خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
حصل أمس الإثنين، رئيس هيئة الأركان السابق وزعيم تكتل (أزرق-أبيض)، “بيني غانتس”، على تفويض من الرئيس الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد عام من الجمود السياسي، وفي ظل أزمة وباء فيروس “كورونا” المستجد.
وجاء قرار التفويض بعدما حصل “غانتس” على توصية من 61 عضو “كنيست” لمهمة تشكيل الحكومة، فيما حصل منافسه زعيم حزب (الليكود)، “بنيامين نتانياهو”، على توصية من 58 عضو “كنيست”. وإمتنعت عضو الكنيست، “أورلي ليفي أباكسيس”، من تحالف (العمل-غيشير-ميرتس) اليساري، عن التوصية بأي من المرشحين لتشكيل الحكومة.
شركاء متشاكسون !
حصل زعيم “غانتس” على دعم تحالف يسار الوسط، (أزرق-أبيض)، وحزب (إسرائيل بيتنا) القومي العلماني، بقيادة “أفيغدور ليبرمان”، إضافة إلى دعم من جانب (القائمة العربية المشتركة)، التي يقودها “أيمن عودة”.
لكن ما يُصَعِّبُ من مهمة “غانتس” ويُهدد مستقبل حكومته، أن (القائمة العربية المشتركة) – التي تُمثل اليوم القوة الثالثة في البرلمان الإسرائيلي بإنتزاعها 15 مقعدًا – على خلاف سياسي وإيديولوجي دائم مع “ليبرمان”، المناهضان لـ”نتانياهو”. وسبق للقائمة المشتركة أن وضعت شروطًا سياسية لأي اتفاق مع “غانتس”، تتمثل في رفض أي مخطط أحادي الجانب من خلال “صفقة القرن”، والتأكيد على أن “المسجد الأقصى” هو مكان صلاة للمسلمين فقط، واعتبار “القدس الشرقية” عاصمة لا بديل عنها لـ”الدولة الفلسطينية”.
وكان زعيم ائتلاف القائمة المشتركة، “عودة”، قد أيد “غانتس”، وأكد أن الناخبين المؤيدين للقائمة قالوا “لا” مُدوَّيةً لحكومة يمينية بزعامة، “نتانياهو”. مُضيفًا: إذا أراد “غانتس” تشكيل حكومة (يسار-وسط)، فإننا نوصي به، أما إذا أراد أن يُشكل حكومة وحدة فسنكون أول المعارضين له.
النواب العرب.. أصحاب القول الفصل !
لأول مرة في تاريخ “إسرائيل” تلعب الأحزاب العربية دورًا حاسمًا في تحديد شخصية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة.
فبين معسكر “نتانياهو” وحظوظه لتشكيل حكومة يمينية ضيقة، وبين معسكر “غانتس” واحتمالاته تشكيل حكومة أقلية، أضحت القائمة المشتركة صاحبة القول الفصل والتأثير على المشهد السياسي وسيناريوهات تشكيل الحكومة أو جر “إسرائيل” لانتخابات رابعة، إذا لم تحدث انشقاقات وتصدعات داخل التحالفات المختلفة، وإذا لم يتوصل (الليكود) و(أزرق-أبيض) إلى تفاهمات.
وتتألف القائمة المشتركة من أربعة أحزاب عربية؛ وهي (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة)، و(التجمع الوطني الديمقراطي)، و(القائمة العربية الموحدة)، و”الحركة العربية للتغيير)، برئاسة “أحمد الطيبي”.
مُخاطرة سياسية..
أشار بعض المحللين السياسيين إلى أن إعتماد “غانتس” على دعم أعضاء “الكنيست” العرب؛ فيما يتعلق بمهمة تشكيل الحكومة، يُمثل مُخاطرةً سياسيةً لا تلقى قبولًا من جانب كثير من الإسرائيليين، رغم أن ما أقدم عليه “غانتس” هو مجرد خطوة أولى تمهد لإقامة حكومة وحدة وطنية، وذلك لتجنب جر “إسرائيل” لانتخابات رابعة.
وبالفعل فإن سيناريو “غانتس” تشكيل حكومة بدعم من النواب العرب، يُواجَه بمعارضة النائبين بـ”الكنيست” من تحالف (أزرق-أبيض)، “تسفي هاوزر” و”يوعاز هندل”، وهي المعارضة التي يُعَوِّلُ عليها “نتانياهو” لإحداث انشقاق بالتحالف يُمَكِّنه من تشكيل حكومة يمين ضيقة.
الأحزاب اليمينية ترفض “غانتس”..
عقب تكليفه بتشكيل الحكومة، اتصل “غانتس” برئيس كتلة أحزاب اليمين (يمينا)، الوزير “نفتالي بينيت”، ودعاه لجلسة مشاورات لتشكيل حكومة واسعة، لكن “بينيت” رفض الدعوة واشترط أن يتنصل تحالف (أزرق-أبيض) من دعم القائمة المشتركة.
كما أجرى “غانتس” اتصالًا برئيس حزب (يهدوت هتوراة)، الوزير “يعقوب ليتسمان”، ودعاه إلى جلسة مشاورات، بيد أن الأخير رفض الدعوة أيضًا. والموقف نفسه صُدر عن رئيس حزب (شاس)، “آرييه درعي”، الذي رفض دعوة “غانتس” للقاء وإجراء مشاورات لتشكيل الحكومة.
يُذكر أن جميع الأحزاب اليمينية بما فيها الدينية، تتمسك ببقاء “نتانياهو” في منصب رئيس الحكومة، رغم تعرضه لاتهامات رسمية بالرشوة والاحتيال وخرق الثقة في ثلاث قضايا. وقضت محكمة في “القدس”، الأحد الماضي، بتأجيل بدء محاكمة “نتانياهو” إلى، 24 من أيار/مايو المُقبل، بسبب انتشار وباء (كوفيد-19)، بعدما كانت مقررة، اليوم الثلاثاء.
وهاجم خصوم “نتانياهو” القرار، مُتهمين إياه باستغلال الوباء لتأجيل المحاكمة التي طال انتظارها.
مهلة 28 يومًا..
تبقى أمام “غانتس”، مهلة 28 يومًا، يمكن تمديدها بموافقة الرئيس الإسرائيلي، لمدة 14 يومًا إضافية، لتشكيل الحكومة، وذلك قبل تكليف نائب آخر بتلك المهمة، في حال فشله.
ويأتي توقيت تكليف “غانتس” بتشكيل الحكومة، في وقت يزداد فيه تفشي فيروس “كورونا” في “إسرائيل”، وأحصت “تل أبيب”، حتى أمس الإثنين، 213 إصابة، بالإضافة إلى وضع عشرات الآلاف في الحجر الصحي.
فيما أعلنت حكومة “نتانياهو” سلسلة إجراءات جديدة للتصدي للفيروس، بينها إغلاق المطاعم والمقاهي، ومنع التجمعات التي تضم أكثر من 10 أشخاص، كما عقدت الحكومة اجتماعها الأسبوعي عبر الهاتف خوفًا من فيروس “كورونا”.