20 أبريل، 2024 1:27 م
Search
Close this search box.

عراق ما بعد داعش .. صراع “الشطرنج” بين أميركا وإيران

Facebook
Twitter
LinkedIn

المعلن أنها زيارة لمناقشة الهجوم المشترك ضد تنظيم داعش في الموصل، ثان أكبر المدن العراقية، وتأكيد التحالف بين إدارة أميركا بشكلها الجديد وعلى رأسها الرئيس “دونالد ترامب” وحكومة العراق ممثلة في رئيس الوزراء “حيدر العبادي”.. لكن ثمة تساؤلات حول ما إذا ما كانت الزيارة رسمية هادئة.. أم أنها استدعاء عاجل من ترامب للعبادي لفرض شروط، وربما إطلاعه على خريطة العراق الجديدة وفق صيغة ترامب وما على الأخير إلا التنفيذ.

وداعاً إيران

فزيارة العبادي المقرر لها أذار/مارس 2017، تأتي في وقت تظن إيران أنها أكبر المستفيدين من الإطاحة بداعش وربما تسعى للسيطرة على أجزاء أكبر من الأراضي العراقية، ولو بالنفوذ، ضماناً لأمنها الممتد خارج حدودها، وهو خط أحمر جاء الدور الأميركي لإعلانها صراحة “stop.. enough”.. هذا يكفي إرحلوا خارج العراق.. سيطرتم لفترة عبر رجالكم وأحزابكم وحدث للعراق ما حدث.. إرهاب مستمر.. أمن مفقود.. أزمات اقتصادية.. فساد متشعب.. وانتهى دوركم وحان الوقت لتغيير بوصلة العراقيين ورحيل رجالكم!

لقد جاء ترامب حاملاً معه توجهات ممن انتخبوه وصعدوا به إلى أعلى منصب في أميركا “الرئاسة”، بضرورة إنهاء وحسم مشكلات وصراعات الشرق الأوسط، فضلاً عن ضمان إنهاء كل نفوذ إيراني بالمنطقة، فالرغبة الأميركية جادة في إنهاء أي سياسات ومناصب تبنى على فكر عقائدي أو تحت أي مسميات دينية أو أي وجود من شأنه تهديد أمن أميركا القومي ويتمثل في المنطقة بأمن إسرائيل التي تعلم دائما أنها في خطر طالما تتوسع إيران، هكذا وعد ترامب داعميه.

خريطة عراقية جديدة

زيارة العبادي لترامب تكشف أحد أهم ملامح الخريطة الشرق أوسطية الجديدة.. فأميركا قررت بالتعاون مع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، استعادة التوازن في العراق على أساس غير ديني، فلا هو سني بالمطلق ولا هو شيعي يتحكم في جميع مقدرات البلد.. بل ستعمل إدارة ترامب على دمج وإخضاع كل مكونات العراق لسلطتها أو على الأقل ممارسة السياسة بمدنية خالصة دون أي قوى عسكرية تدعم أية أحزاب وتحت أعين أميركا مباشرة.

مصير العبادي

الزيارة ستحدد أيضاً ما إذا كان العبادي هو رجل أميركا في مرحلة العراق ما بعد داعش، إذا تخلى عن كل نفوذ إيراني، أم تصله رسائل مباشرة وغير مباشرة بأن العراق في حاجة إلى تغيير الوجوه التي تحكمه حتى يضمن البيت الأبيض استقراه خاصة في ظل احتجاجات مستمرة متصاعدة ضد العبادي وحكومته، فأميركا ترامب ترغب في أن تخمد مبررات ظهور أي تنظيمات طائفية متطرفة أو كيانات مسلحة خارج الجيش العراقي الوطني، لا مجال لقوات عسكرية مدججة بأسلحة ثقيلة تخضع لأهواء حزبية أو دينية في المنطقة.. الأمر مرفوض تماماً في عهد ترامب.

العودة إلى أحضان العرب

فأميركا ترامب ستعلنها صراحة للعبادي وحكومته، عراق ما بعد داعش لجميع العراقيين وعلى العراق أن يعود إلى أحضان العرب كما كان وهناك من سيتكفل بحمايته وتأمينه مادياً وعسكرياً، والسعودية ستشارك بقوة في دعم أمن العراق وربما تشارك أيضاً قيادات بالجيش العراقي المنحل مع قيادات بالجيش الحالي في إنشاء جيش عراقي قوي بالمنطقة لا يخضع لأي تيارات أو أحزاب سياسية أو أهواء دينية طائفية لكن سيتم تدريبه على يد المستشارين الأميركيين بالعراق ووضع استراتيجيته كجيش وطني عراقي.

استدراج العبادي

لقاء ترامب منح الثقة للعبادي لاستخدام الجيش العراقي في دحر عناصر داعش من الرقة السورية أيضاً بعد انتهاء معركة الموصل وإغرائه بضم العراق للتحالف الدولي الذي تقوده أميركا، لكن رسالة ترامب للعبادي أن معركة الموصل تنتهي عندما تريد أميركا ذلك بشروطها وسواء وافق العبادي أو حاول التملص فأميركا ترامب ستغير المشهد به أو بدونه.

المالكي والهوى الإيراني

كما يوضح ترامب للعبادي أن أميركا على استعداد كامل لإعادة إعمار العراق بعد الخراب الذي طاله على يد داعش مقابل حصص من النفط تحددها أميركا دون غيرها، وكذلك التشديد على ضرورة رحيل كل مظهر إيراني من العراق لحدود 2003 وعدم السماح برؤية الجنرال “قاسم سليماني” قائد الحرس الثوري الإيراني يقود الجيش العراقي مرة أخرى أو عودة “نوري المالكي” للواجهة.

عودة النخب والكفاءات

أميركا ترامب ستعمل على عودة النخب العراقية والكفاءات من الخارج التي طالما طاردتها حكومات متعاقبة قامت على الكراهية ورسخت للطائفية، من أجل تغيير في المشهد السياسي والثقافي في العراق بوجوه جديدة ربما تستعين بها في تشكيل حكومات وبرلمانات ومحافظات لأقاليم تستوعب المكون العراقي بأطيافه المختلفة قد تنقسم لثلاثة أقاليم بحكم ذاتي مستقل لكل منها ميزانيته واستثماراته وقواته الخاصة مع دعم كامل من أميركا باعتبار أرض العراق تابعة للأمن القومي الأميركي.

وجوه جديدة وعراق فيدرالي

 وتتضح نية إدارة ترامب بدعمها لمؤتمرات عراقية في الخارج، للمناورة بها والتحضير لعراق جديد بمكوناته المختلفة، في المقابل ستعمل أحزاب عراقية إسلامية على تغيير مسمياتها والابتعاد عن أي صبغة إسلامية تسبب لها ملاحقات ومضايقات في عراق ما بعد داعش طمعاً في اللحاق بركب التغيير والخريطة الجديدة للعراق الذي ربما يقسم لعدة أقاليم مستقلة لكنها ستخضع لإدارة فيدرالية موحدة من بغداد.

ربما نرى شخصية مفاجئة هي من يتولى مقاليد الأمور في العراق ما بعد داعش.. فهو لن يكون عراق ما قبله.. فالحركات الدينية الراديكالية لن يكون لها أي مكان في خريطة العراق الجديد وربما المنطقة بالكامل، إذ لن يسمح إلا بالحركات والتيارات المدنية التي تعلي مصلحة الوطن ولا تعادي أميركا، وليس جماعات أو كيانات لها أفكار متطرفة أو أطماع توسعية.. لكن بالتأكيد على أميركا أن تجد صيغة ما لإرضاء إيران وأن تتفق أولاً مع روسيا بتفاهمات معلنة أو غير معلنة.. ومن سيدفع فاتورة إعمار وتطوير العراق الجديد هم العرب وعلى رأسهم السعودية والنفط وكذلك هناك تفاهمات مع تركيا لتهيئة الصيغة العراقية الجديدة التي ترضي جميع الأطراف وتهئ لعراق جديد ومنطقة مستقرة!

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب