خاص: كتبت- نشوى الحفني:
كان قرار الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، بمثابة أكبر خدمة قدمها لـ”الصين”، حيث سعت للاستفادة منه قدر الإمكان من محاولات لتشكيل جبهات وشراكات جديدة مناهضة لـ”واشنطن” لمواجهتها في حربها التجارية ضد العالم.
وفي خطوة حدثت مؤخرًا؛ قالت “وزارة التجارة” الصينية، إنها ستَّساعد شركات التجارة الخارجية التي تواجه تحديات التصدير، للاستفادة من السوق المحلية.
وستُكثف الجهود لتعزيز تكامل التجارة المحلية والدولية، ولتوجيه الجمعيات الصناعية والمحلات التجارية الرئيسة ومنصات التجارة الإلكترونية للاستفادة من نقاط القوة في قنواتها للعمل مع مؤسسات التجارة الخارجية.
وأصدرت سبع جمعيات صناعية، بما في ذلك “غرفة التجارة العامة الصينية”، بشكٍل مشترك مبادرة لتوسيع السوق المحلية وتعزيز الارتباط بين التجارة المحلية والدولية. وتعهدت أكثر من عشر منصات للتجارة الإلكترونية بضمان وصول منتجات التصدير عالية الجودة إلى الأسر، باستعمال كفاءة التجارة الإلكترونية.
فرصة “الصين” للهروب من الضغط..
وحسّب تقرير لوكالة (آسوشيتد برس)؛ حاول القادة الأميركيون لأكثر من عقد، بمن فيهم “ترمب”، إعادة توجيه السياسة الاقتصادية الأميركية واستراتيجيتها الأمنية وتحالفاتها، لمواجهة صعود “الصين”.
ومع ذلك؛ وبعد مرور ما يقرب من (03) أشهر على ولايته الثانية، ربما تكون رسوم “ترمب” الجمركية وتخفيضاته في الميزانية، التي تحمل شعار: “أميركا أولًا”، قد أتاحت لـ”بكين” أوضح فرصة حتى الآن للهروب من سنوات من الضغط الأميركي.
رسائل صينية..
وأشار التقرير إلى أنه في الوقت الذي يبُشر فيه “ترمب” بالحماية التجارية، تُرسل “الصين” رسالة مختلفة تمامًا: أسواقها ستنفتح على نطاقٍ أوسع، والعالم يستطيع أن يعتمد على “الصين” لتحقيق الاستقرار المنشود.
وفي كفاحها من أجل البقاء؛ تتنافس “بكين” ـ الهدف الرئيس لغضب “ترمب” من الرسوم الجمركية ـ على الحصول على موقف في عملية إعادة تنظيم التجارة العالمية، للانقضاض على الانعزالية الأميركية، واستغلال ثغراتها، والحصول على نفوذ أكبر.
وأعلنت الحكومة الصينية؛ أن: “العالم يجب أن يتبّنى العدالة ويرفض الهيمنة”، في إشارة واضحة إلى “الولايات المتحدة”.
ووفق (آسوشيتد برس)؛ تُعدّ هذه دعوة واضحة للوحدة من الدول التي تواجه رسوم جمركية عالية من “الولايات المتحدة”، حيث أجرى قادتها محادثات مع نظرائهم من “الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان” وآخرين.
وقالت الحكومة الصينية؛ في بيان موقف بشأن الرسوم الجمركية الأميركية: “باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد وثاني أكبر سوق للسلع الاستهلاكية، فإن الصين مُلتزمة بالانفتاح على العالم بشكلٍ أوسع، بغض النظر عن كيفية تغيّر الوضع الدولي”.
ردود فعل مضادة..
وذكر التقرير كذلك؛ أن الضربة التي وجهتها إدارة “ترمب” لبقية العالم بأجندتها التعريفية، جاءت بعد انسحاب “واشنطن” من مجموعات دولية مثل “منظمة الصحة العالمية”، وتفكيك “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”، فضلًا عن إغلاق “الوكالة الأميركية للإعلام العالمي”، مما أثار المخاوف من أنها تفقد الأصدقاء وتتنازل عن النفوذ لـ”الصين” على عدة جبهات.
ولكن اللعبة تتغيّر أيضًا بالنسبة لـ”بكين”، كما يتضح من إعلان “ترمب” عن وقف الرسوم الجمركية على جميع الدول باستثناء “الصين”.
ليست مهتمة ببناء التحالفات..
وقالت “كارولين ليفيت”؛ السكرتيرة الصحافية لـ”البيت الأبيض”، بعد إعلان “ترمب”: “حاولتَ القول إن بقية العالم سيقترب من الصين، بينما في الواقع، رأينا عكس ذلك تمامًا. العالم بأسره يُنادي الولايات المتحدة الأميركية، وليس الصين، لأنهم بحاجة إلى أسواقنا”.
ومع ذلك؛ قال وزير التجارة؛ “هوارد لوتنيك”، إن الإدارة ليست مهتمة ببناء التحالفات، وهو ما كان بمثابة السِمة المميزة لجهود إدارة “بايدن” لمواجهة “الصين”، وتوسيع الأجندة الأميركية في الخارج.
وأضاف للصحافيين: “الجواب هو أن الرئيس يُركز على أميركا. سيُحاول التفاوض على أفضل الصفقات مع كل دولة من الدول الكبرى التي تتصل بنا وترغب في الحوار. لذا فهو لا يسعى إلى بناء تحالف أو أي شيء من هذا القبيل”.
استسلام للقيادة الأميركية..
ودفعت خطط “ترمب” الجمركية الصارمة؛ الدول إلى استكشاف أساليب جديدة. وصرح “جوش ليبسكي”؛ المدير الأول لمركز الاقتصاد الجغرافي في (المجلس الأطلسي)، بأن “بكين” أتيحت لها فرصة، لكنها لا تستغلها.
وقال: “مع قيام الصين بالرد بقوة على الولايات المتحدة من خلال التعريفات الجمركية الانتقامية، وتصاعد التوتر بين البلدين إلى حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، أعتقد أن كل منهما يُركز على الآخر وليس على البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم”. وأضاف أن: “الطاقة الإنتاجية الفائضة للصين في مجال التصنيع، ستُشكل تحديًا لأي سوق أخرى”.
ومن جهته؛ وصف النائب عن ولاية إلينوي؛ “راجا كريشنامورثي”، كبير الديمقراطيين في اللجنة المختارة للحزب (الشيوعي الصيني) في “مجلس النواب”، تعريفات “ترمب” بأنها: “استسلام كامل للقيادة العالمية الأميركية التي لن تُفيّد إلا الحزب (الشيوعي الصيني)”.
جنّي الفوائد على المدى الطويل..
وتعتقد العديد من وسائل الإعلام الصينية؛ بما في ذلك مجلة (سانليان شينغهوا تشو كان)، أن “الولايات المتحدة” قد انتقلت من كونها: “الزعيم العالمي”؛ إلى: “الناهب”، مما قد يؤدي إلى اختفاء الفوائد التي كانت تعود على الاقتصاد الأميركي من هذا الدور.
وتدعو المجلة إلى: “إعادة تشكيل تاريخية” للنظام التجاري والاقتصادي، الذي ظل قائمًا منذ الحرب العالمية الثانية، معتبرة أن “الصين”، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، قد تكون واحدة من أكبر المستَّفيدين من هذا التحول.
ويبدو أن “بكين” قد تبدأ في جنّي الفوائد من هذه التوترات في المدى الطويل، رغم التأثيرات السلبية على المدى القصير.
وكانت “بكين” قد رفعت الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية إلى: (125) بالمئة؛ ردًا على قرار “ترمب” رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى: (145) بالمئة.