25 أبريل، 2024 7:30 م
Search
Close this search box.

عندما يدعونك باسم “النيجرو أو الزنجي” .. السودانيين في مصر سجناء العنصرية

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – لميس السيد :

“أنتم كلاب وحيونات ولا ترقوا لأن تكونوا بني أدميين”.. هكذا صاح عماد حمدي، صاحب متجر مصري أمام مركز تعليمي للأطفال السودانيين في منطقة عين شمس شمال العاصمة المصرية القاهرة، وفقاً لما ذكر مدير المركز، “ماركو دنغ” في حواره لصحيفة “ميدل ايست أي” البريطانية.

وأشار “دنغ” إلى يوم في شهر شباط/فبراير المروع الذي قتل فيه صديقه السوداني ومعلمه التطوعي، “غابرييل توت” البالغ من العمر 50 عاماً، على يد “حمدي”، لمجرد لون بشرته، وفقاً لشهادته لزملائه.

ولم يشهد “دنغ” الحادث نفسه، لكنه استعرض الجريمة على شريط مراقبة لمركز التعليم، الذي قدم لاحقاً إلى السلطات المصرية.

جريمة قتل بمذاق “العنصرية”..

يقول دنغ، البالغ من العمر 39 عاماُ: “رد غابرييل على إهانة حمدي، قائلاً: نحن بشر”. ثم تصاعدت المشاجرة وردد حمدي في وجه توت قائلا: “لن تعود إلى دياركم اليوم”.

كان “حمدي” مقتنعاً بمغادرة مقر المدرسة بمساعدة أحد الجيران الذين تدخلوا لفض الإشتباك، لكنه عاد يحمل قضيب معدني. وعندما كان “توت” يسير خارج المركز التعليمي، ضربه “حمدي” على رأسه بالقضيب الصلب قبل أن يفر من مكان الحادث.

“كان الشارع مليئاً بدم توت. ونقلناه إلى المستشفى، لكنه توفي قبل وصولنا إلى المستشفى”. متابعاً: “غابرييل رجل طيب، ملئ بالحب، الجميع يحبه سواء كانوا سودانيين أم غيرهم، وكان رجلاً أفضل مني”.

ترك توت خلفه زوجة وصبيين. وقد انتقلوا من السودان إلى مصر في عام 2005، وخوفاً على  سلامتهم أو أي نوع من الانتقام، بعد وقت قصير من الحادث تركت عائلة توت منطقة عين شمس ورفضت التحدث إلى وسائل الإعلام منذ ذلك الحين.

تأسس “مركز تعليم الأطفال السوداني”، التابع لليونيسيف، في منطقة عين شمس في عام 2007. وتستضيف المنطقة آلاف الأفارقة الذين يعيشون في مصر كلاجئين مسجلين رسمياً، كما أن “دنغ” لديه خبرة مباشرة بالعنصرية التي يواجهونها.

“إخوة من قارة واحدة”..

بالإضافة إلى كونه مسؤولاً، هو أيضاً، كان كاهناً بجنوب السودان وعضو في الكنيسة “الأنجليكانية السودانية” في مصر. وعندما اندلعت الحرب الأهلية في أرضه، هرب إلى مصر في عام 2000.

ويقول دنغ: “ان دولاً آخرى مثل كينيا وإثيوبيا واوغندا والكونغو قريبة مني.. لكننا قررنا القدوم إلى مصر لأننا نحبها”.

ومع ذلك، فإن الحب الذي لديه للبلاد لا يمكن أن يحميهم من العنصرية.

حينما تحدث “دنغ” عن وضع اللاجئين، أعرب عن حزنه إزاء عدم الترحيب باللاجئين الأفارقة مثل الجنسيات الأخرى من “السوريين” أو غيرهم من “البيض” ذوات البشرة البيضاء.

ووفقا للمتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فإن مصر هي موطن 202,209 لاجئ وطالب لجوء اعتباراً من شباط/فبراير 2017.

وقال “طارق أرجاز”، المتحدث باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إن هذه الأرقام تشمل 82,055 من إفارقة جنوب الصحراء الكبرى، منهم 34671 من السودانيين.

وبحسب “أرجاز”، كانت هناك شكاوى من الطائفتين السودانية والإثيوبية حيث تعرضا للإهانات اللفظية، لكنه أشار إليهما على أنهما: “ممارسات فردية وليست ممارسات منهجية”.

من ناحية أخرى، قال “عبد اللطيف فاروق”، الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، إن مثل هذه الحوادث يمكن إلقاء اللوم فيها على “إرث العنصرية الذي يعيشه بعض الناس”. مضيفاً: “بعض الناس هم سجناء لثقافة عنصرية موروثة من جيل إلى آخر. وسوف نتخلص من ذلك فقط بتعليم وتوعية أفضل”.

“كانوا جميعاً يضحكون من آلامنا”..

كانت هناك حالات عنف أكثر وحشية، حيث أنه خلال شهر آذار/مارس الماضي، واجه طالب القانون السوداني “لويس أغوك” هجوماً من كلب شرس تركه ممزق عاطفياً وجسدياً.

ويقول “أغوك”، في منزله بضاحية المعادي بالقاهرة: “كنت أصرخ من الألم وأطلب المساعدة من المارة ولكن لا أحد يهتم”.

كان هناك إجماع على الضحك أثناء مشاهدتهم للهجوم. واضاف: “انهم جميعاً ضحكوا على آلامنا ومعاناتنا”.

“أغوك” يدرس القانون في جامعة القاهرة، لمدة ثلاث سنوات، ويعيش مع أربعة زملاء آخرين من السودانيين. وعلى الرغم من أنه كان قد تعرض للتهديدات العنصرية والسخرية في الماضي، فإن ما حدث له في 24 آذار/مارس الماضي كان شيئاً لم يكن يتوقعه قط.

وخلال بطولة “كأس الامم الإفريقية” في شباط/فبراير الماضي، قال اغوك ان حياته تحولت إلى كابوس، لان الفريق المصري كان يتنافس ضد الفريق الإفريقي.

“الناس يعتبروننا إفارقة بشكل عام، لا يهم إذا كنا سودانيين عندما يخسرون أمام الغانيين. كلنا سود البشرة”.

تمكن اغوك من تجنب المواجهة عندما خسرت مصر المباراة النهائية امام الكاميرون بنتيجة (1/2).

“وعندما اقتربنا من نهاية المباراة بخسارة مصر في مواجهة الكاميرون بهدف واحد، قررنا مغادرة المقهى”.

“نحن عرب لا افارقة”..

عندما كانت مصر تحت حكم الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر”، كانت إفريقيا في قلب الدبلوماسية المصرية. وكان “السودان” على وجه التحديد خاضعاً لحكم مشترك بين مصر وبريطانيا منذ عام 1899، حتى اكتسب استقلاله في عام 1956.

وفي عام 1963، كانت مصر عضواً مؤسساً لـ”منظمة الوحدة الإفريقية”، التي تطورت فيما بعد لتصبح “الاتحاد الإفريقي”.

ومع مرور الوقت، تضاءلت انتماءات مصر تجاه إفريقيا وتغيرت الطريقة التي ينظر بها المصريون حول ذلك.

وأثناء عودته إلى المعادي، يرى “محمود” الذي يبلغ من العمر 16 عاماً، وهو طالب في المدرسة الثانوية، فضل عدم الكشف عن اسمه الأخير، أنه عربي. “نحن مصريون عرب.. ولا اعرف شيئاً عن إفريقيا”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب