفرت عن تجنيد أكبر عدد من المتقدمات الإناث خلال الخمس سنوات الأخيرة.

وبصرف النظر عن تعاونها مع الجيش الأميركي، حاولت “مارفل” العمل مع شركات تصنيع الأسلحة؛ من خلال: “فرع الرسوم الهزلية، (مارفل كومكس)”؛ الخاص بها. وفي عام 2017؛ تعاونت “مارفل” مع شركة “نورثروب غرومان كورب”، خامس أكبر شركة مصنعة للأسلحة في العالم، لإنشاء سلسلة كتب هزلية بطريقة ترادفية تُسمى: (Northrop Grumman Elite Nexus). ومع ذلك ألغيت السلسلة بعد ساعات من الإعلان، إذ أعربت الجماهير الغاضبة عن رأيها أنه من المشكوك فيه أخلاقيًّا أن تتعاون “مارفل” مع أثرياء الحرب.

وألمح التقرير أن علاقة “مارفل” بـ (البنتاجون)؛ تكشف النقاب عن تاريخ حافل بالدور الذي تؤديه “هوليوود” للترويج للمؤسسة العسكرية الأميركية. وأشهرها عندما عرض فيلم: (توب جان-Top Gun)، عام 1986، أقامت القوات البحرية الأميركية أكشاك للتجنيد في دور السينما. ولا يكتفي (البنتاغون) بالترويج لسرديته في الأفلام الرائجة.

وظلت “وكالة المخابرات المركزية الأميركية” محافظة على مراقبتها الصارمة لإنتاج فيلم: (30 دقيقة بعد منتصف الليل-Zero Dark Thirty)، وتجسيده لما يُطلق عليه: “أساليب الاستجواب المعزَّز”؛ مما دفع بعض النقاد إلى وصف الفيلم بأنه: “مؤيد للتعذيب”. كما ضغطت “وكالة المخابرات المركزية” على بعض صانعي الأفلام لحذف عدد من المشاهد التي تُصوِّر الوكالة بصورة سلبية، مثل مشهد استخدام كلب لتعذيب مشتبه فيه.

أحذر.. عيون الحكومة الأميركية تراقبك !

وفي السياق ذاته؛ يرى كثير من المعلقين أن تدخُّل الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية في عمل “هوليوود” يُعد أمرًا غير أخلاقي، وذلك لأنه يضغط على الشعب الأميركي بالحملات الدعائية، ويُهدر أموال دافعي الضرائب. وصحيحٌ أن الجيش الأميركي يُعتِّم على التفاصيل والمعلومات، لكنه يعلن أنه لا يتربح من العمل مع صانعي الأفلام.

وقد أجرت مجلة (الأم غونز) مقابلة مع، “ديفيد روب”؛ قال فيها: “عندما تعلم أن الحكومة تراقبك أثناء الكتابة، فهذا وضع سييء جدًّا”. وأوضح “روب” أن “الكونغرس” و”نقابة كتاب النصوص السينمائية” يبدون غير مبالين بمسألة الحملات لـ (البنتاجون)، على الرغم من أن “روب” وآخرين غيره يزعمون أن هذه الدعاية تنتهك التعديل الأول لأن الحكومة تُفضل نوعًا من الخطاب دون الآخر. يقول “روب”: إن “هذا يُعد جزءًا من الحرب الباردة، ويجب التخلص منه. أو ينظر (الكونغرس)، الذي يُشرف على (البنتاغون)، فيما يمكن أن يفعله”.

ويبدو أن “روب” متفائل بشأن ما يتطلبه الأمر لتغيير العلاقة السَّامة بين “هوليوود” و(البنتاغون). إذ قال: “أعتقد أنه إذا كتب 50 شخصًا فقط إلى نواب الكونغرس في ولاياتهم، وسألوهم ما الذي يجري في هذا الأمر، أعتقد أن الأمر لن يستغرق كثيرًا من الوقت”.

ويختتم الكاتب تقريره بالتأكيد على أن معظم الشعب الأميركي لم يُدر بالدور الذي يلعبه (البنتاغون) في ثقافتهم الشعبية. لكن ردود الفعل العنيفة ضد فيلم: (Eternals) – والذي يُعد حاليًا واحدًا من أسوأ سلسلة أفلام عالم “مارفل” السينمائي – قد تُعيد العلاقة الإشكالية بين “هوليوود” و(البنتاغون) إلى دائرة اهتمام النقاد والمشاهدين من جديد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة