خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تسلم “بوريس غونسون” رسيمًا رئاسة وزراء “بريطانيا”، أمس الأربعاء، وطلبت منه ملكة بريطانيا تشكيل حكومة جديدة.
وقبل ذلك؛ قدمت رئيسة الوزراء البريطانية المنتهية ولايتها، “تيريزا ماي”، رسميًا استقالتها للملكة، “إليزابيث الثانية”.
ووصلت “ماي” إلى قصر “باكينغهام”؛ بعد أن كانت قد حضت، في وقت سابق، “غونسون”، على إنجاز (بريكست) “بطريقة تصب في صالح المملكة المتحدة بأسرها”، ما يلمح إلى الانقسامات العميقة التي تسببت بها هذه المسألة في البلاد.
ووعد رئيس الوزراء البريطاني الجديد، “بوريس غونسون”، الناخبين، بألا تكون هناك “مبررات أو أعذار” بشأن خطته لإخراج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، بحلول 31 تشرين أول/أكتوبر 2019، باتفاق أو بدون اتفاق مع الأسرة الأوروبية.
وقال “غونسون”، للصحافيين، خارج مقر الحكومة البريطانية، “10 داونينغ ستريت”، بعد فترة وجيزة من لقاء الملكة، “إليزابيث الثانية”، للحصول على التكليف بتشكيل حكومة جديدة: “وسنبرم اتفاقًا جديدًا، اتفاقًا أفضل .. قائمًا على التجارة الحرة”.
وأكد: “أنا واثق أننا يمكن أن نتوصل إلى اتفاق (بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي)”.
وأضاف “غونسون” أنه ينبغي على “بريطانيا” أيضًا أن “تستعد للاحتمال البعيد، وهو أن ترفض بروكسل التفاوض مجددًا” بشأن الاتفاق، الأمر الذي يعني خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي” بدون اتفاق.
ويدخل “غونسون” إلى “10 داوننغ ستريت”؛ وسط أوضاع هي الأخطر في تاريخ “بريطانيا”، منذ إنتهاء الحرب العالمية، إذ تشهد انقسامًا بشأن الخروج من “الاتحاد الأوروبي” وتضعفها أزمة سياسية استمرت على مدى ثلاث سنوات، منذ الاستفتاء على الخروج من التكتل.
وبعد أن فاز “بوريس غونسون”، أمس الأول، بالتصويت على زعامة حزبه، “المحافظين”، ليصبح بالتالي رئيس الوزراء البريطاني المقبل، إنهالت التهاني وردود الفعل، حيث حذر “الاتحاد الأوروبي” من أوقات صعبة بشأن (بريكست).
“سيكون عظيمًا”..
كتب الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، على (تويتر): “تهانينا لبوريس غونسون لفوزه برئاسة وزراء المملكة المتحدة. سيكون عظيمًا !”، بعدما أعلن، الأسبوع الماضي، أن “غونسون” سيقوم “بعمل رائع” كرئيس للوزراء. فيما أعلن “ترامب” أنه معجب بـ”غونسون” بشكل كبير.
وكان قد توقع، الأسبوع الماضي، بأن “غونسون” سيصلح ما وصفه، بـ”الكارثة”، التي تسببت بها رئيسة الوزراء المستقيلة، “تيريزا ماي”، في مساعيها لإخراج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”.
وقال “ترامب”، الجمعة، من “البيت الأبيض”: “أحب بوريس غونسون جدًا، تحدثت معه أمس، أعتقد أنه سيقوم بعمل رائع”. وأضاف: “لطالما أحببت بوريس، إنه شخص مميز، ويقولون إنني أنا أيضًا شخص مميز، نحن ننسجم جيدًا”.
تحديات منتظرة..
وهنأت الرئيسة المقبلة للمفوضية، “أورسولا فون دير ليين”، “غونسون”، معلنة: “أتطلع إلى إقامة علاقة عمل جيدة معه”. لكنها أضافت: “هناك العديد من المسائل المختلفة والصعبة ينبغي معالجتها معًا”، محذرة من “تحديات تنتظرنا”.
من جهته؛ أعلن كبير المفاوضين الأوروبيين حول (بريكست)، “ميشال بارنييه”، في تغريدة: “نتطلع إلى العمل بشكل بناء مع رئيس الوزراء، بوريس غونسون، حين يتسلم مهامه، من أجل تسهيل إبرام اتفاق الانسحاب وإنجاز (بريكست) منظم”، مضيفًا: “إننا مستعدون للعمل مجددًا على الإعلان حول الشراكة الجديدة بما يتفق مع الوجهات” التي وضعتها الدول الأعضاء.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، “ناتاشا بيرتو”، خلال مؤتمر صحافي، إن رئيس المفوضية، “جان كلود يونكر”، “طلب مني نقل تهانيه إلى بوريس غونسون”.
وتابعت: “الرئيس عازم على العمل مع رئيس الوزراء بأفضل ما يمكن. أما بعد، فأتحفظ عن التعليق، إذ أن الخبر ورد للتو”.
تحذير إيراني..
من جابنه؛ هنأ وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، الثلاثاء، “غونسون”، وقال في تغريدة: “أهنيء نظيري السابق، (بوريس غونسون)، الذي أصبح” رئيس وزراء. وتابع: “لدينا سواحل بطول 1500 ميل على الخليج الفارسي. هذه مياهنا وسنحميها”، وذلك في ظل الأزمة القائمة بين البلدين حول الإحتجاز المتبادل لناقلتي نفط. وأكد “ظريف” أن: “إيران لا تريد المواجهة”.
تنسيق وثيق..
وقال الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”: “أهنيء بوريس غونسون؛ وسأتصل به عندما يصبح رئيسًا للوزراء رسميًا”.
وأضاف: “أرغب بشدة في العمل معه بالسرعة الممكنة، ليس فقط في القضايا الأوروبية واستمرار المفاوضات بشأن (بريكست)، ولكن كذلك في قضايا دولية ننسق بشأنها بشكل وثيق مع بريطانيا وألمانيا”.
أما نائب رئيس الوزراء الإيطالي، “ماتيو سالفيني”، فقال: “نتمنى التوفيق لبوريس غونسون. إن وصف اليسار له بأنه أكثر خطورة من حزب الرابطة، (اليميني المتطرف بزعامة سالفيني)، يجعلني أحبه أكثر”.
صداقة وثيقة مع ألمانيا وكندا..
هنأت المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، “غونسون”، مشددة على أنها تريد مواصلة “الصداقة الوثيقة” مع “بريطانيا”. وقالت على (تويتر)، بواسطة المتحدثة باسمها، “أولريكي ديمر”: “أهنيء بوريس غونسون وأتمنى تعاونًا جيدًا. على بلدينا الاستمرار في البقاء متحدين بصداقة وثيقة”.
وفي “أوتاوا” قال رئيس الوزراء الكندي، “غاستن ترودو”، مخاطبًا “غونسون”: “أتطلع إلى العمل معكم للحفاظ على روابط الصداقة الوثيقة بين كندا والمملكة المتحدة، وزيادة تجارتنا وخلق المزيد من فرص العمل لمواطني بلدينا”.
يسعى لخروج مؤذٍ من الاتحاد..
قال “غيريمي كوربن”، زعيم “حزب العمال” المعارض: “فاز بوريس غونسون بدعم أقل من 100 ألف من حزب المحافظين؛ من خلال وعده بخفض الضرائب على أغنى الأغنياء، مصورًا نفسه على أنه صديق المصرفيين ويسعى إلى خروج مؤذٍ من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق”.
وأضاف على (تويتر): “لكنه لم يحصل على دعم بلادنا”.
وتابع: “إن فكرة غونسون بالخروج بدون اتفاق ستعني الاستغناء عن موظفين وعمال، وارتفاع أسعار السلع، وخطر احتمال بيع جهاز الصحة الوطنية إلى شركات أميركية في صفقات تصالحية مع، دونالد ترامب.. يجب أن يقرر أبناء البلاد من سيصبح رئيسًا للوزراء في انتخابات عامة”.
تعهد قاطع بتنفيذ “بريكست”..
كتب زعيم حزب “بريكسيت” البريطاني، “نايغل فاراغ”، على (تويتر): “أتمنى لبوريس غونسون كل التوفيق كرئيس للوزراء؛ في تعهده القاطع بشأن تنفيذ (بريكست)، في 31 تشرين أول/أكتوبر 2019”.
وقال إن الحسم في هذه المسألة “لا يتعلق بـ (بريكست) فقط بل بمستقبل حزب المحافظين كذلك. هل لديه الجرأة ليلبي مطالب البلاد”.
تحذير قطاع الأعمال..
قالت “كارولين فيربرن”، المديرة العامة لاتحاد الصناعة البريطاني، أكبر منظمة أرباب عمل في البلد؛ وتمثل نحو 190 ألف شركة ومؤسسة: “يجب على رئيس الوزراء الجديد عدم التقليل من مزايا وجود اتفاق جيد”.
وصرح “آدم مارشال”، المدير العام للغرف التجارية: “الرسالة من مجتمعات الأعمال في أنحاء بريطانيا لبوريس غونسون بسيطة للغاية: لقد إنتهى وقت الحملات الانتخابية – ونريد منك أن تبدأ العمل”.
الخروج دون الاتفاق سيكون كارثة على الاقتصاد..
وفي تنبوء لما ما سيفعله “غونسون”، قال “إيان بلاك”، الكاتب الصحافي في جريدة (الغارديان) البريطانية، أنه من المؤكد أن الخروج البريطاني هو القضية الجوهرية التي تواجه “بوريس غونسون” كرئيس للوزراء.
وأضاف: “غونسون” قاد حملة، من 3 أعوام، لمغادرة “بريطانيا” لـ”الاتحاد الأوروبي”، وهو عارض كل الجهود التفاوضية التي قامت بها “تريزا ماي” حتى تصل لاتفاق مع “الاتحاد الأوروبي”.
وأتبع: “غونسون”؛ بعد توليه منصب رئيس الوزراء، أكد على أنه سوف يغادر “الاتحاد الأوروبي” في موعده، في 31 تشرين أول/أكتوبر 2019.
وأوضح: السؤال الأهم الآن، هل “غونسون” قادر على الخروج من “الاتحاد الأوروبي” باتفاق، لأن الجميع يعتقد أن الخروج من “الاتحاد الأوروبي”، دون اتفاق، سيكون كارثة على الاقتصاد البريطاني.
وبذلك سيكون على “بريطانيا” إجراء مفاوضات جديدة واتفاقيات تجارية، أحادية الجانب، مع شركائها التجاريين حول العالم؛ ومن أبرزهم “الولايات المتحدة”.
ولكن إلى الآن يُعتبر قرار خروج “بريطانيا” من الاتحاد أمر غير مؤكد بنسبة كبيرة، حيث أن البرلمان قد يحاول منع “غونسون” من الوصول لهذه النقط لما أن العديد من أعضاء “حزب المحافظين” لا يعتقدوا أن “بريطانيا” يمكنها الانفصال عن الاتحاد دون التوصل لاتفاق.
وعلّق الكاتب الصحافي، “محمد عبدالفتاح”، والخبير فى الشؤون الدولية، على فوز “بوريس غونسون” في المنافسة على زعامة “حزب المحافظين” في “المملكة المتحدة”، وتنصيبه رئيسًا للوزراء خلفًا لـ”تيريزا ماي”، قائلًا: “بريطانيا كانت منتظرة غونسون؛ لعله يضغط على الاتحاد الأوروبي ويخرج بنتائج أفضل من تيريزا ماي”.
وتابع “عبدالفتاح”؛ قائلًا: أن “غونسون هو شخصية غير منضبطة ويفتقد للكياسة والدبلوماسية، ويشبه كثيرًا بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب”.
وأشار الكاتب الصحافي، إلى أن 4 رؤساء لوزراء “بريطانيا” كانوا ضحايا الـ (بريكست) للخروج من “الاتحاد الأوروبي”، مضيفًا: “بريطانيا ملزمة بسداد ما عليها من ديون الاتحاد الأوروبي مع رفض غونسون لذلك، لأنه يرى حتمية إتباع بلاده لأميركا التي كان يحمل جنسيتها سابقًا”، لافتًا إلى أن “تريزا ماي” توصلت لاتفاق هام بعدم إعادة ترسيم الحدود مع “إيرلندا”.
ولفت المتخصص في الشؤون الدولية؛ إلى أن “غونسون” أمامه 100 يوم للتوصل إلى إتفاق، قبل عودة “البرلمان الأوروبي”، منوهًا إلى أن الـ (بريكست) يتسب في فوضى عارمة بـ”أوروبا” لما تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية.