خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد إعلان واشنطن عن تشكيل قوة أمنية جديدة على الحدود السورية بالتعاون مع الأكراد، والوضع يتأزم يوماً بعد يوم، بسبب أزمة مدينة “عفرين” السورية ما بين تركيا والقوات الكردية في هذه المنطقة ومعها القوات الأميركية، حتى وصل الأمر لأعلان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أن استعدادات الجيش التركي للعملية العسكرية في “عفرين” قد أكتملت وأن العملية قد تبدأ بأي لحظة.
وتستعد تركيا لشن عملية عسكرية ضد “وحدات حماية الشعب” الكردية في مدينة “عفرين” السورية، وفي هذا الإطار يواصل الجيش التركي إرسال التعزيزات العسكرية وحشد قواته على الحدود مع سوريا.
ومن المنتظر أن يتخذ مجلس الأمن القومي التركي قرار إطلاق العملية العسكرية في “عفرين” خلال الاجتماع الذي يعقده اليوم الأربعاء برئاسة “إردوغان”.
أمر غير مقبول..
في خطوة من خطوات التصعيد التركي، بحث “إردوغان”، الثلاثاء 16 كانون ثان/يناير 2018، هاتفياً مع أمين عام حلف شمال الأطلسي، “ينس ستولتنبرغ”، إعلان التحالف الدولي ضد “داعش” عن تشكيل قوة أمنية حدودية في سوريا.
وقالت مصادر في الرئاسة التركية، إن “الرئيس التركي أجرى اتصالاً هاتفياً مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بحثا خلاله إعلان التحالف الدولي ضد داعش عن تشكيل قوة أمنية حدودية في شمال سوريا”.
وأكد “إردوغان” على؛ “أن تشكيل القوة الأمنية الحدودية بقيادة قوات سوريا الديمقراطية التي تتزعمها وحدات حماية الشعب الكردية أمر غير مقبول إطلاقاً”، حسب المصادر الرئاسية.
مضيفاً: أن “هذه المبادرة لا تخدم وحدة سوريا وإستقرارها، كما أن تعاون بعض الحلفاء مع المنظمة الإرهابية أمر لا يمكن فهمه”.
وأوضح: أن “تركيا ستتخذ جميع التدابير اللازمة أمام التطورات في سوريا من أجل حماية أمنها القومي، وذلك في إطار الحقوق الناشئة عن القانون الدولي”.
وتابع “إردوغان”: “إن تركيا لن تبقى في موقف المتفرج على تشكيل قوة إرهابية بالقرب من حدودها، وستستمر في شرح هذا للأميركيين على جميع المستويات”.
لم يتم التشاور مع “الناتو”..
من جانبه قال أمين عام حلف شمال الأطلسي، “ستولتنبرغ”: “من حق تركيا الطبيعي الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الإرهابية”.
وأشار “ستولتنبرغ”، إلى أن تركيا بلد مهم بالنسبة لـ”الناتو”، موضحاً: “لم يتم التشاور معهم بخصوص تشكيل قوة أمنية حدودية في شمال سوريا”.
كما أكد على أهمية الحوار المفتوح بين الحلفاء من أجل حل المشكلة، حسب المصادر الرئاسية.
يتوعد بالقضاء على إرهابيو “منبج” و”عفرين”..
كرر “إردوغان” وعيده بالقضاء على “الإرهابيين” في “منبج” و”عفرين” سيتم خلال وقت قصير، رغم الدعم المقدم لهم.
وأوضح قائلاً: “سنقضي على الإرهابيين في منبج وعفرين خلال وقت قصير رغم الدعم الذي يقدم لهم”، في إشارة إلى القوات الكردية.
وأضاف الرئيس التركي: “العملية العسكرية التركية في عفرين بسوريا سيدعمها مقاتلون من المعارضة السورية”.
كما ذكر أنه لن يتواصل مع الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في المستقبل القريب، حول الوضع في سوريا، في حين أنه مستمر في التواصل مع الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”.
التحالف وروسيا سيردان على تدخل تركيا..
رداً على تهديدات “إردوغان”، حذر عضو الهيئة التنفيذية، مستشار الرئاسة المشتركة لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي، “سيهانوك ديبو”، من أن “التحالف بقيادة واشنطن” لن يكتفي بالنظر فقط، وروسيا لن تقف مكتوفة الأيدي، إزاء تدخل تركيا عسكرياً في “عفرين”، شمالي سوريا.
وقال “ديبو”: “ثقتنا بشعبنا وبكل المكونات السورية التي تعيش في عفرين كبيرة، وقد أثبتت التجارب ذلك في عين العرب (كوباني) أولاً”.
وأضاف: “لا نعتقد بأن التحالف الدولي العربي بقيادة واشنطن سينظر فقط، إذا ما وقع هذا، وروسيا أيضاً لن تقف مكتوفة الأيدي”.
وقال “ديبو”: “القاهرة تعلم ما تبيت لها أنقرة، وما فعلت في مصر، وليبيا، وتونس والخليج العربي، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى الخرطوم مؤخراً تصب في هذا المنحى أيضاً؛ فخلخلة إستقرار العالم العربي ليس مرده طهران فقط، إنما هي أنقرة بالأساس”.
هدف تركيا إستبعادنا من “جنيف” و”آستانا”..
رداً على سؤال حول أسباب عداء تركيا للأكراد في سوريا، في الوقت الراهن، قال “ديبو”: “تركيا ترى بأنه لا يجب أن يكون للكرد أي دور حديث في المنطقة؛ كي لا يكون لهم بصمة في أية تسوية، وتتحمل بشكل رئيس مسؤولية إستبعادنا من حضور 16 اجتماعاً متعلقاً بحل الأزمة السورية في جنيف وآستانا”.
وأضاف أحد أسباب تهديدات تركيا الحالية؛ وحتى قصفها لـ”عفرين”، لكي يتم إستبعادنا من حضور “سوتشي” وجولة “جنيف” التاسعة، أما السبب الأساس فهو عداءها لشعوب المنطقة برمتها، وخاصة للشعب وللقضية الكردية، لكن من المهم التأكيد بأنه حان تغيير هذه النتيجة المخزية أيضاً.
“عفرين” خارج نطاق مسؤولية التحالف الدولي..
إلا أن “التحالف الدولي” قد خذله، حيث أعلن أن مدينة “عفرين” شمالي سوريا، والتي أعلنتها أنقرة منطقة لعمليتها العسكرية ضد الفصائل الكردية، تقع خارج نطاق مسؤولياته.
وقال المتحدث باسم التحالف الدولي، “ريان ديلون”، مجيباً عن سؤال حول ما إذا كان التحالف يدعم عملية أنقرة ضد الأكراد في سوريا، قال: “إن منطقة العملية التركية تقع خارج نطاق مسؤولية التحالف”.
و”ديلون”، الذي يشارك حالياً في أعمال اجتماع اللجنة العسكرية لحلف “الناتو”، المنعقد في بروكسل حتي اليوم، أكد أن الوضع العسكري على الحدود التركية السورية سيكون موضع بحث في الاجتماع.
تركيا لن تسمح بتسليح “وحدات حماية الشعب” الكردية..
سبق أن أعلن رئيس هيئة الأركان العامة التركية، “خلوصي آكار”، الذي يحضر اجتماع “الناتو” أيضاً، أن بلاده لن تسمح بتسليح “وحدات حماية الشعب” الكردية (YPG) في سوريا، بإعتبارها إمتداداً سورياً لـ”حزب العمال الكردستاني” المصنف إرهابياً في تركيا، ودعا دول “الناتو” إلى عدم التمييز بين “التنظيمات الإرهابية”.
ويوم الإثنين، دعا البنتاغون الأطراف إلى تخفيف حدة التوتر على الحدود التركية السورية، مؤكداً في الوقت نفسه على أن “وحدات حماية الشعب” الكردية “شريك لا غنى عنه” في عمليات التحالف ضد “داعش” بسوريا.
كرر تهديداته بإجتياح “عفرين”..
في أكثر من مناسبة، أعلن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، عن نية بلاده إجتياح منطقة “عفرين” الكردية في سوريا؛ بسبب تمركز “وحدات حماية الشعب” الكردية فيها وتوليها مسؤولية الأمن فيها.
وتعتبر تركيا قوات “وحدات حماية الشعب” جماعة “إرهابية”، لصلتها القوية بـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي، الذي يسيطر على المناطق ذات الغالبية الكردية في سوريا.
وقد نشرت تركيا المئات من الجنود وعشرات المدرعات والدبابات في محافظة “إدلب”، التي تسيطر عليها جماعة “هيئة تحرير الشام”، ( النصرة سابقاً)، كما أقامت هناك ثلاث قواعد عسكرية تشرف على منطقة “عفرين” المجاورة.
كما حشدت تركيا قوات كبيرة على الحدود مع منطقة “عفرين” وقصفت عدة قرى فيها إنطلاقاً من قواعدها داخل الأراضي التركية ومن منطقة “أعزاز” المجاورة ومن محافظة “إدلب”.
نشرت قواتها في “إدلب” لجعلها منطقة خفض توتر..
جاء نشر تركيا لقواتها في محافظة “إدلب” بناء على اتفاق مع روسيا وإيران بهدف جعل “إدلب” منطقة “خفض توتر”، لكنها لم تخف أن الهدف الأساس لنشرها قواتها هناك؛ هو التصدي لـ”وحدات حماية الشعب”.
وبموجب الاتفاق الروسي التركي الإيراني، من المزمع أن تقيم القوات التركية 14 نقطة في “إدلب” بهدف الإشراف على وقف إطلاق النار بين القوات الحكومية والمعارضة في المحافظة.
وتقول أنقرة إن عمليتها في “إدلب” تكللت بالنجاح؛ رغم أن الإشتباكات بين القوات الحكومية والمعارضة في “إدلب” تصاعدت مؤخراً وأدت إلى نزوح 100 ألف شخص خلال الأيام القليلة الماضية.