على ولاية عهد “ابن زايد” .. “إيكونوميست”: هل بدأ صراع “تكسير العظام” بين “أبوظبي” و”دبي” ؟

على ولاية عهد “ابن زايد” .. “إيكونوميست”: هل بدأ صراع “تكسير العظام” بين “أبوظبي” و”دبي” ؟

وكالات – كتابات :

بعد أن أصبح الشيخ “محمد بن زايد”؛ رئيسًا لدولة “الإمارات العربية المتحدة”، أصبح منصب ولي عهد “أبوظبي” شاغرًا، فمن سيشغله ؟.. هناك أكثر من مرشح للمنصب بين إخوة الرئيس وأولاده، فمن قد يختار وكيف ؟

وقبل الدخول إلى تفاصيل الإجابة عن تلك الأسئلة؛ من المهم التوقف عند حقيقة أن تولي رئيس جديد المسؤولية في الدولة، سواء كانت إمارة أو مملكة أو جمهورية، يستدعي بالضرورة تغييرات في طريقة الحكم سواء كانت جذرية أو حتى شكلية، لكن الوضع في “الإمارات” مختلف، فتولي “محمد بن زايد”، رئاسة الدولة قد لا يعني أي تغيير على طريقة إدارة البلاد.

والسبب الرئيس في ذلك هو أن؛ “محمد بن زايد”، كان الحاكم الفعلي لـ”الإمارات”؛ منذ عام 2014، بعد أن قضى الشيخ “خليفة بن زايد”، رئيس الدولة، تلك السنوات بعيدًا عن إدارة شؤون البلاد لظروف صحية.

ونشرت مجلة الـ (إيكونوميست) البريطانية؛ تقريرًا عنوانه: “الرئيس الإماراتي الجديد قد يتسبب في اضطرابٍ للخلافة والاتحاد الإماراتي على السواء”، يرصد جانبًا مختلفًا من التغيير يتعلق بالخلافة في “أبوظبي” وانعكاساتها على “الإمارات” ككل.

انتقال سلس للسلطة في “الإمارات”..

كان انتقال السلطة في “الإمارات” سلسًا وسهلاً تمامًا؛ إذ أعلنت البلاد في 13 آيار/مايو 2022، وفاة رئيسها “خليفة بن زايد آل نهيان”. على الرغم من أنه شغل المنصب؛ منذ عام 2004، أبعدته سكتة دماغية عام 2014؛ عن الأنظار إلى حدٍ كبير.

مصدر الصورة: رويترز

ووقعت إدارة شؤون الدولة على عاتق أخيه غير الشقيق؛ “محمد بن زايد”، ولي عهد “أبوظبي”، عاصمة الدولة وإحدى الإمارات السبع التي تتكون منها. على الورق، كان حاكم “دبي”، وهو أيضًا رئيس وزراء “الإمارات”، يتفوق على “محمد بن زايد”، لكن من الناحية العملية، كان الأخير أقوى رجل في البلاد، بحسب تقرير المجلة البريطانية.

وعندما تأسسَت دولة “الإمارات العربية المتحدة”؛ كان دستورها ينص على تداول الحكم بين الإمارات السبع، بحيث يتولى حاكم كل إمارة رئاسة البلاد لمدة خمس سنوات، حينها كان الشيخ “زايد”؛ يُدرك أن إمارة “أبوظبي” هي أكبر الإمارات مساحة وأغناها ثروة، ورغم ذلك اقترح هذه المادة الميثاقية لأنه أراد بناء بلد التسامح.

لكن بعد رحيل الوالد المؤسس، اختار ورثته تغيير تلك المادة في الدستور؛ وهو ما تم بالفعل عام 2009، أثناء الأزمة المالية العالمية التي سقطت “دبي” فريسة لها، وحاجة الإمارات الأخرى للدعم المالي من “أبوظبي”، وهو ما تم بالفعل ليقصر رئاسة الدولة على “آل نهيان”؛ الأسرة الحاكمة في “أبوظبي”.

والآن أصبح “محمد بن زايد”، ولي عهد “أبوظبي” والحاكم الفعلي لـ”الإمارات”، رئيسًا للدولة بشكل رسمي. فبعد يوم واحد من وفاة؛ “خليفة بن زايد”، اختار حكام الإمارات السبع بالإجماع؛ “محمد بن زايد”، رئيسًا، ولن يكون هناك تغيير جذري في السياسة بطبيعة الحال، فالزعيم الجديد هو نفسه القديم.

ولاية العهد في “أبوظبي” والمرشحون لها..

لكن تنصيب “محمد بن زايد”؛ رئيسًا لـ”الإمارات” لا يعني أن الخلافة في “أبوظبي”، وبالتبعية في منصب رئيس الدولة ستسير بنفس السلاسة أو قد تخلو من المؤامرات. أولاً، سيكون “محمد بن زايد”؛ هو من يختار ولي العهد، فماذا يقول الدستور عن ولاية العهد في “أبوظبي” ؟

بحسب تقرير الـ (إيكونوميست)، يُحدد دستور “الإمارات” عددًا من الإجراءات للاختيار. لكن داخل كل إمارة، تُترك شؤون الخلافة للعائلات الحاكمة. إنها ذات أهمية خاصة في “أبوظبي”، التي جاء منها الرؤساء الثلاثة للبلاد، ومن المحتمل أن يكون وريث اليوم هو رئيس دولة الغد.

والد الحاكم الجديد، الشيخ “زايد بن سلطان آل نهيان”، الذي حكم منذ الاستقلال؛ في عام 1971، حتى وفاته في عام 2004، أنجب: 18 ابنًا من سبع زوجات. وكان يرمي إلى تقاسم السلطة بينهم. الأكثر تأثيرًا هم الستة الذين ولدوا لـ”فاطمة”، زوجته الثالثة والمفضلة. “محمد”؛ هو الأكبر في تلك المجموعة. إذا أتبع التقليد، فسوف يجعل الأخ وريثه، والمرشح الأول هو: “طحنون”، رئيس الأمن القومي القوي، الذي يشرف أيضًا على إمبراطورية تجارية واسعة.

على الرغم من أنه قد لعب دورًا عامًا أكبر مؤخرًا، فإنه لا يزال رجلاً مثاليًا في الظل. ومع ذلك، فهو خيار أكثر احتمالاً بكثير من؛ “منصور”، الرئيس السابق لـ”صندوق الثروة السيادية”، الذي شُوِّهَت سمعته لعلاقته بفضيحة بمليارات الدولارات تتعلق بشركة استثمار حكومية ماليزية. واشترى “منصور”؛ “نادي مانشستر سيتي” لكرة القدم. شقيق آخر؛ “عبدالله”، شغل منصب وزير الخارجية منذ عام 2006، وهي وظيفة كبيرة؛ ولكنها ليست أفضل ممارسة لإدارة الشؤون الداخلية لدولة “الإمارات”.

يعتقد العديد من الدبلوماسيين أن؛ “محمد بن زايد”، يُريد في النهاية أن يجعل ابنه الأكبر، “خالد”، وليًا للعهد. لقد كان يعتني به منذ سنوات، لكنه لا يحتاج إلى التسرع. في سن (61)، يتوقع “محمد” أن يحكم لفترة من الوقت. إن جعل أحد إخوانه وليًا للعهد سيسمح لابنه بالصعود إلى هذا الدور مستقبلاً، ربما كنائب، إذ يمكن دائمًا تغيير خط الخلافة، كما تقول المجلة البريطانية.

مصدر الصورة: رويترز

متى يتم تحديد ولي العهد ؟

لا يوجد موعد نهائي. وأيًا كان ما يُقرره “محمد”، فمن غير المُرجح أن يكون هناك الكثير من الدراما العامة. فقبل قرن من الزمان، قتل العديد من أفراد عشيرة “آل نهيان” إخوانهم للاستيلاء على السلطة.

مرت “أبوظبي” بأربعة حكام في عشرينيات القرن الماضي. ويُقال إن أمهات العائلة قد طلبن من أبنائهن أن يقسموا على خوض مثل هذا الصراع. اليوم يُنظر إلى “آل نهيان” على أنهم أكثر العائلات المالكة انضباطًا في شبه الجزيرة، وقد تمت تسوية نزاعاتهم على انفراد – وهو أمر مختلف كثيرًا عما تشهده الأسرة الحاكمة في “السعودية”، على سبيل المثال.

سيؤثر القرار يومًا ما على الجميع في “الإمارات”. لا يشترط الدستور أن ينحدر الرئيس من “أبوظبي”: نظريًا يمكن لحاكم “عجمان”؛ الصغيرة، أن يُدير البلاد. لا أحد يتوقع حدوث ذلك، ولكن في الأيام الأولى للاتحاد الإماراتي، أعتقد بعض الإماراتيين أن الأمر قد يكون بالتناوب بين “آل نهيان” و”آل مكتوم”.

تشتهر “دبي”؛ بشكل أفضل، خارج العالم العربي، لكن “أبوظبي” لديها القوة. على الرغم من أن “دبي” لديها أكبر جزء من سكان الإمارات؛ البالغ عددهم: 10 ملايين نسمة، لدى “أبوظبي” تقريبًا جميع احتياطياتها من “النفط والغاز” و87% من أراضيها.

“الإمارات” الأخرى لا تخشى أن تمتلك “أبوظبي” السلطة، ولكن كيف تستخدمها. لعقود من الزمان، كانت لكل مشيخة حرية كبيرة في وضع السياسات. أقامت “دبي” علاقات اقتصادية قوية مع “إيران”. ورفض “صقر القاسمي”؛ الحاكم السابق لـ”رأس الخيمة”، الإمارة الواقعة في أقصى الشمال، حظر الفرع المحلي لـ”جماعة الإخوان المسلمين”. لم يكن أي من الرأيين مُحبَّذًا في “أبوظبي”، لكن حكام الإمارات الأخرى، لا سيما في “دبي”، كانوا يحرسون استقلاليتهم بحرص.

تآكل ذلك في عام 2009، عندما احتاجت “دبي”، التي ضربتها الأزمة المالية، إلى: 10 مليارات دولار من العاصمة؛ في إطار خطة إنقاذ. اشترت هذه الأموال إمتيازًا عامًا؛ إذ أُعيدَت تسمية أعلى مبنى في العالم، والذي من المفترض أن يُعرف باسم: “برج دبي”، باسم: “برج خليفة”، تكريمًا للرئيس. حدث الشيء نفسه في السر؛ حيث كان ميزان القوى بين أكبر إماراتين يتجه نحو “أبوظبي”.

منذ ذلك الحين، مارس “محمد” سيطرة أكبر على السياسة الخارجية والأمن. شيَّد “آل نهيان” أيضًا أعمالهم، من البنوك إلى الطاقة إلى الترفيه. وآراؤه المتشددة والمعادية للإسلام السياسي و”إيران”؛ هي التي حددت النغمة. والتشكيك في هذه الآراء غير وارد. يقول الإماراتيون إن مساحة المناقشة العامة لسياسة الحكومة، ناهيك عن المعارضة، تقلصت بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي.

مصدر الصورة: رويترز

لا يزال البعض يتذمر على انفراد. أصبح دور “الإمارات”؛ في “حرب اليمن”، مصدر استياء لدى “الإمارات” الأكثر فقرًا في الدولة، تلك “الإمارات” التي عانت من نصيب كبير من الضحايا. وكانت “الإمارات” قد تعرضت لقصف بالمُسيرات والصواريخ؛ في كانون ثان/يناير الماضي من جانب جماعة (الحوثي) في “اليمن”، في استهداف مباشر وخطير للعمق الإماراتي.

كما أثار حماس “أبوظبي”؛ لسياسة الرئيس؛ “دونالد ترامب”، العدائية تجاه “إيران” انزعاج “دبي” و”الإمارات” الأخرى. يقول بعض الإماراتيين إنهم ارتبكوا من وتيرة التغيير الاجتماعي، بما في ذلك القرار المفاجيء بالانتقال إلى أسبوع العمل من الإثنين إلى الجمعة. يبدو أن كل هذا يأتي من “أبوظبي”، مع وجود مساحة صغيرة للنقاش.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة