27 أبريل، 2024 12:06 ص
Search
Close this search box.

على أنهار “بابل” .. هل سترد “بغداد” الجنسية العراقية لليهود الذين غادروا البلاد في الخمسينيات ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

ستنظر “محكمة بغداد” قريبًا في الدعوى المقدمة إليها بخصوص طلب إعادة الجنسية العراقية لمئات الآلاف من اليهود.

هذا ما أعلنته صحيفة (معاريف) العبرية، وأكدت على أنه من الصعب على الحكومة العراقية الإستجابة لذلك الطلب لأسباب عديدة، أهمها أن دول الجوار، وعلى رأسها، “إيران”، لن تقبل بذلك.

هل يحصل آلاف الإسرائيليين على الجنسية العراقية ؟

بحسب الصحيفة العبرية، يدور في “العراق” حاليًا نقاش جماهيري حول تلك الدعوى، التي إذا قُبلت سيحصل بعدها مئات الآلاف من الإسرائيليين على الجنسية العراقية.

وأشارت (معاريف) إلى أن المتسبب في تلك الضجة هو، “أدوين شُكر”، يهودي من مواليد “بغداد”؛ يقيم في “بريطانيا” ويشغل منصب نائب رئيس “المؤتمر اليهودي” في أوروبا.

وكانت قناة (الحرة) الأميركية، الناطقة باللغة العربية، قد أجرت لقاء متلفزًا مع “شُكر” ناشد فيه الحكومة العراقية بإعادة الجنسية العراقية لليهود الذين غادروا البلاد في أوائل خمسينيات القرن الماضي. وبمجرد أن بثت قناة (الحرة) ذلك اللقاء قامت الدنيا ولم تقعد في “بغداد”، وعلم المسؤولون العراقيون بمطلب اليهودي البريطاني، فأحدث ذلك صخبًا عارمًا، خاصة أن “شُكر” ليس مجرد شخص عادي يعود لأصول عراقية، بل هو يهودي وبريطاني، يُقيم هو وأسرته في “لندن” منذ عقود.

وأوضحت الصحيفة العبرية أن “المملكة العراقية” كانت قد إتخذت إجراء انتقاميًا ضد اليهود المحليين، في أوائل الخمسينيات، بعدما أخذوا يغادرون البلاد، فقامت السلطات العراقية بإسقاط الجنسية عنهم. لذا يُطالب “شُكر”، الآن، برفع ما أسماه “الظلم” عن اليهود من أصل عراقي.

حان وقت اللجوء للقضاء..

قال “شُكر”، في اللقاء المتلفز: “لقد أعطاني والدي هدية وهي هويتي، وهو أخذها من والده، ونحن اليهود نرث تلك الهدية منذ 2600 سنة من الآباء إلى الأبناء دون إنقطاع، وأنا أحب أن أعطيها لابني وحفيدي”.

مضيفًا أن هناك دعوى قضائية سيتم رفعها إلى المحكمة الاتحادية العليا في “بغداد” للمطالبة بإسترداد الجنسية العراقية. زاعمًا أنه “منذ عام 2003، كلما طالبنا بذلك، قالوا لي: انتظر قليلاً، لأن الشعب لا يستطيع تحمل هذا الأمر. والآن فقد مضت سنوات عديدة وحان الوقت للجوء إلى المحاكم”.

إشكالية قانونية..

سيكون “شُكر” أحد المشاركين في رفع الدعوى القضائية، وربما سيشارك أيضًا أُناس آخرون من غير اليهود، ممن يدعمون مطلب إسترداد الجنسية العراقية.

وترى (معاريف) أن تلك القضية تحمل أبعادًا تاريخية وثقافية وسياسية، بل وحتى اقتصادية، ولكنها في المرحلة الحالية تخلق إشكالية قانونية. إذ ينص الدستور العراقي، الصادر في عام 2005، على أن المواطن العراقي هو كل من وُلد لأب عراقي أو لأم عراقية.

كما تنص المادة (18) من الدستور على أنه لا يجوز لأي سبب من الأسباب إسقاط الجنسية عن شخص وُلد في “العراق”، ويحق لكل من سقطت عنه الجنسية أن يحصل عليها ثانية شريطة أن يكون ذلك وفق القانون.

ووفقًا لتلك المادة من الدستور، يحق لجميع “اليهود البابليين” وأبنائهم وذريتهم أن يحصلوا تلقائيًا على الجنسية العراقية، لكن المشكلة تكمن في أن المادة (18) تتعارض مع القانون.

أشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن القانون العراقي يتضمن سلسلة من البنود المناهضة لليهود، التي تراكمت منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى عهد “صدام حسين”. وأحد تلك البنود هو “قانون الإشراف والإدارة على أموال وممتلكات اليهود الذين تم إسقاط الجنسية عنهم”، وتم تعديله لاحقًا، في عام 1963.

وينص ذلك القانون على أن إسقاط الجنسية عن اليهود، خلال عامي 1950 و1951، لا يمنحهم الحق في حملها مجددًا. وهناك قانون آخر ينص على أن اليهودي الذي يحصل على جنسية أجنبية تسقط عنه جنسيته العراقية.

بغداد لا ترفض مطلب اليهود..

أكدت (معاريف) على أنه رغم تلك البنود المناهضة لليهود، إلا أن “بغداد” قد أثبتت، هذا الأسبوع، أنها ليست رافضة للمطلب الذي طرحة اليهودي البريطاني، “شُكر”.

فها هو “رائد فهمي”، أحد المرشحين لمنصب رئيس الوزراء العراقي، قد أعرب عن دعمه لحق اليهود في إسترداد الجنسية العراقية. ولا يُعد “فهمي” مجرد شخصية عادية، فقد تخرج من “جامعة السوربون” في “باريس” وكلية “لندن للاقتصاد”؛ ثم أصبح عضوًا في “الحزب الشيوعي”، الذي تعرض للإضطهاد من قِبل الرئيس العراقي الراحل، “صدام حسين”.

وبعد الإطاحة بـ”صدام”، في عام 2003، انخرط “فهمي” في الحياة السياسية. وفي شهر آيار/مايو الماضي، جرت في “العراق” انتخابات برلمانية وحل تحالف “سائرون للإصلاح” في المركز الأول، وهو تحالف يضم سبعة أحزاب ويقوده رجل الدين الشيعي، “مقتدى الصدر”.

ولا تزال محادثات تشكيل الائتلاف الحكومي مستمرة، وإذا تمكن رؤساء تحالف “سائرون للإصلاح” في ترجمة إنجازاتهم الانتخابية إلى نصر سياسي، فسيتم تعيين “فهمي” رئيسًا للوزراء.

يُذكر أن “فهمي” قد قال أثناء اللقاءات الصحافية، إن “العراق” لديه إلتزام تجاه “اليهود”، وينبغي دراسة طلبهم جيدًا. مُضيفًا أنه: “من الناحية المبدئية والأخلاقية، فإننا نؤيد منح الحقوق لأي مواطن، بما في ذلك اليهود، ويحسُن إجراء حوار مجتمعي حول ذلك المطلب اليهودي، حتى يُفضي في النهاية إلى نتيجة منطقية بعيدة عن الغلو والتطرف”.

إيران بالمرصاد !

ختامًا تشير الصحيفة العبرية إلى أن “فهمي” قد تحدث بحذر شديد، حيث حاول أن يعرب عن دعمه للفكرة، ولكنه حرص في الوقت نفسه ألا يبدو وكأنه مُتحفز لتحقيقها، مؤكدًا على أن “التوقيت ليس مناسبًا الآن لمناقشة قضية إعادة الجنسية لليهود”، أو بعبارة أخرى، لم يحن الوقت لذلك بعد.

وحينما يقول “فهمي” ذلك؛ فكأنما يشير إلى وجود مشكلة حقيقية، حيث إن معظم اليهود العراقيين يعيشون حاليًا في “إسرائيل”، ومنح الجنسية العراقية لليهود الذين غادروا البلاد يعني إضافة مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى تعداد السكان العراقيين. وربما ستكون مثل تلك الخطوة مقبولة لدى ملايين العراقيين، إلا أن الدول المجاورة لن يكون من السهل عليها السماح بذلك التحول الخطير. وها هي “إيران” تطل على “نهر دجلة”، وهي متورطة حتى النخاع في السياسة العراقية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب