وكالات – كتابات :
“وكالة أمن الدولة الأوكرانية” ؛التي كان يترأسها صديق طفولة الرئيس الأوكراني؛ قد تكون متورطة في فضيحة تسليم مدينة أوكرانية للروس دون قتال، والمفارقة أن هذه المؤسسة، هي نفسها المُكلفة بحماية البلاد من التجسس.
وتحول رئيس “وكالة أمن الدولة”؛ وهو جهاز الأمن الداخلي القوي في “أوكرانيا”، إلى محور لفضيحة كبرى، بدأت تتكشف وتم تسليط الضوء عليها مؤخرًا قبل أن يُقيله الرئيس الأوكراني.
وأقال الرئيس؛ “فولوديمير زيلينسكي”، الأحد، بشكل مفاجيء؛ “إيفان باكانوف”، صديق طفولته ورئيس “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية، والمُّدعية العامة للدولة؛ “إيرينا فينيديكتوفا”، التي لعبت دورًا رئيسًا في بمقاضاة ما يُسميه الأوكران والغرب بجرائم الحرب الروسية.
وبرر الرئيس الأوكراني؛ قراره بعشرات حالات التعاون مع “روسيا”؛ التي تورط فيها مسؤولون في الوكالتين اللتين تخضعان لرئاسة: “باكانوف” و”فينيديكتوفا”، حسبما ورد في تقرير لوكالة (رويترز).
وتعد هذه أكبر عمليات طرد سياسي منذ بداية العملية الروسية العسكرية في البلاد؛ في 24 شباط/فبراير 2022.
“أمن الدولة” الأوكرانية مخترقة من الروس !
وقال “زيلينسكي”، في منشور على (تليغرام)، إنه أقال هذين المسؤولين لأنه تبين أن العديد من أعضاء وكالاتهما قد تعاونوا مع “روسيا”، وهي مشكلة قال إنها أثرت على وكالات أخرى أيضًا.
وذكر أنه تم فتح: 651 قضية خيانة وتعاون مزعومة ضد مسؤولي الإدعاء وإنفاذ القانون، وأن أكثر من: 60 مسؤولًا من وكالتي “باكانوف” و”فينيديكتوفا”؛ يعملون الآن ضد “أوكرانيا”، في الأراضي التي تحتلها “روسيا”.
يكشف العدد الهائل من قضايا الخيانة عن التحدي الهائل المتمثل في التسلل الروسي الذي تواجهه “أوكرانيا”؛ في الوقت الذي تُحارب فيه “كييف” ضد الجيش الروسي؛ فيما تدعي إنه صراع من أجل البقاء.
وقال “زيلينسكي”: “مثل هذه المجموعة من الجرائم ضد أسس الأمن القومي للدولة، تطرح أسئلة خطيرة للغاية على القادة المعنيين، وكل سؤال من هذه الأسئلة سيحصل على إجابة مناسبة”.
في محاولة لتبرير قرارته، أشار “زيلينسكي” إلى واقعة مُشابهة حين أمر باعتقال الرئيس السابق لـ”جهاز الأمن الإستراتيجي”؛ “زيلينسكي كولينيش”، الذي كان يشرف على منطقة “القِرم”، التي ضمتها “روسيا”، وقال “زيلينسكي”؛ إنه أقال هذا المسؤول الأمني الكبير في بداية الغزو الروسي، وهو القرار الذي قال إنه ثبت الآن أنه مبرر.
عُين “زيلينسكي كولينيش”؛ في تشرين أول/أكتوبر 2020، لكنه طُرده في 02 آذار/مارس من هذا العام، وقال: “تم جمع أدلة كافية للإبلاغ عن هذا الشخص بشُبهة الخيانة، وتم توثيق جميع أنشطته الإجرامية”.
وتوصف “أوكرانيا” بأنها أفقر وأفسد دولة في “أوروبا”، إلا أن فضيحة التجسس في “وكالة الأمن الوطني” الأوكرانية، تُشير إلى أن الأمر لا يتقصر على الفساد، ولكن نحن أمام اختراق روسي قوي قد تكون له علاقة بجذور هذا الجهاز ذي الأصول السوفياتية؛ كما تدعي الوكالة الأميركية تبريرًا لحجم فساد الدولة التي تحظى بدعم أبوي من “واشنطن” والغرب.
وكانت المساعدات العسكرية المُقدمة إلى “أوكرانيا”؛ قبل الحرب مرتعًا لممارسات فسادٍ كبيرة؛ حيث أعتاد المدنيون والجنود، على حدٍ سواء، تسريب الأسلحة إلى شبكة تهريب أسلحة غير شرعية متوسعة، حسبما ورد في تقرير لموقع (Responsible Statecraft) الأميركي.
وحتى بعد نشوب الحرب، أفادت تقارير بأن جنودًا أوكرانيين باعوا أسلحة منحها الغرب لبلادهم في السوق السوداء.
سقوط مدينة “خيرسون” الإستراتيجية دون قتال !
وسيطرت القوات الروسية على مساحات شاسعة من جنوب وشرق “أوكرانيا”؛ خلال المرحلة الأولى من عمليتها العسكرية.
وأثيرت تساؤلات حول كيفية سقوط منطقة “خيرسون” الجنوبية؛ التي تحتلها “روسيا” بهذه السرعة، على عكس المقاومة الشرسة حول “كييف وخاركيف”؛ التي أجبرت “روسيا” في النهاية على الانسحاب والتركيز على “إقليم دونباس” في الشرق؛ (بحسب إدعاءات الآلة الدعائية الأميركية والغربية في حربها النفسية ضد الخصم الروسي)، علمًا بأن الجنوب الأوكراني أبعد عن خطوط الإمدادات الروسية الرئيسة من الشرق والشمال الأوكراني الملاصقين للحدود الروسية والبيلاروسية.
وتم إلقاء اللوم في على “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية في سرعة سقوط هذه المدينة الإستراتيجية، التي تربط بين شبه جزيرة “القِرم”، التي ضمتها “روسيا”، وبين “إقليم دونباس”، الذي كانت تُسيطر عليه الميليشيات التابعة لها.
وقد أتاح الاستيلاء على “خيرسون”؛ للقوات الروسية، موطيء قدم حاسمًا في المنطقة الجنوبية من البلاد على طول ساحل “البحر الأسود”.
تم تعيين “باكانوف”؛ لرئاسة “إدارة أمن الدولة”، في عام 2019، وهو واحد من مجموعة من الوجوه الجديدة التي برزت بعد فوز “زيلينسكي”، الممثل الكوميدي السابق، بالانتخابات في وقت سابق من ذلك العام.
وقوبل أداء “باكانوف”؛ في هذا المنصب الحساس، باعتباره غير محترف، بانتقاد سواء من قبل المعارضة الأوكرانية أو من قبل الرعاة الغربيين لـ”كييف”.
فقبل إقالته من قِبل الرئيس الأوكراني بنحو 03 أسابيع؛ نشرت صحيفة (بوليتيكو) الأميركية، تقريرًا يُهاجم “باكانوف” و”وكالة أمن الدولة” الأوكرانية؛ التي يترأسها، بشكلٍ حاد، ويتهم التقرير الوكالة بالمسؤولية عن سقوط “خيرسون” في يد الروس، حيث قال التقرير إن هروب بعض العاملين في الجهاز من مواقعهم ساعد على ما يبدو قوات (الكرملين) على تجنب الألغام الأرضية، وتوجيه طائراتها الهجومية لتفجير مدن أوكرانية.
من مدير شركة ترفيه إلى رئيس أهم وكالة استخباراتية في “أوكرانيا” !
“باكانوف”؛ يبلغ من العمر: (47 عامًا)، كان بجانب “زيلينسكي” منذ أن أرتقى الأخير من ممثل كوميدي هزيل في مدينة “كريفي ريه” الصناعية جنوب وسط البلاد؛ إلى زعيم قوي متمرس في الحرب ومشهور خارج حدود “أوكرانيا”، حسب تعبير الصحيفة الأميركية؛ والصورة المزعومة التي يرسمها إعلام “واشنطن” للرئيس الأوكراني.
وكان “إيفان باكانوف”؛ يُدير شركة الترفيه الخاصة؛ بـ”زيلينسكي”، ثم حملته الرئاسية.
وقبل إقالة “باكانوف”، نصح دبلوماسي غربي؛ “كييف”، بضرورة إجراء الإصلاحات اللازمة لتجديد “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية، حسب تقرير الصحيفة الأميركية.
وقبل صدور قرار الإقالة، انقطعت العلاقة بين الصديقين القديمين: “زيلينسكي” و”باكانوف”، باستثناء الأعمال الحكومية. وأخبر أحد المسؤولين الأوكرانيين؛ صحيفة (بوليتيكو)؛ بأن الرئيس الأوكراني كان قلقًا بشأن التداعيات المتعلقة بطرد شخص مهم في دائرته الداخلية.
وانتقدت أحزاب المعارضة الأوكرانية؛ تعيين “باكانوف”، في عام 2019، وقالت إن شخصًا من خلفيته غير لائق لقيادة وكالة جمع المعلومات الاستخبارية الرئيسة في البلاد. ولكن لم يكن هناك الكثير من المعارضين الذين يمكنهم وقف خطوة تعيين الرجل الذي كان واحدًا من المقربين من الرئيس والشركاء التجاريين الأكثر ثقة بالنسبة له.
يزعم الكثيرون في “كييف”؛ أنه فشل في الرد على الغزو الروسي، في 24 شباط/فبراير، وقيادة وكالته العملاقة بشكل صحيح.
قال مسؤول أوكراني كبير مقرب من “زيلينسكي”؛ لـ (بوليتيكو) شريطة عدم الكشف عن هويته، قبل قرار الإقالة: “نحن غير راضين تمامًا عن وظيفته ولا مهاراته الإدارية، ونعمل على التخلص منه”.
وقال المسؤولون والدبلوماسي الغربيون إن القلق أكبر من مجرد “باكانوف”؛ إنه يتعلق أيضًا بقرارات العديد من كبار موظفي الوكالة في الساعات والأيام الأولى من الغزو الروسي التي ربما كلفت “أوكرانيا” أراضي ثمينة، بما في ذلك مدينة “خيرسون” الإستراتيجية.
أوامر وتصرفات غريبة..
“هناك الكثير من مديري إدارة أمن الدولة الإقليميين الذين تصرفوا بشكلٍ غريب خلال الحرب؛ فلقد هرب البعض منهم أثناء الحرب”، حسب الصحيفة الأميركية.
أمر الجنرال “سيرهي كريفوروتشكو”، رئيس “وكالة أمن الدولة” في “خيرسون”، ضباطه بإخلاء المدينة قبل أن تقتحمها القوات الروسية بالمخالفة لأوامر “زيلينسكي”، كما تزعم السلطات الأوكرانية.
في غضون ذلك؛ زعمت السلطات أن العقيد “إيهور صدوخين”، مساعده ورئيس مركز مكافحة الإرهاب في المكتب المحلي، قد أبلغ القوات الروسية المتجهة شمالًا من شبه جزيرة “القِرم” بمواقع الألغام الأوكرانية، وساعد في تنسيق مسار طيران للطائرات الروسية. بينما هرب في قافلة من عملاء إدارة أمن الدولة المتجهة غربًا.
كانت “خيرسون” المدينة الأوكرانية الأولى التي استولت عليها القوات الروسية منذ بداية العملية العسكرية. احتلها الجيش الروسي في 03 آذار/مارس، بعد: 07 أيام من شن القوات الروسية هجومها على “أوكرانيا”.
تمكنت القوات الروسية من الاستيلاء على “خيرسون” بهذه السهولة؛ بسبب فشل مسؤولي أمن الدولة هناك في تفجير “جسر أنتونوفسكي”؛ الذي يعبر “نهر دنيبرو”، ما سمح للقوات الروسية بالانتقال إلى المدينة، حسبما يدعي المسؤولون الأوكرانيون.
في مؤشر على نقص الولاء داخل الرُتب العليا في “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية، هرب مسؤول كبير ثالث سابق، يُدعى: “أندري نوموف”، وهو عميد ترأس قسم الأمن الداخلي للوكالة، وهي وحدة تشمل مسؤولياتها منع الفساد داخل إدارة أمن الدولة، إلى الخارج قبل بضع ساعات من العملية الروسية العسكرية؛ في 24 شباط/فبراير 2022.
اتهمت السلطات الأوكرانية جميع المسؤولين الثلاثة السابقين في “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية بخيانة البلاد.
في خطابه؛ في 31 آذار/مارس 2022، جرد “زيلينسكي”؛ “نعوموف” و”كريفوروشكو”، من رتبهما ووصفهما: بـ”الخونة”.
واحتجزت السلطات الأوكرانية؛ “صادوخين” و”كريفوروشكو”، واعتُقل “نوموف”؛ في 07 حزيران/يونيو 2022، في “صربيا”، حيث ضبط مع مهرب ألماني و600 ألف يورو و125 ألف دولار ومجموعة من الزمرد، وتسعى “كييف” لتسلمه لإخضاعه للمحاكمة.
من المواقف الغريبة ما حدث في مدينة “تشيرنيهيف”، حيث أحرق مبنى وحدة إدارة الأعمال التابعة للوكالة بالكامل دون سبب، وقال مسؤول “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية إنه ليس لديه وقت لإخراج جميع المستندات، في حين قال مسؤول أوكراني آخر تحدث إلى صحيفة (بوليتيكو)؛ إن الشرطة وغيرها من وكالات إنفاذ القانون في المدينة كانت قد نجحت في إزالة الوثائق الحساسة من مكاتبها، الأمر الذي ألقى بظلال من الشك حول قرار مسؤولة “وكالة أمن الدولة” بإحراق المبنى.
وكالة عملاقة جذورها تعود لـ”كي. جي. بي”..
وتُعرف “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية بالاختصار الأوكراني؛ (SBU)، وهي الوكالة الخلف للاستخبارات السوفياتية الشهيرة؛ (كي. جي. بي- KGB).
مع وجود أكثر من: 30 ألف موظف بها، فإن حجمها يزيد: 07 مرات عن حجم الاستخبارات البريطانية، وتُعادل تقريبًا حجم “مكتب التحقيقات الفيدرالي” الأميركي، الذي يوظف: 35 ألف شخص، على الرغم من أن “أوكرانيا”؛ أصغر: بـ 16 مرة من “الولايات المتحدة” في عدد السكان.
وفي حين أن هذه الوكالة مكلفة بالمهام المحلية التقليدية مثل جمع المعلومات الاستخبارية والاستخبارات المضادة، تتجاوز أنشطة “وكالة أمن الدولة” نطاق الوكالات المماثلة في الدول الغربية؛ حيث إن من مهامها مكافحة الجرائم الاقتصادية والفساد.
اتهامات بإساءة السلطة..
مع هذا التفويض الشامل، واجهت هذه الوكالة؛ منذ فترة طويلة، اتهامات بإساءة استخدام السلطة والفساد داخلها، بما في ذلك الوحدات التي تهدف إلى محاربة تلك الأشياء بالتحديد وقد ثبت إلى حدٍ كبير أن الوكالة غير قابلة للتغيير.
في الواقع؛ فشلت محاولات إصلاح “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية، حسب تقرير الصحيفة الأميركية.
ويقول التقرير إن اختراق الجواسيس الروس لـ”وكالة الأمن الوطني” الأوكرانية، أضر كثيرًا بالمصالح الأمنية للبلاد، على الرغم من الجهود المبذولة لاستئصالها.
وصلت الانتقادات الموجهة للوكالة إلى مرحلة حرجة؛ في عام 2018، عندما زيفت وحدة الاستخبارات العسكرية مقتل صحافي روسي منشق لفضح فرقة اغتيال استأجرتها “موسكو” لاغتيال شخصيات بارزة داخل “أوكرانيا”. وغضب مراقبو وسائل الإعلام الدولية وغضبت الحكومات الغربية كذلك؛ كما يدعي التقرير الأميركي.
بعد فوز “زيلينسكي” بأغلبية ساحقة في التصويت الرئاسي؛ في عام 2019، شرع في تنظيف إدارة أمن الدولة، واستغل صديقه؛ “باكانوف”، لقيادة المهمة، في محاولة لإظهار تصميم الزعيم المنتخب حديثًا على أن يُثبت للغرب أن “كييف” كانت جادة بشأن الإصلاحات.
قال “أليكس كوكشاروف”، محلل مخاطر الدول المقيم في “لندن”؛ والذي يُركز على “أوكرانيا” و”روسيا”، لصالح (S&P Global)، إن سلسلة من الفضائح في السنوات الأخيرة ألقت بظلالها على إدارة أمن الدولة. أظهرت أن “كييف” ضيعت سنوات دون إصلاح الوكالة.
كانت “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية مكلفة بإجراء تحقيقات متعلقة بالاقتصاد، والإقتتال الداخلي بين الوكالات الأمنية المختلفة في “أوكرانيا”، الذي أدى إلى عدم الاستعداد الكافي لمواجهة الروس في مناطق محددة مثل الجنوب والشرق، والتي كانت الأهداف التي كان يتوقع قبل بداية الحرب أن يهاجمها الروس، حسبما قال “كوكشاروف”.
وقال إن إحدى نقاط قوة الوكالة هي قدرتها على تحديد المخربين والمتعاونين خارج أسوارها، مثل المدنيين الذين ساعدوا في توجيه نيران المدفعية الروسية على الأرض، غالبًا مقابل المال أو الوعد بحياة أفضل.
أزمة أوكرانيا.. فساد واختراق غربي وروسي على السواء..
تُظهر فضيحة “وكالة أمن الدولة” الأوكرانية، درجة تشعب الفساد في البلاد، وتعقدها، فنحن أمام حالة واضحة للمحسوبية تورط بها الرئيس الأوكراني الموالي للغرب؛ الذي جاء بصديق وشريك له في عالم التجارة والفن، ليتولى رئاسة وكالة مكافحة تجسس تعود جذورها للحقبة السوفياتية العتيدة، وتضم آلاف الجواسيس المتهمين بالفساد، وتجاوز مهماتهم؛ كما يزعم التقرير الأميركي.
وفي الوقت ذاته؛ فإن هذه الوكالة التي تعود جذورها للاستخبارات السوفياتية، بطبيعة تركيبتها وطبيعة المجتمع الأوكراني المنقسم، وبسبب انتشار الفساد، فإن أفرادًا منها لديهم علاقات مع “روسيا” أو هم حتى عملاء لها.
وبعضهم قد يعتبر نفسه، صديقًا لـ”روسيا” وليس عميلاً، تمامًا مثلما يُعد الرئيس الأوكراني نفسه صديقًا للغرب.
فالمجتمع الأوكراني الذي يُعاني تاريخيًا من درجة عالية من فساد النخب، كما وصفته المستشارة الألمانية السابقة؛ “آنغيلا ميركل”، والممزق بين صلاته الإثنية والتاريخية والاقتصادية مع “روسيا”؛ ابنة العم السلافية الكبرى، وبين تطلعاته وهوسه بتقليد الغرب شكليًا، جعل من السهل أن يكون هناك اختراق روسي للأجهزة الأمنية، تمامًا كما سهل ذلك على الغرب دعم المعارضة الأوكرانية التي أطاحت بالرئيس المنتخب الموالي لـ”روسيا”؛ “فيكتور يانكوفيتش”؛ عام 2014.
وبقدر صلابة المقاومة الأوكرانية حتى الآن، ضد الجيش الروسي؛ (كما تزعم التقارير الغربية تزييفًا للواقع)، إلا أن طبائع الأمور، وخاصة التداخل الإثني والثقافي بين الروس والأوكرانيين، مع ميل النخب الأوكرانية للتحالف مع الأقوى، سيؤدي إلى تحول كثير من النخب الأوكرانية الموالية للغرب للتحالف مع الاحتلال الروسي في المناطق التي ستطول إقامة الروس بها.