خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
“إيران” قد تكون بديلًا مناسبًا على المدى الطويل لصادرات الطاقة الروسية، لكنها حاليًا؛ وإن تمتلك القدرة على تلبية احتياجات “أوروبا” من “الغاز”، فإنها لا تمتلك خطوط أنابيب للقيام بهذا العمل.
وتحتاج “أوروبا لتفعيل العقوبات على “روسيا” ردًا على العمليات العسكرية على “أوكرانيا”، إلى إيجاد بديل للطاقة الروسية. في حين أن الحجم الأكبر من المصادر الأحفورية في “روسيا”، أضف إلى ذلك أن التقارب بين الجانبين الأوروبي والروسي يزيد من صعوبة فرض عقوبات على هذا البلد؛ بحسب “فاتيما أنصاري”؛ الباحث في الشأن الدولي، في تقريرها التحليلي المنشور على موقع مؤسسة (الدراسات المستقبلية في العالم الإسلامي) الإيرانية.
ذلك أن “الاتحاد الأوروبي” باعتباره أكبر مستور لـ”الوقود الأحفوري”، فإن تؤمن نسبة: 41% من هذا الاحتياجات عبر “روسيا”. ومع العقوبات المحتملة على الشركات الروسية، فقد تراجعت مبيعات “النفط” الروسي بنسبة: 70%، وعليه من المتوقع أن تتعرض “روسيا” إلى أزمة اقتصادية.
وعلى “الاتحاد الأوروبي” التفكير في بديل سريعًا مع قطع الإمدادات الروسية نتيجة العقوبات. والمؤكد أن المسألة بالنسبة لـ”الاتحاد الأوروبي” ليست بتلك السهولة؛ فقد تستطيع الدول الأوروبية؛ على المدى المتوسط، تأمين احتياجاتها عن طريق دول غرب “آسيا” وشمال “إفريقيا”، لكن هذا الأمر يتطلب دعم هذه الدول، وتوفير أو تطوير البنية التحتية اللازمة لنقل “الغاز والنفط والطاقات الخضراء”.
والمشكلة التي يبحث فيها المقال هي؛ قدرات كل من الدول في غرب “آسيا” هو توفير الطاقة للدول الأوروبية.
“إيران” كمُنقذ لأوروبا..
“إيران” قد تكون إحدى هذه الدول التي يمكن أن تُمثل بديل أساس للطاقة الروسية، لأن “إيران” تحتل المرتبة الرابعة عالميًا من حيث الاحتياطات النفطية، والثانية عالميًا من حيث الاحتياطات الغازية.
أضف إلى ذلك قرب “الجمهورية الإيرانية” من الدول الأوروبية. وتعيش “إيران”؛ منذ فترة، في حالة من العزلة الاقتصادية، وتتعرض إلى عقوبات دولية جائرة وقد تضاعفت القيود والضغوط، لاسيما منذ العام 2005م وانسحاب “الولايات المتحدة الأميركية”؛ في العام 2019م.
وقد أعلن “فريدون بركشلي”؛ مدير وحدة دراسات الطاقة بـ”فيينا”، في حوار إلى وكالة أنباء (إيلنا)، أن “طهران” قد تُمثل على المدى المتوسط؛ أفضل خيارات تأمين “الغاز” للدول الأوروبية، وقال: “لو ترفع العقوبات عن إيران وفنزويلا، فقد تكونان بديلًا للطاقة الروسية”.
وأضاف: “تتوقع أميركا وأوروبا فرض عقوبات على ثُلث الاحتياطي المعروف في العالم دون أن يترتب على ذلك مشكلات. ورغم إعلان وزارة النفط الإيرانية قدرتها على تلبية الاحتياجات الأوروبية، لكن يبدو أن إيران تحتاج إلى المزيد من الوقت بهدف رفع قدراتها الإنتاجية لأنها لا تمتلك قدرة التصدير السريع إلى أوروبا”.
الموقف السعودي..
في المقابل تحتل “السعودية” المرتبة الثانية عالميًا من حيث الاحتياطي النفطي، وهي من الدول المعدودة التي تمتع بالقدرة على زيادة إنتاجها النفطي سريعًا.
ووفق تقرير (kelioil)؛ أوفدت “الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا” مندوبين إلى “السعودية والإمارات”؛ عشية اندلاع الحرب الأوكرانية، في إطار الجهود الرامية إلى مقاطعة “النفط الروسي”.
لكن “الولايات المتحدة” تواجه مشاكل رئيسة مع “السعودية” لأسباب مختلفة، الأمر الذي أثر على التعاملات النفطية بين البلدين، من جملة هذه المشكلات: حذف جماعة (أنصارالله) عن قائمة التنظيمات الإرهابية.
في السياق ذاته، لا تتطلع “السعودية” إلى توتير علاقاتها مع “روسيا”؛ لأنها أفضل بديل لـ”الولايات المتحدة”، من حيث توفير الأسلحة والمعدات العسكرية.
كذلك تستطيع “السعودية”؛ من خلال قربها مع “روسيا” إحداث اضطرابات في العلاقات “الإيرانية-الروسية”. ولذلك تقاوم “الرياض” ضد زيادة الإنتاج والإلتزام بعضوية (أوبك+) التي تشمل “روسيا”.
وقد تؤدي المقاومة السعودية إلى فك الارتباط الأوروبي بالطاقة الأحفورية سريعًا والاتجاه إلى الطاقة الخضراء والمتجددة.
كذلك “قطر”؛ بصدد تطوير بنيتها التحتية وقدراتها النفطية، لكنها أعلنت مؤخرًا اهتمامها بإلتزاماتها طويلة المدى مع دول مثل: “الصين واليابان وكوريا الجنوبية”، إلا أن الحكومة الألمانية كانت قد أعلنت عن توقيع اتفاقية غاز طويلة الأمد مع “الدوحة”. مع هذا تُلبي “الإمارات” حوالي: 30% من احتياجات “الاتحاد الأوروبي” من “الغاز المُسّال”.
كل هذه الدراسات تُثبت أنه من المستبعد قدرة دول غرب “آسيا” وشمال “إفريقيا” على توفير البديل المناسب لصادرات الطاقة الروسية على الأقل في المدى القصير. وهناك قضايا مختلفة تقوض قدرة هذه الدول على المدى البعيد مثل المسافات البعيدة والأمن الإقليمي؛ وبخاصة في دول مثل: “العراق وليبيا”.
ومثل هذه الاصطفاف من أجل توفير الطاقة لـ”الاتحاد الأوروبي” يزيد من تعقيد الترتيبات الحالية في العلاقات الإقليمية.