خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
ذهبت صباح الجمعة 28 حزيران/يونيو 2024م، إلى إحدى اللجان الانتخابية في شمال شرق العاصمة الإيرانية؛ “طهران”، للإداء بصوتي في انتخابات رئاسة الجمهورية الرابعة عشر، ولم أرى على عكس المتوقع أعدادٍ كبيرة، لذلك قررت البقاء قليلًا في فناء اللجنة حتى أرصد معدلات المشاركة. بحسب ما استهلت “مازیار آقازاده”؛ تقريرها المنشور على موقع (عصر إيران).
نسب المشاركة ميدانيًا..
وخلال فترة: (15-20) دقيقة؛ أحصيت عدد: (06) رجال و(03) نساء فقط. كانت الساعة العاشرة والنصف، وقلت في نفسي: ربما السبب إننا في صبيحة الجمعة والطقس حار، وأن المصّوتين سوف يتوافدون على اللجان عصرًا.
ثم مررت في الساعة السادسة؛ مع انخفاض درجات الحرارة، على عدد من لجان الاقتراع في منطقتي. ورُغم زيادة أعداد المصّوتين بشكلٍ ملموس، لكن لم تكن تلك الأعداد التي كنت أتوقع. تحولت مدة ساعتين ومررت على عدد: (05) لجان، ولم تكن الأعداد بالكبيرة ولا القليلة أيضًا، لكن الأعداد في الساعات الأولى من اليوم لم تكن كبيرة.
وفي طريق العودة قفزت العدد إلى ذهني وأخذت أتوقع حجم المشاركات. وقلت إن النسّبة لن تتجاوز: (50%) على أفضل الأحوال.
ضعف نسب المشاركة..
وفي المساء تحدثت في المنزل وعبر الهاتف مع بعض الأصدقاء، ووجدت أن واحد من أصل ثلاثة فقط أدلى بصوته، وحاولت تحفيّز الآخرين على المشاركة، لكن الإجابات كانت سلبية، وختمت الاتصال بالمزاح.
ومنذ الساعات الأولى من فجر السبت، أخذت في تتبع الأخبار على الفضاء المجازي والقنوات الإخبارية. وقد اتضح أن معدلات المشاركة لم تكن كبيرة كما قلت، لكن كنت آمل أن تقبل ملايين الأصوات العائمة والمترددة على صناديق الاقتراع؛ بحيث تبلغ نسّبة المشاركة رقم معقولًا؛ (50% على الأقل)، وهو ما لم يحدث.
وأخذت أعد في ذهني أعداد المصّوتين في منطقتي، ووصلت إلى نتيجة عامة بأن نسّبة المشاركة تقترب من: (40%) علمًا أنني كنت أدرك قبلًا صعوبة إشعال تنور الانتخابات وهو ما حدث.
أسباب تحول عن الوصول إلى 50% من المشاركة..
والسؤال: هل يجب أن نعتاد على نسّبة مشاركة أقل من: (50%) ؟.. هكذا نستنتج من تجربة عدة انتخابات سابقة في مرحلة ما بعد (كورونا). فأجيال الشباب تختلف حاليًا عما كانت عليه قبل عقدين. ويغلب على هؤلاء الشباب عدم الاهتمام بالسياسة بالمعنى العام والمطلق.
والآمر لا يقتصر بطبيعة الحال على السياسة فقط؛ وإنما نما نوعٍ من العُّزلة في المجتمع يحول دون التحركات الجامعية وتقبل المسؤولية الاجتماعية.
لكن هل تُمثل هذه المسألة تهديدًا خطيرًا ؟.. في الواقع لا أعلم على وجه الدقة؛ لكني أعرف جيدًا أن ثمة تشابه كبير بين الجيل (Z) في “إيران” وباقي دول العالم. ذلك أن لجيل الشباب حاليًا ميول مختلفة، والاحاطة بتلك الميول والألغاز المسّتترة في تصرفات جيل الشباب حول العالم، ينطوي على صعوبات خاصة.
وبالأمس؛ قرأت الكثير من التغريدات التي تُحلل أسباب تدّني المشاركة في الانتخابات، وقلت: “السّمة الغالبة على هذه التحليلات هي التسّيس وكل شخص يُريد بحسّب قناعاته القاء اللوم على الآخرين”.
وفي الحقيقة تبرز في أغلب هذه التحليلات، القضايا السياسية والحزبية؛ بينما كما أظن أن السبب الحقيقي في المقاطعة هو في الغالب اجتماعي ونفسي.
ففي الوقت الذي يُشير الإصلاحيون وأغلب المنتقدين، بأصابع الاتهام إلى الهيكل السياسي الداخلي والتيار الأصولي المنافس، يقدم الأصوليون تبريرات خاصة، ومن ثم يُحيط الغموض بالحقيقة وأبعادها المتنوعة. لأن الموضوع وفق قناعاتي الشخصية يتجاوز السياسية؛ رُغم دورها الكبير في تحفيز المواطن على المشاركة، لكن لن تعود أرقام المشاركة إلى مستوياتها الكبيرة السابقة نتيجة عزوف الجيل الجديد.
وتقديم تحليل دقيق عن عزوف قطاعات كبيرة من جيل الشباب الإيرانية بمتابعة القضايا السياسية والاجتماعية بشكلٍ عام والانتخابات بشكلٍ خاص، لابد من البحث فيما هو أبعد من التحليلات السياسية، وأن نناقش بشكل جاد موضوعات علم النفس الاجتماعي، التي هي من منظور جذر أساس في هذا العزوف.