خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
حظي موضوع السياسة الخارجية الإيرانية؛ خلال الأسابيع الماضية، بالكثير من التحليلات، بعد الموافقة على تعيين؛ “عباس عراقجي”، بمنصب وزير الخارجية، بالتوازي مع عودة؛ “محمد جواد ظريف”. بحسب تقرير “إحسان پارسا”؛ المنشور بصحيفة (عصر رسانه) الإيرانية.
واعتقد البعض في إمكانية تحول سياسة الحكومة الرابعة عشر باتجاه أهم وعود؛ الدكتور “مسعود بزشكيان”، المنسّية، أو على الأقل سوف يعمل هذا المسّار الجديد في صناعة القرارات على تحسّين العلاقات الخارجية وإلغاء العقوبات.
مع هذا كان عدد من الخبراء قد أكد بعد استلام “بزشكيان” دفة توجيه الحكومة، أن الوصول إلى مسّار واضح لتحسّين وتحقيق التنمية الاقتصادية يتطلب تغيير في السياسات العامة المتعلقة بهذا المجال، وأن إلغاء العقوبات والمفاوضات قد تكون بالغة التأثير.
وثمة رؤية أخرى تشُّدد على الاستمرار في المسّار عبر الاعتماد على القدرات الداخلية والتخلص من العقوبات.
في المقابل؛ تنطوي هذه الوصفات المتلوية من الأطياف الاقتصادية والسياسية الأصولية على حقائق تحذيرية، أهمها تآكل الطبقة الوسطى في “إيران”. فالإحصائيات والأرقام الصادرة عن مراكز البحوث ووسائل الإعلام، تعرض صورة قاتمة عن المخاطر.
تذبذب الإحصائيات..
وفق الدراسات كانت الطبقة الوسطى في “إيران” قد تضائلت بنحو: (11%)، وهذا التخفيض، بطبيعة الحال، له معنى ومغزى في فترة زمنية محددة.
ومنذ العام 1996م، كانت الطبقة الوسطى في “إيران” تُشكل نحو: (30%)، وبلغت حتى العام 2000م نحو: (35%)، وقد تأثرت عوامل نمو هذه الطبقة بقضايا الحرب وتسّوية العوامل المهمة في الحرب.
ثم ازداد نمو الطبقة الوسطى بوصول؛ السيد “محمد خاتمي”، للسلطة، وتصاعدت وتيرة الإصلاحات في عهده تحت عنوان “حوار الحضارات وتحسّين العلاقات الخارجية”، واستمر ذلك حتى العام 2012م؛ وبداية فرض عقوبات نووية على “إيران”.
بعبارة أخرى اتخذ المسّار الصعودي للطبقة الوسطى في “إيران” شكلًا طبيعيًا وتنمويًا خلال الفترة: (1990-2012م)، لكن بعد ذلك تسببت آثار العقوبات في أفول الطبقة الوسطى في “إيران”.
تفاقم أزمة السيّولة..
تحظى هذه المسألة بالبحث باعتبار أن أهم عوامل تفاقم الأزمة بالنسبة للطبقة الوسطى؛ هو موضوع العقوبات المتكررة وكيفية تأثيرها على هذه الطبقة ذات الأهمية الكبرى.
ويعتقد الكثير من الخبراء أن الضربات التي تعرضت لها هذه الطبقة وسقوطها من المنظور الاقتصادي قد يتسبب مستقبلًا في مشاكل بمجالات المطالبة والوساطة بالمجتمع. ويعتقد الاقتصاديون في التأثير الجيد لشرائح الدخل المتوسط على دورة الحكم، وانعدام ذلك قد يخل بالازدهار الاقتصادي ودورة السّيولة في المجتمع.
وهذه الطبقة بسبب الأفكار الثقافية القريبة إلى الميول التنموية في الدولة، لا تندرج ضمن مجموعة الوسطاء الاقتصاديين التي تتربح من المضاربة والبيع والشراء، ولا تدخل ضمن الطبقة الفقيرة التي تمتلك آلاف الحلول للمعيشة.
ونظرة على فترة العقوبات من: (2012-2019م)، تعكس زيادة في انكباب الأفراد على السوق الموازي للذهب والفضة حفاظًا على قيمة ممتلكاتهم، وقد تسببت هذه الزيادة في تحول عملية السيطرة على السيولة إلى أزمة بالنسبة للحكومات في تلك الفترة. وهذا التغيير الثقافي والاقتصادي في فكر الطبقة الوسطى لم يتسبب في اضطرابات بالمجالات الاقتصادية فقط، وإنما أيضًا زيادة الاضطرابات في المجالات الاجتماعية والسياسية.
تغييّر المسار الاقتصادي بالانفتاح في السياسة الخارجية..
والسؤال الآن: لماذا الطبقة الوسطى مهمة ؟!.. إذا سلمنا بأهمية دور الطبقة الوسطى في تحقيق التنمية الاقتصادية، وازدهار سوق الإبداع في الدولة، فلابد من الاعتراف كذلك بتأثير العقوبات السلبي عبر تراجع العوائد النفطية، والواردات، وزيادة التضخم بشكلٍ أثر على تراجع القدرة الشرائية، وتآكل الطبقة الوسطى.
من ثم فإن أي استراتيجية تعتمدها حكومة “بزشكيان”؛ لـ”وزارة الخارجية”، لابد أن تُراعي إمكانية إلغاء العقوبات واستمرار انعدام العقوبات بشكلٍ دائم في الاقتصاد الإيراني.
والأزمات المتوالية التي قد تضرب الطبقات الاجتماعية من مثل الطبقة الوسطى الحساسة وطبقة الفقراء، قد تحد من إمكانية استعادة فرص النمو الاقتصادي مستقبلًا. وعليه فإن فرصة التغيير في مجال السياسة الخارجية قد يُهيء لإمكانية الإصلاح الاقتصادي والإصلاحات محل اهتمام فريق “بزشكيان”.