يتفق سياسيون ومراقبون في إقليم كردستان العراق على أن تشكيل الحكومة الجديدة بالإقليم تحتاج إلى وقت وجهود مضنية، ويُرجعون ذلك إلى التغيير الجذري الذي طرأ على التركيبة السياسية بعد الانتخابات الأخيرة التي شهدها الإقليم يوم 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
وبقي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود البارزاني في المرتبة الأولى، بينما تراجع الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني إلى المرتبة الثالثة، وسجلت حركة التغيير “كوران” المعارضة تقدما واضحا بحلولها ثانية في السباق الانتخابي.
المشاورات لم تبدأ
وبعد نحو ثلاثة أسابيع من إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، لم تبدأ المشاورات بين الكتل الفائزة لرسم ملامح تشكيل حكومة جديدة يرأسها -على الأرجح- الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي حصل على 38 من أصل 111 مقعدا نيابيا، ولكن تراجع شعبية حليفه الإستراتيجي “الاتحاد الوطني” وحصوله على 18 مقعدا فقط غيّر المعادلة السياسية.
ويؤشر هذا التراجع على صعوبة تشكيل حكومة مناصفة بين الحليفين كما كانت عليه الحال على مدى الأعوام العشرين الماضية، وربما تشهد الأيام المقبلة حراكا بين جميع القوى لتشكيل حكومة وحدة وطنية أو ائتلافية أو تحالفية.
ويرى مراقبون أنه مهما كان شكل الحكومة، فإنها تحتاج إلى وقت -يبدو أنه سيكون طويلا- لتقريب الرؤى بين أحزاب السلطة من جهة والمعارضة المتمثلة في “حركة التغيير” والتيارات الإسلامية من جهة أخرى.
وحدد الاتحاد الوطني الكردستاني موقفه الداعم لتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع الأحزاب والكيانات السياسية التي حصلت على مقاعد برلمانية دون إقصاء أو تهميش طرف على حساب آخر.
تشاؤم الساسة
وأقر المسؤول الإعلامي لقائمة “الاتحاد الوطني” طارق جوهر بصعوبة المرحلة المقبلة، ولم يستبعد احتمال تعثر المباحثات والمشاورات بين القوائم الفائزة لتشكيل حكومة يتفق عليها الجميع.
وأكد جوهر للجزيرة نت أن جميع الاحتمالات قائمة لعقد تحالفات مع القوى الكردستانية الفائزة في الانتخابات البرلمانية.
وفي سياق التشاؤم نفسه، أشارت حركة التغيير -التي حصلت على 24 مقعدا برلمانيا وحلت ثانية- إلى احتمال تعثر المشاورات لتشكيل الحكومة المقبلة وتقاسم السلطة بين الأحزاب الفائزة، في إشارة إلى حكومة الوحدة الوطنية.
وقال مسؤول العلاقات في الحركة الدكتور محمد الحاجي إن مشاركتهم في الحكومة المقبلة مرهونة بالشراكة الحقيقية في القرار السياسي والتعامل مع جميع الملفات الداخلية والخارجية بشفافية، حسب وصفه.
وشدد الحاجي على أن “حركة التغيير” ليس لديها أي تحفظ على أي جهة كانت، لكنها مع تشكيل حكومة تضم نخبة من الكفاءات الوطنية.
ولم يستبعد إمكانية تشكيل حكومة تحالفية على أساس الأكثرية النيابية، سواء كان ذلك بقيادة الحزب الديمقراطي أو حركة التغيير، لكنه يرى أنها ستكون حكومة مختلفة عن الوضع السياسي الحالي للإقليم.
حكومة ائتلافية
من جانبه يرى المحلل السياسي عبد الغني علي أن تكون الحكومة الجديدة في الإقليم ائتلافية تشارك فيها أغلب الكتل وخاصة الاتحاد الوطني الكردستاني.
وأشار علي في حديث صحفي إلى أن الوضع الداخلي لهذا الحزب حرج ولا يمكنه الانتقال إلى المعارضة، لأن ذلك سيعمق مشاكله الداخلية وخاصة بغياب الطالباني، وربما يبعده ذلك بشكل نهائي عن المعادلة السياسية في الإقليم.
أما الباحث السياسي باقي باباله فيتوقع أن تستغرق المباحثات بين جميع الأطراف وقتا طويلا بسبب سعي جميع الكيانات -بما فيها التيارات الإسلامية والأقليات- للمشاركة في حكومة قد يتقاسم معظم مقاعدها الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير، إن كانت وفق الأحجام بالبرلمان.
ووفقا للعرف القانوني في إقليم كردستان العراق، تصدر رئاسة الإقليم مرسوما لعقد أول جلسة للبرلمان بعد المصادقة على النتائج النهائية من قبل محكمة التمييز، ودراسة جميع الطعون المقدمة من الكيانات السياسية.