وكالات – كتابات :
بررت موظفة سابقة في شركة (فيس بوك) موقفها من جمع المستندات، التي شكلت الأساس لتحقيق أجرته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، حول “عيوب” جسيمة في طريقة تعامل المنصة الاجتماعية مع المستخدمين.
وأشارت الموظفة السابقة، أنها فعلت ذلك من أجل إحداث تغيير في عمل الشركة، وليس لإثارة الغضب تجاهها.
وقالت “فرنسيس هوغين”، (37 عامًا)؛ التي استقالت، في آيار/مايو الماضي، بعد أن ظلت تبحث في الشبكة الداخلية للشركة عن حالات تكشف عيوب الشركة والأضرار التي تسببت بها: “إذا كان الناس يكرهون (فيس بوك) أكثر بسبب ما قمت به، فقد فشلت… أنا أؤمن بالحقيقة والمصالحة. نحن بحاجة إلى الاعتراف بالواقع. الخطوة الأولى في ذلك هي التوثيق”.
كشف المعلومات أمام الرأي العام..
وأشارت مديرة المنتج السابقة، وخريجة “هارفارد”؛ إلى أنها كانت تشعر بضرورة أن يعرف الأشخاص خارج الشركة، مثل المشرعين والمنظمين، ما استطاعت الحصول عليه من معلومات.
وقد أدلت “هوغين”، بشهادتها أمام “الكونغرس” الأميركي، أمس الثلاثاء، مشيرة إلى أنها استعانت بشركة غير ربحية للحصول على: “الحماية الفيدرالية” للمبلغين.
وخلصت الوثائق؛ التي كشفت عنها الصحيفة، في سلسلة “ملفات فيس بوك”؛ إلى أن الشركة استحدثت: “قائمة بيضاء” للنخبة والمشاهير الذين استفادوا من خلالها بمعاملة خاصة فيما يخص قواعد المحتوى، والتي قد لا تنطبق على ملايين المستخدمين العاديين على المنصة.
وكشفت أيضًا؛ أن (فيس بوك) تعلم بأن تطبيق (إنستغرام) يفاقم العلاقة السيئة بين المراهقات وأجسادهن، وهو ما اعتبرته الشركة: “غير دقيق”.
وطبقًا للتحقيق، كانت (فيس بوك) قد أعلنت عن خطة إصلاحات، في الأعوام السابقة؛ تهدف لضمان أن تكون المنصة مكانًا: “صحيًا أكثر”؛ ويشجع المناقشات وتبادل الأفكار في العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكن الخوارزميات التي جرى اعتمادها أدت إلى نتائج عكسية.
من “غوغل” إلى “فيس بوك”..
وعملت “هوغين”؛ سابقًا؛ في (غوغل) وشبكات اجتماعية كبيرة أخرى، حيث تخصصت في تصميم الخوارزميات والأدوات الأخرى التي تحدد المحتوى الذي يتم تقديمه للمستخدمين.
وقد تكفلت (غوغل) بمصاريف دراستها في “هارفارد” وحصولها على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وعندما عادت للعمل في الشركة، عام 2011، كانت تُعاني من مشاكل صحية أقعدتها في منزلها؛ ثم استقالت في 2014.
كان فقدان صديق لها، خلال فترة بقائها في المنزل، بسبب اختلافهما في الرأي بقضايا سياسية؛ تأثير على طريقة تفكيرها بشأن وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت: “دراسة المعلومات المضللة شيء، وفقدان شخص ما بسببها شيء آخر… يرى الكثير من الأشخاص الذين يعملون على هذه المنتجات الجانب الإيجابي للأشياء فقط”.
وعندما تواصلت (فيس بوك) معها، في أواخر 2018، قالت إنها ستكون مهتمة بالإنضمام للشركة إذا كانت الوظيفة تتعلق بالديمقراطية وانتشار المعلومات الكاذبة، وخلال المقابلات، أخبرت المديرين عن صديقها؛ وأنها تريد مساعدة (فيس بوك) على منع التعرض لمسارات مشابهة.
وعملت في البداية ضمن فريق: “النزاهة المدنية”، الذي يضم حوالي: 200 موظف، وكان تركيزه منصبًا على القضايا المتعلقة بالانتخابات في العالم، ولعب الفريق دورًا رئيسًا في التحقيق في كيفية قيام المنصة بالسماح بنشر الأكاذيب السياسية وإذكاء العنف وإساءة استخدامها من قبل الحكومات.
وقت قصير وفرق عاجزة..
يقول التقرير؛ إنه من ضمن المآخذ التي رأتها في الشركة؛ أن فريق تكفلت به: “لإنشاء أدوات لدراسة الاستهداف الخبيث المحتمل للمعلومات في مجتمعات معينة”، حظي بفترة زمنية قصيرة لإنجاز المهمة ما تسبب في فشله في النهاية.
وتُشير إلى مشكلة نقص الموظفين في فريقها، وكذلك في فرق تعالج مشكلات هامة؛ مثل الفريق المسؤول عن اكتشاف ومكافحة الإتجار بالبشر، وتقول إن الشركة بدت غير راغبة في قبول مبادرات لتحسين السلامة؛ إذا كان ذلك سيجعل من الصعب استمالة المستخدمين وإشراكهم.
كانت أيضًا قلقة من المخاطر التي قد يُشكلها (فيس بوك) في المجتمعات التي تصل إلى “الإنترنت” لأول مرة، ورأت أن الإبادة الجماعية التي تغذيها وسائل التواصل الاجتماعي، في “ميانمار”، (بورما)، “نموذجًا”.
وقال المتحدث باسم (فيس بوك)، “آندي ستون”، إن هدف الشركة هو: “توفير تجربة آمنة وإيجابية لمليارات المستخدمين”؛ و”استضافة محتوى يحض على الكراهية أو الضار؛ أمر سيء لمجتمعنا، وسيء للمعلنين، وفي النهاية، سيء لأعمالنا”.
وتقول الموظفة السابقة؛ إنها شعرت بالفزع عندما: “قلل (فيس بوك) من إرتباط أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأميركي بالعنف”، وهو ما وصفه المتحدث باسم (فيس بوك)؛ بأنه: “تلميح عبثي”، مشيرًا إلى دور الشخصيات العامة في تشجيع العنف”.
وقالت مديرة المنتج السابقة، إنها أصيبت بالإحباط بسبب ما رأت أنه تراخٍ للشركة في معالجة إمكانية تعرض منصاتها للضرر وعدم رغبتها في معالجة عيوبها.
وقال “ستون”، من جانبه؛ للصحيفة ردًا على هذ المزاعم: “كل يوم يتعين على فرقنا الموازنة بين حماية حق المليارات من الأشخاص في التعبير عن أنفسهم علانية والحاجة إلى الحفاظ على نظامنا الأساس؛ مكانًا آمنًا وإيجابيًا. نواصل إجراء تحسينات كبيرة لمعالجة انتشار المعلومات الخاطئة والمحتوى الضار”.
وتُشير “هوغين” إلى أنها عندما تولت مهامها، كانت لديها آمال في معالجة نقاط ضعف (فيس بوك)، لكن سرعان ما أصبحت متشككة في أن فريقها يمكن أن يكون له تأثير، “فهو لديه موارد قليلة، وكان لديها شعور بأن الشركة تولي أهمية أكبر لمسألة النمو وإنخراط المستخدمين أكثر من معالجة الآثار السيئة لمنصاتها”.
مخاوف الاعتقال..
وخلال مراجعتها آلاف الوثائق، على مدى عدة أسابيع في الشبكة الداخلية، المسماة: (Facebook Workplace)؛ كانت تعتقد أنها قد تتعرض للاعتقال، لأن الشركة تسجل أنشطة الموظفين في مكان العمل، وكانت تستكشف أجزاء من الشبكة لم تكن مرتبطة بوظيفتها.
وفكرت في ترك رسائل لفريق الأمن الداخلي في الشركة؛ عندما أعتقدت أنهم قد راجعوا نشاط البحث الخاص بها. وقالت إنها تعرف أن البعض: “سيشعر بالخيانة، لكنها أعتقدت أن المخاطر كانت عالية بما يكفي؛ لدرجة أنها احتاجت إلى التحدث علانية”.
ويُشير التقرير إلى أن الموظفة السابقة استقالت، في نيسان/إبريل الماضي، لكنها استمرت في العمل لمدة شهر آخر؛ لتسليم بعض المشاريع، وخلال تلك الفترة استمرت في فحص الشبكة حتى آخر ساعة لها في العمل.
الرسالة الأخيرة..
وفي 17 آيار/مايو 2021، وقبل الساعة: 07 مساء بقليل، سجلت دخولها للمرة الأخيرة، وكتبت رسالتها الأخيرة في شريط البحث في الشبكة لمحاولة شرح دوافعها: “أنا لا أكره (فيس بوك). أنا أحب (فيس بوك). أريد إنقاذه”.
وتواصلت “هوغين”؛ مع محامين في منظمة (Whistleblower Aid) غير الربحية، في “واشنطن”؛ تمثل الأشخاص الذين يبلغون عن سوء سلوك الشركات والحكومة.
وبالإضافة إلى شهادتها القادمة في “مجلس الشيوخ”، فإنها أيضًا ترغب في التعاون مع المدعين العامين والمنظمين الأوروبيين.
وتقترح السماح بأشخاص من خارج (فيس بوك)؛ بالإطلاع على أبحاث الشركة وعملياتها، وتريد تبسيط جذري لأنظمة (فيس بوك)؛ وإنهاء الترويج للمحتوى بناء على عدد المشاركات له.