وكالات – كتابات :
قالت (هيومن رايتس ووتش)، اليوم الأربعاء، إنه ينبغي للحكومة العراقية أن تسّحب فورًا مشروع القانون المعروض حاليًا على “البرلمان العراقي”، والذي يقترح فرض عقوبة الإعدام للسلوك الجنسي المثّلي والسَّجن للتعبير عن العبور الجندري.
وذكرت المنظمة في تقرير نشرته اليوم؛ أنه في حال تبّنيه، سينتهك مشروع القانون حقوق الإنسان الأساسية، بما فيها الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والخصوصية، والمساواة، وعدم التمييز ضد المثّليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) في “العراق”.
وفي 15 آب/أغسطس 2023، قدّم العضو المستقل في “مجلس النواب” العراقي؛ النائب “رائد المالكي”، مشروع قانون يهدف إلى تعديل: “قانون مكافحة البغاء” رقم (8 لسنة 1988)، ليُجرِّم جنائيًا العلاقات المثّلية والتعبير عن العبور الجندري. إذا أُقِر مشروع القانون، ستُعاقب العلاقات الجنسية المثّلية بالإعدام أو السجن المؤبد، و”الترويج للشذوذ المثّلي” بالسَّجن ما لا تقل عن سبع سنوات وبغرامة، و”التشّبه بالنساء” بالسَّجن ما لا يقل عن ثلاث سنوات.
وقال “المالكي”؛ حين قدم مشروع القانون، إن الهدف منه الحفاظ على المجتمع العراقي من الانحراف والدعوات إلى “الشذوذ” التي غزت العالم.
ونقل التقرير عن “رشا يونس”، باحثة أولى في حقوق مجتمع الميم في منظمة (هيومن رايتس ووتش)؛ قولها: “سيُهدد القانون المقترح لمناهضة مجتمع الميم في العراق حياة العراقيين الذين يواجهون أصلاً بيئة معادية لأفراد مجتمع الميم. يوجه المشّرعون العراقيون رسالة مروعة إلى مجتمع الميم مفادها أن تعبيرهم إجرامي وأن لا أهمية لحياتهم”.
رُغم أن “العراق” لا يُجرّم صراحةً السلوك الجنسي المثّلي بالتراضي، تستخدم السلطات قوانين “الآداب” الغامضة لملاحقة أفراد مجتمع الميم. يأتي تقديم مشروع قانون مكافحة المثّلية بعد أشهر من خطاب المسؤولين العراقيين العدائي ضد الأقليات الجنسية والجندرية، وكذلك حملات القمع الحكومية ضد المنظمات الحقوقية، تقول المنظمة.
يُساوي مشروع القانون، بين العلاقات الجنسية المثّلية وبين “الشذوذ الجنسي”، الذي يعرفه بأنه “أي (وطء) بين شخص وشخص آخر من الجنس نفسه (إذا) تكررت ممارسّته لأكثر من ثلاث مرات”. ينص القانون أيضًا على السجن سبع سنوات وغرامة تتراوح بين: 10 ملايين دينار عراقي؛ (7.700 دولار أميركي)؛ و15 مليون دينار (11.500 دولار أميركي)؛ “للترويج للشذوذ المثّلي”، وهي تهمة غير محددة، بحسب التقرير.
يستهدف مشروع القانون تحديدًا النساء العابرات جندريًا (ترانس) بالسَّجن بين سنة وثلاث سنوات أو غرامة تتراوح بين: 05 ملايين دينار (3.800 دولار أميركي) و10 ملايين دينار (7.700 دولار أميركي) لكل من: “مارّس أي فعل من أفعال التخنث”، والذي يُعرفه القانون أيضًا بأنه: “التشبه النساء”، ويشمل: “وضع مساحيق التجميل الخاصة بالنساء ولبس الملابس الخاصة بهن في الأماكن العامة أو الظهور بمظهر يشبه مظهر النساء”.
ويحظر مشروع القانون العلاج بالهرمونات البديلة وما يسّميه “تغيير الجنس” بناءً على الرغبة الشخصية، وكذلك أي محاولة لتغيير الهوية الجندرية، ويُعاقب عليها بالسجن بين سنة وثلاث سنوات. تنطبق العقوبة نفسها على أي جراح أو طبيب آخر يجري جراحة تأكيد الجندر. يستثني القانون حالات حاملي/ات صفات الجنسين التي تتطلب التدخل الجراحي لتأكيد الجنس البيولوجي ليكون إما ذكر أو أنثى فقط.
وذكرت (هيومن رايتس ووتش)، في تقريرها، إنه: “يتفشى العنف والتميّيز أصلاً ضد المثّليين في “العراق”. إن استهداف أفراد مجتمع الميم على الإنترنت والعنف القاتل ضدهم من جانب الجماعات المسلحة في “العراق” يقابلهما الإفلات المعتاد من العقاب”.
وفي 08 آب/أغسطس، أصدرت “هيئة الاتصالات والإعلام” العراقية توجيهًا يأمر جميع وسائل الإعلام باستبدال مصطلح “المثّلية الجنسية”؛ بـ”الشذوذ الجنسي”، في موادها المنشورة والمذاعة، وحظر استخدام مصطلحَيْ “النوع الاجتماعي” و”الجندر”.
وفي 31 آيار/مايو، أمرت محكمة في “إقليم كُردستان العراق” بإغلاق (راسان)، وهي منظمة حقوقية في الإقليم، بسبب: “أنشطتها في مجال المثّلية الجنسية”.
وفي أيلول/سبتمبر 2022، قدم أعضاء في “برلمان كُردستان”: “مشروع قانون حظر الترويج للمثلية الجنسية”، الذي من شأنه أن يُعاقب أي فرد أو جماعة تدافع عن حقوق مجتمع الميم.
كما أشار المنظمة في تقريرها إلى أن، الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية حقوق جميع العراقيين. يخالف القانون المقترح الدستور العراقي، الذي يحمي الحق في عدم التميّيز (المادة 14)، والخصوصية (المادة 17)، فضلاً عن التزامات “العراق” بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. يؤكد: “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادق عليه “العراق” عام 1971، على الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي والخصوصية وحرية التعبير. وبالمثل، يؤكد: “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي انضم إليه العراق، على هذه الحقوق.
ويحظر القانون الدولي عدم المساواة في الحماية من العنف، وعدم المساواة في الوصول إلى العدالة. ويضمن “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، في المادتين (2) و(26)، حقوق الإنسان الأساسية والحماية المتسّاوية أمام القانون بدون تمييز. أوضحت “لجنة حقوق الإنسان” التابعة للأمم المتحدة، وهي هيئة الخبراء الدولية التي تقدم تفسّيرات رسّمية للعهد، أن التوجه الجنسي هو وضع محمي ضد التمييز بموجب هذه الأحكام.
وقالت “يونس”: “لم تُعالج الحكومة العراقية الممارسات التمييزية التي تدعم العنف ضد مجتمع الميم، بل روّجت لتشريعات قائمة على “الآداب”، تناهض مجتمع الميم وتغذّي العنف والتمييز ضد الأقليات الجنسية والجندرية المهمشة أصلا. ينبغي لحكومة العراق فورا أن تنبذ مشروع القانون المناهض لأفراد مجتمع الميم وتنهي دوامة العنف والإفلات من العقاب ضدهم”.