خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
حديث أمين المجلس الأعلى للمناطق الحرة عن استعداد “الإمارات” استثمار مبلغ: 100 مليار دولار في “إيران”، نابع قبل أي شيء آخر عن فقر معرفي على مستوى السياسات العامة الاقتصادية في مجال العلاقات الاقتصادية الخارجية؛ بحسّب ما استهل “صابر ﮔل عنبري”، التقرير المنشور على موقع (عصر إيران).
ورغم وجود العديد من الأجهزة الإماراتية للاستثمار في الخارج، لا يوجد كيان باسم: “غرفة الاستثمارات الخارجية”، لكن وعلى فرض أن الطرف الإماراتي قد أعرب عن استعداده للاستثمار بهذا الكم في “إيران” لأي سبب، فلا يمكن أخذ هذا الرقم على محل الجِد حال الإلمام النسّبي بالوقائع الداخلية والإقليمية والدولية.
عقبات الاستثمار الأجنبي في “إيران”..
وهناك أربع مستويات من العقبات الرئيسة للاستثمار الأجنبي؛ وبخاصة الإقليمي في “إيران”، ومن المسّتبعد طالما بقيت هذه العقبات على حالها أن تتجاوز الاستثمارات الأجنبية ملايين الدولارات.
العقبة الأولى؛ تتعلق بالهيكلية الداخلية لجذب الاستثمارات الأجنبية، والتي تُلقي بالقدرات الداخلية المحتملة للاستثمارات الأجنبية بعيدًا عن حيز المنافسة على المستوى الإقليمي.
الثانية: العقبات الخارجية نتيجة التوتر المستمر والعقوبات التي تجعل أي نوع من الاستثمار في “إيران” بمثابة مقامرة كبيرة وخطيرة؛ لا سيما بالنسّبة للاقتصاديات الدولية مثل: “الإمارات والسعودية والصين”.
وبينما لا يستطيع “العراق”؛ رغم العلاقات الودية، دفع تكلفة الكهرباء والغاز؛ (بما يُمثلان في هذا الحر الحارق أولوية)، بسبب “العقوبات الأميركية”، فكيف ستُضخ “الإمارات”؛ باعتبارها حليف لـ”الولايات المتحدة”، مبلغ: 100 مليار دولار في السوق الإيرانية ؟
الثالثة: انعدام الثقة العميق نتيجة عقود من الأزمات والتوترات في علاقات “الجمهورية الإيرانية” بجيرانها في الجنوب، ورغم المصالحة السّطحية، لكن مازال جدار عدم الثقة قائمًا بالفعل. ونتيجة لذلك تسّعى بعض دول الجوار؛ كـ”الإمارات والسعودية”، منذ عقود، للموازنة في مواجهة “إيران” من خلال تطوير علاقاتها الاقتصادية المقترنة بالالتزامات السياسية والأمنية مع القوى العالمية في الشرق والغرب، وتتابع هذا التوجه خلال السنوات الأخيرة بشكلٍ أكثر جدية مع “الصين والهند وروسيا”.
استراتيجية الموازنة الناعمة..
وأحد أهداف هذه الموازنة الناعمة، زيادة ثقل كفة مصالح هذه القوى في علاقاتها مع “الإمارات والسعودية”، مقابل تخفيف كفة مصالح هذه القوى في علاقاتها مع “إيران”، وهذا ما حدث بالفعل إلى حدٍ كبير وأبرز نموذج على ذلك تحول توجه “الصين” من “إيران” إلى “السعودية”؛ التي تحولت إلى الشريك التجاري الأول لـ”الصين” في الشرق الأوسط.
في غضون ذلك؛ تُجدر الإشارة إلى إحدى الرسائل المسّربة؛ عام 2017م، عن إيميل؛ “يوسف العتيبة”، السفير الإماراتي في “الولايات المتحدة الأميركية”.
“مارك دوبوفيتز”؛ مدير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في رسالة إلى السفير الإماراتي، عطفًا على حوارات الطرفين، يضم قائمة الشركات غير الأميركية التي ترتبط تجاريًا مع “إيران والإمارات والسعودية”، للحيلولة دون تجارة هذه الشركات واستثماراتها في “إيران”.
فكيف تأتي “الإمارات” وتستثمر: 100 مليار دولار في “إيران” ؟
الرابعة: رغم الحديث الكثير وبعض التحركات، لم يدخل الاقتصاد والتجارة في نص وعمق السياسات الخارجية الإيرانية، ولم يرقى الاقتصاد الإيراني إلى المستوى الدولي.
لذلك بالعادة تكون أولوية الدول تدويل اقتصادها والعمل مع الأطراف المدرجة ضمن هذه الفئة، أو الاستثمار والتجارة مع الدول التي تمتلك الفرص والإمكانيات الهامة محدودة أو عديمة المخاطر.
في صالح “الإمارات”..
وبالعادة يتم تسّليط الضوء على مسألة أن “الإمارات” أحد أول ثلاث شركات تجاريين لـ”الجمهورية الإيرانية”، لكن مع تجاهل حقيقة أن كفة التجارة بين الجانبين تصب في صالح “الإمارات”؛ حيث بلغت تكلفة التجارة بين الجانبين خلال العام الماضي؛ حوالي: 24 مليار دولار، منها: 18 مليار أو يزيد صادرات إماراتية، مقابل: 05 مليار و767 مليون دولار صادرات إيرانية.
وبشكلٍ عام مبلغ: 100 مليار دولار لا يُمثل رقم بالنسّبة للإماراتيين لا يُريدون استثماره في الخارج، لا سيما وأن قيمة الاستثمارات الإماراتية في الخارج بلغت حتى الآن نحو: 07 تريليون درهم؛ أي حوالي: 02 تريليون دولار.
لكن هذا المبلغ لن يكون من نصيب “إيران” للأسباب سابقة الذكر. في المقابل؛ يضح الإيرانيون وفق بعض المصادر؛ نحو: 300 مليار دولار في الاقتصاد الإماراتي. لذلك من الأفضل التركيز على التخلص من عوامل خروج الاستثمارات من “إيران”.