كتبت – لميس السيد :
أقام الرئيس الاميركي “دونالد ترامب”، خلال زيارته لاسرائيل الاسبوع المنصرم، أقوى حلقة وصل عامة بين مبادرتين هامتين هما اعادة احياء السلام الإسرائيلي الفلسطيني واقامة تحالف إسرائيلي عربي لمواجهة إيران.
ويرى “حسين إبيش” الباحث اللبناني بمعهد الخليج العربي في واشنطن، خلال مقاله بمجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أن إستراتيجية إنعاش المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية كانت على رأس أولويات أجندة ترامب خلال زيارته التاريخية للشرق الأوسط. ولا شك أن تلك المحادثات ستكون مرتبطة بتطوير ائتلاف اوسع للشرق الاوسط لمعارضة توسع إيران المستمر في الشرق الاوسط والاستعداد لتصفية الحساب عند نهاية صلاحية الاتفاق النووي.
تدشين إستراتيجية عربية إسرائيلية جديدة تعتمد على تبادل المصالح..
تفيد التقارير أن فكرة إدارة “ترامب” حول الشرق الأوسط هي أن الدول العربية ذات الأغلبية السنية يمكن أن تشكل تحالفاً شبيه بحلف “الناتو”. ويمكن أن يكون لهذا التجمع علاقة تعاون غير رسمية مع تركيا والأهم التعاون مع إسرائيل لتشكيل كتلة إقليمية موحدة ضد الأذى الإيراني.
إن الانتماء الاستراتيجي الجديد بين العرب وإسرائيل الذي يعرض شرعية إقليمية جديدة، في جبهة موحدة ضد عدوها القاتل – إيران – من شأنه أن يوفر لإسرائيل حافزاً جديداً للالتفاف مع استقلال الدولة الفلسطينية. وسيحصل الفلسطينيون، من ناحية أخرى على غطاء سياسي، ودعم دبلوماسي، ومساعدات اقتصادية للمساعدة في تقديم التنازلات اللازمة للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي.
يعتقد الباحث اللبناني، أن من الناحية النظرية تعتبر تلك الفكرة عظيمة وتقدم سيناريو مربح للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والدول العربية. وهناك أدلة على أن إسرائيل وبعض الدول العربية الرئيسة والفلسطينيين قد يكونون منفتحين على هذه الديناميكية.
المعوقات والعقبات..
بالرغم من أن مكاسب تلك العملية مغرية إلا أن العقبات الدبلوماسية والسياسية في المنطقة لا تزال مرعبة، حيث أن التحدي الرئيس يتمثل أولاً في أن إسرائيل لديها بالفعل معاهدات سلام مع “مصر والأردن”، وبالتالي فإن اللاعبين المتبقيين على ساحة المنطقة هما “السعودية والإمارات”، وأية بلدان عربية أخرى يمكن أن يجلبهم هؤلاء اللاعبين. إن أكثر التطورات الواعدة هي “مشروع مناقشة” تعممه السعودية والإمارات العربية المتحدة لشرح مجموعة من تدابير بناء الثقة بين إسرائيل والدول العربية، يمكن ان يشمل الاتصالات السلكية واللاسلكية والعلاقات التجارية مع إسرائيل مقابل التحركات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، مثل وقف أنشطة الاستيطان أو تخفيف الحصار المفروض على غزة.
ويشرح “إبيش” ان القادة الإسرائيليون لديهم إعتقاد بأن الإنتظار سيفيد في تخفيض كم التنازلات تجاه الفلسطينيين، وهذا خطأ لأن تكلفة العلاقات الدبلوماسية العادية لن تكون صفر بأية حال من الأحوال.
ويعتبر السيناريو الأفضل من الاتفاق المؤقت الذي يحافظ على السيطرة الأمنية الشاملة لإسرائيل، هو الحد من النشاط الاستيطاني الإسرائيلي وغيره من جوانب الاحتلال وتوسيع الامتيازات الفلسطينية ومجالات السلطة.
ويبدو أن “ترامب” يدرك أن هذا النوع من الاتفاق الجزئي هو أقصى ما يمكن ضمان تنفيذه في المرحلة الحالية، وهو على الأرجح السبب الذي يجعله لا يثير مسألة حل الدولتين أو الاستقلال الفلسطيني التام.
ترامب وإشكالية البيضة والدجاجة..
يقول اللبناني “إبيش”، أن الفلسطينيين لا يرغبون بحل يضمن دولة مستقلة ولكن تحت سطوة الاحتلال، وهو حل “مريع” ولكن “مألوف” بعد 50 عاماً من الإحتلال، إلا أن الفلسطينيين يعتبرون ذلك الحل “عودة قضيتهم للأضواء وعلى جدول الأعمال” بفضل ترامب، بالرغم من الإستياء من هذا الحل.
يرى الكاتب أن أكبر تحدي سيواجه ترامب هو معضلة “الدجاج أم البيضة: من يأتي أولاً ؟”، بمعنى.. هل ستتحول إسرائيل إلى عملية جادة مع الفلسطينيين، على أمل إقامة علاقات أقوى مع العرب ؟.. أم ستبدأ الدول العربية ببناء تعاون أكثر انفتاحاً وقوة مع إسرائيل على أمل أن يكون الإسرائيليون أكثر تعاوناً على السلام ؟، حيث يعتقد الكاتب أن ليس هناك اي جانب سيتحرك من أجل الآخر.
ومن هنا يصبح وجود ترامب عاملاً حاسماً، حيث يمكن لواشنطن أن تدفع الجانبين معاً، وربما سيتطلب هذا الأمر إتباع واشنطن سياسة “الجزرة والعصى” مع الإسرائيليين، والتي يمكن أن تكلف ترامب مواجهات مع الجمهوريين في الداخل. ولتحريك الدول العربية، ربما يتعين على الولايات المتحدة أن تظهر بعض التقدم الحقيقي في كبح نفوذ إيران في دول مثل “سوريا والعراق واليمن ولبنان”، وفي النهاية هي عملية مشكوك بإمكانية تنفيذها في ظل نفور الأميركيين من الشرق الأوسط ورفع ترامب شعار “اميركا أولاً”.