22 ديسمبر، 2024 3:56 م

“فورين بوليسي” : لماذا قررت “الإمارات” الانسحاب وترك “السعودية” وحيدة بمستنقع اليمن ؟

“فورين بوليسي” : لماذا قررت “الإمارات” الانسحاب وترك “السعودية” وحيدة بمستنقع اليمن ؟

خاص : ترجمة – لميس السيد :

فاجئت دولة “الإمارات العربية المتحدة” حليفتها الخليجية، “المملكة العربية السعودية”، بنوايا الانسحاب الجزئي من “اليمن”، في ظل التباطؤ الذي تشهده “أبوظبي”، وهو ما يفسر انسحابها من مستنقع “اليمن” حاليًا.

وتحلل المجلة الأميركية، (فورين بوليسي)، أن ذلك القرار سيتسبب في متاعب لـ”العربية السعودية”، في ظل سعي “الإمارات” للحفاظ على مصالحها أولًا، رغم ذلك ومهما بلغت درجة غضب صُناع القرار السعوديين من الخطوة الإماراتية، إلا أنه من غير الوارد أن يقدموا على فرض حظر عليها من استخدام منشآت البنية التحتية اليمنية، بالنظر لحاجتهم لدعم “أبوظبي”؛ فيما يخص التعامل مع “إيران”، وكذا الحصار العربي ضد دولة “قطر”.

وأضاف المقال أن “الإمارات” تدرك جيدًا أن الميليشيات المتحالفة معها ستواصل السيطرة على الجزء الجنوبي من “اليمن”، وبأن “السعودية”، وبالرغم من مدى إنزعاجها، لن تقدم على منع “الإمارات” من استخدام موانيء المنطقة، التي تُعد محور استراتيجيتها الهادفة إلى التحكم بالقواعد البحرية من “المحيط الهندي” وصولاً إلى “البحر الأبيض المتوسط”.

الإمارات والموقع الآمن..

وحتى إن تحقق سيناريو تقسيم “اليمن” إلى عدة مناطق، فإن مصالح “الإمارات” ستظل متحققة، وفقًا للمجلة الأميركية. وفي حالة نجاح جماعة “أنصار الله”، (الحوثيين)، في السيطرة على أجزاء من شمال “اليمن”، ما قد يوفر موطيء قدم لـ”إيران”، فإن التهديدات على “الإمارات”، البعيدة جغرافيًا، ستظل محدودة.

وفي الآن ذاته؛ يضيف تحليل (فورين بوليسي)، إن تمكن جنوب “اليمن” من تنفيذ خطته بالاستقلال؛ سيكون خاضعًا للقرار السياسي والميليشيات المسلحة الموالية لـ”أبوظبي”، الذين سيعتمدون على الدعم الإماراتي، ولن يقدموا أبدًا على منعها من الولوج للمنشآت والأراضي هناك.

وفي ظل الهجمات الإيرانية المتكررة على مياه الخليج و”مضيق هرمز”، لا تزال “الإمارات” متخوفة من التهديد المتكرر لـ”إيران”، في تلك المنطقة، وهو ما يدعوها إلى تشديد الحماية في الجبهات الداخلية بدلًا من الإعتماد على حليف، مثل “الولايات المتحدة”، في إحتواء الجماح الإيراني في المنطقة، والذي يتمثل في تراجع الرئيس، “دونالد ترامب”، عن توجيه ضربة عسكرية لـ”إيران” بعد إسقاطها طائرة تجسس مُسيرة أميركية، لذا تفضل “الإمارات” عدم نشر قواتها بعيدًا عن حدودها.

تبييض السمعة وإحراج الحليف !

أما السبب الآخر؛ وراء سياسة “أبوظبي” الجديدة بـ”اليمن”، حسب (فورين بوليسي)، فيتمثل في رغبة المسؤولين الإماراتيين في تقليص حدة الانتقادات الموجهة لهم ولـ”السعودية” بسبب الإنتهاكات الجسيمة التي سببتها الحرب بـ”اليمن”، لا سيما داخل أروقة “الكونغرس” الأميركي.

وذكر المقال التحليلي للمجلة الأميركية، في هذا الصدد، أن “الكونغرس” بغرفتيه؛ مرر مشاريع قوانين تحظر تزويد البلدين بالأسلحة الأميركية، وهو القرار الذي التف عليه “ترامب” من خلال استخدام حق النقض، (الفيتو).

وفي المجمل؛ رأى المقال أن هذه الأسباب تبدو معقولة لانسحاب “أبوظبي” من “اليمن”، لكن القرار يجعل “السعودية” في وضع محرج للغاية، فلا هي قادرة على مواصلة حرب بلا نهاية في “اليمن” بدون الإعتماد على حلفائها كـ”الإمارات”، ولا هي تستطيع جمع جنودها والانسحاب، لأن ذلك بمثابة هزيمة استراتيجية لها ستعزز قوة “الحوثيين”، الموالين لـ”إيران” على حدودها الجنوبية.

الإصرار على تقسيم اليمن..

ورغم انسحابها الجزئي؛ لم تظهر “الإمارات” أي تراجع على صعيد استراتيجيتها بتقسيم “اليمن”، وعلى العكس من ذلك، فقد دعمت أخيرًا، إنشاء قوات جديدة تابعة لذراعها السياسية الانفصالية في الجنوب اليمني، على نحوٍ يظهر التناقض بين التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الإماراتيون عن خطة لدعم السلام وبين الواقع الذين لا يدخرون فيه جهدًا بفرض مخطط التقسيم.

وفيما حاولت “أبوظبي”، ومن خلال تصريحات مسؤوليها في الأسابيع الأخيرة، إيصال رسائل بأنها بدأت توجهًا جديدًا يدعم السلام وعودة الاستقرار، إلا أنها تواصل دعمها المكثف للانفصاليين عبر ما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، والتشكيلات العسكرية والأمنية المدعومة منه.

وبالإضافة إلى مجمل التشكيلات العسكرية الخارجة عن سلطة الحكومة اليمنية، والتابعة مباشرة لـ”أبوظبي” ولـ”المجلس الانتقالي” الانفصالي، شهدت “عدن” أخيرًا، الإعلان عن قوة جديدة تحت مسمى، “اللواء الأول صاعقة”، بالترافق مع الانسحابات الإماراتية المحدودة.

الأمر الذي بدا مؤشرًا إضافيًا على أن خطة “السلام أولاً”، التي أعلنت عنها “أبوظبي”، ليست أكثر من تراجع محدود لوجودها المباشر، يتيح لها مواصلة الاستراتيجية التي تعمل على تنفيذها بدعم تقسيم “اليمن”، بعد أن تكون قد إتخذت بعض الاحتياطات التي تحاول من خلالها على ما يبدو، تقليل تبعات هذه السياسة في ظل السخط اليمني المتزايد ضد الدور الإماراتي.

الجدير بالذكر أن “الإمارات”، ومنذ الأشهر الأولى لتصدرها واجهة التحالف في “عدن”، عملت على إنشاء “قوات الحزام الأمني”؛ من خليط من الانفصاليين والسلفيين. كما أسست على المنوال ذاته، قوات ما يعرف بـ”النخبة الحضرمية” و”النخبة الشبوانية” شرقًا، وجميعها تكوينات قامت على أسس منطقية وجهوية لا تعترف بالوحدة اليمنية، بل إنها تمثل تهديدًا، حتى على مستوى وجود “جنوب” و”شمال”، إذ إن الواقع يقود إلى شرذمة “اليمن” إلى ما هو أكثر من ذلك.

وإلى جانب الأذرع العسكرية التي لا يعتبر رفع راية “اليمن” أحد المحظورات في معسكراتها، أسست “أبوظبي” الذراع السياسية للانفصال في “اليمن”، في أيار/مايو 2017، وهي “المجلس الانتقالي الجنوبي”، الذي قدم نفسه في البداية على أنه السلطة البديلة لـ”دولة الجنوب”، ثم تراجع تحت ضغط الفضيحة التي وقعت فيها “الإمارات” بدعم انقلاب ضد الشرعية؛ في مقابل اعتبار أن الهدف المعلن للتحالف هو دعم الشرعية ضد انقلاب “الحوثيين”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة