10 مارس، 2024 4:56 م
Search
Close this search box.

عندما تستخدم الأنظمة العربية “وسطية الإسلام”.. لإسترضاء الأقوياء

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – لميس السيد :

خلال شهر كانون ثان/يناير 2016، تجمع الأئمة المسلمون من حول العالم في المغرب لوضع مسودة “إعلان مراكش” حول التسامح الديني، ورداً على وحشية تنظيم داعش، إلا أنه لم يكن مجرد “مسودة رسمية من مناقشات الإسلام الوسطي لمكافحة الفساد”، بل يقوده أهداف سياسية دولية ومحلية، وفقاً لما رأت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.

البعٌد السياسي لـ”الوسطية”
“لا نستطيع أن نجزم بمعنى حقيقي متفق عليه لما يسمى بـ”الإسلام الوسطي”، حيث أن أغلبية الحكومات المسلمة في العالم التي تطمح لوصف “الوسطية”، عليها أن ترضخ لأمر أجندات الولايات المتحدة. ولذلك فإن تعريف الإسلام الوسطي، يختلف وفقاً لأهداف الولايات المتحدة”.

تقول الصحيفة الأميركية ان مصر اكتسبت لقب “الوسطية”، غير الرسمي، في عام 1979، بعدما ناقشت معاهدات السلام مع إسرائيل، ثم اكتسبته الأردن والرياض في عام 1994.

ومنذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر، بدأ معنى الوسطية يعني “نبذ العنف”، ولاقى التعريف إنتقادات عديدة من قبل المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، حيث رأوا أن الدين لا يستطيع تقديم حلاً للتطرف العنيف وانه ينبع من رغبات الشباب في إشباع رغبة الإثارة والشعور بالتميز وليس نابعاً من المعتقد الديني.

ومن ناحية اخرى يرى “الإسلاموفوبيين”، أن الإسلام المعتدل “غير مجدي” لأن الدين لا يمكن إخضاعه للإشراف. وكثيراً من المسلمين ينتقدون مفهوم أن الإيمان في حاجة إلى الإعتدال في كل شيء وربطه ضمنياً بالعنف.

مفهوم غامض وتلاعب ساسة
ساعد غموض ذلك المفهوم في إستخدام الأنظمة العربية له، بغية تحقيق أجنداتهم في الداخل والخارج، من خلال الإستثمار في إفتراضات قدرة الإسلام الوسطي على إيجاد حلولاً للعنف ومن ثم تتجنب الحكومة مسؤولية تبعات هذه السياسات. ومن خلال الإستثمار في نظرية أن الدين هو من يلام في أحداث التطرف، فإن النخبة السياسية بهذا تصبح قادرة على تبرير قمع الجماعات الإسلامية التي تمثل غالباً واحد من المنافذ القليلة للمعارضة السياسية. كما رأى تقرير الصحيفة الأميركية.

في ذلك الصدد، قامت الإمارات العربية بإبراز خطاب “الوسطية الإسلامية” من خلال المشاركة في رعاية “إعلان مراكش” وتأسيس “منتدى ترقية السلام في المجتمعات المسلمة” عام 2014، وتعيين وزيراً للتسامح في عام 2016. وبالتالي، نبذت دولة الإمارات جماعة “الإخوان المسلمين” واعتبرتها إرهابية في عام 2014، وهي خطوة من المنتظر ان تقبل عليها أميركا قريباً أيضاً. ولذلك فإن “إعلان النظام الإماراتي محاولته لتمثيل الإسلام الوسطي يمنحه حق إعتبار أي بدائل إسلامية أخرى “متطرفة”، ويجعل الولايات المتحدة تتجاهل تجاوزات حقوق الإنسان وتستمر في الدعم المادي والعسكري لشريكها العربي”.

وعن المغرب.. تعتبر أكثر دول عربية طورت مفهوم “الإسلام الوسطي” من خلال إنشاء معهد عالمي لتدريب الأئمة والدعاة بتوجيه من الملك “محمد السادس” في عام 2015، وايضاً إطلاق الملك مبادرة تدريب السيدات على أن يصبحن قائدات إسلاميات، حتى أن دول مثل “مالي” و”فرنسا” و”ساحل العاج” ارسلت بعثات للمشاركة في مبادرات “الإسلام المغربي”.

وبالرغم من انها مسألة تشغل إهتمام قطاع كبير، إلا أن “التطرف العنيف” لا يهدد الأنظمة الحاكمة بقدر ما هدته ثورات الربيع العربي في عام 2011.

وبناءاً على هذا، حاولت “المغرب” إعلاء مبادئها حول الإسلام الوسطي لتشتيت الإنتباه بعيداً عن فقر الإصلاح السياسي في الداخل.

وبالمثل.. حاولت “الأردن” أن تضع نفسها ضمن المهتمين بالإسلام الوسطي، حيث قامت برعاية “مبادرة التشابه بين المسيحية والإسلام” وناضلت من أجل تدشين “أسبوع الوئام العالمي بين الأديان”.

وتؤكد الكتب وخطابات المساجد وتصريحات وزارة الشؤون الدينية الأردنية على أن الإسلام هو “الدين المعتدل”. ولذلك فإن أي إستخدام للخطاب الديني بغرض العنف يجعله خطاب “غير إسلامي”.

وتلفت “واشنطن بوست”، إلى أن من وجهة نظر المعارضين لنظرية “الإسلام الوسطي”، فإن الإسلام فعلياً ديناً وسطي ومحاولات جعله وسطي “غير مجدية” والتركيز على ذلك المفهوم هو محاولة لإسترضاء الحلفاء الأقوياء مثل الولايات المتحدة.

فمن وجهة نظر المملكة الأردنية على سبيل المثال، ترى أن وسيلتها للبقاء على قيد الحياة هو من خلال إستراتيجية إسترضاء الحلفاء، حيث أن مجابهة الحرب على حدودها مع سوريا والعراق، وتكبدها مشكلات ملايين اللاجئين والنازحين، يستلزم الحفاظ على علاقة طيبة مع الحكومات الغربية التي تتوسم في الأردن “وسطية الإسلام”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب