29 مارس، 2024 8:47 ص
Search
Close this search box.

“فورين بوليسي” : ثورة الغلابة القادمة في مصر نار مستعرة تحت الرماد

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – لميس السيد :

لقد استغل نظام الرئيس “عبد الفتاح السيسي” اتفاق صندوق النقد الدولي للضغط على الطبقات الدنيا وإثراء زمرة صغيرة من الجنرالات السابقين.

“نحن نريد أن نأكل”

في وقت سابق من شهر آذار/مارس المنصرم، اندلعت تظاهرات الخبز في مصر. وقام آلاف المتظاهرين الغاضبين بإغلاق الطرق حول المخابز التابعة للدولة، احتجاجاً على قرار الحكومة بتخفيض عدد رغيف الخبز المدعوم الذي يمكن لكل أسرة شراءه. كما اشتبك المتظاهرون، مرددين هتافات “نحن نريد أن نأكل!”، كما وصف ناشطون في وسائل الإعلام الاجتماعية “إضطرابات مدنية من اجل الإمدادات في مصر”، وشهدت التظاهرات اشتباكات قوات الأمن مع المشاغبين في المناطق الفقيرة في الإسكندرية وكفر الشيخ والمنيا وأسيوط.

ومن وجهة نظر الكاتبة المصرية “زينب أبو المجد”، في مقالها بمجلة “فورين بوليسي” الأميركية، تؤكد على أن “الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما يلتقي بالرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض يوم 3 نيسان/أبريل الجاري، سيصور بلا شك الاحتجاجات كشئ من الماضي ونظامه العسكري كمعقل للاستقرار في المنطقة”.

 ترى الكاتبة المصرية أن أعمال الشغب للمطالبة بصرف أرغفة الخبز هي أعراض أزمة تعود إلى شهر تشرين ثان/نوفمبر الماضي، عندما وافق صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 مليار دولار لنظام السيسي. وتتطلب اتفاقية القرض من مصر إصلاح عجز ميزانيتها المزمن من خلال تخفيضات كبيرة في الدعم وغيره.

مضيفة “ابو المجد”، أن الجيش المصري استخدم الاتفاق لتعظيم مكاسبه التجارية، حيث نفذت المؤسسة العسكرية، التي تسيطر تماماً على خطة الإصلاح الاقتصادي، شروط القرض بشكل انتقائي، وفقاً لما ذكرت الكاتبة في مقالها.

توغل الجنرالات في مفاصل الدولة

تعتبر الكاتبة المصرية أن الجيش مسؤول عن إدارة امبراطورية الأعمال وحكم البلاد، حيث يقوم الجنرالات بإدارة التكتلات الاحتكارية للمؤسسات غير الخاضعة لضرائب الدولة، مثل المزارع التجارية ومطاحن تغليف الأغذية وشركات البناء ومصانع الأدوية ومحطات الوقود ومصائد الأسماك ومصانع الأسمنت والصلب. ومن ناحية أخرى، يشغل الضباط السابقون مناصب حكومية رئيسية مسؤولة عن إدارة الاقتصاد الوطني. وقد استولوا على وظائف بيروقراطية بداية من “منصب الرئيس إلى منصب وزير إمدادات المواد الغذائية، ورئيس السلطة العامة للتنمية الزراعية، ووكيل وزارة الإسكان، ومساعد وزير الصحة”. وعلاوة على ذلك، هم “المحافظون أو رؤساء المناطق في المحافظات”.

فشلت اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي في أن تفسر ماهية سيطرة الجيش على الاقتصاد وبيروقراطية الدولة، في ظل حماية الجيش لصلاحياته.

وقد بدأت سلسلة الأزمات الاقتصادية الأخيرة منذ تموز/يوليه الماضي، عندما واجهت الأمهات من الطبقة الدنيا نقص في “عبوات لبن الأطفال” واندلع غضبهم في احتجاجات واسعة النطاق، فقام الجيش من منطلق “الوطنية” بحل المشكلة عن طريق استيراد علب الألبان الناقصة. وقد تم بيع العلب، بأسعار مزدوجة.

ثم شهد شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي، أزمة نقص حاد في “السكر”، وقد تدخل الجيش مرة أخرى، للمساعدة في حل المشكلة، بمصادرة السكر من تجار القطاع الخاص والبيع عن طريق منافذ القوات المسلحة.

وبهذه الطريقة، وضع الجيش نفسه في دور المنقذ من الأزمات، وقلص منافسيه من القطاع الخاص.

الإصلاح الموجه للبيروقراطية

كما استغل النظام العسكري شروط القرض لإصلاح البيروقراطية. وقبل عشرة أيام من الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي، سن النظام قانوناً يهدف إلى خفض عدد الموظفين وخفض مرتبات موظفي الحكومة المتضخمة. وبعد يومين، أصدرت الدولة قراراً حاسماً آخر كان حول تخفيض قيمة الجنيه المصري، مما يعني أن المال الذي كسبه هؤلاء الموظفون فقد نصف قيمة شرائه.

وعلى الرغم من سعي النظام إلى تقليص البيروقراطية، فقد عزز قدرته على وضع الموالين في المناصب الرئيسة، حيث احتفظ بمادة واحدة في التشريع الجديد منذ عهد “حسني مبارك” من خلال الاحتفاظ بسلطة تعيين المسؤولين في المناصب القيادية، وقد استغل السيسي هذه القوى بقوة، مما وضع عدداً متزايداً من الضباط السابقين في أعلى الوظائف المدنية في الحكومة والقطاع العام فور تقاعدهم.

في الوقت الذي صوت فيه البرلمان المصري على سن قانون الخدمة المدنية، وافق على قانون آخر وهو رفع المعاشات العسكرية بنسبة 10 في المئة، وهي ليست أول حالة لرفع معاشات ضباط الجيش خلال فترة السيسي، حيث انه خلال السنوات الثلاث الماضية، أصدر الرئيس المصري ستة قرارات لرفع المعاشات العسكرية بنسبة 35 في المئة.

وفي نفس يوم تخفيض قيمة الجنيه المصري، قرر النظام رفع أسعار الغاز إلى الضعف تقريباً ولحسن حظ وزارة الدفاع، تمتلك سلسلة من محطات الغاز المنتشرة في جميع الطرق تقريباً في البلاد.

خلال كانون ثان/يناير الماضي، رفعت الحكومة أسعار الأدوية بنسبة 50 في المائة، إضافة  إلى تخفيض قيمة العملة.

وقد دعت هذه الأزمات المتتالية إلى بذل جهود عاجلة لتخفيف وطأة الفقر، حيث تدخل الجيش لبناء مشروعاته الضخمة التي تمثل آلة الدعاية الحكومية المصممة لرفع الطبقات الدنيا، من مشروعات الإسكان الاجتماعي لسكان الأحياء الفقيرة واستصلاح الأراضي الجديدة لتوزيعها على الشباب من الطبقة الدنيا. إلا أن المقاولون العسكريون يتولون مسؤولية تنفيذ هذه المشاريع الطموحة.

أحد هذه المشاريع الضخمة هو برنامج المليون وحدة سكنية الذي أطلقه السيسي في شهر آيار/مايو الماضي، في مناسبة احتفالية للاحتفال بمساعدة الطبقات الدنيا من الأحياء الفقيرة، ولم يفتح الرئيس هذا المشروع الكبير للمناقصات العامة الخارجية، ولكن كلف به الهيئة الهندسة التابعة للقوات المسلحة.

كما أعلن النظام العسكري عن مشروع تطوير محور قناة السويس، إلا أن من تولى أعمال البناء كان أيضاً المهندسون العسكريون.

لا أجور عادلة ولا تغذية مناسبة

وتشير الكاتبة المصرية إلى أنه تم التسجيل مع العشرات من العمال الموسميين الذين قاموا برحلة أكثر من ألف ميل من محافظة قنا، حيث أكدوا خلال المقابلات على إنهم شرفوا لخدمة هذه القضية القومية، وبعد بضعة أيام عاد 200 من هؤلاء العمال إلى قنا، وأصروا على أن المهندسين العسكريين لم يقدموا أجوراً عادلة أو غذاءاً مناسباً أو أماكن للنوم في وسط تلك الصحراء.

وعلى الرغم من السخط الشديد، فإن النظام العسكري يشعر بالثقة الكافية في قبضته على الأمن علاوة على ضعف الأحزاب السياسية وتقديم نشطاء حقوق الإنسان للمحاكمة في محاولة لمنع هذا النوع من الانتفاضات الجماعية التي وقعت في عام 2011. بالإضافة إلى أن الجوع وانعدام الأدوية بأسعار معقولة أثبتا وجود الفاشيات في الشمال والجنوب، وهو ما يمكن أن يجلب الاضطرابات العنيفة المستمرة.

تختتم الكاتبة المصرية مقالها، بأن المناخ السياسي بدا هادئاً ومستقراً في مصر لفترة طويلة. ويعتزم السيسي زيارته الاولى للبيت الابيض وتلقى مؤخراً زيارتين من المستشارة الالمانية “انغيلا ميركل” ورئيس القيادة المركزية الاميركية. ومع ذلك، فإن أعمال الشغب الدائرة تحت هذا المناخ الذي يبدو هادئاً، تؤكد أن هناك حرب مستعرة بين الجيش المهيمن في البلاد وسكانها الفقراء ولا يمكن في ظل ذلك ضمان استقرار النظام العسكري المصري.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب