عن علم سورية “الجديد” !

عن علم سورية “الجديد” !

خاص: بقلم- د. مالك خوري:

اتهمني البعض بالكذب وتزوير التاريخ بسبب وصفي علم “الثوار” السوريين بعلم الانتداب. لهذا كتبت هذا المقال لأساهم ولو بتواضع في رد بعض الاعتبار للحقيقة التي يتم تزويرها على قدمٍ وساق اليوم في منطقتنا العربية وعلى كل المستويات واستغلالًا لجهل الأجيال الجديدة لتاريخ بلادها:

العلم السوري الذي يتم تبّنيه اليوم من أكثرية الشارع السوري (وعلى الأرجح بعقلية المشّي وراء القطيع)؛ وكنتيجة مباشرة للحملات الإعلامية المنظمة والمنسَّقة والدعومة من دول حلف الناتو والإخوان والإعلام الإخواني الخليجي، هو العلم السوري الذي تم إقراره في أيام الانتداب الفرنسي وقبل استقلال سورية. وصحيح أن العلم نفسه بقي علمًا لسورية لعِقدٍ ونصف بعد الاستقلال، لكنه في الأصل تم تبنّيه بموجب مرسوم للمندوب السامي الفرنسي صدر عام 1930 (أي أكثر من عِقدٍ ونصف قبل استقلال سورية عن فرنسا).

وبالمناسبة؛ فإن نجوم هذا العلم الثلاث كانت في الأصل ترمز لمِا كان الفرنسيون يُحاولون اللعب عليه واستغلاله لتكريس تفكير الانتماء للوطن من خلال الطائفة كبديل لانتماء المواطن للوطن (المواطنة). ولا ننسّى كيف قام حاكم العراق بريمر بعد الاحتلال الأميركي للعراق بمحاولة فرض علم مشَّابه في روحيته التقسيمية على عراق ما بعد صدام حسين.

في ثلاثينات القرن العشرين حاول الاستعمار الفرنسي تكريس روحية الانتماء الطائفي التي أشرنا إليها كبديل للانتماء، أو على الأقل لإضعاف الانتماء الوطني السوري والعربي الأوسع. والهدف كان دائمًا التغذية المستمرة للانقسام الديموغرافي في المجتمع السوري الشديد التنوع، كي يسَّهل تطويع الأمة السورية ككل ولجمها عن العمل الوطني الموحد ضد المصالح الاستعمارية في المنطقة.

وفي حينه حاولت فرنسا اللعب على التحريض على النظر إلى الشعب السوري كمجموعة طوائف، قوامها الأساس السَّنة في دمشق وحلب، العلويون في الساحل، والدروز في الجنوب… أي “وحدة وطنية” أشبه بوحدة “اللحم بعجين” كما يصف زياد الرحباني واقع وحدة التكاذب المشترك في لبنان !

طبعًا الشعب السوري بالنهاية هو الذي يُقرر مسّار بلاده وشكل علمها، لكن قول الحقيقة يبقى واجبًا لمن يحترم الشعب السوري ويحترم الحقائق التاريخية لهذا الشعب العربي المناضل.

أما الكذب وتزوير التاريخ والحقائق، فهي من اختصاص وشيَّم الإخوان والإعلام الإمبريالي والخليجي وليس من شيّمنا.

وفي ما يتعلق بالعلم السوري الذي قرر الناتو والإخوان خلع رمزيته عن سورية، فلا بُدّ من عودة خاصة لفهم أهميته الوجدانية والتاريخية الوطنية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة