عنصرية فاضحة .. دراسة ميدانية تكشف: كيف تشوه الصحافة الأميركية صورة المسلمين !

عنصرية فاضحة .. دراسة ميدانية تكشف: كيف تشوه الصحافة الأميركية صورة المسلمين !

وكالات – كتابات :

يتعارض الترحيب الحار الذي منحه الأميركيون والأوروبيون؛ للأوكرانيين عام 2022، مع السياسات المتفاوتة، بل العدائية في كثير من الأحيان، تجاه اللاجئين السوريين في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

وهذا ما دفع عالم السياسة؛ “ديفيد لايتين”، إلى الإشارة للدور الذي تؤديه الهويات الدينية في هذه الديناميكية. فقد قال “ديفيد”؛ في المقابلة التي أُجريت معه مؤخرًا، إن اللاجئين السوريين: “كانوا في الغالب مسلمين، وواجهوا درجات أعلى من التمييز مقارنةً بالأوكرانيين؛ الذين ينحدر معظمهم من أصول مسيحية”.

هذا ما يُسلِّط عليه الضوء كل من: “إيريك بليتش”، البروفيسور في علم السياسة، و”موريتس فان دير فيين”، البروفيسور في قسم الحكومة في كلية “وليام آند ماري”، في تقريرهما الذي نشره موقع (ذا كونفرزيشن) الأسترالي، والمستقى من كتابهما الصادر عام 2022؛ تحت عنوان: (تغطية أحوال المسلمين: الصحف الأميركية من منظور دراسة مقارنة) أو (Covering Muslims: American Newspapers in Comparative Perspective).

ويبدأ الكاتبان تقريرهما بالقول إن وسائل الإعلام تُبث المعلومات بطريقة تُشكل مثل هذه المواقف التمييزية ضد المسلمين. فقد وجد استطلاع أجراه مركز (بيو) للأبحاث عام 2007؛ لآراء الأميركيين أن آراء الناس السلبية تجاه المسلمين تتأثر في الغالب بما سمعوه أو قرأوه في وسائل الإعلام. وأظهرت باحثة الاتصالات؛ “منيبة سليم”، وزملاؤها تلك الصلة بين المعلومات التي يُبثها الإعلام و”المعتقدات النمطية والمشاعر السلبية، ودعم السياسات المجحفة” تجاه المسلمين الأميركيين.

يقول الكاتبان: ولفهم تطور التصوير الإعلامي للمسلمين والإسلام على نحوٍ أفضل، تتبع كتابنا: (تغطية أحوال المسلمين: الصحف الأميركية من منظور دراسة مقارنة)؛ أسلوب مئات الآلاف من المقالات على مدى عقود. ووجدنا كثيرًا من التغطيات السلبية ليس فقط في “الولايات المتحدة”، بل في: “المملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا”.

التغطية السلبية حول المسلمين..

يُلفت التقرير إلى أن الأبحاث السابقة وجدت تغطيات إعلامية سلبية واسعة النطاق حول المسلمين. واستنتج الاستعراض العام للدراسات؛ التي أجريت في الأعوام بين: 2000 حتى 2015، والذي قام به عالما الاتصالات: “سيف الدين أحمد” و”جورج ماتياس”، أنه جرى تأطير المسلمين سلبيًّا في وسائل الإعلام، وأنه كثيرًا ما يُنظر إلى الإسلام على أنه دين عنف.

إلا أن الدراسات التي راجعوها تركت سؤالين مُلحَّين نُحاول الإجابة عنهما في بحثنا. الأول: هل تتضمن المقالات التي تتحدث عن الإسلام والمسلمين تمثيلات سلبية أكثر مما تفعل مقالات الصحف العادية ؟.. والثاني: هل التصوير الإعلامي للمسلمين أكثر سلبية من المقالات التي تتحدث عن الأقليات الأخرى ؟

لو كانت الأخبار المتعلقة بالأقليات الدينية تصل إلى نشرات الأخبار فقط؛ عندما تكون تلك الأقليات متورطة في الصراع بطريقة أو أخرى، فربما تحمل نبرة سلبية لأسباب لا تخص بالمسلمين.

النتائج..

يوضح الكاتبان أنهما من أجل الإجابة على هذه الأسئلة؛ قد استخدما قواعد البيانات الإعلامية من شركات مثل: (لكسيس نيكسيس)، و(نكسيس يوني)، و(بوكويست)، و(فاكتيفا)، لتحميل: 256 ألفًا و963 مقالًا عن الإسلام والمسلمين، ونُطلق عليها اختصارًا: “مقالات المسلمين”، من: 17 صحيفة وطنية وإقليمية وشعبية في “الولايات المتحدة”؛ على مدار 21 عامًا، من 01 كانون ثان/يناير 1996 إلى 31 كانون أول/ديسمبر 2016.

وقد طوَّر الباحثان طريقة موثوقة لقياس إيجابية الأخبار وسلبيتها عبر مقارنتها بنبرة عينة عشوائية مكونة من: 48 ألفًا و283 مقالة حول موضوعات أُخذِت من مجموعة واسعة من الصحف. وتعني القيمة السلبية على هذا المقياس أن الخبر سلبي مقارنة بالمقالة الصحافية العادية.

وقدَّم هذا النهج أيضًا أساسًا لمقارنات أخرى إضافية. وقد جمعا مجموعات من المقالات من الصحف الأميركية لا تتعلق فقط بالمسلمين، بل تتعلق أيضًا بالكاثوليك، واليهود، والهندوس، كلٍ على حدة، وهي ثلاث مجموعات دينية من الأقليات التي تختلف في الحجم والمكانة في “الولايات المتحدة”. ثم جمعا أخبارًا تتعلق بالمسلمين من مجموعة واسعة من الصحف البريطانية، والكندية، والأسترالية.

والاستنتاج الرئيس الذي توصلا إليه أن المقالة التي تذكر الإسلام أو المسلمين في “الولايات المتحدة” أكثر سلبية من: 84% من المقالات في العينة العشوائية. وهذا يعني أن على الشخص أن يقرأ ست مقالات في الصحف الأميركية للعثور على مقالة سلبية بالدرجة التي كانت عليها مقالة عادية تتحدث عن المسلمين.

ولإعطائك فكرة ملموسة عن مدى سلبية المقالات التقليدية حول الإسلام، فكر في الجملة التالية التي تحمل نفس النبرة المتداولة في المقالة العادية عن المسلمين: “ثم حمل عملاء سرِّيون الروسَ على الإعتقاد أن المواد المشعِّة كانت ستُسلَّم إلى منظمة إسلامية”. إن هذه الجملة تحتوي على كلمتين سلبيتين جدًّا وهما (سرِّيون ومواد مشعِّة)، وهو ما يُعطي انطباعًا أن هناك أهداف عدوانية تُضمرها المنظمة الإسلامية.

كما أن المقالات التي تناولت المسلمين كانت عادةً أكثر سلبية من الأخبار التي مسَّت أية مجموعة أخرى خضعت للفحص عن طريق بحثنا. وفيما يخص الكاثوليك، واليهود، والهندوس، كانت نسبة المقالات الإيجابية إلى السلبية قريبة من: 50 – 50. بينما كان: 80% من جميع المقالات المتعلقة بالمسلمين سلبية.

المقالات الإخبارية الأميركية السلبية حسب الدين !

رسم يوضح ما توصلت إليه المراجعة التي قارنت مقالات: 17 صحيفة، التي تُشير إلى أربع ديانات عالمية على مدى: 30 عامًا من أن الغالبية العظمى من الإشارات إلى الإسلام والمسلمين كانت سلبية. ويوضح كل شريط النسبة المئوية للمقالات الإخبارية التي أشارت إلى أن الدين كان سلبيًّا.

يقول الكاتبان إن التفاوت في النِّسب كان مذهلًا. ويُظهِر بحثهما أن وسائل الإعلام لا تميل لنشر أخبار سلبية عندما يكتبون عن ديانات الأقليات الأخرى، لكن من المُرجح جدًّا أن يفعلوا ذلك عندما يكتبون عن المسلمين.

وإلى جانب مقارنة التغطيات ضمن المجموعات الدينية المختلفة، اهتما أيضًا بمقارنة التغطيات في دول مختلفة. فربما تكون “الولايات المتحدة” فريدة في حدة تغطيتها السلبية حول المسلمين. ولمعرفة ذلك، جمع الباحثان: 528 ألفًا و444 مقالة تُشير إلى الإسلام والمسلمين في الفترة الزمنية نفسها من مجموعة صحف في “المملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا”.

ووجدا أن نسبة المقالات السلبية إلى الإيجابية في هذه البلدان كانت تقريبًا مماثلة تمامًا لتلك الموجودة في “الولايات المتحدة”.

رسم يوضح أن النسبة المئوية للأخبار السلبية في: “المملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا” كانت مماثلة تقريبًا للنسبة في “الولايات المتحدة”

تداعيات التغطية السلبية للمسلمين في الإعلام..

يُشير الكاتبان إلى أن العديد من الباحثين قد أوضحوا أن الأخبار السلبية تولد مواقف أقل إيجابية تجاه المسلمين. كما وجدت دراسات أخرى بحثت في تأثير المعلومات السلبية حول المسلمين أن هناك زيادة في دعم السياسات التي تُضر بالمسلمين، مثل المراقبة السرية للأميركيين المسلمين أو استخدام الهجمات بطائرات من دون طيار في الدول الإسلامية.

كما وجدت دراسات استقصائية حول الشباب الأميركيين المسلمين أن التغطية الإعلامية السلبية أدَّت إلى إضعاف هويتهم بصفتهم أميركيين وانخفاض الثقة في الحكومة الأميركية.

ويختم الكاتبان بالقول: نعتقد أن الاعتراف بالسلبية الممنهجة في التغطية الإعلامية للإسلام والمسلمين ومعالجتها أمر أساس لمواجهة التشويه واسع الانتشار. وهذا بدوره قد يخلق فرصًا لسياسات أكثر إنسانية وعدلًا للجميع بغض النظر عن ديانتهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة