28 مارس، 2024 11:18 م
Search
Close this search box.

“عرب 48” .. بين التهميش والإندماج في ظل العنصرية الإسرائيلية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

لعل من المحاسن القليلة لعصر “العولمة”، أنه أخذ يحاصر داء العنصرية والتعصب القومي، لكن مازالت هناك دولة عصية على الرقي الأخلاقي والتحضر، ألا وهي دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي سنت، منذ بضعة شهور، قانون “يهودية الدولة”. وهو يمنح “اليهود” وحدهم حق تقرير المصير في البلاد.

وفي ظل ذلك القانون العنصري الجديد، أصبح “عرب إسرائيل”، سواء المسلمين منهم أو المسيحيين أو حتى الدروز، الذين يخدمون في صفوف جيش الاحتلال، بمثابة مواطنين من الدرجة الثانية لا يحق لهم المساواة بـ”اليهود”، لدرجة أن بعض اليهود المعتدلين يعارضون ما يحدث من تفرقة ضد المواطنين العرب.

وتحت عنوان: (أيها العرب أرحلوا عن مدينتكم العنصرية)؛ نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية، مقالاً للكاتب اليهودي الإسرائيلي، “يانيف ساغي” – وهو مدير مركز “غفعات حبيبة” للمجتمع المشترك – ندد فيه بمظاهر العنصرية الإسرائيلية ضد “العرب”، لا سيما في مدينة “العفولة”، وطالب السكان “العرب” بإتخاذ ما يمكنهم من إجراءات عملية لمحاربة العنصرية.

إنبذزوا العنصريين..

يخاطب “ساغي”، في مستهل مقاله، “العرب” من سكان “العفولة”؛ قائلاً: “أيها العرب، غادروا مدينة العفولة العنصرية، لنرى إن كان سيمكنها فعلاً البقاء دون الخدمات التي يقدمها سكانها العرب من أطباء ومهنيين وصيادلة وزبائن في مراكز التسوق. إنكم  بمجرد أن تقوموا بالتسوق وشراء احتياجاتكم من أية مدينة أخرى، فسوف يتوسلون إليكم لكي تعودوا من جديد”.

تفرقة عنصرية مُخزية !

يضيف “ساغي” موضحًا؛ أنه في الانتخابات المحلية الأخيرة، التي شهدتها “إسرائيل” منذ قرابة شهر، انتخب سكان مدينة “العفولة” رئيس بلدية ومستشارين عنصريين، فوعدوا السكان “اليهود” بالعمل دون مراعاة مصلحة “العرب”.

ولقد أثبتوا نواياهم الخبيثة بالفعل في أول اجتماع لمجلس المدينة الجديد. فقام أعضاء المجلس بإتخاذ إجراءات فورية؛ كان أولها التعهد بالحفاظ على ما أسموه، “الطابع اليهودي”، للمدينة، وأصدروا على الفور لائحة تُحرم “الأجانب” من دخول الحديقة العامة للمدينة.

وهذا يؤكد، في واقع الأمر، أن “اليهود” يسعون إلى تنقية البيئة المحيطة بهم من “الغرباء”؛ بدعوى الحفاظ على الطابع القومي للمجتمع العام. وبصفتي أحد أبناء الناجين من “الهولوكوست”، يتملكني شعور بالفزع والخزي جراء ما تشهده مدينة “العفولة” من مظاهر التفرقة العنصرية.

عنصرية لا تليق بالقرن الواحد والعشرين..

يستطرد “ساغي” قائلاً: لكن الوضع هنا في “إسرائيل” يختلف عما كان عليه في “ألمانيا النازية”، ونحن الآن لسنا في عام 1933. أضف إلى ذلك أن “المجتمع العربي” في “إسرائيل”، على مشارف عام 2019، وهو يمتلك قوة هائلة، وحان الوقت لاستغلالها في التصدي للهجمة العنصرية الشرسة.

فيجب على المواطنين “العرب” في “إسرائيل” ألا يسمحوا لأحد بأن يلطمهم على خدهم الآخر، وأن يكفوا عن تقديم الخدمات لمن لا يريدون العيش الى جوارهم، حتى يمكنهم تغيير هذا الواقع الأليم؛ الذي يتعرضون فيه للأذى والإساءة ممن يقدمون لهم الخدمات ويحسنون إليهم.

العرب يشكلون ثقلاً اقتصاديًا..

وهنا يدعو “ساغي”، السكان “العرب” ممن يقيمون في مدينة “العفولة”، ويقول لهم: جربوا أن تخرجوا من المدينة، تاركين إياها للسكان “اليهود”، الذين يريدون العيش بمفردهم من أجل الحفاظ على هويتهم “اليهودية” العنصرية.

ما عليكم سوى أن تغادروا، وسنرى كيف ستعيش تلك المدينة التي يريد المسؤولون عنها أن تكون خالية من سكانها “العرب”. دعوهم مع العنصريين، وأرحلوا إلى مكان آخر. فإذا غادر الطاقم الطبي العربي بأكمله مستشفى “هاعيمك”، فإن المستشفى سينهار.

وهناك أكبر منطقة تجارية في “العفولة”، تقع على بعد 500 متر من الحديقة العامة، ومعظم زبائنها من السكان “العرب”، المقيمين بالمنطقة. وعندما سيغادر الآلاف منهم تلك المنطقة وباقي المناطق التجارية الأخرى بالمدينة، ويذهبون للتسوق في مدن وبلدات مجاورة، حينئذ ستنهار جميع المحلات التجارية بمدينة “العفولة” جراء ما سيلحق بها من خسائر اقتصادية.

يقدمون الخدمات..

حينما يرحل كل الصيادلة “العرب” من المدينة، (وهم يمثلون الغالبية العظمى من الصيادلة في “العفولة”)، ستُغلق الصيدليات. وإذا غادر البستاني وموظفو الصيانة والنظافة، تاركين الحديقة العامة التي لا تسمح  لهم بإصطحاب عائلاتهم لقضاء بعض الوقت فيها، حينئذ أيضًا سيتم إغلاق الحديقة بعدما تتعرض للإهمال.

وهكذا؛ فإن كل إنسان يريد العيش في مدينة لا يقطنها سوى “اليهود”، عليه أن يدبر أموره من دون “العرب”. وهنيئًا لمدينة “العفولة” بعنصريتها.

لا تقبلوا المعاملة العنصرية..

يناشد “ساغي”، أصدقاءه وشركاءه في “المجتمع العربي”، قائلاً لهم: “توجهوا إلى المسؤولين في المجالس المحلية المجاورة لمدينة العفولة، وإنضموا إليهم، فهناك يعملون بروح المجتمع المشترك. إلتحقوا بالمجالس المحلية التابعة لكل من (وادي يزرعيل) و(مغدو) و(غلبواع). وأشتروا ما تحتاجونه من الناصرة وحيفا، ومن مركز التسوق الجديد في أم الفحم. إذا ما فعلتم ذلك فإن مجلس بلدية العفولة سيتوسل إليكم، كي تعودوا إلى المدينة مرة أخرى. أما إذا قبلتم التعايش مع مجلس البلدية العنصري في العفولة دون أن تأخذوا منه موقفًا، فلن أستبعد أن تحذو حذوة مجالس بلدية عنصرية أخرى”.

لا سيما؛ أن نسائم “قانون القومية” العنصري أخذت تهل علينا هنا، حيث بدأت بمدينة “العفولة”، لكن مازال الطريق طويلاً وسيئًا. لذا يجب علينا – نحن الأغلبية اليهودية – أن نتخلص من ذلك القانون العنصري؛ ونلقي به في مزبلة التاريخ، كي نحافظ على الأخلاقيات اليهودية التي تندثر الآن في “دولتنا”.

ويجب على الأقلية العربية أن تُجبر كل عنصري على أن يتحمل عواقب عنصريته الوخيمة، فلا تُقدم له الخدمات التي تضمن له العيش حياة كريمة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب