خاص: كتبت- نشوى الحفني:
عيّن الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، الجمعة، السياسي المخضرم المنتمي لتيار الوسط؛ “فرانسوا بايرو”، رئيسًا للوزراء، وكلفه بإخراج البلاد من ثاني أزمة سياسية تواجهها خلال الأشهر الستة الماضية.
“بايرو”؛ (73 عامًا)، أصبح بذلك رابع رئيس وزراء يتم تعييّنه في “فرنسا”؛ خلال العام الجاري 2024، كما أنه السادس منذ انتخاب؛ “إيمانويل ماكرون”، لأول مرة عام 2017، بحسّب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأدى رفض البرلمان مشروع “قانون موازنة 2025” إلى سقوط حكومة رئيس الوزراء السابق؛ “ميشيل بارنييه”، ولذلك فإن أولوية “بايرو” ستكون إقرار قانون خاص لتجديد “ميزانية 2024″ مع اقتراب معركة أشد ضراوة بشأن التشريع الخاص بـ”موازنة 2025” أوائل العام المقبل.
ومن المتوقع أن يُعلن “بايرو” عن تشكيلة الحكومة الجديدة في الأيام المقبلة، لكن وكالة (رويترز) تُرجُح أن يواجه الصعوبات نفسها التي واجهها “بارنييه”؛ فيما يتعلق بالتشريعات في ظل برلمان مُعلق يتألف من ثلاث كتل متصارعة. كما أن قُربه من “ماكرون”، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، سيُشكل نقطة ضعف.
رفض الانضمام.. وتهديد بسحب الثقة..
وتُضيف الوكالة؛ أن حجم التحدي الذي يواجهه “بايرو” تجلى على الفور عندما أعلن الحزب (الاشتراكي) رفضه الانضمام إلى حكومته الائتلافية، حيث قال زعيم الكتلة البرلمانية للاشتراكيين؛ “بوريس فالو”: “لن ندخل الحكومة؛ وسنبقى في المعارضة”.
وقال زعماء حزب (فرنسا الأبية)؛ المنتمي إلى أقصى اليسار، إنهم سيسعون إلى إقالة “بايرو” على الفور.
وذكرت رئيسة حزب (الخضر)؛ “مارين تونديليه”، أيضًا أنها ستدعم اقتراح سحب الثقة إذا تجاهل رئيس الوزراء مخاوفهم بشأن الضرائب والمعاشات.
يُذكر أن “الجمعية الوطنية”؛ (البرلمان)، منقسمة بشدة في ظل التشكيل الذي أفرزته الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت بعدما حل “ماكرون” الجمعية السابقة؛ في حزيران/يونيو الماضي.
وقد أسفرت الانتخابات عن ثلاث كتل كبيرة، هي تحالف اليسار والمعسكر الرئاسي الوسطي واليمين المتطرف، ولا تحظى أي منها بغالبية مطلقة.
وسبق لـ”فرنسوا بايرو”؛ أن ترشح ثلاث مرات لرئاسة الجمهورية بين عامي (2002 و2012)، من دون الوصول إلى الدورة الثانية على الإطلاق.
تحديات الموازنة..
وكانت محطة (فرانس انفو) الفرنسية؛ قد طرحت عدة تحديات تواجه رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، أبرزها؛ تمرير الموازنة.
وأضافت المحطة الفرنسية؛ أن كيفية تمرير الموازنة في البرلمان هو التحدي الأبرز، في ظل الانقسامات السياسية العميقة، سيكون من الصعب الحصول على الدعم الكافي من جميع الأطراف.
وأشارت إلى أن أي فشل في تمرير الموازنة قد يؤدي إلى مزيد من الأزمات السياسية والاقتصادية، وقد يدفع المعارضة إلى المطالبة بإجراء انتخابات جديدة أو سحب الثقة من الحكومة.
وتابعت: “إن من أبرز التحديات سحب الثقة من الحكومة التي تظل تهديدًا دائمًا، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة”.
كما أن سحب الثقة سيؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة؛ وقد يُسبب مزيدًا من الفراغ السياسي في البلاد. المعارضة السياسية، التي قد تستغل أي فشل حكومي، سيكون لها دور كبير في تحديد مصير الحكومة الحالي.
استراتيجيات جديدة..
من جهته؛ قال أستاذ الاقتصاد في جامعة (باريس دوفين)؛ “جان-ميشيل دوغوير”، لـ (إرم نيوز)، إن: “فرنسا بحاجة إلى استراتيجيات اقتصادية جديدة لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية، ولكن أكبر التحديات تكمن في القدرة على تمرير الموازنة في ظل المناخ السياسي المعَّقد”.
واعتبر أنه: “سيكون من الصعب التوصل إلى توافق بين الأحزاب، خاصة إذا كانت هناك معارضة شديدة تجاه سياسات بايرو الاقتصادية. وإذا فشلت الحكومة في إقرار الموازنة، فقد تكون بداية لأزمة سياسية طويلة الأمد”.
وأكد “دوغوير”؛ أن تمرير الموازنة في البرلمان هو التحدي الأبرز، في ظل الانقسامات السياسية العميقة، التي ستجعل من الصعب الحصول على الدعم الكافي من جميع الأطراف.
وأَضاف أن أي فشل في تمرير الموازنة قد يؤدي إلى مزيد من الأزمات السياسية والاقتصادية، وقد يدفع المعارضة إلى المطالبة بإجراء انتخابات جديدة أو سحب الثقة من الحكومة.
دوامة الاستقالات السياسية..
وأشار “دوغوير”؛ إلى أن التحدي الثاني هو إمكانية سحب الثقة من الحكومة التي تظل تهديدًا دائمًا، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة.
وذكر أن سحب الثقة سيؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة؛ وقد يُسبب مزيدًا من الفراغ السياسي في البلاد، مؤكدًا أن المعارضة السياسية، التي قد تستغل أي فشل حكومي، سيكون لها دور كبير في تحديد مصير الحكومة الحالية.
كذلك؛ فإن تحدي تشكيل تحالفات بين الأحزاب سيكون أمرًا بالغ الأهمية، وفقًا لـ”دوغوير”، إذ يتطلب التوافق بين القوى السياسية المتنوعة لضمان استقرار الحكومة في البرلمان.
وقال إنه في حال غياب التحالفات القوية أو في حال حدوث انقسامات داخل الحكومة، فقد تجد “فرنسا” نفسها في دوامة من الاستقالات السياسية وقرارات متأخرة بشأن القضايا الحاسمة مثل الموازنة والإصلاحات الاجتماعية.
حلول جذرية..
ووفقًا للخبير الاقتصادي؛ فإنه: “بعد فترة طويلة من الركود، يحتاج بايرو إلى إيجاد حلول جذرية لدعم الاقتصاد الفرنسي وتعزيز النمو. وتشكل البطالة المرتفعة وتدهور الأوضاع المعيشية في بعض القطاعات تهديدات كبيرة أمام الحكومة”.
وعلى صعيد الأمن الداخلي؛ قال “دوغوير” إن تزايد التحديات الأمنية من الإرهاب إلى الجريمة المنظمة أصبح إحدى القضايا الرئيسة، مؤكدًا الحاجة لتعزيز الأمن الداخلي عبر تعزيز السياسات الأمنية والاجتماعية التي تُعيّد الثقة بين المواطنين والدولة.
سياسة خارجية مرنة..
وتطرق “دوغوير” إلى السياسة الخارجية بالقول؛ إن “فرنسا” ليست بمعزل عن التحديات العالمية مثل الحروب التجارية، والتغير المناخي، والتهديدات الأمنية العالمية، وإن حكومة “بايرو” ستحتاج إلى سياسة خارجية مرنة تجمع بين المصلحة الوطنية والتعاون الدولي.
كما يرى أن: “الحكومة بحاجة إلى تدابير قوية لمعالجة القضايا الاجتماعية التي تشهد تفاقمًا، مثل التفاوت في الدخل وتدهور الأوضاع في بعض الأحياء. وفي نفس الوقت، يجب تعزيز الإجراءات الأمنية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التي تُهدد استقرار المجتمع”.
صراعات داخلية..
من جهتها؛ قالت الباحثة في الشؤون السياسية في (معهد الدراسات السياسية) في باريس؛ “ماريا كيرش”، لـ (إرم نيوز)؛ إنه: “على الرُغم من أن تحالفات الأحزاب قد تبدو الحل الأمثل لضمان استقرار الحكومة، فإن الواقع السياسي في فرنسا يُشير إلى أن هناك صراعات داخلية قد تؤثر كثيرًا في فاعلية الحكومة”.
وأضافت أنه من الممكن أن نشهد تشكيل تحالفات مؤقتة وغير مستقرة، ما يُعقد عملية اتخاذ القرارات الكبرى، مثل سحب الثقة أو تمويل المشروعات الحكومية.
ورأت “كيرش” أن التحدي الأكبر يكمَّن في توفير استقرار سياسي يسمح بتحقيق الإصلاحات اللازمة.
وأكدت أن أمام حكومة “فرانسوا بايرو” العديد من التحديات الكبرى التي قد تؤثر في استقرارها السياسي والاقتصادي، من تمرير الموازنة إلى إمكانية سحب الثقة، إضافة إلى التعامل مع تحالفات الأحزاب المتنوعة، ما سيكون على الحكومة العمل بجد لإيجاد حلول فعالة تجاهه.
وخلصت “كيرش” إلى القول إن تشكيل تحالفات مستقرة ومرنة سيكون أمرًا حيويًا لضمان النجاح في مواجهة الأزمات الحالية، بما يضمن تقديم الإصلاحات اللازمة وتحقيق الاستقرار السياسي.