اكد مواطنون وخبراء قانونيون واعلاميون ان تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي عن ملفات يملكها حول ضلوع وزراء ونواب في التفجيرات التي تشهدها البلاد ورفضه كشفها او تقديم هؤلاء الشركاء الى المحاكم هو تواطؤ مع المجرمين ما يستوجب عزله . وأكد العراقيون في تصريحات ان المالكي قد وضع نفسه بذلك تحت طائلة القانون واعربوا عن ذعرهم من كونها تصدر عن المسؤول الاول في الدولة عن ارواح الناس واملاكهم فيما رأى اخرون انه لا يريد تفجير مزيد من الازمات وسفك للدماء.
وقال الخبير القانوني طارق العادلي ان هناك ملفات ارسلها رئيس الوزراء الى رئيس مجلس النواب في السابق، لكنه ضمها في ادراج مكتبه ، وربما هناك ملفات اخرى هي تؤكد تستره عليها . واشار الى ان، هذه التصريحات في هذا المجال ليست جديدة ، واعتقد ان الامر ربما يتعلق بقضيتين، الاولى انه لو كان المالكي يقصد الـ (13) ملفا التي سبق له ان ارسلها الى رئيس مجلس النواب وظلت في ادراج مكتبه وهي من صلاحيته حصرا ، فهو يعني انه سيكاشف مجلس النواب بهذا ، ويقول انا اتهمت فلان وفلان بكذا وكذا ، وانا ارسلت اليكم ملف فلان الذي صدر عليه (القاء قبض)،انا اعتقد ان هذا هو ما ينشده رئيس الوزراء بتصريحه الاخير حيث سيكشف امام الرأي العام هذه الملفات التي لايعرفها سوى رئيس مجلس النواب، وسيكشف للشعب ان ملفات الاتهامات هذه ضد نواب بالعمل مع الجماعات المسلحة او الارهابية او القاعدة ، وقد ارسلت بياناتها كاملة الى رئيس المجلس ولكنه لم يظهرها من اجل احالتهم الى المحاكم ، وبهذا يعمل رئيس الوزراء على تجييش الشارع العراقي ضد رئيس مجلس النواب تحديدا وسيطالبه بالاجابة عن سبب عدم اتخاذه اجراءات احالة الملفات الى اللجنة القانونية وأن من حقه ان يعرضها على مجلس النواب بالقول ان هذه الملفات جاءتنا من السلطة التنفيذية ، وعليه سيعمل رئيس الوزراء على سحب الثقة من رئيس مجلس النواب .
واضاف : اما اذا كانت الملفات التي يقصدها المالكي في تصريحاته جديدة وهي مخفية عن مجلس النواب ، فهنا تبدأ عملية حسابات اخرى ، وسوف يقال له : لماذا لم تعلن، او هناك ملفات قديمة ولم يعرضها وتحتوي على اتهامات ضد بعض العناصر تتعلق بالتوازن السياسي او الوظيفي ، بمعنى (غطي لي واغطي لك) . وتابع : المتستر في بعض العقوبات يأخذ نفس اجراءات الفاعل والمحرض والذي يأوي والذي يقدم معلومات ، كلهم يعاملون نفس المعاملة ويتلقون نفس العقوبة او اقل منها حسب قناعة اللجنة التحقيقية او القاضي ، وان كان رئيس الوزراء يقصد ان لديه غير تلك الملفات فيكون قد تستر عليها لاسباب سياسية ربما او نفعية .
تصريحات المالكي توجب عزله
أما الكاتب والاعلامي اياد الزاملي رئيس تحرير صحيفة “كتابات” الالكترونية فقد عبرعن استغرابه من هذه التصريحات واشار الى ان المالكي يقول مبررا رفض استجوابه وذهابه الى البرلمان ، انه يمتلك ملفات خطيرة ضد اقطاب العملية السياسية ، إن كشفها للشعب العراقي ستطيح بالعملية السياسية برمتها مشبها هذه العملية بالاسلام عندما حافظ عليه الأئمة المعصومين عندما صبروا ولم يكشفوا الى العامة حين ذاك امراء الفساد في الدولة الأموية والعباسية .
وخاطب الزاملي المالكي قائلا : كيف تقول انك تملك ملفات تطيح برؤوس كبيرة ، متورطة بالقتل وقصدت ضمنا بذلك المنطقة الغربية ، فكلهم قتلة ومجرمون وقاعدة وارهابيون اما ابناء المناطق الأخرى فكلهم ابرياء ، مخلصون ، محبين لوطنهم بحسب زعمك. وتساءل قائلا : هل يعلم المالكي ان من يتستر على مجرمين يكون شريكا معهم في الإجرام حتى وإن لم يكن هو مجرما مثلهم .. انه قالها بلسانه وكررها اكثر من مرة وفي مناسبات مختلفة ان هناك مجرمين في البرلمان وانه يتستر عليهم ، لذا يمكن القول انه مجرم مثلهم ، وعلينا مقاضاته وعزله، فهو رجل غير مؤتمن على ارواح العراقيين كما انه غير مؤتمن على ثروات البلاد بحسب قوله.
ومن جانبه عبر امير حسن،موظف حكومي، عن اسفه لما سمعه من كلام للمالكي ، مشيرا الى انه مسؤول امام الله عن ارواح واعراض الناس، وقال : انا شعرت بالصدمة مما سمعته من كلام للسيد المالكي، فهو شيء يشعرنا بالخوف، فلماذا يهدد بهذه الملفات كلما حدثت ازمة، ولمن يخبيها؟ انا والكثير من الناس صدمتنا تهديداته واعتقد انه يتحمل المسؤولية كاملة ولاشيء يبرر السكوت .
وقال عبد الرحيم علي ،طالب جامعي : لا اعتقد ان المالكي يتستر على الجرائم بقدر ما يتصرف بحكمة لانه يعرف ان الارهاب سيستغل الثغرات والمشاكل، ونحن رأينا كيف اصبح الوضع عندما تم اتهام الهاشمي ومن ثم العيساوي، وفعلا انه يريد ان يحقن الدماء خاصة وهو يعلم انه عدوه غاشم واجرامي .
كشف الاسماء لايكفي والمطلوب تقديمها للقضاء
من جهته اعرب الكاتب والاكاديمي حميد الكفائي عن قلقه من هذه التصريحات واعتبرها تقصيرا في الواجب ، وقال : ما أعلنه السيد نوري المالكي حول وجود ملفات تتعلق بالإرهاب ومرتبطة بسياسيين أو برلمانيين هو أمر مقلق حقا لكل عراقي خصوصا مع تدهور الوضع الأمني في العراق خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة. وان كان المالكي مقتنعا بأن هناك تجاوزات ومخالفات أو جرائم تتعلق بالأمن ارتكبها سياسيون ونواب فإن واجبه كرئيس للسلطة التنفيذية يحتم عليه التعجيل بكشف الأسماء وإحالة المتورطين إلى القضاء. مجرد التلويح بكشف الأسماء لا يكفي بل قد يعتبر تقصيرا في الواجب إن كان لدى السيد المالكي معلومات دقيقة وأكيدة حول تورط هؤلاء في تدهور الأمن. صحيح أن الوضع السياسي المتأزم قد يتطلب التجاوز عن بعض الأخطاء لكن الأمن يجب أن يكون خطا أحمر ومن يتجاوز عليه يتجاوز على الشعب العراقي كله لذلك يجب محاسبة كل من أخل بالأمن أو تسبب في ذلك.
الى ذلك اكد المحلل السياسي فلاح المشعل ان المالكي ورط نفسه فعلا باعلانه هذا ، وقال: المالكي لم يضع نفسه تحت طائلة القانون وحسب ، انما ارتكب انتهاكات متعددة ، اولها يتمثل في قصدية التأخير لعرقلة عمل البرلمان في واحدة من أخطر الملفات ، ألا وهو الملف الأمني الذي استدعاه البرلمان للحوار والمناقشة عن اسباب انهياراته المتكررة لكنه يهمل الدعوة وللمرة الثالثة وهو اعلان صريح بأسقاط سلطة البرلمان .
واضاف : الشيء الآخر المهم الذي ورط نفسه به المالكي ، هو اعلانه وجود ملفات ارهاب وفساد كبيرة لكنه يتستر عليها ، وهذا بالعرف القانوني مشاركة بالجرم ، الشيء الآخر ايضا .. هو ان تأتي التصريحات عشية الأنتخابات (التصويت الخاص) وفي وسائل اعلام الدولة ، وهذا يعني استفراد بسلطة الأعلآم وانهاء استقلاليته ، بل وتوظيفه لاغراض تزرع الفرقة الوطنية وتجذر لسلوك الأستبداد والتهديد ، وشحن الأجواء بالتوتر وعدم احترام الشركاء السياسيين من خلال اتهامهم بالأرهاب والفساد .
المالكي لم يورط نفسه
اما المحلل السياسي عبد الامير المجر فرأى ان المالكي لم يورط نفسه كون المرحلة لا تسمح بفتح المزيد من الملفات ، وقال : لااعتقد ذلك ولعله كان يقصد ان هناك من هو ليس بريئا من الارهاب لكنه اكد بان المرحلة لاتسمح بفتح المزيد وهذه من تكتيكات السياسة التي يتحملها واقعنا العراقي للاسف ..القانون لدينا لم ينضج على مستوى التعاطي بمفرداته كاملة مع واقع سياسي مربك نعرف تفاصيله وفي العموم علينا ان ندرك ان لاشيء مثاليا في العراق قبل ان تتشكل حكومة اغلبية سياسية وليست طائفية وبعده يكون الحديث مختلف .. لعل ذلك في الدورة القادمة ..نامل ذلك .. اماعلى المستوى المبدئي فلنا مع الامر موقف مختلف على المستوى الشخصي طبعا!…
الكاتب محمد بديوي الشمري اكد ان القانون يعتبر المتستر على الجريمة شريكا فيها ، وقال : ان من اغرب التصريحات التي سمعتها؛ تصريح رئيس الوزراء نوري المالكي هذا الذي يقول فيه “أنا أقبل أن أذهب إلى البرلمان، لكن إن ذهبت سأجعل الدنيا تنقلب” ثم يوضح المالكي إن ما يمنعه من كشف هذه الملفات الآن هو رد الفعل الخطير، الذي سيصيب العراق والعراقيين، مفضلًا التريث حقنًا للدماء، وملمّحًا إلى أن من بين المتورّطين نواب من التحالف الوطني وبقية الكتل، من خلال استخدام نفوذهم وبطاقات تنقل عناصر حماياتهم.
واضاف : هذا الحديث يعني ان السيد المالكي وضع نفسه تحت طائلة القانون باعتباره “متسترا على الجريمة” والقانون يعد المتستر على الجريمة شريكا بها بغض النظر عن الاسباب والمسوغات. والامر هنا يتعلق بدماء الناس التي سالت ومازالت تسيل في الشوارع ..انا لست قانونيا ولا اريد ان افتي بما يوجبه القانون في مثل هذه الحالة لكنني احفظ قوله تعالى “ولا تكتموا الشهادة، من يكتمها فانه آثم قلبه، والله بما تعلمون عليم”.
عن ايلاف