خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن التظاهرات الإيرانية لن تهدأ حتى مع استخدام النظام لأساليب القمع المختلفة ضد المحتجين، حيث قال معارض إيراني إن: “التظاهرات شملت نحو 150 مدينة وبلدة إيرانية في أكثر من 20 من محافظات البلاد”.
وأضاف “حافظ فاضلي”، عضو المكتب السياسي في حزب “التضامن الديمقراطي الأحوازي”، في مقابلة مع (العربية. نت)؛ إن: “التظاهرات في السابق كانت تقتصر على إقليم الأحواز وبلوشستان وكُردستان وأذربيغان، لكن هذه أول مرة منذ 4 عقود، تشهد فيها إيران مثل تلك الاحتجاجات الشعبية على نطاقٍ واسع”.
وتابع أن: “الاحتجاجات في إيران تتواصل منذ عقود، لكن هذه المرة اندلعت نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والضغوطات السياسية العالمية على إيران، التي أثّرت على كل البلاد. كما أن غلاء أسعار المحروقات، أدى لارتفاع أسعار مختلف المواد والخدمات بنسبة تتراوح بين 40 إلى 50%، وفي قطاعات أخرى تصل إلى 100%، لذلك تظاهر الناس جميعًا وخرجوا في تلك الاحتجاجات”.
استمرار التظاهرات مع بداية العام المقبل..
وأعتقد عضو المكتب السياسي؛ أن التظاهرات ستستمر خاصة مع بداية العام المقبل، سيما وأن بعض المتظاهرين لا زالوا يخرجون في بعض المناطق، معتبرًا: “أن الحكومة ليس لديها إمكانيات لدفع أجور موظفيها”.
كما اعتبر أن: “عدم دفع الحكومة لرواتب الموظفين سيساهم في مشاركة وخروج عدد أكبر منهم إلى الشوارع”.
ربطها بأسعار الوقود تقليل من شأنها..
وعن أسباب الاحتجاجات التي اندلعت، الأسبوع الماضي، أكد أن: “ربط أسبابها بغلاء أسعار الوقود، هو تقليل من شأنها ومن شأن الشعب الإيراني، فهناك فجوة عميقة بين الحكومة ومختلف فئات الشعب”.
وقال: “صحيح أن أسعار الوقود تسببت باندلاع التظاهرات، لكن الشعارات كانت مختلفة ومنها لا للمرشد الإسلامي، لا للجمهورية الإسلامية، كما كانت الهتافات كلها ضد الولي الفقيه وحكومته”.
مئات الشهداء وآلاف المحتجزين..
وكشف المعارض الإيراني عن وجود مئات الشهداء وآلاف المحتجزين، مضيفًا أن هناك “800 شخص من إقليم الأحواز محتجزين على خلفية مشاركتهم في هذه الاحتجاجات”.
ولفت إلى أن: “هناك مئات الشهداء في مناطق الأهواز والأرقام كارثية، فأعدادهم تتراوح بشكلٍ دقيق بين 130 إلى 140 أستشهدوا خلال مشاركتهم في الاحتجاجات، ونحن في الوقت الحالي، نقوم بتوثيق أسمائهم، وقد حصلت مجزرة في مدينة الفلاحية بعد إعدامات ميدانية بحق شبابها إثر خروجهم بقوة في تظاهرات السبت الماضي”.
وقال إن: “الشعارات والهتافات التي خرج بها المحتجون؛ هي ذاتها في كل المدن، ففي الأحواز وشيراز سمعنا ذات الهتافات التي سمعناها لدى الأصفهانيين؛ ومنها لا للولي الفقيه، لا لبنان ولا لغزة، روحي فداء إيران. في الحقيقة كل الشعارات كانت موجهة لحرم السلطة ولولي الفقيه والحرس الثوري، هذه تحصل لأول مرة في مناطق مركزية في إيران، ويمكننا تسميتها بمناطق الفرس”.
وختم قائلاً: “نحن في حزب التضامن وكحراك عربي أحوازي، تربطنا علاقات مع الإخوة الأكراد، ومع أحزابهم الأربعة الكبرى في البلاد ومع بقية أحزاب الشعوب الأخرى، وطلبنا معًا من الجماهير ألا تخرج في الوقت الحالي، بشعارات خارج إطار إسقاط النظام”.
توقعات بحدوث اضطرابات في المستقبل..
في نفس السياق؛ رأت وكالة (أسوشيتد برس) الأميركية أن الاحتجاجات التي تشهدها “إيران” حاليًا؛ تشير إلى وقوع اضطرابات في المستقبل، وأنها لن تكون المرة الأخيرة التي يخرج فيها المتظاهرون إلى الشوارع.
وذكرت الوكالة، خلال تحليل منشور عبر موقعها، أمس، أن الاحتجاجات التي شملت نحو 100 مدينة في “إيران”، منذ بدايتها في 15 تشرين ثان/نوفمبر 2019، لن تنتهي حتى بين المتشددين في “إيران”، ويبدو أن هناك إعترافًا بحقيقة واحدة بعد الاحتجاجات واسعة النطاق والعنف والحملة القمعية لقوات الأمن التي شهدتها البلاد؛ ألا وهي أن هذه لن تكون آخر مظاهرات.
اللجوء لتخفيض النفقات..
وقالت الوكالة الأميركية إنه: “مع الصراع الذي تخوضه إيران، بفعل العقوبات الأميركية الطاحنة التي أعقبت قرار الرئيس، دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية، ستواجه حكومتها ورجال الدين الطائفيون قرارات أصعب بشأن أماكن خفض النفقات”.
وأضافت الوكالة؛ أن هذا الخفض على الأرجح سيستهدف شبكة واسعة من الدعم الحكومي الذي يساعد الفقراء في تحمل نفقات الحياة، من الكهرباء إلى الطعام، مشيرًة إلى أن أي خطوة لرفع تلك الأسعار ستتسبب في مزيد من الاحتجاجات.
وأشارت الوكالة، في تقريرها، إلى أن الاحتجاجات التي اندلعت بعد رفع “إيران” لأسعار “البنزين” ليصل إلى 15 ألف ريال للتر، لا يزال حجمها غير واضح حتى اليوم، إذ لم تقدم “إيران” إحصائيات بعد بشأن أعداد الناس الذين جرى اعتقالهم أو أصيبوا أو قتلوا خلال الاحتجاجات.
مطالب بإعلان أرقام الضحايا..
وبسبب استخدام العنف المفرط، طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الحكومة، الأربعاء الماضي، بإعلان أرقام ضحايا ومعتقلي “ثورة البنزين” والإنتهاكات التي حدثت للمحتجين، وبتحقيق مستقل.
ودعت المنظمة الحقوقية الدولية، في بيان، المسؤولين الإيرانيين؛ إلى إجراء تحقيق مستقل بشأن الإنتهاكات التي وقعت خلال الاحتجاجات الرافضة لغلاء سعر “البنزين”.
وأدان البيان التعتيم المتعمد لقمع المحتجين بوحشية من جانب السلطات الإيرانية، مشيرًا إلى أن حكومة “طهران” قطعت خدمة الإنترنت 12 يومًا، فضلًا عن رفضها الإفصاح عن أعداد الضحايا.
ودعا “مكتب حقوق الإنسان” التابع لـ”الأمم المتحدة” والمنظمات الأممية المعنية؛ لإجبار المسؤولين الإيرانيين على الإجابة عن الأسئلة حول حصيلة ضحايا الاحتجاجات.
تضارب الأنباء حول أعداد القتلى والمعتقلين..
وأفادت “منظمة العفو الدولية”، بناء على تقارير موثوقة؛ بأنها تؤكد مقتل 161 متظاهرًا على الأقل على أيدي قوات الأمن منذ إنطلاق الاحتجاجات، في 15 تشرين ثان/نوفمبر الجاري. وأكدت مرة أخرى أنها ترجح زيادة عدد القتلى. وهذه المرة الثالثة التي تنشر فيها “منظمة العفو الدولية” إحصائية عدد القتلى في غضون أسبوعين.
وهي أسوأ موجة توتر مناهضة للحكومة تشهدها “إيران”، منذ أخمدت السلطات مظاهرات “الثورة الخضراء”، التي اندلعت احتجاجًا على التلاعب بالانتخابات في 2009.
في حين أعلنت “منظمة مجاهدي خلق” المعارضة على (تويتر)، أن عدد شهداء الاحتجاجات في “إيران” تجاوز 450 شخصًا.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع؛ قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، “حسين نقوي حسيني”، إن 7 آلاف اعتقلوا في أيام الاحتجاجات، في حين أن وزير الداخلية الإيراني صرح بمشاركة أكثر من 200 ألف مواطن في الاحتجاجات منذ اندلاعها.
الوقت غير مناسب للإصطفاف السياسي..
وحذر خطيب جمعة طهران، “محمد جواد حاج علي أكبري”، أمس، الأوساط السياسية، من أن الوقت “ليس مناسبًا للإصطفافات السياسية”، مطالبًا بالحفاظ على “الوئام الوطني”.
وأشار “حاج علي أكبري” إلى أن المعتقلين يواجهون “تهمًا” مثل “المحاربة” و”البغي”، وهي اتهامات تواجه أحكامًا بالإعدام، مشيرًا إلى “ضرورة تطهير المجتمع من الأراذل المتوحشة”.
وقال “حاج علي أكبري” إن تقنين البنزين “خلاصة الإدارة العالية للنظام”. ومع ذلك قال إن طريقة تنفيذ القرار “قابلة للنقد”، وأوصى أصحاب المنابر ومن تؤدي تصريحاتهم إلى موجة في الشارع، بأن تكون تصريحاتهم “سديدة”.
استجواب لوزير الداخلية..
ووقع 34 نائبًا على مساءلة وزير الداخلية، “عبدالرضا رحماني فضلي”، بسبب الاحتجاجات الأخيرة.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية، أمس، عن النائب، “أبوالفضل موسوي”، قوله إن وزير الداخلية “بيت القصيد” في المناقشات الأخيرة في البرلمان الإيراني، مشددًا على عزم النواب مساءلة الوزير الذي أثار دفاعه عن قمع الاحتجاجات جدلاً واسعًا في الأوساط الحليفة لحكومة “روحاني”.
وقال النائب إن: “وزير الداخلية الشخص الوحيد الذي يمكن للبرلمان مساءلته حول الأحداث الأخيرة”.