فوضى تهدد بتحويل معركة تكريت لمستنقع مكلف وطويل

فوضى تهدد بتحويل معركة تكريت لمستنقع مكلف وطويل

 المعركة الدائرة في محافظة صلاح الدين العراقية والتي أريد لها أن تكون نموذجا عن إمكانية تحقيق نصر سريع يمكن الاقتداء به في معركة الموصل المنتظرة، بدأت تتحول إلى نموذج يختزل كل مساوئ الحرب على داعش في العراق من فوضى وطائفية وتهديد للمدنيين.

وحذّر خبراء عسكريون ومحلّلون سياسيون من تحوّل المعارك الدائرة في محافظة صلاح الدين العراقية والهادفة إلى السيطرة على مركزها مدينة تكريت، من حملة سريعة وخاطفة تم الترويج لها في البداية، إلى مستنقع طويل الأمد، بفعل ما يشوب الحملة من فوضى، وما يداخلها من مزايدات، وما يحفّ بها من أغراض طائفية مشبوهة.
وأضفى تضارب المعلومات الواردة من المحافظة ستارا من الغموض على مسار الحملة ومقدار التقدم المحقّق خلالها. وبعد قرابة أسبوع من انطلاق الهجوم الذي جرى الترويج لتحقيقه “انتصارات” سريعة وخاطفة، بدأ يتبين أن القوات المشاركة فيه من جيش وشرطة وميليشيات شيعية ومقاتلين عشائريين متوقفة عمليا عند أعتاب مناطق سبق أن تم إعلان السيطرة عليها مثل بلدة الدور ثم تم التراجع عن ذلك وإعلان استمرار المعارك لاقتحامها، فيما بدأت الأنباء تتواتر عن وقوع خسائر في صفوف القوات المهاجمة.
وقال ضابط سابق في الجيش العراقي إنّ الفوضى التي تسود الحرب في صلاح الدين تمنع الحديث عن حملة عسكرية منظّمة، مؤكدا أن أحد الأسباب الرئيسية لتلك الفوضى المشاركة الكثيفة لميليشيات الحشد الشعبي العصية عن الضبط بسبب تلقيها الأوامر من مصادر متعددة دينية وسياسية.
ومثّل حضور المعطى الطائفي في خلفية الحرب بمحافظة صلاح الدين أحد أكبر مساوئ الحملة بما أثاره من مخاوف من تحوّلها إلى أوسع عملية انتقام تنفذها الميليشيات الشيعية من سكان المحافظة بتهمة احتضانهم لتنظيم داعش.
كما وتّرت الدعاية الكثيفة لـ“دور إيراني ميداني كبير” في الحرب الأجواء المحيطة بمعركة صلاح الدين، وأثارت المزيد من المخاوف بشأن تحوّل الحرب على داعش في العراق بشكل رسمي إلى عملية غزو واحتلال إيرانيين للعراق.
ومنذ انطلاق حرب استعادة السيطرة على تكريت سارعت الآلة الدعائية والإعلامية الإيرانية، في إيران والعراق على حدّ سواء، إلى الإعلان عن وجود الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري الإيراني بشكل ميداني على أرض المعركة.
ونشرت صحيفة الأوبزرفر البريطانية مقالا تحليليا حذّر من احتمال أن تفضي العملية العسكرية في صلاح الدين إلى نتائج عكسية على الصعيدين السياسي والعسكري.
وقال كاتب التحليل حسن حسن، وهو مختص في شؤون الشرق الأوسط، إن هزيمة التنظيم لا يمكن أن تحدث دون السُنّة.
كما نبّه إلى أن ثمة إشارات على أن “العملية العسكرية تواجه مخاطر جمة” ومخاوف من أنها قد “تطلق العنان لموجة جديدة من الصراع الطائفي”. وشكك الكاتب في تصوير الحكومة العراقية للعملية على أنها جهد وطني تشارك فيه القوات الأمنية والآلاف من المقاتلين السنة. ووصف ذلك بالـ“خرافة”.
وقال إنّ القوات السنية المشاركة، بغض النظر عن أعدادها، لا تلعب دورا رئيسيا في المعارك، مشيرا إلى أن ميليشيات الحشد الشعبي هي التي تلعب دورا رئيسيا في العملية، ومذكّرا بما لتلك الميليشيات من سجل في انتهاكات حقوق الإنسان والتطهير العرقي والطائفي.
وانتهى بتحليله إلى أن تنظيم داعش سيستفيد من الهجوم على تكريت حتى لو خسر عسكريا طالما أن المنتصرين ميليشيات طائفية تتصرف بنفس أسلوبه. وقال إن هزيمة التنظيم في تكريت لن تساعد في الحرب بمدينة الموصل بل على العكس ستقنع المجتمعات السنية التي تعيش تحت حكم التنظيم أن البديل على نفس الدرجة من السوء.
وميدانيا بدا ما تحققه القوات المهاجمة من تقدم في صلاح الدين ضئيلا قياسا بالعدد الضخم للقوات المشاركة في القتال والذي تقدره مصادر عسكرية بخمسة وعشرين ألف مقاتل.
وقالت مصادر عراقية أمس إنّ قوات من الجيش والشرطة ومتطوعي الحشد الشعبي ورجال العشائر تمكنوا من السيطرة على مناطق في ناحية البوعجيل التي تعد واحدة من أهم معاقل داعش في المحافظة. ولم يبد إلى حدود الأمس أنّ الجهد الحربي الكبير نجح في انتزاع زمام المبادرة من مقاتلي تنظيم داعش المتشدّد والذين شنّوا صباح الأحد هجوما على مقرّ لميليشيات الحشد الشعبي ناحية دجلة قرب مدينة سامراء مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الجانبين سقط خلالها أربعة قتلى بينهم القيادي بـ”سرايا عاشوراء” أحمد الحسني، قبل أن ينجح المهاجمون في الانسحاب.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة