20 مايو، 2024 2:42 م
Search
Close this search box.

على غرار القوات الفرنسية .. العلاقات الجديدة مع إيران وروسيا تخرج القوات الأميركية من النيجر

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

على غرار ما حدث مع “فرنسا”؛ في الصيف الماضي، وبشكلٍ مفاجيء، أعلن المجلس العسكري في “النيجر” إلغاء اتفاق التعاون العسكري المبُّرم مع “الولايات المتحدة”؛ في 2012، ما يُثير احتمال طرد القوات الأميركية من “نيامي”.

ويُشارك حوالي (1100) جندي أميركي في عمليات عسكرية واسّعة النطاق ضد الجماعات المسلحة في “النيجر”، كما لدى “واشنطن” قاعدة عسكرية كبيرة للطائرات المُسيّرة في مدينة “أغاديس”؛ شمالي “النيجر”.

وقال المتحدّث باسم الحكومة النيجريّة؛ “أمادو عبدالرحمن”، إنّ: “حكومة النيجر آخذةً طموحات الشعب ومصالحه في الاعتبار، تُقرّر بكلّ مسؤوليّة أن تلغي بمفعول فوري الاتّفاق المتعلّق بوضع الطاقم العسكري للولايات المتحدة والموظّفين المدنيّين في وزارة الدفاع الأميركيّة على أراضي النيجر”.

وأشار “عبدالرحمن”، في كلمة بثّها التلفزيون النيجري، ليل السبت، إلى أنّ الوجود العسكري الأميركي: “غير قانوني”، و”ينتهك كلّ القواعد الدستوريّة والديمقراطيّة”.

ولم تُعلن السلطات النيجرية بعد عن طرد القوات الأميركية، لكن تلميّحها إلى أن وجودها غير قانوني يُثير تساؤلات حول مستقبل حضورها في هذا البلد الإفريقي.

وشهدت “النيجر”؛ في 26 تموز/يوليو الماضي، انقلابًا ضد الرئيس؛ “محمد بازوم”، نفذه قائد الحرس الرئاسي؛ “عبدالرحمن تشياني”، وهو انقلاب أدّى إلى طرد القوات الفرنسية التي تُقدّر: بـ (1500) جندي من البلاد.

لا يوجد إطار زمني للانسّحاب..

وفي أول تعليق أميركي رسّمي؛ أصدرت “وزارة الدفاع” الأميركية؛ (البنتاغون)، وقالت نائبة المتحدث باسم (البنتاغون)؛ “سابرينا سينغ”، الاثنين الماضي، وفق ما نقل موقع (الحرة): “نحن على علمٍ بالبيان الذي صُدر أول أمس عن النيجر، ويُنهّي التعاون العسكري مع واشنطن، وكذلك الوجود العسكري الأميركى هناك”.

وأكدت نائبة المتحدث باسم (البنتاغون)، أن “الولايات المتحدة” أعّربت عن قلقها من العلاقة القائمة بين “النيجر وروسيا وإيران”، وذلك في إشارة إلى محادثات جّرت بين وفد أميركي تقوده مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الإفريقية؛ “مولي في”، مع عدد من المسؤولين في “النيجر”.

وأضافت المتحدث باسم (البنتاغون) الأميركية: “تعمل عبر القنوات الدبلوماسية للحصول على توضيحات من “النيجر” حول قرار إنهاء التعاون العسكري مع “أميركا”، ليس لديّ إطار زمني لأي انسّحاب لقواتنا من هناك”.

اتهامات أميركية..

ووفق ما نقلت وكالة (فرانس برس)؛ عن مصدر حكومي في “النيجر”، لم يتمكن الوفد الأميركي الذي بقي في العاصمة “نيامي”، ثلاثة أيام، من مقابلة الجنرال “عبدالرحمن تياني”، قائد المجلس العسكري بـ”النيجر”.

وذلك على خلفية اتهامات أميركية للمجلس العسكري الحاكم؛ بالبحث سرًا في اتفاق يسّمح لـ”إيران” بالوصول إلى احتياطيات “النيجر” من (اليورانيوم)، وفق ما كشفته صحيفة (ذا وول ستريت جورنال) الأميركية.

تداعيات القرار..

القرار النيجري الجريء قد تكون له تداعيات على استخدام “واشنطن” للقاعدة العسكرية التي أنشأتها في “النيجر” بتكلفةٍ بلغت: (110) ملايين دولار، والتي تُطلق منها الطائرات المُسيَّرة لمراقبة منطقة “غرب إفريقيا”، ويمكن أن يؤدي القرار أيضًا إلى انسّحاب أكثر من: (600) جندي أميركي ما زالوا متمركزين في “النيجر”، وفق الصحيفة الأميركية.

“الولايات المتحدة” حاولت استيعاب المجلس العسكري، الذي انقلب على الرئيس؛ “محمد بازوم”، من أجل إبقاء خيط دبلوماسي لا بدّ منه، رُغم سّعي المجلس العسكري إلى توطيد العلاقات مع “روسيا”، ومع الجارتين: “مالي وبوركينا فاسو”، اللتين يحكمهما أيضًا قادة عسكريون متحالفون مع “موسكو”.

لكن مسؤولين غربيين وصلوا لمعلومات استخباراتية تُشير إلى سّعي المجلس العسكري في “نيامي” إلى إبرام اتفاق مع “إيران” يمنح “طهران” حق الوصول إلى بعض احتياطيات (اليورانيوم) الهائلة في “النيجر”.

أثارت هذه المعلومات مخاوف أميركية كبيرة، وخشّية من تحّول “النيجر” إلى مركز نفوذ إيراني في منطقة “الساحل الإفريقي”.

وأضافت الصحيفة؛ إنه على عجلٍ، سافرت “مولي في”، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإفريقية، إلى “نيامي” لإجراء محادثات مع المجلس العسكري، حيث عبّرت عن مخاوف “واشنطن” من الاتفاق المزّعوم مع “إيران”، وشدّدت على ضرورة عودة البلاد إلى المسّار الديمقراطي.

تدخل في شؤون “النيجر”..

رد “نيامي” جاء قاسيًا؛ فقد اتهم العقيد “أمادو عبدالرحمن”، المتحدث باسم المجلس العسكري، “الولايات المتحدة” بالتدخل في شؤون “النيجر”، وأنها تُحاول منع “النيجر” من اختيار شركائها الدبلوماسيين والعسكريين، ورفض الاتهامات بوجود صفقة (يورانيوم) مع “إيران”، معلنًا إلغاء اتفاق التعاون العسكري مع “واشنطن”، واعتبار الوجود الأميركي على أراضيها غير قانوني.

مؤشر لخطوات تصّعيدية..

وقال المحلل السياسي النيجري؛ “محمد الحاج عثمان”، إن: “إعلان عبدالرحمن؛ يؤشر على خطوات تصعيديّة جديدة، خاصة أن النبرة كانت حادّة في حديثه، لذلك أتوقّع أن تتم مطالبة الولايات المتحدة بسّحب جنودها كما حدث مع فرنسا بعد 26 تموز/يوليو”.

وأضاف “عثمان”؛ لـ (إرم نيوز)، أنه: “إذا طالبت النيجر؛ بذلك فهذا حقّها في اتخاذ قرارات سيّادية، وبلادنا اليوم تتعامل مع مختلف الدول بالمسّافة نفسها، لذلك أرجّح بالفعل أن يتمّ طرد القوات الأميركية”.

وعمّا إذا كانت “الولايات المتحدة” سترفض سّحب قواتها، قال “عثمان”: “لا أعتقد ذلك؛ لأن زيارة في الأيام الماضية قادت وفدًا أميركيًّا إلى النيجر، ربما تمّ الاتفاق فيها على ترتيبات معيّنة لذلك، لكن هذه تبقى تخمينات، أما الأهم فهو أنه لا يمكن لا للولايات المتحدة أو لغيرها من الدول البقاء بالقوة، وقد جرّبت فرنسا العناد في الصيف، لكنّها غادرت مرغمة تحت ضغط شعبي ورسّمي”.

تطور نوعي خطير..

أما المحللة السياسية المتخصصة في شؤون الساحل الإفريقي؛ “ميساء نواف عبدالخالق”، فاعتبرت أن: “قرار النيجر يمثّل تطورًا خطيرًا ونوعيًا”، متمنيةً: “أن يندرج في إطار وعّي شعوب الساحل الإفريقي والنيجر خاصة بمصالحها، وطرد كل الدول الخارجية التي تتدخّل للحفاظ على مصالحها”.

وتابعت “عبدالخالق”؛ لـ (إرم نيوز)، أنه: “يمكن أن نعتبر هذه الخطوة وعيًا من المسؤولين والشعوب، بعد طرد ما يُسّمى بالاستعمار الفرنسي القديم، جاء الدور على الولايات المتحدة”.

وتساءلت المحللة: “هل سيعود الجنود الأميركيون إلى بلدهم بعد هذا القرار ؟.. أعتقد أن واشنطن هي التي ستُقرّر، ولكن الأمر ليس بهذه السّهولة، فمجرد إلغاء الاتفاق هو تدهور للعلاقات (الأميركية-النيجرية)”.

واستنتجت “عبدالخالق”؛ أنه: “من المبكّر التنبؤ بمسّار العلاقات (النيجرية-الأميركية)، لكن هذه خطوة نوعية وتطور خطير خاصة أن دلالاته غامضة، ويمكن إصدار عدة تكهّنات، منها وعّي المسؤولين والشعوب بخطورة التدخلات الخارجية، الأيام المقبلة ستكشف مصير العلاقات (النيجرية-الأميركية)”.

مخطط واستراتيجية واحدة..

وعن مآلات القرار على البلد الإفريقي الذي يشهد تحولات كبيرة بعد الانقلاب؛ قال مدير جامعة “المغيلي” الأهلية الدولية بالنيجر؛ “عبدالمهيمن محمد الأمين”، إن “مالي وبوركينا فاسو والنيجر”، تسّير على نهج واحد بعد الانقلابات العسكرية التي حدثت فيها.

وأضاف “الأمين”؛ في حديثه لـ (العين الإخبارية): “نُلاحظ أن النيجر؛ كأنها تسّير بنفس الخطوات التي كانت تسّير عليها مالي وبوركينا فاسو من قبل”، مؤكدًا أن هناك تشّابها في استراتيجية الدول الثلاث حتى الآن فيما يتعلق بالعلاقة مع “فرنسا” والدول الغربية الكبرى.

الدول الثلاث؛ وفق “الأمين”، تُريد أن: “تُغادر الكتلة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، إلى الكتلة التي تتزعمها روسيا”، لافتًا إلى أن كل الخطوات تتسّارع من أجل الانفصال عن الأصدقاء القدامى لتوطيد علاقات جديدة مع “روسيا”.

لم يتغيّر شيء على الأرض..

وعن أسباب القرار؛ أوضح أن: “الذي دفع النيجر لمثل هذه الخطوات أن وجود القوات الفرنسية أو الأميركية لم يُغير شيئًا على أرض الواقع، فنشاط الحركات الإرهابية وتهريب الأسلحة والمخدرات كما هو، ولم يتم مكافحتها بوجود هذه القوات الأجنبية، القوات الأميركية لم تفعل شيئًا هي الأخرى، وأن هذا من الأسباب الأساسية التي ربما جعلت العسكر توقف تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة”.

وأكد أنها: “خطوة مهمة من أجل كسّب الشعب النيجري والشعوب الإفريقية؛ التي أصبح لديها نوع من التوجه نحو محاولة التحرر الحقيقي من الاستعمار، الأفارقة يرون أن هناك تحررًا صوريًا من الاستعمار، وأن الاستعمار ما زال موجودًا بكل أشكاله السياسي والاقتصادي والأمني”.

محاولة للاعتماد على الذات..

وأشار إلى أن: “أميركا وفرنسا والدول الغربية؛ استراتيجيتها مع القارة الإفريقية لم تتغيّر، وفي إفريقيا باتوا يرون أنه لا بد من التخلص من العلاقات معها من أجل بناء علاقات جديدة، وكذلك محاولة الاعتماد على الذات”.

الدول الإفريقية الآن وعلى رأسها “النيجر”، بحسّب “الأمين”: “تُحاول أن تعتمد على ذاتها، وأن تستثمر الأشياء الموجودة لديها من أجل أن تبني اقتصاديات وسياسات جيدة وأمن جيد”، مشيرًا إلى أن الدول الإفريقية ترى أن: “روسيا قد تكون بديلاً أفضل، يرون أن العلاقة مع روسيا ستكون علاقة منافع وتبادل صفقات بغض النظر عن أن موسكو ستتدخل في السياسات الداخلية لهذه الدول”.

خطوة متوقعة..

بدوره؛ قال الباحث السوداني في الشأن الإفريقي؛ “محمد تورشين”، إن: “قرار إنهاء التعاون العسكري مع أميركا هو خطوة متوقعة”.

وأضاف “تورشين”؛ لـ (العين الإخبارية)، أن المجلس العسكري ألغى من قبل الشراكة مع “فرنسا”، باعتبارها القوة الاستعمارية التي لديها نفوذ لا بأس به في “النيجر”، مضيفًا أن هذا النفوذ ترسّخ وتعّزز إبان حكم “محمدو يوسفو” ومن بعده “محمد بازوم”، وأصبحت “النيجر” محورًا مهمًا جدًا في الاستراتيجيات والخطط الفرنسية، والمرتبطة بتمكيّن وتعزيز نفوذها في “الساحل الإفريقي” و”وسط إفريقيا” سواء كانت من أجل استمرار النفوذ الفرنسي أو من أجل مكافحة الجماعات الإرهابية.

وتابع: “عندما ألغى المجلس العسكري في النيجر اتفاقه مع فرنسا، كنت أتوقع أن يلغيها أيضًا مع أميركا”، لافتًا إلى أن: “المجلس العسكري يستخدم الكثير من أوراق الضغط والكروت الأخرى من أجل المناورة”.

وأكد أن: “هذه المناورة يسّعى من خلالها دومًا أن يُحقق المجلس العسكري أكبر قدر ممكن من المكاسّب مع الأخذ في الاعتبار أن المجلس كان يرغب في علاقة جيدة مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن هذه العلاقة يجب أن تكون خالية من المؤثرات والضغوط”.

ومضى قائلاً: “بمعنى ألا تُفرض الولايات المتحدة على المجلس العسكري أي شكلٍ من أشكال الوصاية، سواء كان الأطراف التي يجب أن يتعامل معها، روسيا أو إيران أو أي دولة أخرى”، معتبرًا أن هذه المسألة مرفوضة من حيث المبدأ من قبل المجلس العسكري بـ”النيجر”.

ولفت إلى أن: “المجلس كان يأمل في التعامل مع الولايات المتحدة مثلها مثل أي دولة أخرى، لكن الولايات المتحدة حاولت أن تُفرض أجندتها، الأمر الذي استدعى خروج المجلس العسكري من التكتيك أو التعاون الذي اتخذه مع الولايات المتحدة وقرر قطع العلاقة”.

تغيّرات تسّير بشكلٍ دراماتيكي..

وهذا يعني؛ وفق “تورشين”، أن: “هناك آمالاً مرتبطة بالمجلس العسكري بالنيجر بأن يستخدم سياسة أكثر توازنًا بشكلٍ أفضل مما تم توظيفه واستخدامه في بوركينا فاسو ومالي باعتبار أنهما منذ الوهلة الأولى تعاونتا بشكلٍ مطلق مع روسيا والبلدان التي لديها رؤية لإعادة صياغة النظام العالمي الجديد بشكلٍ أفضل”.

وأوضح أن النظام النيجري؛ بهذه الخطوة، قطع كل أواصر التواصل مع المجتمع الغربي سواء بخروج “فرنسا” أو “ألمانيا” أو “الولايات المتحدة”، وربما يجعل ذلك المجلس العسكري يتعامل بشكلٍ أكثر رسّوخًا ومتانة مع الجانب الروسي والإيراني، مشيرًا إلى أن: “هناك تقارير تتحدث عن عقد صفقة مع شركات إيرانية من أجل استخراج (اليورانيوم) وغيره”، متوقعًا أن: “هذا الأمر سيجعل التغيّرات في دول الساحل وغرب إفريقيا تسّير بشكل دراماتيكي، وأن هذا سيكون له أثره في إعادة تشّكيل التحالفات الدولية”.

خطوة ضمن تشّكيل نظام متعدد الأقطاب..

من جانبه؛ اعتبر “محمد أغ اسماعيل”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة “موناكو”؛ بـ”مالي”، أن: “إلغاء النيجر للاتفاق العسكري مع واشنطن، يدل على سيّطرة جناح موسكو داخل القيادة العسكرية الانقلابية في البلاد، ومدى تعزيز نفوذ التحالف العسكري الثلاثي في الساحل الإفريقي ضد المصالح الغربية في المنطقة”.

وقال “إسماعيل”؛ في حديثه لـ (العين الإخبارية): “القرار خطوة متوقعة منذ تأسيس تحالف دول الساحل بزعامة مالي، ويُمثل تأكيدًا للتغيّرات الجيوسياسية في إفريقيا ضمن العمل على تشكيل نظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب”.

وأشار إلى أن: “القرار يأتي بعد الإعلان منذ أيام بالعاصمة النيجرية؛ (نيامي)، عن تشّكيل قوة عسكرية مشتركة بين الدول الثلاث لمكافحة الإرهاب، وذلك في الإجتماع الذي جمع القيادات العسكرية لكل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر”، لافتًا إلى أن ذلك يتزامن أيضًا مع: “تقارير تُشير إلى نية (الكرملين) في إقامة قاعدة عسكرية في منطقة ليبتاكو غورما المشتركة بين الدول الثلاث”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب