9 أبريل، 2024 10:01 م
Search
Close this search box.

“فاينانشال تايمز”: أردوغان يفصل ثورة جديدة على مقاسه الخاص

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – لميس السيد :

عندما عاد الأطفال إلى المدارس في أيلول/سبتمبر الماضي كان هناك شيئاً جديداً في المناهج الدراسية، حيث كان المنهج يضاف إليه تعديلات أسبوعية موجهة من وزير التعليم التركي، إحتفاءاً بما يسميه البعض هناك “بثورة تركيا الثانية”.

قدمت وزارة التعليم للطلاب مقطعين مصورين، يهدفان لإيصال رسالة أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” هو حامي البلاد بعد “مصطفى كمال أتاتورك”، بالرغم من إختلاف وجهات نظرهم كحكام.. بداية من عدم خلط الدين بالسياسة وحتى الإندماج مع الغرب، المدرسة التي كان يفضلها أتاتورك، إلا أن أردوغان يفضل طريقته في الحكم.

القائد ذو القبضة الحديدية
إقتداءاً بأتاتورك، يحاول أردوغان تقديم نفسه في صورة القائد ذو القبضة الحديدية الذي يستقي قوة سلطانه من الدعم الشعبي، وأيضاً في صورة المهندس الإجتماعي الذي يعيد صياغة المجتمع ليعكس القيم الخاصة به، وفقاً لرأي صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.

من جانبه يؤكد مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني “سونير كاجبتاي” قائلاً: “هي مرحلة تدريجية باركها الإنقلاب الفاشل، الذي يقدم الأن على اساس أنه الثورة الثانية أو حرب الإستقلال الثانية”.

متابعاً: “هذه هندسة إجتماعية أتاتوركية خالصة لا تتقاسم نفس القيم.. ولكن تشترك معها في الأسلوب. فإن أتاتورك الذي هزم النصارى والغرباء، لا يزال يعيش معنا الآن، ولكن ليس أتاتورك الذي حرر المرأة وخلق العلمانية”.

ثورة علي مقاس زعيم
وتقول الصحيفة البريطانية، أن “ثورة أردوغان لم تنته بعد، وفي يوم 16 نيسان/أبريل القادم سيصوت الأتراك على إستفتاء لتحويل سلطات الرئاسة إلى تنفيذية بشكل يمنح الحاكم سلطات تفوق عهد كمال أتاتورك، حيث ستمكن تلك الميزة أردوغان من التصديق على قرارات لا يستطيع البرلمان إقرارها، والإشراف على الميزانيات وتعيين الأفراد في القضاء ومجلس الوزراء. كل ذلك وسط مواجهة تركيا لأعلى معدل من الهجمات الإرهابية ووجود عدم إستقرار على حدودها مع سوريا وتراجع الإقتصاد”.

تمكن الصلاحيات التنفيذية التي يسعى إليها أردوغان من أدوات إعادة تشكيل حليف الناتو، وتمنحه الوصول لحلم دولة بقيم إسلامية يديرها جهاز مخلص ويدين له بالولاء.

حملات تطهير بلا نهاية
في نهاية ساعات يوم الإنقلاب الفاشل، تقول “فاينانشال تايمز” أن أردوغان أعلن عن سلاح لم يتجرأ أتاتورك على إستخدامه وهو “التطهير الحكومي”، حتى أنه بدأ قبل إنتهاء الإنقلاب تماماً.. ويقول احد الحلفاء السابقين في بلاط أردوغان، أن “حملات التطهير مستمرة حتى يومنا هذا، وبعد 7 شهور من إنقضاء حدث الإنقلاب ولا يبدو انها ستنتهي قريباً”.

وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن أول أهداف حملات التطهير كانت من الفصائل العسكرية المدينة بالولاء لفتح الله جولن، الإمام التركي المنفي في أميركا، وهو كان أحد حلفاء أردوغان السابقين إلا أن حركته إستطاعت أن تغزو نسيج الشرطة والجيش والقضاء ومؤسسات الدولة.

وتروي الصحيفة، أن عقب أزمة الإنقلاب ألقي القبض على آلالاف من مؤيدي “جولن” وعشرات منهم خسروا وظائفهم وإمتلأت السجون بأعداد كبيرة منهم والفائض من المعتقلين كانوا يبرطون في الآلات الرياضية بالمدارس وقاعات المؤتمرات والثكنات العسكرية.

ويضيف الكاتب التركي مصطفى أكيول، “كانت المعارضة تتوقع نطاق محدود للتطهير.. إلا أن تبين فيما بعد أنه الحكومة تستخدمه لبناء نظام إستبدادي لترويض مؤسسات الدولة”.

ممارسة سلطات الطوارئ
لمدة 14 عاماً، يحكم أردوغان تركيا عن غير رضاء حول العلمانية أو قيود الدستور التي لا تمنح الحرية لحاكم الدولة، لكن إنفاذ قانون الطوارئ عقب الإنقلاب منحه فرصة التي كان يرغبها.

تستمر حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة منذ الإنقلاب بأنها لن تتعدى فترة 90 يوماً، حتى اليوم، ايضاً منحت حالة الطوارئ أردوغان أن اي قرار يصدره يتحول إلى قرار ينشر في الجريدة الرسمية، حتى أن المحكمة الدستورية أصبحت تفتقد سلطة مراجعة قرارات الرئيس التركي.
تنشر الجريدة الرسمية أخبار تتوقع مصير خصوم ونقاد أردوغان يومياً، حتى أن أحد الأكاديميين أثناء حديثه مع الجريدة طلب عدم ذكر اسمه، إلا أنها افصحت عن اسمه فيما بعد مما كلفه خسارة وظيفته في الحال.

وتؤكد الصحيفة البريطانية على أن القرارات تبدو – فردية – غير مهمة، مثل القرارات التي تمنع إفلاس البنوك أو التي تتعلق بالخدمة المدنية، إلا أنهم – مجتمعين – يشكلون الإطار الذي يسعى إليه أردوغان لضم المؤسسات في طواعيته.

ويقر مصدر مسؤول عن التعيينات الوظيفية داخل أحد الوزرات الرئيسية في تركيا لفاينانشال تايمز، أن الحكومة تعين فقط الأشخاص التابعين لحزب العدالة والتنمية، حزب أردوغان، ويقول: “إذا كنت من هؤلاء الأشخاص، تحصل على طلب التقدم للوظيفة ثم يتم الإتصال بك بشكل منفصل من قبل الوزارة لقبولك في الوظيفة”.

وعن الأعمال الخاصة بالأفراد التابعين لجولن، تقول الصحيفة، أن منذ إعلانهم إرهابيين يتم عرض شركاتهم التابعة للدولة في مزادات للأشخاص ذوي الولاء لأردوغان. وأوردت الصحيفة البريطانية مثالاً لشركة مملوكة لرجل الأعمال “جاليب أوزتورك”، الذي سعى لشراء أسهم شركة “كوزا ابيك”، من أجل إسترضاء أردوغان، كما جاء في تصريحاته العلنية للصحف حول تلك الغاية المشروعة في تركيا.

وفي 5 شباط/فبراير، أعلنت الجريدة الرسمية أخبار جديدة حول أن مليارات الدولارات في حصص الخزانة التركية في الشركات الممتازة سيتم تحويلها بين عشية وضحاها، إلى صندوق الثروة السيادية. لذلك فإن وجود خط إئتمان بقيمة 815 مليون دولار ممنوح لعدة مؤسسات مختلفة في الدولة، يتم تحويل إدارته من قبل الصندوق السيادي، وذلك من اجل زيادة النمو الإقتصادي وفقاً لما ذكرت الجريدة الرسمية.

ويقول المستشار المقرب من الرئيس أردوغان “يجيب بولوت”، أن الصندوق هدفه تمويل “مشروعات أردوغان المجنونة لتحسين ملامح البنية التحتية في عهده”.

معركة طويلة الأمد
يلفت أحد مستشاري أردوغان إلى أن “المعركة بين مؤيدي العلمانية وأتاتورك وجولن لا تزال تستغرق أمداً طويلاً، وأن كل خطوة يحاول الرئيس الإقبال عليها يعرقلون خططه الرئاسية”.

ويضيف المستشار مدافعاً عن الإستفتاء، أنه “سيمنح الرئيس ثقة ومسؤولية أكبر من قبل الشعب، وهي خطوة يراها الغرب من الخارج حكومة متعطشة للسلطة ومن الداخل نراها نحن الكفاح المستمر”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب