خاص : ترجمة – آية حسين علي :
تغلي شوارع “فرنسا” بمدنها وضواحيها، منذ أكثر من أسبوع، بسبب مشروع إصلاح قانون التقاعد، وكشف استطلاع رأي حديث حجم الاختلاف في وجهات النظر بين المواطنين، بسبب أزمة قانون المعاشات والإضراب الذي تخطى أسبوعه الأول دون توقف؛ إذ يؤيدون خطط إنهاء أنظمة التقاعد الخاصة، لكنهم يرفضون رفع سن التقاعد.
وبحسب الاستطلاع الذي أجراه مركز “إيلاب” للدراسات؛ فإن الإصلاحات قسمت الشعب الفرنسي إلى نصفين يعارض كل منهما الآخر؛ إذ كشف الاستطلاع أن نسبة التأييد الشعبي للتعديلات وصلت إلى 50%، بينما يعارضها 49% ممن أُحتسبت أصواتهم، وتُعد نتيجة الاستطلاع مؤشرًا خطيرًا على عمق التناقضات داخل الشعب الفرنسي؛ إذ يشعر أغلبيته بالتعاطف مع الإضراب، لكنهم في نفس الوقت يرغبون في إنهاءه، بينما تناقش فيه النقابات العمالية إذا ما كانت سوف تبدأ هدنة خلال فترة الاحتفال بأعياد الميلاد أم لا.
تفاصيل التعديلات المقترحة..
ينص مشروع القانون، الذي من المتوقع أن يُعرض على البرلمان في العام المقبل، على إلغاء أنظمة التقاعد الخاصة، وتحديد الحد الأدنى للمعاش بألف يورو، وأوضح رئيس الحكومة، “إدوار فيليب”، أن النظام الجديد سوف يُطبق اعتبارًا من عام 2022؛ ولن يشمل المواطنين الذين ولدوا قبل عام 1975، كما حدد سن التقاعد عند 64 عامًا.
وصرح “فيليب” بأن مقترحات الحكومة بشأن القانون تبرر إنهاء الإضراب، مشيرًا إلى أن النظام الجديد سوف يعتمد على أساس احتساب النقاط، على أن تحدد النقابات العمالية قيمة النقطة، بينما يطمح المضربون في أن ينتهي ضغطهم على الحكومة بالاستجابة لمطالبهم والتراجع عن بعض مواد مشروع القانون، مثلما حدث عام 1995؛ إذ حقق المتظاهرون مطالبهم بعد 3 أسابيع من الإضراب.
شلل عام..
على مدار أكثر من أسبوع؛ يقوم آلاف المحتجين بإغلاق محطات المترو الرئيسة، وصل عددها إلى 14 خطًا، ولا يتبقى سوى خطين فقط يعملان ذاتيًا، إلى جانب توقف العمل بخطوط السكك الحديدية، كما أغلقت عدد من محطات التزويد بالوقود، وميناء “مارسيلا” و”لو هوفر”، يضاف إلى ذلك قيام بعض النشطاء النقابيين بقطع التيار الكهربائي في عدة مدن، ووصل الإضراب إلى بعض عمال شركات الأمن المنوط بها مكافحة الشغب، وحتى الآن أعلن ألف، من أصل 13 ألف، من رجال الاحتياط في الشرطة الوطنية أنهم مرضى ولا يستطيعون القيام بعملهم.
وشهدت المظاهرات إقبالًا كبيرًا؛ خاصة بعدما أعلن “الاتحاد الفرنسي الديموقراطي للعمل” إنضمامه للاحتجاجات اعتراضًا على رفع سن التقاعد، رغم أن هذا التكتل لا يزال مؤيدًا لإصلاح نظام التقاعد الحالي.
ولا يزال “ماكرون” مدعومًا من جانب من انتخبوه وأحزاب اليمين، بينما يعارضه اليساريون و”حزب الخضر” واليمين المتطرف.
صراع بسبب سن التقاعد..
استقبلت الإجراءات المقترحة في البداية بتأييد واسع، وبنسب مئوية متباعدة للغاية بين من يؤيدون ومن يعارضون، وكانت نقطة الخلاف الرئيسة فيما يخص إلغاء أنظمة التقاعد الخاصة، وهو ما أيده 70% من الفرنسيين مقابل معارضة 29% منهم، لكن معضلة رفع سن التقاعد أحدثت فرقة في المجتمع إذ يعارضه 54% من الشعب.
وتُعد النقطة الأخيرة فارقة لأنها دفعت قطاعات مؤيدة للإصلاحات إلى الإنضمام إلى الإضراب اعتراضًا على تغيير سن التقاعد، كان أبرزهم؛ “الاتحاد الفرنسي الديموقراطي للعمل”، وأعلن زعيمه أنه مستعد للتفاوض مع الحكومة، لكنه لن يقبل أن يصبح سن التقاعد 64 عامًا، رغم أن المتحدث باسم الحكومة أوضح أن متوسط عمر التقاعد في القطاع الخاص وصل إلى 63 عامًا و4 أشهر.
هل توقف أعياد الميلاد الإضراب ؟
بعيدًا عن اختلاف المواقف بين من يؤيد الحراك ومن يعارضه، ظهر خلاف آخر في صفوف المؤيدين للإضراب؛ إذ يرى التيار النقابي الإصلاحي ضرورة إنهاء الصراع قبل أعياد الميلاد كي يتسنى للمواطنين الانتقال لقضاء الأجازة دون مشقة، بينما يُصر فريق آخر على الاستمرار في الإضراب حتى ترضخ الحكومة لمطالبهم، وصرح الأمين العام لقطاع السكك الحديدة بـ”الكونفيدرالية العامة للشغل”، بأنه: “لن نوافق على هدنة خلال فترة أعياد الميلاد إلا إذا رجعت الحكومة إلى رشدها”.
وبحسب الاستطلاع؛ يرغب 51% من الشعب أن يتوقف الإضراب؛ بينما يؤيد 47% استمراره، كما يشعر 54% بالتعاطف تجاه الإضراب فيما يعارضه 36%.