خاص : ترجمة – آية حسين علي :
دخلت “فنزويلا” في أزمة سياسية طاحنة طال أمدها، ما بين مؤيد للرئيس، “نيكولاس مادورو”، ومعارض له، لكن الأمر لم يتوقف عن حد المعارضة الديموقراطية؛ وإنما وصل إلى السعي إلى محاولة الانقلاب على الرئيس وإزاحته واعتبار المنصب شاغرًا، بحيث يُسمح لرئيس “الجمعية الوطنية” بأن يشغل مكانه حتى تنظيم انتخابات حرة نزيهة، بحسب القانون الفنزويلي، ورغم استمرار “مادورو” في الحكم بصفته رئيس شرعي فاز في انتخابات، آيار/مايو 2018، إلا أن رئيس البرلمان، “خوان غوايدو”، أعلن نفسه رئيسًا موقتًا بدلًا من “مادورو”، منذ كانون ثان/يناير عام 2019، وبهذا قضت “فنزويلا” عامًا كاملًا في ظل حكومتين وبرلمانين وجيش واحد لا يزال داعمًا لنظام “مادورو”.
وصرح “غوايدو” بأنه فعل كل شيء من أجل الإطاحة بـ”مادورو”، الوريث السياسي لـ”هوغو تشافيز”، مؤكدًا أنه سوف يواصل محاولاته خلال العام الجديد، لكن فضائح الفساد التي تطاله هو وعدد من النواب المقربين له، إلى جانب الدعم الأميركي الواضح الذي يتلقاه، أضعفا تأثير خطابه على الشعب فلم يُعد يلقى نفس الاهتمام أو يثير نفس الدرجة من الحماس، لذا لا يزال “مادورو” قادرًا على إحكام قبضته بشكل كامل على البلاد.
وبالنظر إلى المشهد الفنزويلي عن قُرب نجد أن المتحكم الرئيس فيه هي لعبة نفوذ، فمن جانب تدعم “الولايات المتحدة”، “غوايدو”، المتهم في قضايا تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 30 عامًا، لكنها أحيانًا تتستر خلف منظمة “الدول الأميركية”، التي يقع مقرها في “واشنطن”، وعلى الجانب الآخر يحصل “مادورو” على دعم كبير من “روسيا” و”كوبا” إلى جانب عدد من المؤسسات الوطنية؛ بينما لا تسيطر المعارضة سوى على “الجمعية الوطنية”.
معركة داخل البرلمان..
شهد الأسبوع الأخير؛ معركة داخل “الجمعية الوطنية”، إذ عقدت جلسة لاختيار رئيسًا جديدًا لها، في غياب “غوايدو” والمؤيدين له، ووقع الاختيار على “لويس بارا”، لكن “غوايدو” وفريقه وجهوا عدة اتهامات للحكومة بمحاولة السيطرة على البرلمان، كما روجوا لعدد من الشبهات حول الجلسة، ولم يعترفوا بالنتيجة، لذا عقدوا جلسة محاكاة وأقسم يمين الوفاء بمهامه رئيسًا للنواب لفترة جديدة، ويتشبث الأخير بالمنصب لأن بدونه لن يستطيع لعب دور الرئيس الانتقالي الذي يقوم به منذ عام كامل.
وردت الحكومة ورئيس البرلمان الجديد على الانتقادات التي وجهتها المعارضة لعملية التصويت لاختيار “بارا”، وصرح “مادورو” بأن التشديدات الأمنية تمت بناء على طلب من “غوايدو” الذي كان يخشى من وقوع استفزازت، كما أكد “بارا” على أن الجلسة عقدت بشكل رسمي وبلغت النصاب القانوني.
دور “فنزويلي-كوبي” قوي..
صرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى فنزويلا، “إليوت أبرامز”، لوكالة (بلومبرغ)، مؤخرًا، بأن “واشنطن” إرتكبت خطأ أساسيًا في إستراتيجيتها تجاه “كاراكس”؛ عندما قللت من أهمية الدعم الذي تقدمه “موسكو” للرئيس “مادورو”، مشيرًا إلى أنه بدون الدعم “الروسي-الكوبي” لن يستطيع “مادورو” البقاء لربع ساعة إضافية على رأس البلاد، وأضاف في لقاءه؛ أن النظام الفنزويلي محكوم عليه بالزوال، لكن من المستحيل التكهن بموعد حدوث ذلك.
وبحسب تصريحات “أبرامز”، العضو في “الحزب الجمهوري”، فإن شركات روسية تسيطر على حوالي 70% من “النفط الفنزويلي”، ومن بين العمليات المهمة التي تقوم بها هذه الشركات هي نقل “النفط الخام” بين السفن، ما يسمح لــ”كاراكس” بالتغلب بشكل جزئي على العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة عليها، كما أن شركة “روزنفت”، المملوكة للحكومة الروسية، تتحكم في نواة الاقتصاد النفطي الفنزويلي، كما أشارت الإدارة الأميركية إلى وجود ما يقارب 2500 عميل استخباراتي وأمني كوبي في “فنزويلا”، منذ نحو عام، إلى جانب الفنيين والأطباء والمدرسين الذين أرسلهم نظام، “ميغيل دياس-كانل”، و”راؤول كاسترو”، كما قدرت “واشنطن” قوام القوات الروسية الموجودة في “فنزويلا” بـ 150 شخص.
وذكرت صحيفة (الموندو) الإسبانية؛ تعقيبًا على تصريحات “أبرامز”، أنه لم يذكر حقائق معينة على الأرض، وأشارت إلى أن الدبلوماسي الأميركي يُعد من “المحافظون الجدد”، ما يعني أنه يؤيد التدخل في شؤون دول أخرى.
وأضافت الصحيفة أن “واشنطن”، بدعمها لـ”غوايدو”، لأنه القناة الوحيدة التي يمكن من خلالها التخلص في خليفة “تشافيز” اليساري، المعارض لسياساتها، وفي سبيل تحقيق هدفها لا تستبعد خيار التدخل العسكري، لكن “دونالد ترامب” يفضل طريق التفاوض مع فصيل من متبعي الإيديولوجية التشافيزية من المعارضين لـ”مادورو”.