عودة أجواء “الحرب الباردة” .. قمة “ترامب-بوتين” خارج حدود البلدين هدفها إيران !

عودة أجواء “الحرب الباردة” .. قمة “ترامب-بوتين” خارج حدود البلدين هدفها إيران !

خاص – كتابات :

للمرة الأولى منذ سنوات تعقد قمة “أميركية – روسية” صريحة ومباشرة على مستوى رئيسي البلدين الأقوى على مستوى العالم، دون أن يكون لقاء على هامش اجتماعات في “الأمم المتحدة” أو أي من الاجتماعات التي تقعد في سياق مؤتمرات دولية..

لقاءات سابقة..

فعقد اللقاء الأول، بين “بوتين” و”ترامب”، كان قبل نحو عام وتحديدًا في 7 تموز/يوليو 2017، خلال “قمة مجموعة العشرين” في “هامبورغ”؛ واستمر أكثر من ساعتين بدلاً من 30 – 45 دقيقة، وفق ما كان مقررًا وقتها..

ثم كان اللقاء، “الخاطف”، الثاني بينهما، في 10 تشرين ثان/نوفمبر 2017، على هامش “قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهاديء”، (آبيك)، في “فيتنام”..

بينما مرت 4 سنوات على لقاء “بوتين” والرئيس الأميركي السابق، “باراك أوباما”، الذي عقد في “فرنسا”، عام 2014، على هامش احتفالات ذكرى إنزال “نورماندي”، والذي كان بداية الخلاف بين البلدين نتيجة احتلال “روسيا” لشبه جزيرة “القرم” بأوكرانيا.

طقس بارد يعيد أجواء “الحرب الباردة”..

لقاء هذه المرة خارج حدود الدولتين، لا في العاصمة الروسية، “موسكو”، ولا هو في العاصمة الأميركية، “واشنطن”، بل في “هلسنكي” بفنلدا.. الدولة ذات الطقس البارد، وهو أمر يعيد إلى الأذهان سياسة “الحرب الباردة” التي استمرت بين البلدين لسنوات..

من يفرض نفوذه ؟

يدخل الرئيسان الروسي، “فلاديمير بوتين”، والأميركي، “دونالد ترامب”، القمة وفي ذهن كل منهما محاولة فرض رأيه على الآخر.. فالطرف الروسي استبق اللقاء وأكد أن الحديث فيما يتعلق بالتواجد الروسي في شبه جزيرة “القرم” أمر غير مطروح للنقاش خلال القمة؛ كونه عملاً من أعمال السيادة الروسية..

لا قرارات تتعلق بإعادة العلاقات مع روسيا..

والطرف الأميركي، متمثلاً في “ترامب”، يذهب إلى اللقاء وهو يعلم جيدًا أنه غير مخول بأخذ أي قرارات تتعلق بالعلاقات مع “روسيا” أو رفع العقوبات عنها.. فأعضاء “الكونغرس” قد صوتوا على تقييد الرجل ومنعه من إتخاذ أي موقف يتعلق بالعلاقات مع “روسيا” أو التعاون معها أو رفع العقوبات عنها إلا بإذن منهم.. وكذلك هناك خلاف بين الرئيس الأميركي ووزارة دفاعه، “البنتاغون”، في هذا الشأن.. ما يعني أن مناوراته في اللقاء محدودة..

نووي إيران وتواجدها في سوريا لن يستمر !

وأغلب الظن أن الحديث سيتناول الموقف من النووي الإيراني وتطوير القدرات الصاروخية لطهران بشكل رئيس.. فضلاً عن التطرق إلى التفاهمات الأخيرة مع “كوريا الشمالية” وأهمية تخليها عن برنامجها وأسلحتها النووية..

وتبقى “سوريا” هي محل الاتفاق بين واشنطن وموسكو.. ولسان حال “ترامب”؛ لقد سمحت “أميركا” لكم بالتمدد في “سوريا” والحصول على صلاحيات مفتوحة والقضاء على المعارضة، لكن ذلك لا يعني تواجد “إيران” هناك بأي حال من الأحوال…

زيارة “نتانياهو” رسالة إلى روسيا بضرورة التخلي عن إيران..

وهو ذات الحديث الذي دفع برئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، للذهاب على عجل إلى موسكو للتأكيد على أن الإطاحة بالرئيس السوري، “بشار الأسد”، من الحكم لا تعني إسرائيل في شيء؛ وأن التواجد الروسي والتمدد على الأراضي السورية لا يشكل قلقًا للحكومة الإسرائيلية، فقط النقطة الأهم والتي يجب أن تتم دون تردد هي الانسحاب الإيراني الكامل من كل شبر بالأراضي السورية، وإلا فإن إسرائيل ستتعامل بحزم مع هذا الملف..

إيران تستبق.. رحيلها يعني الفوضى والإرهاب..

وهي الإشارة التي التقطتها “إيران” جيدًا؛ فراحت تستبق القمة “الأميركية – الروسية”، المقررة في السادس عشر من تموز/يوليو 2018، بالتهديد عبر مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدينية، “علي أكبر ولايتي”، بأنه إذا خرجت القوات الإيرانية من “سوريا” فإن الإرهاب سيعود بقوة إليها ولن يستطيع أحد إيقافه أو السيطرة على عملياته التخريبية، وهي رسالة تحمل من ضمن ما تحمل معها من رسائل أن بديل الوجود الإيراني في سوريا ليس إلا فوضى أمنية تهدد الجميع..

وألمح المستشار الإيراني، في تصريحات له الجمعة 13 تموز/يوليو 2018، إلى أن من يحق له القول بأن تخرج “القوات الإيرانية” من “سوريا” أو “العراق” هم فقط المسؤولون في البلدين، مؤكدًا على أن دور إيران فيهما استشاري فقط !

“ترامب” يلجأ إلى حيلته المعتادة بتلطيف الأجواء..

إن جميع التحليلات تتحدث عن وضع “إيران” كبند رئيس على طاولة تلك القمة بين الرئيسين، ولكي يضمن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، إستيعاب نظيره الروسي، “بوتين”، لجأ كعادته إلى إستباق القمة بإعلانه رفض قطع العلاقات مع روسيا، مؤكدًا خلال تصريحاته لصحيفة (صن) البريطانية على أن التواصل مع روسيا أمر جيد، وهو هنا، كما يقال دائمًا في تلك الأحداث، يلطف الأجواء المتوترة على خلفية مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، التي جرت نهاية عام 2016، وتستمر فيها تحقيقات موسعة إلى لحظة كتابة هذه السطور.

بند آخر له من الأهمية مكانته على أجندة قمة الرئيسين، وهو المصالح الاقتصادية للبلدين وعدم تهديد أي منهما للآخر في مناطق نفوذه على أن يتم وضع ملامح لتقسيم النفوذ في الشرق الأوسط – خاصة على الأرض في سوريا وأفغانستان – بما يرضي جميع الأطراف !

الأمن المعلوماتي وخفض الترسانة النووية..

وينتظر أن يتطرق الرئيسان خلال القمة إلى مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن المعلوماتي ومتابعة سير تنفيذ معاهدة “ستارت-3″، المتعلقة بتخفيض عدد الرؤوس النووية لدى البلدين اللذان يمتلكان نحو 90% من القنابل الذرية والأسلحة النووية على مستوى العالم.

1400 صحافي يغطون القمة..

لكن يبقى السؤال المطروح للقمة، التي جرى اعتماد أكثر من 1400 صحافي لها من 61 دولة لتغطيتها بتنقلات وإقامة مجانية كاملة لمدة 3 أيام، هو هل حقًا تلتزم “روسيا” بتعهداتها أمام “واشنطن” في ظل رئيس أميركي يجمع السياسيون على انبطاحه فيما مضى أمام “بوتين” ؟

هل تلتزم روسيا ؟

وأقرب مثال هو الاتفاق الروسي مع “واشنطن” على إقامة مناطق خفض التصعيد في “سوريا”؛ على أن تدعم “أميركا” بعض الفصائل المعارضة للرئيس السوري، “بشار الأسد”، وهو ما لم يحدث على أرض الواقع، إذ تخلى “ترامب” عن المعارضة السورية تمامًا وراح يمنح امتدادًا كبيرًا في سوريا للروس ويغض بصره عن التعهدات السابقة بضمان وقف إطلاق النار في هذا البلد، وهو ما لم يحدث إلا بعد تمهيد نيراني روسي كثيف من السماء أجبر الجميع على الرضوخ والاستسلام ومنح الأرض للجيش الروسي في سوريا !

وحتى في “أوكرانيا” لم تستطع “واشنطن” أن تحقق أي تقدم ملموس في التفاهمات التي جرى الحديث فيها قبل نحو عام بين “ترامب” و”بوتين”، إذ إن الرئيس الروسي في النهاية ينفذ ما يؤمن به لا ما يفرض عليه.. فهل تختلف تلك القمة عن اللقاءت السابقة ؟

ينظر المتابعون بترقب؛ ويبقى الانسحاب الإيراني من “سوريا” هو عنوان المرحلة، فهل تستطيع روسيا إخراج القوات الإيرانية من هناك ؟!

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة