25 أبريل، 2024 5:06 م
Search
Close this search box.

“علاوي” .. يجر القوى السياسية المعترضة عليه لصراع داخل البرلمان !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

أبدى “محمد توفيق علاوي”، رئيس الوزراء العراقي المكلف، ردود فعل مختلفة عن سابقه، “عادل عبدالمهدي”، ويبدو أن “علاوي” يحاول أن يظهر وكأنه منحاز لمطالب الشارع السياسي، لكنه يتعرض لضغوط سياسية من الأحزاب حتى لا يضع نفسه أمام مدفع الشباب الغاضب، وأنه جاء لتحقيق مطالبهم على الرغم من كونه جزءًا من الطبقة السياسية، بل والحكومة التي تظاهروا ضدها. ولعل مطالبته بإنعقاد البرلمان للتصويت على التشكيلة، وضعت القوى السياسية المعترضة، في حرج، بعد التسريبات التي تتحدث عن رفضه القبول بشروطهم.

ومن المُرجح أن يستغل “علاوي” الوضع العراقي لمصلحته من خلال جرّ الأطراف السياسية المعترضة إلى صراع معلن داخل البرلمان، لإيصال رسالة للمحتجين أنه يحاول طرح توليفة مستقلة، لكن القوى السياسية هي التي تُمانع، ما قد يُضيف ضغطًا جديدًا على تلك الكتل.

رئيس الوزراء المكلف استخدم أيضًا أسلوبًا مختلفًا في عملية التشكيل الوزارية؛ مستفيدًا من ضغط الشارع العالي، والتقارب الحاصل بين “مقتدى الصدر” و”إيران”، والذي أضعف كثيرًا موقف كتلة (البناء)، التي يتزعمها، “هادي العامري”.

توقعات بتمرير الحكومة.. ومخاف أتباع إيران..

ويتوقع مراقبون أن يقوم “البرلمان العراقي” بتمرير حكومة “علاوي”، خاصة أن نوابه أصبحوا في موقف مُحرج، وأنه في حال أصبح منصب رئيس الوزراء شاغرًا هذه المرة، فإنه يكون بذلك قد ضيع على الأحزاب السياسية فرصة عظيمة، خاصة مع الحوارات السياسية حول تأليف حكومة “محمد توفيق علاوي”، في وقت أعلن أنه بصدد طرح تشكيلته على “البرلمان العراقي”، في 26 شباط/فبراير الحالي، للحصول على الثقة. وفيما رجَّح مراقبون احتمالية إمرار حكومته، بينوا أن مخاوف حلفاء “إيران”، داخل البرلمان، من احتمالية أن تذهب صلاحيات رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية قد توفر دافعًا كبيرًا للدفع نحو التصويت لـ”علّاوي”.

في الوقت ذاته؛ فإن المواقف السياسية المهددة بعدم التصويت لكابينة “علاوي”، في الجلسة الاستثنائية المرتقبة، لا تتعدى كونها أدوات ضغطٍ فقط، لأن الكتل السياسية تشعر بخطورة عدم تمرير كتلة “علاوي”.

هذا علاوة على أن إفشال مهمة “علاوي” تعني نهاية عمر الكتل السياسية الكبرى في البرلمان، لا سيما تلك التي نفذت في مفاصل هامة في الدولة، وإستحوذت على نسب كبيرة من المناصب الهامة وشكلت “دولة عميقة” جديدة بديلة عن “الدولة العميقة” التي أسسها، “نوري المالكي”، في سنوات حكمه، كما أن الكتل السياسية، المدعومة من “إيران”، والتي تُشكل الغالبية في البرلمان، تخشى سيناريو تسلم رئيس الجمهورية مهام إدارة الحكومة وفقًا للدستور، وهو ما لا تريده “طهران”، التي تعتبر، “برهم صالح”، ضمن الجبهة الأميركية السياسية في “العراق”.

وكان رئيس الوزراء المكلف قد أعلن، الأربعاء، أنه انتهى من تشكيل حكومته، التي وصفها: بـ”المستقلة من دون مشاركة مرشحي الأحزاب”.

ودعا البرلمان إلى عقد جلسة استثنائية  للتصويت عليها لمنحها الثقة. فيما تعهد أن يكون التحقيق في قضية قتل المتظاهرين ومحاسبة المتسببين، أول إجراء له في حال إمراره في البرلمان، فضلاً عن تعهده بإجراء “انتخابات مبكرة حرة ونزيهة؛ بعيدًا من تأثيرات المال والسلاح والتدخلات الخارجية”.

سري جدًا..

تكتَم “علاوي” على أسماء مرشحيه لتولي المناصب الوزارية في الحكومة الجديدة، ورفض الإفصاح حتى لزعماء الكتل السياسية عن تلك الأسماء.

وخرجت تسريبات تفيد بأن موضوع تشكيل الحكومة المقبلة يجري بشكل “سري جدًا”؛ بين ثلاث شخصيات هم: “محمد توفيق علاوي”، وزعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، وزعيم تحالف (الفتح)، “هادي العامري”، بشكل حصري.

وكشفت التسريبات أن “علاوي” سيُحافظ على التوازنات المكوناتية داخل التشكيلة الحكومة، فيما تؤكد أنه حاول تلافي حصول أي تسريبات لأسماء الوزراء، لذلك عُمد إلى إرسال 70 اسمًا لهيئتي “المساءلة” و”العدالة والنزاهة”، حتى لا يمكن معرفة من منهم سيكون وزيرًا.

انقسام في تحالف “البناء”..

وتكشف التسريبات عن وجود انقسامًا كبيرًا داخل كتلة (البناء)، برئاسة “العامري”، بشقيها الشيعي والسُني، حيث تحاول بعض أطراف الجزء السُني، من الكتلة، الحفاظ على الوزارات ضمن آلية محاصصاتية، وكتلة طالبت بـ”وزارة الإعمار”، لكنها قوبلت برفض من “علاوي”. فيما تشعر الكتل الشيعية داخل (البناء)، بأن هناك غُبنًا في حصصهم بالحكومة، ويطالبون بالبقاء على النمط السابق نفسه.

ويبدو أن الخلافات داخل الكتل الحليفة لـ”إيران” بدأت بالتوسع، قبيل تشكيل الحكومة المقبلة، حيث يقف زعيم (ائتلاف دولة القانون)، “نوري المالكي”، وزعيم (عصائب أهل الحق)، “قيس الخزعلي”، في سياق الإعتراض على تشكيل الحكومة، مقابل “العامري” وبقية الكتل القريبة منه.

ماذا لو فشل تمرير حكومة “علاوي” ؟

أوضح الدستور العراقي الطريق الذي يجب أن تسلكه الدولة العراقية، في حال فشل حكومة “علاوي”، أو خلو المنصب لأي سبب، ولم يُعد الأمر يحتاج لتعقيدات سياسية، ووفق المادة (76) من الدستور؛ إذا أخفق “علاوي” ولم يحصل على الثقة، سواء على الكابينة أو المنهاج الوزاري، يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح جديد في غضون 15 يومًا.

وكان من المفترض أن يُسلم “عبدالمهدي”، إدارة البلاد، إلى رئيس الجمهورية وفق المادة (81) من الدستور، والتي تنُص على أنه في حال خلو المنصب يتسلم رئيس الجمهورية مهام رئيس الوزراء، لكنه استمر بالعمل لأن الأحزاب الشيعية كانت ترفض نقل المسؤولية للرئيس الكُردي رغم مخالفة ذلك للدستور؛ إلا أن الدوافع الطائفية كانت أقوى.

وكان أمام “عبدالمهدي” خيارين، إما أن يُسلم إدارة البلاد إلى رئيس الجمهورية؛ أو أن يذهب إلى “المحكمة الاتحادية” لأخذ رأيها في الموضوع وحسم الخلاف، كما أن مفهوم الكتلة الأكبر تم تجاوزه مع تشكيل حكومة “عبدالمهدي”، الذي اختير توافقيًا، وبات رئيس الجمهورية غير مقيد في تكليف من يراه مناسبًا في ما لو فشل “علاوي”.

معادلة حلفاء أميركا وحلفاء إيران !

في سياق متصل؛ فإن حلفاء “إيران” سبق أن دخلوا بإحتكاك وتبادل اتهامات مع رئيس الجمهورية، وهذا يُدلل على وجود قلق كبير جدًا من أن تؤول الأمور إليه، كما أن دخول حلفاء “إيران” على خط التفاوض لتمهيد الطريق أمام “محمد علاوي”، محاولة لعدم ذهاب الأمور إلى “برهم صالح” مرة أخرى، لأن تلك القوى تعتقد أن “برهم صالح” يمتلك نهجًا وأداءً يختلفان عن طموحهم ومصالحهم، وهذا ما يعزز مخاوفهم.

لذا فإن بعض الفصائل عارضت “علاوي” بناءً على حسابات زعاماتها الخاصة، رغم أن هناك قبولاً بنحو نصف زائد واحد داخل البيت الشيعي لإمرار “علاوي”؛ لعدة عوامل وتخوفات. القلق من إمكانية تكليف شخص آخر قد لا يُرضيهم في حال فشل “علاوي”، يأخذ مساحةً كبيرةً من تفكيرهم، هذا ما يدفعهم لمحاولة كسب جميع الأطراف لصالح الحكومة المقبلة.

والاعتراضات الحالية هي جزء من مناورات الحصول على مكاسب أكبر داخل الحكومة.

مخالفة قانونية..

من جهته؛ اعتبر عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي، “حسين العقابي”، الآلية التي طلبها رئيس الوزراء المكلف، “محمد توفيق علاوي”، لعقد جلسة استثنائية للتصويت على كابينته الوزارية، مخالفة للقانون.

وقال “العقابي”، في تصريحات صحافية ضمن بيان أصدره، الخميس، إن: “دعوة رئيس الحكومة المكلف إلى عقد جلسة استثنائية، يوم الإثنين المقبل، للتصويت على منح الثقة لحكومته؛ فيها مخالفة قانونية، لكون الدعوة تتم عن طريق رئاسة مجلس النواب، وهي من تحدد إنعقاد الجلسة”.

وأضاف “العقابي” أن: “حكومة علاوي ستحظى بتصويت الأغلبية البسيطة داخل البرلمان؛ لسبب مهم وهو حرص الكتل السياسية على عدم جر البلاد إلى تأزيم أكثر وزيادة تعقيد المشهد السياسي ما دامت حكومة علاوي حكومة لها مدة محددة لحين إجراء انتخابات مبكرة”.

وكان رئيس كتلة (بيارق الخير) النيابية، النائب “محمد الخالدي”، قد قال إن حصص المكونات القومية والطائفية في الحكومة الجديدة ستكون هي ذاتها في الحكومة السابقة؛ مع إضافة وزارة جديدة سيتم منحها للمكون التُركماني.

خطابات “علاوي” تُغازل المتظاهرين..

ومن المفترض أن يقدم “علاوي”، الذي سُمي رئيسًا للوزراء بعد توافق صعب توصلت إليه الكتل السياسية، تشكيلته إلى البرلمان قبل الثاني من آذار/مارس المقبل؛ للتصويت عليها، بحسب ما يُنص الدستور.

وقال “علاوي”، في رسالة فيديو نشرها عبر صفحته على (تويتر)؛ أنه سيتخلى عن مهمته إذا حاولت الكتل السياسية فرض مرشحيها عليه، ودعا المتظاهرين، في الوقت ذاته، إلى الاستمرار في الاحتجاجات.

وتابع “علاوي” في رسالته: “أود أن أتحدث مع الشعب العراقي مباشرة؛ وبعيدًا عن الإشاعات والتحليلات بعدما كلفني فخامة رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة الجديدة قبل قليل، قررت أولاً أن أتحدث معكم قبل أن أتحدث مع أي أحد آخر لأن سلطتي منكم أنتم بشكل عام، ولولا تضحياتكم بشكل خاص وشجاعتكم لما حدث أي تغيير في البلاد”.

وتم تكليف “علاوي”، (65 عامًا)، وزير الاتصالات الأسبق، بتشكيل الحكومة الجديدة في الأول من شباط/فبراير الجاري، بمباركة من “مقتدى الصدر” وتحالف (البناء)، المدعوم من “إيران”؛ ويتزعمه “هادي العامري”.

واستقال رئيس الحكومة السابقة، “عادل عبدالمهدي”، من منصبه، في كانون أول/ديسمبر الماضي، على وقع الاحتجاجات التي تشهدها “بغداد” ومدن الجنوب ذي الغالبية الشيعية، منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر 2019، وتدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد.

وأمام “علاوي” مهلة شهر لتشكيل الحكومة العراقية، التي تنتظرها العديد من المهام الصعبة والمعقدة؛ مثل ترتيب إجراء انتخابات برلمانية جديدة وتحسين الوضع الاقتصادي، الذي تسبب في اندلاع موجة الاحتجاجات الشعبية الواسعة، والتي قُتل فيها المئات وأصيب الآلاف من الشبان الغاضبين الذين يُحملون كل الطبقة السياسية التي تحكم “العراق”، منذ الغزو الأميركي عام 2003، مسؤولية الفساد والبطالة وإنعدام الخدمات.

و”علاوي” جزء من هذه الطبقة السياسية؛ وتولى أكثر من منصب وزاري في حكومة “المالكي” الأولى والثانية، وبعد شيوع خبر تكليفه انتشر وسم على (تويتر) ضد تكليفه.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب