8 مايو، 2024 9:59 م
Search
Close this search box.

على أطراف إيران .. التدريس بالنكهة البدوية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – محمد بناية :

هنا ابتدائية “رشد – النمو” بقرية “جادكوه” بمحافظة خوزستان الإيرانية.. تقع القرية على الحدود مع محافظة چهارمحل وبختياري ويفصلها عن أقرب منطقة مأهولة مسيرة يوم بليلة في طريق جبلي شديد الوعورة. تنقطع صلة هذه القرية عن المناطق المجاورة بمجرد دخول فصل الشتاء، وتنقطع صلة القرية عملياً بالعالم الخارجي، لذا يتعين على السكان تأمين كل متطلباتهم قبل دخول فصل الشتاء.

والمعلم في مدرسة القرية لا يحظى بالدعم من جانب الشركات التي عقدت اتفاقية مع “وزارة التربية والتعليم” لايفاد مدرسين إلى هذه المنطقة المعزولة عن العالم، حتى أن المرتب لا يلبي احتياجاته بل الأفضل القول إن المدرس يعمل بدون أجر. وهو يقيم – أي المدرس – خلال فصل الشتاء في ضيافة أهل القرية.

وفي حوار أجرته صحيفة “الشرق” الإيرانية الأصولية، مع معلم “قرية جادكوه”، عن العيش داخل خيمة في درجة حرارة تحت الصفر يقول: “أُمضي النهار في فصل الدراسة والليل في المهجع”. ورغم حداثة سنه لكنه مصاب بأمراض جسدية بسبب البرد القارص. وهو يحب تلاميذ المدرسة، لكن لم يعد باستطاعته البقاء في القرية. فهو يحصل على مبلغ 400 ألف طومان في السنة، بينما الأوضاع الاقتصادية تزيد من عزمه على الرحيل. يضيف: “أقوم بالتدريس منذ الصباح وحتى المساء، وأبقى بعيداً عن أسرتي لأسابيع بسبب تساقط الثلوج وانقطاع الطرق. لكن لا أعرف مقدار مرتبي ولا لأي جهة اعمل”.

الدوافع الضائعة..

لا تحظى القرية للأسف بأي خدمات، حتى أن سكان القرية محرمون من الإمكانيات الأساسية كالطرق والكهرباء والتليفونات. ورغم ذلك يغتنم الأهالي الفرصة لتحقيق الإكتفاء الذاتي من خلال الزراعة وتربية المواشي والطيور، لكن مشكلتهم في تعليم أبنائهم. والخدمة الوحيدة التي حصل عليها سكان القرية من “وزارة التربية والتعليم” هي افتتاح مدرسة حكومية بالجهود الذاتية. وبالنسبة للوضع الجغرافي وأسلوب الحياة البدوية في القرية وانعدام الإمكانيات الأساسية للمرور تعجز أي جهة عن تقديم خدمات لأهالي المنطقة.

وعن بداية العمل في القرية يقول “معلم جادكوه”: “جئت إلى هنا بغرض التدريس. بدأت البحث عن مدرسة بعد انتهاء الخدمة العسكرية، اخترت مهنة التدريس لاستكمال مسار حياتي. لكن الأجواء الجغرافية للمنطقة والأوضاع الاقتصادية وغموض المستقبل، قضت على كل دوافعي للبقاء والاستمرار. كلفني هذا العمل الكثير من المال وتحملت الكثير من الصعاب، والان تبحث التربية والتعليم عن مدرسين جدد. ولم يأتي أحد إلى هنا من قبل وكنت أتوقع أن توظفني التربية والتعليم. والآن بعد أن انتهى العام الدراسي لا أعرف مصيري. ورغم كل هذه الصعوبات سأبقى واستمر في التدريس لو تحسنت الأوضاع قليلاً، لكن الأوضاع الاقتصادية لا تساعد على الاستمرار.

أهم مشكلات التلاميذ على الحدود..

انتقل “مدرس جادكوه” مع الأهالي بين ثلاثة أماكن منذ بداية العام الدراسي وحتى الآن لا ينقطع التلاميذ عن الدراسة. يضيف: “لا يوجد متعلمون في هذه المناطق.. وحين أفكر في مستقبل تلاميذي أشعر بلذة عميقة لقدرتهم على القرءاة والكتابة. لكن مهنة التعليم في هذه المناطق تؤذي معنويات المعلم”.

ويعتبر توفير الطعام والملابس من أهم مشكلات التلاميذ في هذه الأجواء. يقول: “يعاني غالبية الأطفال هنا من سوء التغذية. يفطرون على الخبز اليابس ثم يأتون للفصل وأرى علامات الضعف على وجوههم وعدم قدرتهم على متابعة الدرس. وهذا المشهد يؤذيني وأريد أن أفعل شيئاً لأجلهم. لكن للأسف”.

وعن الأيام الماطرة يقول: “لا يجد الأطفال حتى الملابس الثقيلة التي تقيهم البرودة وتتملكهم الرعشة داخل الفصل”.

ومعروف أن شكوى المثقفين من الأوضاع المالية والمرتبات ليست جديدة، حيث تتعرض هذه الفئة إلى الظلم في كل العهود تقريباً. لكن الوضع ليس واحداً بالنسبة لكل المدرسين وكذلك أوضاع الطلاب. فهم يتحملون الفقر والحرمان في المناطق النائية. في حين أنه يجب من المنظور الأمني الاهتمام بجودة التعليم في هذه المناطق لأنه من ضروريات التنمية والعدالة. فالمناطق الحدودية ليست مجرد منافذ دخول وخروج فقط وإنما هو بوابات للأمن الجغرافي والسياسي والاقتصادي والثقافي لأي دولة. وللأسف تعاني هذه المناطق من الأهمال الذي يؤدي إلى تهرب الأطفال من التعليم، والذين يرغبون في الدراسة لكنهم لا يجدون مدرسة أو معلم.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب