25 أكتوبر، 2024 6:27 م
Search
Close this search box.

عملة “بريكس” .. هل تنهي هيمنة الدولار وهل يمكن تطبيقها ؟

عملة “بريكس” .. هل تنهي هيمنة الدولار وهل يمكن تطبيقها ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في خطوة نحو التخلص من الهيمنة الدولارية التي فرضت سطوتها على العالم؛ كشف الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، خلال قمة (بريكس)، التي انعقدت في مدينة “قازان” الروسية، في الفترة من 22 حتى 24 من تشرين أول/أكتوبر الجاري، عن ورقة نقدية رمزية تُحاكي عُملة المجموعة، تتضمّن رسومًا تُشير إلى العمل المشترك في إطار المجموعة.

وترمز الورقة النقدية التي تحمل أعلام “البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا”، إلى الطموحات الجماعية لهذه الدول، في إطار استكشاف بدائل لـ”الدولار الأميركي” في المعاملات عبر الحدود.

وظنت “الولايات المتحدة الأميركية”؛ ومعها الجانب الغربي من “مجموعة السبع” الصناعية الكبرى، أن ظهور عُملة بديلة للدولار ما يزال حُلمًا بعيد المنال حتى لو الدب الروسي لوح بها أمام شاشات الفضائيات في رسالة رمزية وقاسية أن عُملة الـ (بريكس) الموحدة  ظهورها مسألة وقت لا أكثر وأن الرغبة في التخلص من هيمنة الدولار التي استمرت عقودًا طويلة إلى زوال.

بدأ الغرب يقلق بشدة مع إصرار أعضاء (بريكس) في التخلص من سطوة الوحش الأميركي بعُملة بديلة يستخدمها نصف كوكب الأرض بكل ما تحمله اقتصادياتها من موارد وقوة وثروات وخطوط ملاحة وصناعة وزراعة لينقلب السحر على الساحر الأميركي الذي استغل عُملته في توزيع العقوبات على الدول المعارضة لسياساته الاقتصادية وتحول العُملة الأميركية إلى أداة تأديب لكثير من الدول وفي مقدمتها “الصين وروسيا”.

كل التقارير والتصريحات القادمة من قمة (بريكس)؛ التي انتهت فعالياتها أمس، تؤكد أن هناك رغبة أكيدة في محاربة الدولار على أكثر من صعيد الأول اعتماد العُملات الوطنية للدول الأعضاء في التبادل التجاري فيما بينها؛ ومن ناحية أخرى التجهيز لإصدار عُملة موحدة يجري دراسة العوامل الفنية والتقنية لإصدارها ما يعني أن الدولار سوف ينتهي قريبًا كعُملة أساسية في التجارة الدولية وفي احتياطيات الدول وسوف يفقد أنيابه التي طالما افترس بها الدول المخالفة لسياساته.

ويتطلب إصدار عُملة موحدة مثل هذا الإجراء إنشاء بنك مركزي للمجموعة، والذي سيقوم بدوره بطرح هذه العُملة للدول الأعضاء، وما يتضمنه ذلك من اتفاقات بين الدول الأعضاء وإجراءات مالية.

توحيد إطار قانوني..

وهو ما أكده الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، بنفسه حين قال إن دول مجموعة (بريكس) بصًدد الكشف عن عُملتها الموحدة، لكن لن يتم تطبيقها خلال القريب العاجل نظرًا لأن هناك مفاوضات بين دول مجموعة الـ (بريكس) على الانتهاء على توحيد الإطار القانوني في المقام الأول بعدما أعلنت مجموعة (بريكس) توسيع عضويتها بالموافقة على انضمام (10): “دول شريكة” جديدة في البيان الختامي للقمة في “قازان”.

وأشار البيان الختامي لقمة (بريكس) إلى أهمية تبّني نظام  دفع بديل يستطيع تمويل المعاملات بين بلدان مجموعة (بريكس). ولم يتم ذكر الدولار.

وجاء في البيان: “اتفقنا على مناقشة ودراسة جدوى لإقامة بُنية تحتية مستقلة للتسوية والإيداع عبر الحدود، تسُّمى (بريكس كلير)، وهي مبادرة تستكمل البُنية التحتية الحالية للسوق المالية، فضلاً عن قدرة إعادة التأمين المستقلة في مجموعة (بريكس)”.

وانتهى البيان الختامي لـ (بريكس) بتكليف وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية، بحسب الحالة، بمواصلة النظر في قضية العُملات المحلية وأدوات الدفع والمنصات وتقديم تقرير لنا بحلول الرئاسة المقبلة.

فكرة قابلة للتنفيذ..

تعليقًا على تلك الفكرة؛ قال الخبير الاقتصادي الدكتور “السيد خضر”، إن فكرة إنشاء عُملة موحدة لدول تجمع (بريكس) قابلة للتنفيذ، لكنها تحتاج المزيد من الوقت، مشيرًا إلى وجود مقترحات تدعو إلى العودة لاستخدام العُملات المحلية بعد هيمنة “الدولار” على الأسواق العالمية لعقود.

وقال “خضر”؛ لموقع (24) الإماراتي؛ إن “مصر” من بين الدول التي تأثرت كثيرًا بالتوترات السياسية، والتي دفعت الأسعار العالمية إلى الارتفاع، وكذلك ارتفاع عُملة “الدولار” الأميركية مقابل “الجنيه المصري”، مشيرًا إلى أن تبادل السلع بالعُملات المحلية سيكون مفيدًا للغاية بالنسبة لـ”مصر” والدول الأخرى ضمن تجمع (بريكس).

وأشار “خضر” إلى أن استخدام العُملات المحلية لن يقضي على “الدولار”، لأن “الولايات المتحدة” لن تصمت على ذلك، وإنما سيكون هناك نوعًا من تقليل الضغط على العُملات المحلية في مواجهة “الدولار”.

وتوقع الخبير الاقتصادي نجاح تجمع الـ (بريكس) بتنفيذ هذه الفكرة، خاصة وإن “الصين”؛ من أهم دول العالم المصدرة للمواد الخام، ولا يمكن الوقوف أمامها، خاصة من قبل “الولايات المتحدة”، بسبب كثرة عدد الشركات الأميركية المستثمرة في “الصين”.

فكرة لإنشاء نظام مالي بديل..

من جانبه؛ قال “وليد عادل”، الخبير المصرفي، إن عُملة (بريكس) التي يتحدث عنها العالم، ليست عُملة فعلية مطبوعة مثل العمُلات التقليدية الأخرى المُتداولة، بل هي فكرة لإنشاء نظام مالي بديل يُركز على المُعاملات التجارية بين دول الـ (بريكس)، وتتجلى هذه الفكرة في شكل عُملة رقمية، أو نظام مُقايضة متقدم يستخدم تكنولوجيا الـ (بلوكتشين)، وهو نظام خاص بتداول العُملات الرقمية، لتبسّيط وتسريع حركة الأموال عبر الحدود.

وأضاف “عادل”؛ في تصريحات خاصة لصحيفة (الوطن) المصرية، أن عُملة (بريكس)، أو النظام المالي الخاص بهم يمكن أن يتم بعدة طرق:

– من الممكن أن تستخدم الدول العُملات المحلية للتحويل إلى وحدة حساب مشترك تسّتند إلى سلة من العُملات من دول الـ (بريكس).

– يمكن إطلاق عُملة رقمية مشتركة بين دول مجموعة الـ (بريكس)، مما يُسهل المُعاملات عبر تقنية الـ (بلوكتشين)؛ النظام الخاص بتداول العُملات الرقمية.

– نظام تسوية خاص بين البنوك المركزية لتسهيل المدفوعات والتجارة بين هذه الدول باستخدام عُملة الـ (بريكس).

التعامل بعُملة الـ”بريكس”..

وأوضح “عادل”؛ أنه في حالة الاتفاق والتوصل إلى إصدار عٌملة (بريكس)، من المُحتمل أن يقتصر استخدام عُملة الـ (بريكس) أو النظام المالي المقترح على الدول الأعضاء لضمان فعالية السياسة النقدية والمالية، وتعزيز العلاقات الاقتصادية بينها، وإذا أثبتت هذه العُملة أو النظام نجاحه فمن المُمكن أن يمتد استخدامها ليشمل دول وشركاء تجاريين آخرين لتقليل اعتمادهم على “الدولار الأميركي”.

فوائد إصدار عُملة “بريكس”..

01 – تقليل الاعتماد على “الدولار” مما يُحرر اقتصادات هذه الدول من التقلبات الحادة التي قد تواجهها بسبب سياسات “الولايات المتحدة” النقدية.

02 – تعزيز السيّادة الاقتصادية، والقُدرة على تنظيم السياسات المالية والنقدية بشكلٍ مستقل وأكثر مرونة.

03 – تشجيع التجارة البينّية تبسيط عمليات التبادل التجاري وزيادة التفاعل الاقتصادي بين الدول الأعضاء.

تحديات إصدار عُملة “بريكس”..

01 – التنفيذ:

تحتاج الدول إلى توافق سياسي واقتصادي لضمان فعالية عُملة (بريكس)، وهذا قد يكون معقدًا بسبب اختلاف السياسات الداخلية.

02 – التكنولوجيا والأمان:

حيث يجب ضمان أن النظام المقترح آمن بما يكفي لحماية المُعاملات من الهجمات السيبرانية.

03 – القبول العالمي:

إقناع المجتمع الدولي بموثوقية العُملة الجديدة؛ واستخدامها خارج حدود دول (بريكس).

وأشار “عادل”، إلى أن عُملة الـ (بريكس)؛ سواء كفكرة أو وحدة حساب، تُمثل تحديًا وفرصة لدول الأعضاء لتشكيل نظام اقتصادي مُتكامل ومُستقل نسبيًا عن القوى الاقتصادية التقليدية؛ ونجاح هذه المبادرة يعتمد بشكلٍ كبير على القدرة على تطبيق تقنيات حديثة، وإيجاد توافق بين الدول الأعضاء لتحقيق الأهداف المُشتركة، وقد يتطلب ذلك سنوات من التعاون المُستمر والابتكار التكنولوجي والسياسي لتحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي.

تجربة مصرية سابقة..

وقال الدكتور “وليد جاب الله”؛ الخبير الإقتصادي وعضو “الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع”، إن “مصر” طبقت سابقًا التبادل التجاري بالعُملات المحلية، حيث كان هناك اتفاق بين “مصر والصين” بتبادل العُملات المحلية، كما كان هناك تعامل مع “الاتحاد السوفياتي” في الماضي، بعيدًا عن “الدولار”.

تنظيم آلية التبادل بين الدول..

وأضاف “جاب الله”؛ في تصريحات لـ (الوطن)، أن فكرة التوسع للتعامل بالعُملات المحلية حاليًا تحت مظلة قمة (بريكس) تحتاج إلى آلية لضبط عمليات التبادل التجاري والموازنة بين العمليات المحلية، وهو ما دعت إليه “روسيا”، من خلال وجود تبادل تجاري متكامل بين الدول الأعضاء، مع عدم وجود عجز كبير في الميزان التجاري بينها، لأنه في حالة وجود عجز سيقتصر الأمر على نسبة بسيطة في حدود صادرات الدولة التي تُعاني من هذا العجز.

زيادة حجم التبادل التجاري.. 

وأشار الخبير الاقتصادي؛ إلى أننا أمام مسّار له جانبين، الأول أننا نحتاج إلى آلية لإدارة عمليات التبادل، وهو أمر يمكن الوصول إليه خلال أشهر قليلة، والثاني زيادة حجم التبادل التجاري بصورة تخفض العجز في الميزان التجاري بين الدول أعضاء تجمع (بريكس)، وهو التحدي الأساس لإنجاح هذا الملف، وعالميًا فإن خفض استخدام “الدولار” يدفع نحو عمليات تبادل تجاري عادلة، كما يدفع نحو وجود أكثر من منظومة لعمليات التبادل التجاري تصب في مصلحة الجميع، خصمًا من نفوذ “الدولار” والحد نسبيًا من التحكم الأميركي في عمليات التجارة الدولية.

زيادة حجم الإنتاج والصادرات..

وأشار عضو “الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء”، إلى أن الحديث عن وجود عُملة موحدة للدول أعضاء تجمع (بريكس) لا زال مبكرًا وسيحتاج تطبيقها للمزيد من الوقت، كما أنه بالنسبة للدولة المصرية فالأهم لديها هو الإنتاج لزيادة حجم الصادرات قبل اختيار العُملة التي سيتم التصدير بها.

وتابع؛ في حالة تصدير المنتجات بالعُملة المحلية سيُزيد من التبادل التجاري مع الدول التي سيتم التصدير إليها، ولكن النجاح الحقيقي يكمن في زيادة حجم الإنتاج والصادرات، وبالتالي التأثير على سعر “الدولار” بالتراجع، كما أن “مصر” لا تُعاني حاليًا من عدم وجود أسواق لتصدير منتجاتها نتيجة الاتفاقيات التي أبرمتها شرقًا وغربًا خلال الفترة الماضية، ولكن من الضروري زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي، خاصة في ظل تفوق “مصر” في عدد من الصناعات المختلفة، مثل الصناعات النسيجية والجلود والرخام وغيرها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة