11 أبريل، 2024 3:34 م
Search
Close this search box.

فتوى “الصميدعي” بتحريم الاحتفال بأعياد رأس السنة .. تكشف بذور “الفتنة الطائفية” في العراق !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

يشهد “العراق” جدلاً حادًا وخلافًا عقائديًا ينُم عن هشاشة نسيج المجتمع العراقي، بعد الفتوى التي أصدرها مفتي أهل السُنة والجماعة، “مهدي الصميدعي”، والتي يحُرم فيها مشاركة المسيحيين في “العراق” بالاحتفال برأس السنة الميلادية.

حيث أكد “الصميدعي” أن: “الاحتفال بأعياد أبناء الديانة المسيحية لا يجوز شرعًا”، وحرم تهنئة المسيحيين بها. وأرجع “الصميدعي” أساس تحريم الاحتفال بأعياد المسيحيين إلى فتاوى لكبار رجال الدين؛ ومنهم “ابن القيّم”، الذي يعتبر المشاركة في أعيادهم “شركًا بالله”. و”من هنأ النصارى في أعيادهم؛ كمن هنأهم في السجود لصلبانهم”.

ولقد صُدرت فتوى التحريم، تعليقًا على إعلان الحكومة العراقية، يوم 25 كانون أول/ديسمبر، من كل عام عُطلة رسمية بمناسبة “عيد ميلاد السيد المسيح”، على عكس “إقليم كُردستان”؛ الذي اقرّها عُطلة شاملة منذ سنوات عديدة. ويوجه مسؤولو الرئاسات الثلاث والوزراء والسياسيون ورؤساء الأحزاب برقيات تهنئة للمسيحيين بهذه المناسبة.

دعوى قضائية ضد “الصميدعي”..

أثارت تلك الفتوى غضبًا شديدًا لدى المسيحيين في “العراق”، وتقدمت 63 عائلة مسيحية في “العراق”، الأحد الماضي، بدعوى قضائية إلى محكمة في “بغداد” ضد مفتي أهل السُنة، الشيخ “الصميدعي”، على خلفية إصداره فتوى تحريم احتفال المسلمين بأعياد “رأس السنة الميلادية”. هذا بحسب ما جاء في وثيقة رسمية موقعة من العوائل المسيحية وموجهة الى قاضي التحقيق في “بغداد”.

ووصفت العوائل المسيحية، في نص الدعوى المُقدمة للمحكمة، تصريح “الصميدعي”؛ بأنه طائفي، يؤدي إلى شق وحدة الصف العراقي والسلم الاجتماعي. واعتبرت العوائل في دعواها، أن “الصميدعي” سيكون متحملاً مسؤولية ما قد يحدث لأبناء المكون المسيحي من تهديد أو ترحيل قسري.

ويقدر عدد المسيحيين، في “العراق”، بحوالي 450 ألف شخص، وفقًا لتقديرات غير رسمية، و”المسيحية” هي الديانة الثانية في “العراق” بعد “الإسلام”، الذين تدين به غالبية السكان.

غضب المسيحيين..

كما استنكر رئيس البطركية الكلدانية في العراق والعالم، الكاردينال “لويس رؤفائيل ساكو”، إصدار مفتي الجمهورية العراقية، “الصميدعي”، فتوى تُحرم الاحتفال بأعياد المسيحيين، مضيفًا: “أن من يتبنى كذا خطاب هو شخصية غير مكتملة”، وطالب بمقاضاته.

وقال “ساكو”، في بيان صادر عن البطركية الكلدانية: “المعروف عن رجل الدين، من أي دين كان، أن يدعو إلى الأخوّة والتسامح والمحبة؛ وليس إلى الفُرقة والفتنة”. وتابع: “من المؤسف أن نسمع  كذا أدبيات مستهلَكة بين حين وآخر”، مطالبًا: “الحكومة العراقية الموقرة؛ بمتابعة كذا خطابات ومقاضاة مروّجيها خصوصًا عندما تصدر من منابر رسمية”.

ومضى بالقول: “هذه مفاهيم خاطئة وخبيثة وبعيدة عن المعرفة الصحيحة بالأديان. فشعوبنا اليوم بحاجة إلى تعميق القواسم المشتركة بما يُسهم في تحقيق العيش المشترك، وليس التخوين والتكفير والحثّ على الكراهية”.

واستنكرت رئيسة كتلة “المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري” في البرلمان لعراقي، “ريحان أيوب”، الأحد الماضي، بشدة موقف مفتي الجمهورية، “الصميدعي”، حول الاحتفال برأس السنة الميلادية وأعياد ميلاد الطفل “يسوع المسيح” في مغارة “بيت لحم”. مطالبة إياه بتقديم إعتذار رسمي وإتخاذ جميع الإجراءات القانونية والدستورية بحقه بموجب القانون.

الوقف السُني: تصريحات “الصميدعي” لا تمثلنا..

من جانبهما؛ أعلن كل من “ديوان الوقف السُني” و”المجمع الفقهي لأهل السُنة” في “العراق”، عبر بيانين منفصلين، رفضهما فتوى “الصميدعي”، وأكدا على جواز تهنئة غير المسلمين بأعياد “رأس السنة الميلادية”.

واعتبر “ديوان الوقف السُني”، أن التصريحات المسيئة للمسيحيين خارجة عن المعقول والمقبول والمألوف والمعروف؛ ولا تمثل “ديوان الوقف”. وذكر رئيس ديوان الوقف، “عبداللطيف الهميم”، في بيان له: “إننا تابعنا بأسف عميق التصريحات المسيئة للأخوة المسيحيين من أبناء شعبنا العراقي الكريم في عيد ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام”، مبينًا: أنها “تصريحات خارجة عن المعقول والمقبول والمألوف والمعروف؛ ولا تمثل ديوان الوقف السُني بجميع منابره وأفكاره وتوجهاته في ترسيخ الوحدة الوطنية”.

وأضاف “الهميم” أن: “مثل هذه التصريحات الهوجاء غير الموزونة ولا المقفاة ولا المنضبطة؛ تعيدنا إلى خطاب الكراهية والتحريض والفتنة ورفض الآخر”، لافتًا إلى أنها “لا تمثل التعايش المشترك بين العراقيين بجميع شرائعهم وقومياتهم وأطيافهم وطوائفهم ومذاهبهم، عربهم وكُردهم وتُركمانهم”.

الموقف الشيعي متأرجح..

قال رئيس “ديوان الوقف الشيعي”، في العراق، “علاء الموسوي”، إن الاحتفال بـ”مولد المسيح” و”رأس السنة الميلادية”؛ ذريعة لممارسة الفساد والفجور. مشيرًا إلى أن “ميلاد نبي الله، عيسى، ليس في الأول من كانون ثان/يناير، وهذا التاريخ ثبته الملوك الجبابرة والوثنيين من الرومان”. وأضاف أن: “الاحتفال بمولد النبي عيسى لا يليق بنبي، لأنه تتخللها شرب الخمر والاحتفالات الصاخبة”.

بعد الضجة التي أثارها قول “الموسوي”؛ تراجع مرة أخرى، فأصدر “ديوان الوقف الشيعي”، الثلاثاء، بيانًا بشأن الرد على ما أسماه، “تخرصات بعض مواقع التواصل الاجتماعي والأصوات المتطرفة”، فيما أشار الى أن رئيس الديوان السيد، “علاء الموسوي”، يؤكد أحقية جميع الأديان والطوائف في الاحتفال بأعياد الميلاد.

وذكر بيان لإعلام “الوقف الشيعي”، أنه: “إيمانًا منه بالواجب الأخلاقي والديني، الذي تؤكده رسالته الشرعية، يجدد ديوان الوقف الشيعي، متمثلاً برئيسه السيد “علاء عبدالصاحب الموسوي”، أحقية الطائفة المسيحية وأبنائها وجميع المسلمين في العراق بالاحتفاء بذكرى ميلاد السيد المسيح (ع)”.

وأشار “الموسوي”، بحسب البيان، إلى ضرورة الإحتفاء الذي يجسد أحد أهم ثوابت الإنتماء للدين والطائفة وللدور الرسالي العظيم للأنبياء والمرسلين؛ ومنهم “السيد المسيح” وأمه “العذراء”، (عليهم السلام)، مشددًا على ضرورة إحياء هذه المناسبات بالطرق والأساليب التي تحافظ على خصوصية المناسبة وتحترم قيمتها الدينية والإنسانية، لافتًا إلى أن المسيحيين في “العراق” جزء أصيل ولا يتجزء من هذا البلد؛ ولهم ولنا حق الإحتفاء والاحتفال بمناسباتهم الدينية.

ولفت البيان إلى أن: “موقف “الموسوي” يتفق مع الطرح الذي تناوله وأكده لأصحاب الرفعة والغبطة في “الكنسية المسيحية” في “الفاتيكان” و”العراق”؛ ممن اعتبروا الاحتفالات الماجنة بأعياد الميلاد خروجًا عن الأعراف الدينية والأخلاقية، وعدوا الاحتفالات الخارجة عن الضوابط الأخلاقية التي تتجاوز تقاليد وثقافة المجتمع تجاوزًا آخر على الرسالة المسيحية العظيمة.

احتفال على النمط الشيعي !

تحت عنوان: (عيسى والمهدي مشروع إلهي)؛ وبالتعاون مع “موسسة ملتقى العلم والدين الثقافية”، أقام “ملتقى عبق الانتظار” محفلاً بهيجًا بمناسبة أعياد ليلة رأس السنة الميلادية، وتضمن المحفل قراءة آيات من الذكر الحكيم للقاريء الأول على العراق وتواشيح مهدوية لفرقة “السبطين” الإنشادية، وألقى كلمة الحفل سماحة السيد، “بهاء الموسوي”.

وأصدر مدير موسسة “ملتقى العلم والدين الثقافية”، في محافظة البصرة، “موسى المنصوري”، بيانًا قال فيه إن هذا المحفل يُعد بديلاً ناجحًا للاحتفالات الماجنة؛ وإن “النبي عيسى عليه السلام” كان يمهد لتحقيق دولة العدل الإلهي ونشر المعرفة والأخلاق الحميدة، وهذا ما سوف يحققه “الإمام المهدي”، فهما يمثلان مشروع إلهي إنساني واحد.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب