فوق فتنة تتقد تحت الرماد يخطو العراق .. “ويكيليكس المالكي” يشعل المشهد أكثر بعد أزمة “السوداني” !

فوق فتنة تتقد تحت الرماد يخطو العراق .. “ويكيليكس المالكي” يشعل المشهد أكثر بعد أزمة “السوداني” !

وكالات – كتابات :

أعادت تسريبات منسوبة لرئيس الوزراء العراقي الأسبق؛ “نوري المالكي”، إلى الأذهان صورة صراع يمتد إلى عام 2008، مع رئيس (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”.

ويرى مراقبون أن التسريبات أدخلت العلاقات بين الطرفين في طريق اللاعودة، وأبعد من ذلك، احتمالات الدخول في إقتتال داخلي بين (التيار الصدري) والأجنحة العسكرية لقوى (الإطار التنسيقي).

ولثلاث مرات نفى “المالكي” صحة التسريبات متبنيًا فكرة تزييف صوته عبر تقنيات حديثة متطورة من قِبل جهات لم يذكرها بالاسم؛ قال إنها تهدف إلى إشعال الفتنة في “العراق”.

وحتى الآن لم تبت الجهات العراقية المختصة بصحة التسريبات أو عدم صحتها، كما أن القضاء العراقي لم يتخذ أي إجراءات بشأن عدد من الشكاوى تقدّم بها مواطنون وناشطون وسياسيون في عدد من المحاكم تتهم “المالكي” بتهديد السلم الأهلي؛ بحسب وكالة (الأناضول) التركية في تقريرًا لها.

المحطة الفارقة في سجال الخلافات بين “الصدر” و”المالكي”، كانت بعد نشر أحد المدونين المقيمين خارج “العراق” الجزء الرابع من سلسلة تسريبات بلغت مدتها الإجمالية: 48 دقيقة.

في هذا الجزء، سُمع كلام منسوب لـ”المالكي” يوضح فيه نيته اقتحام مدينة “النجف” والتخلص من “الصدر”.

وفي تعليق له على التسريبات، طالب “الصدر”؛ “المالكي”، باعتزال العمل السياسي وتسليم نفسه إلى الجهات القضائية.

ودعا إلى: “إطفاء الفتنة” من خلال استنكار مشترك من قِبل قيادات الكتل المتحالفة مع “المالكي”؛ في (الإطار التنسيقي) من جهة، وكبار عشيرته من جهة أخرى.

وفي التسريبات، هاجم المتحدث الذي قدّمه المسؤول عن التسريبات على أنه “المالكي”، (التيار الصدري) ورئيسه في أكثر من مرة.

ووصف بعض قادة (الحشد الشعبي) بأن: “أمرهم بيد إيران”، كما هاجم رئيس الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ “مسعود البارزاني”، ورئيس حزب (تقدم)؛ “محمد الحلبوسي”، الشريكين لـ”مقتدى الصدر”، في تحالف (إنقاذ وطن)، الذي لم يُعد موجودًا بعد استقالة أعضاء (الكتلة الصدرية)؛ في حزيران/يونيو الماضي.

شبح الحرب الأهلية..

ولا تزال الجهات المختصة لم تُعلن موقفها من صحة التسريبات التي كان أخطر ما فيها التخطيط لانقلاب سياسي باستخدام القوة من فصائل مسلحة لم يُعلن عنها سابقًا.

ويرى محللون أن أي انقلاب سياسي يُدبره “المالكي” سيستهدف (التيار الصدري) ورئيسه في المقام الأول، وشركاء العملية السياسية من العرب والأكراد المتحالفين ضمنًا مع (التيار الصدري) في المقام الثاني، والنظام السياسي برمته.

وفي تغريدة لـ”الصدر”؛ أشار إلى أنه كان في مرات عدة وراء: “حقن دماء العراقيين بمن فيهم؛ المالكي، نفسه”، في إشارة إلى صدام سابق عام 2008؛ بين القوات الأمنية التي كان يقودها رئيس الوزراء الأسبق؛ “نوري المالكي”، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، و(جيش المهدي)؛ الجناح العسكري لـ (التيار الصدري)، والذي أعلن “الصدر” حلّه بعد أسابيع من الاشتباكات في “البصرة”.

وشرعت القوات الأمنية؛ في آذار/مارس 2008، بدعم وإسناد من القوات الأميركية، بعملية أطلق عليها: (صولة الفرسان)؛ في “البصرة”، جنوبي “العراق”، لفرض القانون بعد اتساع نفوذ (جيش المهدي) وسيطرته على موارد “البصرة”، والتي انتهت بحلّ (جيش المهدي) بعد إلقائه السلاح وتسليمه للقوات الأمنية بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من القتال الشرس ووقوع مئات الضحايا بين الجانبين.

تُشكل محافظة “البصرة” المنفذ البحري الوحيد لـ”العراق” على “الخليج العربي”؛ الذي يُصّدر عبره أكثر من: 90 بالمئة من المنتجات النفطية إلى الأسواق العالمية، كما تحتوي المحافظة على عدد من أكبر الحقول النفطية غزارة من حيث الاستخراج أو الاحتياطيات المؤكدة، ومقرات لشركات نفط الجنوب العراقية وشركات عالمية.

العلاقة بين “المالكي” و”الصدر”..

بعد عامين على عملية (صولة الفرسان)؛ أعيد انتخاب “المالكي” لولاية رئاسية ثانية بين عامي: 2010 و2014، تميزت بنهج الاستحواذ على كامل السلطات وإقصاء الشركاء، وفق مراقبين.

ولعب الدور الأساس في ذلك، الدعم الأميركي والتأييد الإيراني له في عملية (صولة الفرسان)؛ بـ”البصرة”.

بعد مقاطعة مؤقتة للعملية السياسية، دخل (التيار الصدري) في تحالف إستراتيجي مع حزب (الدعوة)؛ عام 2006، بقيادة رئيس الوزراء الأسبق؛ “نوري المالكي”.

ولم تؤثر عملية (صولة الفرسان) على خيارات “الصدر” في الاشتراك بحكومة “المالكي”؛ عام 2010.

كما كان نواب كتلة (التيار الصدري) عامل الترجيح في التجديد لـ”المالكي”؛ لولاية ثانية عام 2010، وهو ما تمّ له بأصوات هذه الكتلة.

لكن العلاقة تراجعت مُنذ منتصف الولاية الثانية لـ”المالكي”؛ ثم تحولت إلى حالة عداء بينهما كعنوان أبرز للعلاقات داخل البيت السياسي الشيعي، وهو عداء متحول محكوم بظرفه الزماني والتنافس السياسي المرحلي.

ويٌحاول “مقتدى الصدر”، وفق مراقبين، تبني منهج عملي نفعي في التعاطي مع الواقع المُعقد في “العراق” دون أن يمتلك رؤية واضحة تقوده إلى الإصلاح السياسي والقضاء على الفساد داخل مؤسسات الدولة، وهو جزء أصيل من هاتين السلطتين اللتين يُحاول إصلاحهما ومحاربة الفساد داخلهما.

ويُحمّل “الصدر”: “خصمه”؛ “المالكي”، مسؤولية استشراء الفساد وأعمال العنف خلال فترتي ولايته: (2006 إلى 2014)، واجتياح “الموصل” ومدن ومحافظات عراقية أخرى من قِبل تنظيم (داعش)؛ في حزيران/يونيو 2014، أثناء محاولته التجديد لولاية رئاسية ثالثة بعد انتخابات آيار/مايو 2014.

وفي انتخابات تشرين أول/أكتوبر 2021، حازت (الكتلة الصدرية) على: 73 مقعدًا نيابيًا.

تبنى “الصدر” تشكيل حكومة: “أغلبية وطنية” بالتحالف مع كتل سياسية سُنية وكُردية بنهج إصلاحي وطني لمكافحة الفساد واستعادة هيبة مؤسسات الدولة وحصر السلاح بيدها.

وتبنى خصومه في (الإطار التنسيقي) تشكيل: “حكومة توافقية” على مبدأ المحاصصة السياسية في اقتسام السلطة والموارد، يرى “الصدر” فيها أنها المتسبب الأول في الفساد المالي وغياب الرقابة.

شروط “الصدر” في رئيس الحكومة..

وبعد ثمانية أشهر من فشله في تشكيل حكومة: “أغلبية وطنية”، دعا “الصدر”؛ نوابه لتقديم استقالاتهم من البرلمان في 12 حزيران/يونيو الماضي.

واشترط “الصدر”؛ سابقًا، على (الإطار التنسيقي) ألا يكون “المالكي” جزءًا من الحكومة، رغم بوادر إيجابية بين الجانبين برزت بعد اتصال هاتفي بين “المالكي” و”الصدر”؛ آذار/مارس الماضي، أشاد بها الرئيس؛ “برهم صالح”، وأطراف عدة رأت فيها بداية لحلحة أزمة تشكيل الحكومة وخروجًا من حالة الانسداد السياسي.

فتحت استقالة نواب (الكتلة الصدرية) الباب أمام قوى (الإطار التنسيقي) لإعلان مرشحهم لرئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

ويرفض (التيار الصدري) صراحة القبول بتسمية (الإطار التنسيقي) أي مرشح لرئاسة الوزراء لا تنطبق عليه المعايير التي وضعها رئيس التيار بتسمية شخصية مقبولة من المرجعية الدينية، وغير جدلية، ولم يسبق أن اتهمت بملفات فساد.

لكن في الحقيقة وعلى خلفية العداء: “الشخصي”، مع “المالكي”، فإن “الصدر” لن يقبل بأي شخصية قريبة أو محسوبة على “المالكي،” أو على ائتلافه (دولة القانون).

ومن المتوقع أن يواصل (التيار الصدري) اللجوء إلى خيار تحشيد الشارع لمنع تشكيل أي حكومة يقودها (الإطار التنسيقي)؛ مع زيادة حدة التصعيد الإعلامي بين الطرفين المتنافسين.

وبدد اقتحام أنصار (التيار الصدري) مبنى البرلمان، الأربعاء 27 تموز/يوليو، طموحات وآمال (الإطار التنسيقي) بتشكيل حكومة وصفوها بأنها حكومة: “خدمة وطنية”؛ بعد أن فتحت استقالة نواب (الكتلة الصدرية) الأبواب أمامهم.

ولا تبدو ثمة فرصة أمام مرشح (الإطار التنسيقي)؛ “محمد شّياع السوداني”، للمُضي قُدمَا باتجاه تشكيل الحكومة رغم تصريحاته بتمسكه بالترشيح وتشكيل الحكومة الجديدة.

الانقسام في المجتمع العراقي؛ سواء على المستوى المكوناتي العرقي بين العرب والأكراد، أو على المستوى الطائفي بين الشيعة والعرب السُنة، يذهب أبعد من هذا إلى الانقسام والخلافات داخل المكون الشيعي نفسه.

وتُنذر زيادة حدة الخلافات داخل “البيت الشيعي”؛ دون ضوابط تتصدى لها المرجعية الشيعية، السلطة الاعتبارية الأعلى، بوضع “العراق” على حافة موجة جديدة من الحرب الداخلية بين الشيعة أنفسهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة