خاص : كتابات – بغداد :
أكد وزير المالية العراقي، على وجود إرادة سياسية متزايدة لإجراء إصلاحات جذرية مطلوبة للبلاد لمعالجة أزمة السيولة الهائلة التي دفعت العراق إلى حافة الانهيار. قائلاً: “الآن؛ الإرادة أكثر مما كانت عليه قبل خمسة أشهر، أعتقد أن هناك اعترافًا بأنه ما لم ترتفع أسعار النفط بأعجوبة، فهذا شيء يتعين علينا التعامل معه وإدارته”.
جاء ذلك بحسب تصريحات “علي علاوي”، وزير المالية، في مقابلته مع وكالة (أسوشيتدبرس)، أمس الخميس، موضحًا أن انخفاض أسعار النفط أدى إلى خفض الإيرادات في الدولة المصدرة للنفط بمقدار النصف تقريبًا، كما أدى الإعتماد المفرط على النفط إلى الحد من قدرة الحكومة على الحصول على دخل آخر.
كما أدى اتساع العجز، من شهر إلى شهر، إلى خلق حالة من عدم اليقين بشأن كيفية سداد المدفوعات المستقبلية للأجور العامة والديون الخارجية والواردات الأساسية من الغذاء والدواء.
وجدير بالذكر أن الاقتصاد العراقي غير المستدام، الذي كشفته الضغوط المالية، التي حفزتها أسعار النفط المتداعية ووباء فيروس (كورونا)، يمثل مشكلة طويلة الأمد أزعجت الإصلاحيين لأكثر من عقد.
وأصدرت حكومة رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، هذا الأسبوع، “ورقة بيضاء”، من 95 صفحة، للإصلاح الاقتصادي، والذي إذا تم تنفيذه، من شأنه أن يدفع إلى إصلاح جذري للنظام بأكمله في غضون ثلاث إلى خمس سنوات.
وقال “علاوي”: “إنها ورقة مصممة لخلق إطار استراتيجي وسياسي لاقتصاد عراقي جديد. في نهاية هذه الفترة من التغيير والإصلاح … من المفترض أن يكون لدينا اقتصاد معاد هيكلته وأكثر ديناميكية، هذا هو الهدف منه”.
وأدى غياب الدعم من النخب السياسية الرئيسة إلى تقويض جهود مماثلة في الماضي. وما زالت حكومة “الكاظمي” تعتمد على موافقة البرلمان على الرؤية لتكتسب زخمًا.
وقال “علاوي”: “هناك إنكار أقل. قبل كل شيء إنكار”.
وذكر مسؤولون كبار، في حكومة “الكاظمي”، وبينهم “علاوي”، مرارًا أنه مع عدم توقع انتعاش أسعار النفط في الأمد القريب، فإن الإصلاحات فقط هي التي ستجعل العراق يتجنب كارثة اقتصادية. يواجه مستقبل المشروع اختبارًا كبيرًا: مصادقة البرلمان على شكل قرار ملزم أو تشريع.
وأضاف الوزير قائلاً: “حالما يتم ذلك، علينا أن نشمر عن سواعدنا ونبدأ العمل”. وقال “علاوي” إنه في وقت لاحق، سيتم دمج جوانب الخطة الموضحة في الورقة، في موازنة العام 2021، وهو أمر سيتطلب تصويتًا في البرلمان. وسيواجه الدعم الحكومي في قطاعي الكهرباء والنفط تدقيقًا خاصًا.
وأوضح الوزير: “جزء من مشكلة مالية، القطاع العام، هو الحجم الهائل للدعم، ونعتزم معالجة هذا الأمر بشكل مباشر في موازنة 2021”.
لكن النقاش العام ركز على “الورقة البيضاء” التي تهدف إلى خفض الأجور العامة من 25 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 12 بالمئة.
ويعتبر تخفيض أجور القطاع العام، خاصة في عام الانتخابات، خطوة لا تحظى بشعبية على نطاق واسع.
ومع ذلك، كان “علاوي” حازمًا حين قال: “لقد قلت مرات عديدة من قبل، أن حصة عائدات النفط المخصصة للرواتب، في عام 2004، كانت 20 بالمئة، والآن هي 120 بالمئة”.
وشدد على أنه: “من الواضح أن هذا غير مستدام”.
في أيلول/سبتمبر، حقق العراق 3.16 مليار دولار من صادرات النفط، ما يمثل 90 بالمئة من إيرادات الدولة، أي أقل من نصف السبعة مليارات دولار اللازمة لدفع الرواتب والمعاشات التقاعدية والواردات والديون.
وتأخرت رواتب أيلول/سبتمبر وسداد أجور تشرين أول/أكتوبر؛ يعتمد إلى حد بعيد على الإقتراض الحكومي الداخلي.
وتم استنفاد مشروع قانون سابق يسمح بإقتراض داخلي بقيمة 12 مليار دولار. ويواجه مشروع قانون جديد يطلب 35 مليار دولار، تصويتًا في البرلمان.
وقال “علاوي”، عن مشروع القانون: “أتمنى أن يوافق عليه البرلمان. إذا لم يحدث ذلك، فلدينا إمكانية لبدائل أخرى، لكن الأمر سيكون أكثر صعوبة”.
ويبلغ احتياطي العراق من العُملة الصعبة، 53 مليار دولار.