خاص : كتبت – نشوى الحفني :
وسط مخاوف من عودة عوائل (داعش) وإندماجها في المجتمع العراقي، أفادت النائبة الإيزيدية السابقة في البرلمان العراقي، “فيان دخيل”، بأن مجموعة من عوائل (داعش): “تسربت”؛ عبر الحدود “العراقية-السورية”.
وقالت في بيان صحافي: “هل للحكومة أن تفسر لنا أسباب وظروف وكيفية تسرب ست من عوائل تنظيم (داعش) عند الحدود (العراقية-السورية) في وضح النهار؛ وبوجود قوات أمنية ترافقها، وهل لها أن تخبرنا عن أسمائها وإرتباطاتها وإلى أي وجهة ذهبت ؟”.
وأضافت أن: “الدفعة الأولى من 30 ألف فرد كانت تضم 100 عائلة، وصلت منها: 94 عائلة فقط إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى”.
وتساءلت “دخيل”: “هل تضمن الحكومة عدم تسرب عوائل أخرى من مخيم الجدعة وعدم تواصل عناصر (داعش) الموجودين داخل العراق مع عوائلهم التي وصلت معززة مكرمة إلى المخيم”.
رفض شعبي لعودتهم..
وسبق وأن أكد محافظ نينوى في العراق، “نجم الجبوري”، وجود رفض شعبي في المحافظة لعودة عوائل تنظيم (داعش) الإرهابي من مخيم (الهول) في “سوريا”.
وكانت الحكومة العراقية قد قررت، قبل أسابيع؛ إعادة 100 عائلة من عوائل تنظيم (داعش)؛ من مخيم (الهول) بسوريا.
وأكد النائب “حسن فدعم”، الجمعة، أن مخيم (الهول) في “سوريا”؛ يحتوي على 32 ألف شخص عراقي بين أطفال ونساء وأغلبهم من أسر الدواعش.
وقال “فدعم”، لـ (العهد نيوز): إن “بقاء هؤلاء في هذا المخيم تحت إشراف وإدارة (منظمة قسد)؛ فيه تداعيات كثيرة لأن (قسد) غير قادرة من الناحية المالية والإدارية على الاستمرار بإدارة المخيم”.
وأضاف، أن: “هناك أطراف دولية تحاول استخدام هذه الورقة، (مخيم الهول)، للضغط على العراق بطرق متعددة؛ منها تحريضهم وإحتضانهم والاستمرار بغسل أدمغتهم ليكونوا قنبلة موقوتة ضد العراق”.
قنابل موقوتة..
ويقول المستشار في المركز “الأوروبي” لدراسات مكافحة الإرهاب، الدكتور “عماد علو”؛ أن: “هناك نوع من الاعتراض في محافظة نينوى على عودة عوائل الدواعش إلى العراق، خصوصًا من المكون الإيزيدي، كون أن تنظيم (داعش)، ارتكب جرائم بحق سكان المحافظة، لكن عملية العودة جاءت من المجتمع الدولي لغرض إفراغ المخيم”.
وتابع “علو” بالقول: “المخيم يضم حوالي سبعين ألف شخص، بينهم ثلاثين ألف عراقي، وهناك عشرة آلاف من المتشددين الأجانب تم عزلهم، والباقين هم من السوريين، وشهد المخيم العديد من الجرائم التي قام بها (داعش)، وقد قام التحالف الدولي باعتقال أكثر من 125 قيادي داعشي في هذا المخيم”.
وأضاف “علو” قائلاً: “يشهد مخيم (الهول) نشاط لكتيبة الخنساء النسوية الداعشية المتشددة، التي ارتكبت العديد من الانتهاكات داخل المخيم بمعية القياديين الذين تم اعتقالهم، فالأطفال والنساء عاشوا في بيئة متشبعة بأفكار التنظيم الإرهابي، لذا يُعد هذا المخيم قلعة لتنظيم (داعش) الإرهابي، وهؤلاء الأطفال هم بمثابة قنابل موقوتة إذا لم يتم تأهيلهم”.
مغامرة غير محسوبة من الحكومة العراقية..
الباحث في الشؤون الأمنية، “سيروان مزوري”، حذر في حديث مع موقع (سكاي نيوز عربية)، من: “المغامرة غير المحسوبة”، التي تقوم بها الحكومة العراقية المركزية، كما أسماها.
ويضيف: “المسألة ليست في الوجه القانوني، فيما إذا كان لهؤلاء الناس أن يعودوا إلى بلدهم أم لا، وهو أمر محسوم ومن واجبات الدولة العراقية، لكن المسألة متعلقة بالإجراءات التي يجب على الحكومة اتخاذها فيما لو أقبلت على مثل هذه الإجراءات، وهي تقريبًا لم تفعل شيئًا باستثناء نقل هؤلاء الأشخاص”.
ويتابع: “المنطقة التي تم اختيارها لإعادة تثبيت المستقدمين هي الأسوأ على الإطلاق، فهي تقع ضمن المناطق المتنازع عليها، ومن المناطق القلقة التي ما زالت تشهد حضورًا لتنظيم (داعش)، الذي ستزداد شهيته للهجوم على تلك المنطقة لتحرير عائلات عناصرها”.
وينوه إلى أن: “الأخبار غير السارة جاءت منذ اليوم الأول للاستقدام، إذ أشارت صادر إلى أن 6 عائلات منهم على الأقل قد تسربت أثناء عملية النقل. كذلك لم توضح السلطات العراقية أية إجراءات قانونية ستقوم بها تجاه هؤلاء الناس، فعلى الأقل ثمة الآلاف منهم صمتوا وشاركوا في تلك الجرائم المرتكبة مع ذويهم المسلحين”.
إحتقان متبادل..
من جهتها؛ شرحت الناشطة والباحثة الاجتماعية، “رند الصباغ”، التي تجري منذ أشهر أبحاثًا عن عائلات مسلحي تنظيم (داعش) وما يحملونه من أفكار، الموقف المحتدم بين أبناء هذه العائلات والمجتمع.
وتقول: “بالضبط؛ كما يملك ذوو ضحايا تنظيم (داعش) إحتقانًا تجاه عائلات المسلحين، فإن هؤلاء الأخيرين يملكون شيئًا كثيرًا من ذلك تجاه المجتمع. فغير أنهم يكفرون المجتمع ويعتبرونه خارجًا عن أصول الدين، فإنهم يحملونه أيضًا اللوم في الأوضاع التي لحقت بهم طوال السنوات الماضية”.
وتضيف “صباغ”، المقيمة في مدينة “الموصل”: “ثمة إحباط كبير من جميع الجهات التي تساهم في تصعيد هذا الاستقطاب. فالحكومة المركزية ليس لديها أية برامج توعوية لإعادة الإندماج، كذلك فإن الأحزاب السياسية العراقية تستخدم خطابًا شعبويًا غير مسؤول، والتعليم في العراق في أسوأ أحواله، وطبعًا وسائل الإعلام غير مبالية تمامًا”.
الوضع القانوني مبهم !
وما يزيد الطين بلة، هو أن المتابعين للملف لا يعرفون الأسلوب الذي سيتصرف فيه القانون العراقي إزاء قيام بعض الأفراد بممارسة أعمال عنف تجاه الأشخاص الذين يحملونهم مسؤولية قتل أفراد من عائلاتهم أو اختطاف بعضهم الآخر.
فلم تُصدر السطات العراقية أية تشريعات واضحة في هذا الصدد، والقانون العراقي يمنح أحكام تخفيفية تصل لدرجة اعتبار الجريمة: “دفاعًا عن النفس”؛ في حال كان الفاعل أو المتعاونون معه قد: “مسوا كرامته”.
ضغوطات التحالف نقلتهم للعراق..
وكانت “لجنة الأمن والدفاع” النيابية؛ قد وصفت عودة أسر تنظيم (داعش) من مخيم (الهول) إلى محافظة “نينوى”؛ بالأمر: “الخطير”، مشيرة إلى وجود ضغوطات من “التحالف الدولي”، على الحكومة العراقية؛ لإعادة هذه العوائل إلى “العراق”.
وقال عضو اللجنة، “بدر الزيادي”، لشبكة (رووداو) الإعلامية؛ إنه: “سيتم نقل 100 عائلة، من مخيم (الهول) إلى محافظة نينوى”، عادًا قرار نقل هذه العوائل: “خطيرًا، وسيتسبب بمشاكل كبيرة للعراق”.
“الزيادي”؛ أضاف أن: “هذه العوائل تحمل أفكارًا إرهابية، وتم تدريسها على أفكار خبيثة”، عازيًا سبب نقلهم إلى “العراق”: لـ”ضغوطات قوات التحالف الدولي على الحكومة العراقية”.
عضو “لجنة الأمن والدفاع” النيابية، حذّر من أن: “تداعيات هذا القرار سلبية على الوضع في العراق بشكل عام”، لافتًا إلى أنه من: “المقرر وصول عوائل (داعش) من مخيم (الهول) إلى العراق، على شكل دفعات في وقت لاحق، وبالتالي فإن هذا الأمر سيلقي مسؤولية كبيرة سيبقى العراق يعاني منها”.
يُهدد النسيج الاجتماعي..
وكان النائب في البرلمان العراقي، “صائب خضر”، قد أشار إلى أن: “نقل عوائل تنظيم (داعش) من مخيم (الهول) السوري إلى مناطق في غرب نينوى يُعد قرارًا خطيرًا؛ ويهدد النسيج الاجتماعي في هذه المنطقة التي تضم تنوعًا قوميًا ودينيًا ومذهبيًا كبيرًا، وإن وجود مخيم لعوائل (داعش) سيهدد الاستقرار ويُعيد تنظيم خلايا (داعش) في هذه المناطق”.
“داعش” والموصل..
ويرى القسم الأكبر من إيزيديي “سنجار”؛ أن جلب عوائل الدواعش إلى هذا المخيم يُمثل تهديدًا مباشرًا لمنطقتهم، ويؤكد قسم من أهالي وذوي ضحايا (داعش)، أنهم يعرفون الدواعش الذين في مخيم (الهول)؛ ممن شاركوا في خطف وقتل الإزيديين.
يُذكر أنه، في صيف العام 2014، تم اختطاف: 6417 إيزيديًا من قبل مسلحي (داعش)، وهناك مخاوف من عودة (داعش) للظهور في سهل “نينوى”، مع عودة هذه العوائل الداعشية إلى المحافظة.
يُشار إلى أن معركة “الموصل”، أو كما أسماها رئيس الوزراء العراقي الأسبق، “حيدر العبادي”: “قادمون يا نينوى”، هو هجوم مشترك لقوات الأمن العراقية و(الحشد الشعبي) وقوات (البيشمركة) وقوات “التحالف الدولي”، لاستعادة السيطرة على مدينة “الموصل”، من تنظيم (داعش)، والذي يعتبر مدينة “الموصل” عاصمته.
بدأت الحرب البرية، في 16 تشرين أول/أكتوبر 2016، وكانت العملية تهدف إلى إنهاء وجود تنظيم (داعش)، في المدينة وإعادة المدينة إلى الإدارة العراقية.
وتم إعلان تحرير “الموصل”، في 10 تموز/يوليو 2017، بمشاركة حوالي 60 ألفًا من القوات الأمنية، وتمكنوا من قتل 25 ألف مسلح، وسط نزوح ما يُقارب مليون شخص من المدينة، فيما أعلن مجلس محافظة “نينوى” السابق؛ أن 80% من مدينة “الموصل”، قد دمرت بالكامل، كما نفذت طائرات “التحالف الدولي”، حوالي 20 ألف طلعة جوية قتل فيها حوالي خمسة آلاف مسلح.
وتُعد مدينة “الموصل”؛ ثاني أكبر مدينة في “العراق”، من حيث عدد السكان، سيطر عليها (داعش)، في حزيران/يوليو 2014، في معركة خاضها مع الجيش العراقي طالت يومين فقط، أعلن بعدها زعيم تنظيم (داعش) وقتها، “أبو بكر البغدادي”؛ إقامة “دولة الخلافة” في “جامع الموصل” الكبير، والتي تَشمل أراض واسعة من “سوريا” و”العراق”؛ متخذًا من “الموصل” عاصمة لهذه: “الدولة”.