عقدة “نتانياهو” تلاحقه .. الرئيس الإسرائيلي يُكلف “غانتس” بتشكيل الحكومة الجديدة .. فهل ينجح ؟

عقدة “نتانياهو” تلاحقه .. الرئيس الإسرائيلي يُكلف “غانتس” بتشكيل الحكومة الجديدة .. فهل ينجح ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة متوقعة؛ تنتهي بموجبها المسيرة السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، “بنيامين نتانياهو”، كلف الرئيس الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، رئيس كتلة (أزرق-أبيض)، “يني غانتس”، بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد فشل “نتانياهو” في تشكيلها.

وقال الرئيس الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، إنه سوف يكلف رئيس الأركان السابق البرلماني، “بيني غانتس”، بتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك بعد عدم إبداء أي من الفصائل البرلمانية اعتراضها عليه.

وتعتبر القائمة العربية المشتركة في “الكنيست” الإسرائيلي، إزاحة “بنيامين نتانياهو” والسماح لـ”غانتس” بتشكيل الحكومة، انتصارًا كبيرًا.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، قد أعلن، يوم الإثنين الماضي، إعادة التفويض الممنوح له لتشكيل الحكومة المقبلة إلى الرئيس الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، بعدما أخفق في جمع عدد كافي من نواب “الكنيست” للإنضمام للائتلاف الحكومي.

وهذه هي المرة الثانية، خلال عام ونصف العام، التي يفشل فيها “نتانياهو” في تشكيل حكومة في أعقاب انتخابات عامة، تاركًا “إسرائيل” في حالة شلل سياسي مستمر.

وكان “ريفلين” فد كلف، في الـ 25 من أيلول/سبتمبر الماضي، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، “نتانياهو”، بتشكيل حكومة جديدة.

وكان أمام “نتانياهو” 28 يومًا حتى يُشكل حكومته الجديدة، مع إمكانية التمديد 14 يومًا.

تشكيل حكومة وحدة وطنية..

وفور التكليف؛ قال حزب (أزرق-أبيض)، في بيان: “حان وقت العمل”، مضيفًا: “(أزرق-أبيض) مصمم على تشكيل حكومة وحدة ليبرالية يقودها غانتس صوّت لها الشعب الإسرائيلي قبل شهر”، معربًا “غانتس”، عن تفاؤله بتشكيل الحكومة، قائلًا، فور تسلمه التكليف: “لقد وعدت بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وسأبذل كل جهد لفعل ذلك”.

وسيكون أمامه 28 يومًا فقط لإكمال المهمة الصعبة المتمثلة في تشكيل الحكومة.

وإذا أخفق “غانتس” أيضًا، فإن الرئيس سيبلغ رئيس “الكنيست”، أنه لا يوجد إمكانية لتشكيل الحكومة، وفي هذه الحالة سيكون أمام أعضاء “الكنيست”، البالغ عددهم 120 عضوًا، الفرصة لجمع تأييد 61 عضوًا من أعضاء “الكنيست” لاختيار مرشح.

وسيكون لديهم مهلة مدتها 21 يومًا للقيام بذلك، وإذا أخفقوا، فسيتعين حل “الكنيست” مجددًا وستُجرى انتخابات جديدة.

وكانت النتائج النهائية للانتخابات الأخيرة قد أظهرت أن حزب (الليكود) الحاكم حصل على 32 مقعدًا، متخلفًا بمقعد واحد فقط عن حزب منافسه “غانتس”.

وعقب صدور نتائج الانتخابات، عرض “نتانياهو” تشكيل حكومة وحدة وطنية على “غانتس”، الجنرال السابق الذي برز هذا العام كوجه جديد ليتحدى “نتانياهو”.

لكن حزب “غانتس” رفض عرض “نتانياهو”، الذي هيمن على مدى السنوات العشر الماضية على السياسة الإسرائيلية بمفرده، ودون منافس فعلي.

استهدفت إقصاء “نتانياهو”..

حول موقف القائمة العربية من “غانتس”، قال “منصور دهامشة”، رئيس (الجبهة الديمقراطية للسلام)، والقيادي في القائمة العربية المشتركة، إن: “بيني غانتس يتمتع بفرصة لتشكيل الحكومة الإسرائيلية، خصوصًا بعد فشل بنيامين نتانياهو”.

مضيفًا أن: “القائمة من البداية عملت على إقصاء نتانياهو من مهمة تشكيل الحكومة، الآن غانتس لديه الإمكانيات لتشكيل الحكومة، وتغيير نهج السياسة اليمينية المتطرفة في إسرائيل”.

وبشأن إمكانية أن يحقق “غانتس” مطالب القائمة العربية، قال: “نحن نأمل ذلك، ونقول بشكل قاطع، أننا ذهبنا للبرلمان من أجل تحقيق الإنجازات لمجتمعنا العربي والفلسطيني، وهذا ما نعمل عليه، مطالبنا واضحة، ولن نكون ورقة للتفاوض بين نتانياهو وغانتس”.

وتابع: “في المرحلة الأولى، سيعمل غانتس على تشكيل حكومة وحدة وطنية مع نتانياهو، وفي ظل الإمكانيات الضئيلة، سيتوجه إلينا في نهاية المطاف، وحينها سندرس الموضوع بشكل جدي وموضوعي، ونخرج بقرار صحيح يصب في مصلحة شعبنا والجماهير التي انتخبتنا”.

وحول إمكانية مشاركة القائمة العربية في حكومة “غانتس”، قال: “نهائيًا، لا يمكن أن نشارك في حكومة متطرفة، حتى لو كان هناك أي إغراء أو إعطاء مطالب، نحن نرى أن السبب الرئيس في مشاكل المنطقة هو الاحتلال، وإصراره على ظلم أبناء شعبنا وإتباع سياسة التمييز العنصري”.

وأختتم حديثه قائلًا: “لن نكون شركاء في حكومة طالما الاحتلال جاسم على صدر فلسطين، وما دام اليمين المتطرف سيد الموقف، مطالبنا واضحة، نطالب بتغيير نهج السياسة الإسرائيلية”.

القائمة العربية..

يُذكر أن أغلبية القائمة العربية المشتركة في “الكنيست” الإسرائيلي كانت قد وجهت رسالة لـ”رؤوفين ريفلين”، أوصت فيها بأن يُشكل رئيس قائمة (أزرق-أبيض)، “بيني غانتس”، الوزارة الجديدة.

واعترض على هذه التوصية؛ نواب (التجمع الوطني الديمقراطي) المشارك في القائمة.

وجاء في الرسالة أن التوصية تقتصر على نواب (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة)، (الحركة الإسلامية-الشقّ الجنوبي)، (القائمة العربية الموحدة)، و(الحركة العربيّة للتغيير)، وأن مجموع الأصوات لصالح التوصية هو 10 أصوات، بينما إمتنع نواب التجمع، وعددهم ثلاثة، عن التوصية بأي من المرشّحين.

وتُعد هذه المرة الأولى في تاريخ “إسرائيل” التي تحل فيها القائمة العربية المشتركة في المركز الثالث في انتخابات “الكنيست”، (البرلمان)، الإسرائيلي، التي جرت في الـ 17 من أيلول/سبتمبرالماضي.

كما أنها المرة الأولى التي تعلن فيها مجموعة أحزاب عربية عن دعم مرشح لمنصب رئيس وزراء “إسرائيل”، منذ عام 1992، الذي دعمت فيه “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة”، (حدش)، رئيس الوزراء حينها، “إسحاق رابين”.

بيد أن دعم هذه القائمة لـ”غانتس” لن يكون حاسمًا، إذ لن يوفر له تأييد نواب القائمة العربية المشتركة الوصول إلى عدد الـ 61 نائبًا، وهو العدد المطلوب لتحقيق أغلبية في المجلس المكون من 120 مقعدًا.

وتمثل القائمة المشتركة تحالفًا سياسيًا يضم أربعة أحزاب عربية في “إسرائيل”، وهي “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة”، و”التجمع الوطني الديمقراطي”، و”القائمة العربية الموحدة”، و”الحركة العربية للتغيير”.

محاسبة “نتانياهو” والذهاب لانتخابات ثالثة..

وحول إمكانية تشكيل “غانتس” للحكومة الجديدة؛ يذكر “د. علي الأعور”، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، في مقال بموقع (دنيا الوطن)؛ أن قائمة “الأزرق والأبيض” حصلت على 33 عضو كنيست في الانتخابات الأخيرة، في 17 أيلول/سبتمبر الماضي، وحصل (حزب العمل-غيشر) بزعامة، “عمير بيرتس”، مع “أورلي ليفي”، على 6 مقاعد، بينما حصل المعسكر الديموقراطي تحالف بين “ميرتس” و”إيهود باراك” على خمسة مقاعد، وبالتالي مجموع المقاعد التي حصل عليها وسط اليسار على 44 مقعدًا من أصل 120 مقعدًا في “الكنيست”.

وبقي حزب “ليبرمان”، (إسرائيل بيتنا)، والذي حصل على 8 مقاعد، هو من يقرر شكل ورئيس الحكومة القادمة في “إسرائيل”، ولكن “ليبرمان” كتب على صفحته الرسمية، عقب نتائج الانتخابات الرسمية التي أصدرتها لجنة الانتخابات المركزية في “إسرائيل” لن ينضم إلى حكومة يمينية ضيقة أو حكومة يسارية بدعم القائمة المشتركة لها، والتي بدورها حصدت 13 مقعد في انتخابات “الكنيست 22”.

ويرى “الأعور” أنه من خلال تلك الخارطة السياسية في “إسرائيل”؛ نجد أن “غانتس” سوف يبدأ مشاوراته واتصالاته مع رؤساء أحزاب اليمين لأن الرجل الثاني في قائمة “الأزرق والأبيض” مع “ليبرمان” يضع (فيتو) للتحالف مع أحزاب “الحريديم”، (شاس حصلت على 9 مقاعد، ويهودوت هتوراة حصلت على 8 مقاعد).

وبالتالي فإن “غانتس” تبدو مهمته صعبة جدًا إن لم تكن مستحيلة، ولكنه خلال الفترة القادمة، خلال شهرين، يستطيع تشكيل حكومة أقلية بدعم القائمة المشتركة بعدد من الأصوات يصل إلى 57 صوتًا في “الكنيست”، وبغياب حزب “ليبرمان” عن التصويت سوف يتمكن “غانتس” من تشكيل حكومة لمدة 3 أسابيع؛ سوف يتمكن خلالها، “غانتس”، من أن يصبح رئيس حكومة “إسرائيل” وإبعاد “نتانياهو” عن الحلبة السياسية في “إسرائيل” لكسب مزيدًا من الوقت حتى يتم صدور قرار المستشار القانوني للدولة، “إفيخاي مندلبليت”، في إدانة “نتانياهو” بالرشوة والفساد في ملفات (1000 و2000)، وبعد ذلك يشارك “ليبرمان” في طرح مشروع حجب الثقة عن الحكومة والذهاب إلى انتخابات ثالثة في بداية العام القادم؛ ويكون “الأزرق والأبيض” تمكن من الوصول إلى إدانة “نتانياهو”، وبالتالي فقدان شرعيته وقوته السياسية في الشارع الإسرائيلي وحصول قائمة “الأزرق والأبيض” على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات “الكنيست 23” إذا ما توافقت جميع الكتل والأحزاب على الذهاب إلى الجمهور مرة أخرى والقبول بانتخابات جديدة.

عقدة “نتانياهو” تستمر مع “غانتس” !

كما علقت جريدة (القدس العربي)، في افتتاحيتها؛ على ما حدث فذكرت إنه: “رغم شعار غانتس القائل بأن 80 في المئة من الإسرائيليين متفقون على 80 في المئة من القضايا، فإن العقدة التي استعصت على نتانياهو هي ذاتها التي سوف تستعصي على غانتس”.

وتتابع الافتتاحية أن هذه العقدة؛ تحصر مصير تشكيل حكومة جديدة في يد “أفيغدور ليبرمان”، وزير الدفاع السابق وزعيم حزب (إسرائيل بيتنا)، الذي يملك ثمانية مقاعد. وشروط “ليبرمان” للإنخراط في حكومة وحدة وطنية لا تقبل التفاوض ولا التنازل، وهي سلة متكاملة تبدأ من قانون تجنيد المدارس الدينية وتمرّ بتعديل المناهج بما يلبي حاجات اليهود المتدينين.

وتضيف الافتتاحية أن هذه الشروط: لا تنتهي عند تعطيل مواصلات النقل العام، أيام السبت، ورفض الزواج المدني ومنح وزارة الداخلية إلى حزب (شاس)، الذي نال تسعة مقاعد. أما على الصعيد الفلسطيني فإن “ليبرمان” يطالب بفرض عقوبة الإعدام على منفذي العمليات من الفلسطينيين، وتعطيل حكومة (حماس)، وسحب الجنسية من الفلسطينيين المقدسيين.

وترى الافتتاحية أن؛ “الديمقراطية” الإسرائيلية تثبت أنها رهينة إثنين من الأحزاب الدينية يمكن أن يعطلا الحياة السياسية إلى ما لا نهاية، في غمرة نقاشات محمومة حول الهوية الدينية للدولة وتكريس القوانين التمييزية والعنصرية، بعيدًا بالطبع عن قضايا السلام والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

خيارات إقامة حكومة جديدة..

ويقول “أشرف العجرمي”، في جريدة (الأيام) الفلسطينية؛ إن: “هناك عدة خيارات لإقامة حكومة جديدة، مع أنها جميعها ليست سهلة حتى لو لم تكن مستحيلة: من هذه الخيارات نجاح غانتس في تشكيل حكومة واسعة بمشاركة (الليكود) بدون نتانياهو؛ أو بقبول الأخير بأن يكون رئيس الحكومة في الفترة الثانية في التناوب على رئاسة الحكومة، حيث إن أي حكومة واسعة مع (الليكود) ستفضي بالضرورة إلى تقاسم فترة رئاسة الحكومة بين الحزبين الكبيرين”.

ويضيف “العجرمي”: “الخيار الثاني، حكومة ضيقة بمشاركة كل من (أزرق-أبيض) وحزب (العمل-غيشر) و(المعسكر الديمقراطي) و(إسرائيل بيتنا)؛ بدعم من القائمة العربية المشتركة دون المشاركة في الحكومة. وهذا خيار قد يكون مستحيلًا بالنظر إلى تعهد ليبرمان بعدم تشكيل حكومة ضيقة وعدم الإعتماد على دعم القائمة العربية”.

ويتابع: “ولا شك أن نجاح غانتس في تشكيل حكومة، أي حكومة، ومهما كانت قدرتها على الصمود، سيدفع قيادات في حزب (الليكود) إلى التفكير في مستقبلها السياسي بعيدًا عن نتانياهو الحصان الخاسر. وقد يقود هذا للتمرد على نتانياهو والبحث عن زعيم آخر أو حتى حصول انقسام في (الليكود) وذهاب مجموعة من أعضائه لتشكيل إطار جديد والإنضمام للحكومة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة