28 مارس، 2024 9:38 م
Search
Close this search box.

” عصر النهضة العراقي ” .. عبد الحميد الصائح : حان وقت استعادة عراق الحضارات

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص / لندن – كتابات 

قادرون على التحدي .. قادرون على العطاء .. رغم ما يمر ببلادهم من فساد وسياسات خاطئة ، إلا أنهم هم أنفسهم من يمتلكون القدرة على بناء الجسور والصروح العظيمة في كبريات المدن العالمية..

رغم الأمراض التي تفتك بهم على أرضهم في الداخل ، إلا أنهم هم أنفسهم كبار الأطباء على مستوى العالم .. وحتى هؤلاء الذين لم يجدوا ماءًا صالحًا للشرب، هم أنفسهم أبناء “العراق”، علماء التحلية ومعالجة مياه البحار حول العالم ..

نعم يستطيع بأبنائه وكوادره أن يعيد أمجاد “بلاد الرافدين”.. أن يستعيد مكانته بين الحضارات؛ وهو صاحب آلاف السنين من الحضارات.. فـ”العراق” الذي تنتشر فيه الأمية هو نفسه اليوم الذي ينتج أعمالاً أدبية تترجم إلى لغات العالم الأخرى وتحصل على جوائز عالمية..

من هذا المبدأ أطلق الإعلامي والأديب العراقي، الدكتورعبد الحميد الصائح ، مشروعًا أثار جدلاً واسعًا بين الأوساط السياسية والثقافية والشعبية، بعد أن شاهد المتابعون على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وجوهًا عرفوا بعضها ووجوهًا لم يعرفوها؛ من علماء وأساتذة جامعات كبرى وفنانين وروائيين واقتصاديين وصحافيين، يشير “الصائح” لهم “برموز عصر النهضة العراقي”، وأحيانًا “رواد عصر النهضة”، ومع الاعتراضات والسؤال عن معايير هذه الصفة، التي يرى فيها البعض مبالغة، إلا أن مشروعه شهد ترحيبًا تدريجيًا من أوساط كثيرة، لاسيما بين الشباب الذين كانوا يتابعون “الصائح” مقدمًا للبرامج التلفزيونية في قناة (البغدادية)، قبل إغلاقها، وصحافيًا نشطًا وكاتبًا للمقالات السياسية والثقافية في صحف ووسائل إعلامية عديدة.. فما هي حقيقة هذا المشروع.. وماذا يريد “الصائح” منه.. ومن يقف وراءه.. وما هي آفاقه وفكرته ؟..

كل هذه الأسئلة وأكثر.. قررنا عرضها على صاحب مشروع “عصر النهضة العراقي “، الأديب والشاعر الذي عرفناه شاعرًا وإعلاميًا وصحافيًا من خلال مؤلفات وأنشطة وندوات ومحاضرات عديدة، فكانت هذه إجاباته..

(كتابات) : بداية.. ماذا تقصد  بـ”عصر النهضة العراقي” ؟

• أقصد به استعادة الذات العراقية التي ضعفت واضمحلت بسبب الحصارات واليأس والتهديد المتنوع، رغم توفر عناصر قوتها ورموز نهضتها من مفكرين وفلاسفة وأدباء وفنانين وصناعيين وعلماء عراقيين يملأون أرجاء الأرض وبلدانها جميعًا.

(كتابات) : وكيف، برأيك، يمكن استعادة تلك الذات وما المبرر الذي يدفعك لإثارة هذا الأمر في ظل هذه الظروف التي يمر بها “العراق” بمشاكل أساسية أبرزها الحاجات المباشرة للناس وسوء الإدارة وتحديات أمنية ومعيشية كثيرة ؟

• الظروف التي مر ويمرّ بها العراقيون، خلال نصف القرن الماضي، مرت شعوب أخرى بأكثر منها قسوةً وتعقيدًا في مراحل تاريخية مختلفة ثم خرجت منها قوية ومتقدمة، فمهما طال أمد الأزمات والإنتكاسات تظل استثنائية وطارئة، وهي لا تمثل الظاهرة العراقية الطبيعية؛ كون “العراق” بلدًا مهمًا وعريقًا قدم شعبه للإنسانية، وما يزال، مستويات رفيعة من العلم والعلماء والفن والأدب وكل ما ينتجه العقل العراقي، الوريث لتاريخ طويل من الاجتهاد والحداثة والتطور.

لذا فإن الوضع الراهن، ومنذ نصف قرن، سببّ لنا جميعًا مشاكل كثيرة، أبرزها انصرافنا عن قيمة بلدنا وشعبنا وتأكيد ثقته بذاته وأولويات العمل من أجل بنائه؛ وقدمنا نموذجًا رثًا سيّئًا من أنماط العمل السياسي وانعدام التنمية البشرية والخدمات الأساسية، بحيث أصبحت صورة الشعب العراقي النمطية الشائعة، شعبًا جائعًا جاهلاً خائفًا يثير الشفقة ويستحق الصدقة، مغيّبًا سياسيًا وتتنازع مكوناته لأسباب لا علاقة لها بالحياة والعقل وبناء البلد.

هذه الصورة غير صحيحة؛ أو بعبارة أدق ليست الصورة الكاملة؛ لأن “العراق” الذي تنتشر فيه الأمية هو نفسه اليوم ينتج أعمالاً أدبية تترجم إلى لغات العالم الأخرى وتحصل على جوائز عالمية.

العراقيون الذين لم يبنوا بلادهم بسبب السياسات والفساد، هم أنفسهم الذين يبنون جسورًا وصروحًا عظيمة في مدن عالمية، والعراقيون الذين تفتك بهم الأمراض وانعدام المؤسسات الصحية السليمة؛ هم أنفسهم اليوم من كبار أطباء العالم، آلاف الكفاءات تحتل مواقع مميزة في هذا المجال، والعراقيون الذين لم يستطيعوا إنتاج ماءٍ صالح للشرب أو إنجاز الكهرباء التي بات توليدها من هوايات الشباب في بلدان أخرى؛ هم أنفسهم علماء في مجالات التحلية ومعالجة البحار والبيئة والتربة، والعراقيون الذين يغيب في بلادهم القانون لمحاسبة المخطئين والفاسدين والقتلة؛ هم أنفسهم يديرون مراكز حقوقية كبرى ويدرّسون القانون ويكتبون دساتير لدول عديدة، وغير ذلك الكثير، حيث تجد العراقيين عباقرة وفنانين ونحاتين وقضاةً كبارًا في العصر الحالي.

ومن هنا؛ فإننا على يقين أن الشعب العراقي اليوم، هو نفسه الشعب العراقي، ومشاكله المباشرة مع السياسيين في هذا الظرف أو النظام الذي سبقه، لا تقلل من دوره وأهميته ومشروعنا.

(كتابات) : بعد هذا الوصف الذي لخصت فيه رؤيتك وإدراكك لقيمة العراقيين، ما هو دور “مشروع عصر النهضة العراقي ” والأهداف التي يسعى إليها ؟

• كي نحقق التكامل بين الصورة المشوهة والأخرى الناصعة للشعب الواحد، علينا تجسير العلاقة بين المواطن المغيّب، الذي فاتته فرص المعرفة الواسعة، وبين أبناء بلده المتميزين.. أنْ يتعرف عليهم وعلى ما يحملون، أن يفخر بهم ويستعيد ثقته ببلده ووجوده؛ من خلال الحوار والاتصال المباشر، أن ينتقل من مرحلة اليأس والقنوط والإصغاء إلى المخرفين والمتاجرين بالأديان والشعارات، ومن الخضوع لسياط المسؤولين؛ إلى مرحلة النور والإطلاع والمعرفة.

مهمتنا كإعلاميين، معنيين بصناعة الرأي العام، أن نحوّل المعرفة إلى حالة شعبية متداولة، ولذلك فإن خطابنا عبر وسائلنا المتعددة، هو خطاب للناس البسطاء، وليس للنخبة التي تتحمل جزءًا كبيرًا من المشكلة.

في “العراق” انفصلت شريحة المبدعين عن الناس، تسأل شبابًا في مقتبل العمر؛ هل تعرفون فلانًا ؟، يقولون لا نعرفه، بينما يبذل فلان جهودًا مضنية لتقديم تاريخ “العراق” وجذوره، أو يعتبر فلان عالِمًا من علماء العالم أو رسامًا كبيرًا، هذا إنهيار إخلاقي، وليس معرفيًا فقط، والدولة مسؤولة عنه تمامًا في ظل غياب برامج التوعية والتعليم والثقافة خارج المدرسة، وعليه نحن لا نقوم بشيء، نحن لا ننتج فكرًا، بل نقول: “إن الشعب يثقّف نفسه بالإطلاع على إنجازاته التي لم يتعرف عليها كما ينبغي”.

(كتابات) : ما هي المشاكل المتوقعة لمشروعكم ؟

• كما أشرت؛ وكما ذكرت في إحدى المقدمات التي أواصل نشرها قبل إعلان البيان التأسيسي..

في “العراقِ” جَهلٌ وفي “العراق” عِلم.. هناك من يريد لهذين المعسكرين أن يتحاربا مباشرة، حرب تقليدية إقصائية، الخاسر الحتمي فيها هو العلم ودعاته، لأن دعاة التجهيل بأيديهم الأدوات وتخدمهم ثوابت وعواطف من خلالها يختطفون الناس والشباب عبر منظومة متشعبة من الخوف واليأس والمحاذير والروايات الملفقة، وتقديس الإهانة والضِعة وتسفيه الحياة والتقدم والحداثة، وهو ما لا يرضاه العقل السليم والدين الطبيعي والقيم المجتمعية المتوازنة.

لذا فإن الجهل والعلم معًا بريئان من نوايا ما يفعلون، فالجهل لا ذنب له أنه تخلف عن فهم الأشياء والمعلومات والمعرفة ومتاهة في الوصول إلى الأدلة وانعدام المصادر المتعددة.. الحرب الحقيقية مع التجهيل وأدواته ودعاته وإعادة الجهل إلى حظيرة المعرفة والتنمية.

لا حرب إذًا مع الجهل، لا حرب مع شبابنا المغيبين بالأخطاء وتقديس الأشخاص والروايات دون التحقق من صحتها، لا حرب مع الجهل الذي سينزعه جيل جديد ينفتح على القراءة المتنوعة والجدل ويتذوق جمال الموسيقى الصحيحة والرسم والفكر والاقتصاد والفلسفة في رحلة جماعية إلى النور.

لذلك أقول إن هذا الأمر يحتاج إلى عناصر وآليات، أما العناصر فهي متوفرة تمامًا، فبنظرة عامة ترى في “العراق” أدباء وفلاسفة ومبدعون في مجالات الفكر والطب والبيئة والمال والاقتصاد والرواية والشعر والموسيقى وعلوم الحرب والإعلام والتكنولوجيا؛ وكل ما يتطلبه “عصر النهضة” الطبيعي..

أما عن الآليات؛ فنشترك بها جميعًا وأهمها إخراج منتجي هذه الحضارة الحديثة من اليأس والوحدة والإنغلاق على الإنجاز والقطيعة مع المجتمع.

علينا أن نعيد الحلم إلى الجميع، أولئك الذين يريدون أنْ يعرفوا ما هو “العراق” الذي يحرّك هؤلاء، وما هو “العراق” الذي يسكن أولئك.

إن أهم مقومات هذه التجربة الجماعية المشرقة، هو إغلاق ملف الحاضر المظلم، وذلك بربط الوشائج بين الماضي العريق وبين المستقبل؛ من خلال رموز “عصر النهضة العراقي” في مجالات الحياة والإبداع المختلفة، وهذا ما يجري العمل عليه من متطوعين يعملون بعيدًا عن السياسة ولغة التهكم والشكوى والعراك، إنهم في خدمة هذا المشروع الكبير الذي سيضم عشرات الآلاف من العراقيين الأحرار لبناء مجتمع متطور حديث.

(كتابات) : لماذا اخترت اسم “عصر النهضة”؛ وهو اسم متداول تاريخيًا، ويمثل مراحل مهمة في حياة شعوب أخرى ؟

• سؤالك هو إجابتي بحد ذاته.. أنا استعرت هذا الاسم من التاريخ من “عصور النهضة” المختلفة، لاسيما “عصر النهضة الأوروبي”، الذي بدأ في القرن الرابع عشر الميلادي واستغرق زمنًا طويلاً انتقلت خلاله أوروبا من عصور الظلام وسلطة الكنائس وإهانة العلماء وإعدام العقل إلى نور الحداثة والتطور، وكانت في جوهرها “ثورة ثقافية فكرية”، ربطت المستقبل بالماضي متحدية الحاضر الذي كان معتمًا وخرافيًا كريهًا.

أنا أؤمن بأن “الفن” و”الفكر” هما اللذان ينهضان بالمجتمع ليتحول إلى مجتمع منتج في المجالات الأخرى، فمجتمع بلا “تعليم متقدم” مجتمع بلا مستقبل، ومجتمع بلا “فنون” و”علوم” و”جدل فلسفي” مجتمع تائه بلا هدف.

في غياب جهودنا لتجسير العلاقة بين شبابنا الذين يفترسهم الظلام، وبين شبابنا وشيوخنا العلماء الحكماء، نضيع، أولئك يختطفهم الجهل ويقضي عليهم؛ وهؤلاء تفترسهم المنافي وتظل بيوتهم قبورًا لكتبهم وعلومهم في مختبرات الجامعات الأجنبية.

(كتابات) : ما هي أدوات “مشروع عصر النهضة العراقي” ؟

• الإعلام؛ بالتأكيد، والتوعية المباشرة وغير المباشرة، المباشرة من خلال خمسة وسائل أنجزنا بنيتها الأساسية حتى الآن.

تتمثل في “مركز دراسات” معني بإنتاج منشورات توعية، يصدر “موسوعة” بلغة مبسطة تتناول موضوعات في الفكر والثقافة والتراث الأدبي والعلوم والأديان والحضارات والرياضة، وهي كراسات توزع مجانًا على الناس مكتوبة بطريقة شيقة.

وكذلك “مجلة علمية ثقافية شعبية” تركز على آخر مستجدات العلوم، وفيها جانب تعليمي، وشرح تفاصيل لإنجازات علمية وثقافية عالمية من جهة، ومن جهة أخرى تقديم مبتكرات العراقيين.

فضلاً عن تجربة “الكتاب المسموع”، إذ سنقدم كتبًا مقروءة بأصوات ممثلين وإعلاميين معروفين، أيضًا ستكون كتبًا مختارة بعناية ووفق منهج المشروع.

مع “موقع إلكتروني”؛ سنجعله واسع الانتشار ويتضمن مغريات وحثًا على القراءة.

ولا ننسى هنا إطلاق “قناة إلكترونية”، “أون لاين” على الـ (يوتيوب)، وقد أعددت لها برامج متنوعة من العلوم إلى الفنون إلى السينما إلى الموسيقى إلى تقديم ورش ودروس وغيرها.

أما التوعية غير المباشرة؛ فمن خلال تأثيرنا داخل “الجامعات” و”المدارس”، بالتنسيق مع إداراتها ومرجعياتها الإدارية، لدعم المعرفة والتشجيع على البحث داخل الدرس وخارجه.

(كتابات) : كيف تدار هذه المؤسسات الكبيرة.. وكيف يتم تمويلها.. ومن هم العاملون فيها ؟

• أولاً.. هي ليست مؤسسات كبيرة كما تصفها، هي كيانات طبيعية لأي عمل فني، وتدار من قِبل مختصين محترفين متطوعين دون أجر، مؤمنين بما أؤمن به، لـ”القناة” مدير تنفيذي، ولـ”المجلة” مدير تحرير، ولـ”مؤسسة النشر” مدير، ولـ”مشروع الكتاب المسموع” مدير أيضًا؛ وهكذا، والعاملون معنا فنانون مميزون في مجال التصوير والإخراج والرسم، كما تم منحنا مكتبًا مجانيًا من قبل الأستاذ الدكتور “عدنان عيدان”، عضو المجلس الاستشاري.

أما بالنسبة للتمويل؛ وهذا أكثر الأسئلة التي تواجهنا إلحاحًا، فقد تم التعامل معه بحذر، لأن الأمر جزء لا يتجزأ من قيمة المشروع الاعتبارية والأخلاقية؛ فنحن لا نملك أي مبلغ للمشروع، وغير ممولين من أية جهة أو شخص، وهذا هو إمتيازنًا، وهذا هو تحدينا في أن ننجز مشروعًا كبيرًا دون خسائر.. ولكن كيف سيتم دعم مشاريعنا التي تتطلب مبالغ مثل المطابع خاصة، وبعض المعدات، والتوزيع والنقل وغيرها من الأمور ؟

لقد وضعنا نظامًا سنعلن عنه، وأجبت جميع الذين عرضوا التبرع والدعم بإرساله.

ما أريد التأكيد عليه.. أن “عصر النهضة العراقي” لا يملك حسابًا ولا يتلقى مبلغًا مباشرًا، سيكون الدعم كالتالي.. تسديد فواتير الاحتياجات، مثلاً “الداعم” يدفع مباشرة للمطبعة التي تنجز “الكراس” أو “المجلة”، أو “اللافتة”، ويأخذ وصل الدفع مكتوبًا عليه لـ”صالح مشروع عصر النهضة العراقي”، ويحتفظ هو به دليلاً على المشاركة، وفي حال الحصول على دعم مؤسسي من دولة أو مؤسسات، فإن ذلك سيعلن على الرأي العام بالتفصيل.

وأكرر تأكيدي.. إن جميع العاملين متطوعون، وبعض المهن الفنية سندفع لها الأجور في حال تلقي إيرادات متوقعة من الإعلانات في “مجلة عصر النهضة” و”دار نشر عصر النهضة”، التي ستطبع إلى جانب منشوراتها، أعمالاً إبداعية ومن المعارض الفنية التي تقيمها.

وقد أخبرنا الأخوة والأخوات، الذين عرضوا المساهمة، بأنهم غير مطالبين بشيء الآن، فقط عليهم تسجيل أسمائهم كما يحدث في (بنك التبرع بالدم)، لتكليفهم عند الحاجة، وينطبق هذا على الكوادر الفنية التي ترغب الإلتحاق لتقديم خدمة مباشرة.

فهذا العمل، غير المحدود، سيبقى “مشروع الشعب للشعب”، الشعب ينهض بنفسه، في “رحلة جماعية إلى النور”؛ وهو الشعار الرئيس الذي يتوّجُه.

(كتابات) : هل مشروعكم هذا سياسي ؟

• لا علاقة له بالسياسة؛ ولا يمس العقائد والأديان، وموجه إلى عامة الشعب العراقي بجميع قومياته وإنتماءاته ومستوياته.

السياسة مسؤولية وسبيل للخدمة باستثمار العلم في إنجازها، والدين في أصوله حاجة ومركز للإطمئنان والسكينة والتوعية وعدم التشويش على بناء النفس والحياة معًا، لكن ما يحصل شيء آخر؛ هو سحب البساط من “الدين” و”العلم” معًا على يد كائنات صاخبة متوترة، تشيطن الجمال والفكر والحياة الحرة وحق الإنسان في الوجود وتغمض عقول الشباب عن أهدافهم الطبيعية الإنسانية السليمة.

(كتابات) : نشرت صورًا لشخصيات عراقية، فكرية وثقافية، كونهم رموز “عصر النهضة العراقي”.. ما هي المعايير التي تعتمدها في ذلك ؟

• الشخصيات التي نشرتها، وسأواصل تكريمها بهذا الوصف، شخصيات قدمت وتقدم إنجازات بمستوى أو آخر، ومن واجبنا تقديم الشكر لهم؛ لأنهم يعطون صورة عن شعب يفكر ويعمل ويتفوق، فالمبادرة ليست شهادة يمنحها من لا يملك لمن لا يستحق، بل هي مجرد إشارة إلى أن هؤلاء عراقيون، أو أن العراقيين هم هؤلاء، وهي صورة تلغي الرأي الوضيع السائد عن العراقي؛ بأنه شخصية متناقضة وعقيمة وغير منتجة، دواءها سيوف الطغاة والمحاربين المجرمين الغرباء الذين جزوا أعناقنا واتهمونا بأننا أهل شقاق ونفاق، لأننا لم نحترمهم، بل نخاف من سيوفهم وهم بلا قضايا عادلة، بل إننا أصبحنا نتندر على أنفسنا باستنتاجات علماء النفس والاجتماع الذين يسخرون من شخصياتنا، حتى الفنون الرخيصة التي تقدم أبناء الريف على أنهم أغبياء وسذج؛ فيما يساهم أبناؤهم في بناء حضارات وعلوم عظيمة في العالم.

ما أريد التأكيد عليه.. أن العراقي ظُلِم في التحليلات السياسية والنفسية، وهو لا يستحق ذلك، لذا أدعو إلى أن نراجع أنفسنا ونحبّها ونستعيد الثقة بها، لأننا آباء وأخوة (رموز عصر النهضة).

بعض الاعتراضات، (المخلصة)، تتساءل عن كلمة “رمز” وتعتبرها مبالغة، وبعضها تعترض على التسلسل، كأن ترى “ستار كاووش”، الفنان الشاب، قبل أن ترى “فيصل لعيبي”، مثلاً، وبعضها يسأل عن رموز العراق الراحلين الكبار لماذا لم نشر إليهم.. وهنا أجيب أصدقائي بالتفصيل..

كلمة (رمز) منفردة لا قيمة لها، بل ربما تبدو مهينة، أهميتها تأتي من الكلمة المضافة لها، (رمز للشر)، أو، (رمز وطني)، فهي مفردة تعني في اللغة الدّالة أو الإشارة، وهذه الكلمة المهمة أصبحت رخيصة في “العراق” بسبب كثافة الرموز التي وصلت إلى أناس سلبيين ليس هنا مجال الحديث عنهم، وعليه فإني أشير إلى الناس بأن هؤلاء “رموز النهضة” لأنهم مبدعون في مجالاتهم، “الروائي المميز” و”العالم” و”الأستاذ” و”الصناعي” و”الرسام”، هو “رمز” هو دالة هو إشارة إلى أن العراقي إنسان متميز، وسيبقى على طول التاريخ.

أما بالنسبة للأسبقية في النشر، فلا علاقة لها بالأهمية، وهو أسلوب في تحريك الرأي العام، الذي يسأل عن “فيصل” ويروج للفكرة في اعتراضه إذا نشرت “ستار” قبله، والعكس لا يؤدي إلى ذلك، جميع المبدعين “رموز” لمبدأ “أن العراقي شخصية مبدعة مميزة وهذا هدفي”.

أما عن عدم الإشارة للراحلين الآن، فهو من طبيعة المشروع الذي يؤكد على الأحياء من مبدأ “الأحياء مستقبلنا والراحلون تراثنا”، وسأفرد لهم موسوعة خاصة لتروا “جواد سليم” و”يوسف العاني” و”علي الوردي” و”الجواهري” و”زها حديد”؛ على سبيل المثال..

(كتابات) : من هم أبرز العاملين في المشروع ؟

• جميع الناس عاملون في هذا المشروع، وأي جهد قُدم سابقًا أو يُقَدَّم لاحقًا يحثّ على المعرفة العامة، هو جزء منه أيضًا. لكن على الصعيد التنظيمي الأولي.

هناك “مجلس استشاري”؛ هو رأس الهرم في المشروع، لشخصيات علمية وثقافية وفكرية عراقية كبيرة عرفت بإنجازاتها محليًا ودوليًا.

“المجلس” مكون، حتى الآن، من عالم الفضاء العراقي الشهير، “عبدالعظيم السبتي”، والباحث والشاعر الكبير، “خزعل الماجدي”، والدكتور عدنان عيدان أستاذ اللغة والبرمجيات ومبتكر قاموس (الوافي الذهبي)، الذي سبق محرك (غوغل) في مشروع الترجمة الإلكترونية، وأستاذ علوم الكمبيوتر ورئيس مركز دراسات المستقبل الدكتور، “تحسين الشيخلي”، والأستاذ الدكتور، “عادل شريف”، أستاذ علوم الطاقة في جامعة “سري” البريطانية والحائز على “جائزة الدولة البريطانية” في نظرية إنتاج الطاقة باستخدام الجاذبية، والمفكر الإسلامي الدكتور، “عبدالجبار الرفاعي”، وهناك أسماء كبيرة أخرى ستشكل واجهة المشروع التنويري ضمن “المجلس الاستشاري”.

أما “الهيئة التنفيذية”؛ فتضم الروائي المعروف، “محمد حياوي”، مديرًا لدار عصر النهضة للمنشورات، والدكتور، “صادق حسين الركابي”، مديرًا لمركز الدراسات وسلسلة موسوعة عصر النهضة الصغيرة، والدكتور المهندس، “علي العتابي”، مديرًا تنفيذيًا لقناة عصر النهضة ومشرفًا على الموقع الإلكتروني، والأستاذ الباحث والناقد، “حسان الحديثي”، مديرًا لتحرير مجلة عصر النهضة، والأستاذ، “علاء الخطيب” مديرًا لإنتاج الكتاب المسموع، والفنانان، “جلال علوان” و”عبدالأمير الخطيب” لإدارة المعارض التشكيلية، والمخرج والمصور، “بحر كاظم”، والمخرج والمصور والمصمم، “حسن الجراح”، والإعلامي والمصمم، “ياسر الزهاوي”. والصحافي، “ناجي الزهيري”، والناشر والفنان المصمم، “حسين الحسيني”، وآخرين من كوادر فنية وإعلامية وثقافية، داخل وخارج “العراق”، سيتم الإعلان رسميًا عن أسمائهم والأدوار المنوطة بهم، بما يغطي إنتاج هذه الأعمال جميعها.

(كتابات) : لماذا اختصرتم حدود مشروعكم على “العراق” فقط ؟

• هذه ساحتنا وأزمتنا.. وأرى أن في “العراق”، اليوم، تتجلى الحتمية التاريخية لهكذا مشروع، وهو لا يستدرج أحدًا للإنتماء، لانه ليس تجمعًا وليس تنظيمًا، إنه عمل إعلامي تنويري كبير، يفيد منه منتجو الفكر والثقافة وعامة الناس في هذه الرحلة المشتركة، ويلغي ثنائية الخارج والداخل المشوهة بفعل الأداء السياسي والتراجع التنموي الحاصل.

وبالطبع أطر وركائز هذا المشروع تصلح لأي بلد عربي أو غير عربي، يشهد ظروفًا مماثلة، فالمعرفة والحضارة والجمال والحرية قيم لا هوية لها، وإن شعّت من أرض ما أو بلد بعينه، فإنما هي ملك للبشر جميعًا.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب