عبر ثلاثة سيناريوهات .. “الشرق الأوسط” يزعم مكاسب لـ”إردوغان” من الصراع “الروسي-الأوكراني” !

عبر ثلاثة سيناريوهات .. “الشرق الأوسط” يزعم مكاسب لـ”إردوغان” من الصراع “الروسي-الأوكراني” !

وكالات – كتابات :

نشر (معهد الشرق الأوسط) مقالًا للكاتب؛ “يوجين كوغان”، يستعرض فيه أثر سيناريوهات حرب “أوكرانيا” المحتملة في العلاقات بين “روسيا” و”تركيا” وأمن “البحر الأسود”.

يُلفت الخبير في الشؤون الدفاعية والأمنية، والمقيم في “تبليسي”؛ بـ”جورجيا”، في مطلع مقاله إلى أن العلاقات “الروسية-التركية” تستند إلى حدٍ كبير إلى الكيمياء الشخصية والتقارب والثقة بين الرئيسين؛ “فلاديمير بوتين”، و”رجب طيب إردوغان”، مشيرًا إلى أن الغزو الروسي لـ”أوكرانيا” وضع هذه العلاقات الشخصية على المحك.

وفي حين يُحافظ الرئيس؛ “إردوغان”، أيضًا على علاقة عمل وثيقة مع الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، وكذلك العلاقات العسكرية “التركية-الأوكرانية” قوية، فقد أصبح – وفق زعم الكاتب – جليًّا أن “إردوغان” ليس على استعداد للتضحية بالعلاقات مع “بوتين” من أجل “زيلينسكي”. وعلاوة على ذلك، فإن جهود “إردوغان” للتوسط بين الزعيمين إما رفضها “بوتين” وإما تجاهلها؛ بحسب إدعاءات الكاتب.

ومع استمرار حرب “روسيا” في “أوكرانيا”، فليس هناك ثمة أمر يقيني فيما ستؤول إليه الأمور، لكن الأمر يستحق النظر في مجموعة من الاحتمالات. وتُسلط السيناريوهات الثلاثة المعروضة أدناه الضوء على التحديات والفرص المحتملة التي قد يواجهها “بوتين” و”إردوغان”، وبدرجة أقل، “زيلينسكي”؛ اعتمادًا على ما سيؤول إليه الصراع، وكذلك ما هو على المحك فيما يتعلق بدول أخرى في منطقة “البحر الأسود”.

سيناريوهات حرب “أوكرانيا”: انتصار “روسيا”..

يدعي الكاتب ما قد يحدث في السيناريو الأول زاعمًا: في حال انتصار “بوتين” في الحرب في “أوكرانيا”، سوف تُطالب “روسيا” العدوانية بحرية حركة سفنها البحرية عبر “مضيق البوسفور” و”الدردنيل”.

بالإضافة إلى ذلك، سيدعو “بوتين”؛ “تركيا”، إلى الحفاظ على حيادها الصارم في حالة شن عملية عسكرية روسية في “البحر الأسود”؛ ضد “بلغاريا” أو “جورجيا” أو “رومانيا”. وقد تذهب “موسكو”، التي تشجعت حديثًا، إلى حد دفع “أنقرة” إلى مشاركة موارد “الغاز الطبيعي” المكتشفة مؤخرًا في “البحر الأسود”، والتي تطمح “تركيا” إلى تطويرها واستخدامها للاستهلاك المحلي.

وإذا حدث كل هذا، فستُصبح “تركيا” أكثر اعتمادًا على “روسيا”. ومع ذلك؛ في مثل هذا السيناريو، قد تخلق عزلة “موسكو” المتزايدة أيضًا فرصًا جديدة لـ”أنقرة” لتعزيز مصالحها في المنطقة.

ويستمر الكاتب في عرض مزاعمه: أن “تركيا”، وبصفتها عضوًا في “حلف شمال الأطلسي”؛ الـ (ناتو)، لن تستفيد من “روسيا”؛ (الجريئة والعدوانية)، في “البحر الأسود” و”شرق البحر المتوسط”. وعلى الرغم من أن الإجراءات الروسية ستُزعزع استقرار المنطقة الأوسع، فإنها لن تدفع “تركيا” مرة أخرى إلى حظيرة الـ (ناتو)؛ بالنظر إلى حالة الفتور بين “تركيا” والحلف في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة؛ في تموز/يوليو عام 2016. ولم تغفل “أنقرة” أن أنصار حركة “فتح الله غولن”، وجدوا مأوى لهم في دول الـ (ناتو)، وأنه ورُغم طلبات تسليمهم، لم توافق أي من الدول على فعل ذلك.

ويذكر الكاتب أن هناك: “مآخذ أوروبية”؛ على “أنقرة”، أبرزها الاتهامات الموجهة من “أوروبا”؛ لـ”تركيا”: بـ”قمع المعارضين والمعارضين السياسيين في الداخل”، ويذكر الكاتب القضية الأخيرة لـ”عثمان كافالا”، الناشط في مجال الحقوق المدنية والمُحسن الذي حكمت عليه محكمة تركية بالسجن مدى الحياة دون الإفراج المشروط، ويُضيف الكاتب أن هذا لم يُحسن العلاقات بين “تركيا” و”الاتحاد الأوروبي” و”الولايات المتحدة”.

مصدر الصورة: رويترز

ويتوقع الكاتب أنه وفي ظل هذا السيناريو، قد يستمر الوضع الاقتصادي في “تركيا” في التدهور؛ وقد لا تتحقق جميع الوعود التي قطعها “إردوغان” وحكومته بشأن تحسين الاقتصاد، لافتًا إلى أنه وبرغم عدم قدرة “روسيا” على تقديم الدعم المالي الفوري لـ”تركيا”؛ نظرًا إلى تأثير العقوبات الاقتصادية التي يفرضها “الاتحاد الأوروبي” و”الولايات المتحدة وكندا” وغيرهم من البلدان ذات التفكير المماثل، فإنها مع ذلك قد تُرسل سياحها وتفتح أسواقها بصورة أكبر للشركات التركية، بما في ذلك في أعمال البناء، الأمر الذي قد يُساعد جزئيًّا على الأقل في تخفيف مشكلات “إردوغان” الاقتصادية.

وبالإضافة إلى محفزات زيادة التجارة والسياحة، قد تُوقِّع “روسيا” و”تركيا” أيضًا عقدًا لتسليم دفعة ثانية من أنظمة الدفاع الصاروخي؛ (إس-400)، بما في ذلك تفاصيل معينة وغير محددة تتعلق بنقل التكنولوجيا إلى “تركيا”. وعلاوة على ذلك، ستكون “روسيا” مستعدة لتقديم خصم على “الغاز”؛ لـ”تركيا”. ومن خلال هذه الإجراءات، تهدف “روسيا” إلى تعزيز إبعاد “تركيا” عن بقية الـ (ناتو)، بينما يُحاول “بوتين” الحفاظ على علاقات ودية مع “إردوغان”، وقد يعرض على الزعيم التركي مجال نفوذ مشترك في “جنوب القوقاز”. ومن شأن مبادرة (3 + 3) والضغط على “جورجيا” للإذعان للمخطط الذي قدمته “تركيا” و”روسيا”؛ أن يُبدد أي آمال في انضمام “جورجيا” إلى الهياكل الأوروبية الأطلسية.

ويُضيف الكاتب أخيرًا، في حالة انتصار “روسيا” في الصراع، قد تنتهي على الأرجح العلاقات العسكرية بين “تركيا” و”أوكرانيا” وستتوقف مبيعات “تركيا” لأنظمة الأسلحة إلى “أوكرانيا” تمامًا.

السيناريو الثاني: روسيا تخسر الحرب..

وينتقل الكاتب للسيناريو الثاني، وهو خسارة “روسيا” للحرب، متوقعًا أن يكون للخسارة الروسية في “أوكرانيا” عواقب واسعة النطاق. فكما حدث مع تفكك “الاتحاد السوفياتي” السابق، فإن الهزيمة العسكرية يمكن أن تؤدي إلى إنهيار “الاتحاد الروسي”. ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تغييرات مزلزلة في جميع أنحاء القارة الأورآسية، مما يؤثر في ميزان القوى الأوسع مع إزالة أو تقليل التهديد العسكري لدول مثل: “جورجيا ومولدوفا وبلغاريا ورومانيا”.

ومع ذلك؛ فإن هزيمة من هذا القبيل ليست نتيجة حتمية، لأن الرئيس “بوتين” وحكومته؛ سيسعون جاهدين لتجنبها بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك التعبئة العسكرية الشاملة. ومن المُرجح أن يكون لحرب الاستنزاف التي قد تستمر عدة سنوات؛ عواقب وخيمة على الصعيدين العسكري والاقتصادي، ومن غير المُرجح أن تنجح الدبلوماسية؛ لأن “بوتين” لديه إزدراء عميق للمفاوضات الدبلوماسية؛ بحسب إدعاءات الكاتب.

وينوِّه كاتب التقرير؛ إلى أن الأمر الواضح هو أن هزيمة “روسيا” في الحرب ستُعزز موقع “تركيا” الإستراتيجي في “البحر الأسود” و”جنوب القوقاز”. وكان هذا ولا يزال هدفًا للرئيس التركي؛ “إردوغان”، الذي يسعى لتوسيع نفوذ “أنقرة” في الجمهوريات “التركية-السوفياتية” السابقة.

ومع ذلك؛ وحسب ما يتخيل الكاتب، فإن قادة مثل هذه الدول، حتى تلك التي لها علاقات وثيقة مع “تركيا”، مثل الرئيس الأذربيجاني؛ “إلهام علييف”، سوف يقاومون على الأرجح جهود “أنقرة” إذا تمادت في ذلك. وكذلك يبدو واضحًا أيضًا أنه وفي ظل السيناريو الثاني، ستتوسع العلاقات العسكرية بين “تركيا” و”أوكرانيا” وتستمر في الإزدهار.

وبالنتيجة يستبعد الكاتب في ظل مثل هذا السيناريو، أن يخرج الاقتصاد التركي من حالة الركود على الرغم من جهود الرئيس؛ “إردوغان”، لتحسين العلاقات مع دول الخليج الغنية ودعمها المالي اللاحق لتعزيز الاقتصاد التركي. وطالما أن الرئيس؛ “إردوغان”، يتبع سياسته الاقتصادية غير التقليدية ولا يستمع إلى نصيحة الاقتصاديين، فمن المُرجح أن يبتعد المستثمرون الأجانب؛ بينما يستمر الشعب التركي في تحمل عبء الديون المتزايدة وارتفاع التضخم.

ومع ذلك، من المُرجح أن تستمر العلاقات التجارية والاقتصادية “الروسية-التركية” كما كانت من قبل في هذا السيناريو، وستمضي “روسيا” قدمًا في بناء محطة (أكويو) للطاقة النووية في “تركيا”.

السيناريو الثالث: حالة الجمود..

يصل الكاتب إلى السيناريو الثالث والأخير، حالة الجمود العسكري، موضحًا أنه وفي ظل هذا السيناريو، سنشهد ظهور ما يُسمى بالصراع المتجمد آخر في قلب “أوروبا”، والذي يسعى فيه كل طرف لكسب الوقت لإضعاف الجانب الآخر وإغتنام الفرصة للخروج من الحرب قويًّا. وستظل “تركيا” تنزف اقتصاديًّا، وستُهمَّش دبلوماسيتها، وستُعاني من اضطرابات سياسية محلية. وبعبارة أخرى، ليس هناك جانب مضيء يلوح في الأفق فيما يخص “روسيا وأوكرانيا وتركيا”.

ويزعم الكاتب إن السيناريو الثالث، مع بعض مساوئه على “روسيا”، هو أيضًا مسار مألوف للرئيس؛ “بوتين”، وإدارته، ذلك أنهم يواجهون وضعًا مماثلًا في “أبخازيا” وبقايا “ناغورنو-كاراباخ” و”أوسيتيا الجنوبية” و”ترانسنيستريا”، ويعرفون جيدًا كيفية التعامل مع تلك الحالة دون الاستسلام لضغوط المجتمع الدولي.

مصدر الصورة: رويترز

ويُعد هذا السيناريو من دون شك السيناريو الأسوأ لـ”أوكرانيا”؛ بالنظر إلى الإنهاك المتنامي للغرب وتضاؤل قدرته على التحمل رغم استمراره في تقديم المساعدة الاقتصادية والعسكرية. وسيقول “بوتين” على الأرجح إن “روسيا” انتصرت في الحرب الوطنية العظمى؛ على الرغم من الخسائر البشرية الهائلة والتكاليف الاقتصادية الفادحة؛ (بحسب الآلة الدعائية الأميركية التي تردد نفس تلك النغمات المضللة للرأي العام؛ والتقرير يرسخ مزاعمها)، وأن “روسيا” أصبحت قوة عظمى على المسرح الدولي، ومن ثم، فإن التضحيات والتكلفة النهائية للنصر لها ما يُبررها، وأن “روسيا” ستنتصر في نهاية المطاف. وتعني حالة الجمود أيضًا أن “روسيا” ستظل تُشكِّل تهديدًا للدول المحيطة بـ”البحر الأسود”، ومن ثم يتعين على الحكومتين البلغارية والرومانية أن تظل يقظة وتعزز إنفاقها الدفاعي.

ويختم الكاتب إدعاءاته بالقول؛ إن العلاقات “الروسية-التركية” تستند إلى تفاهم متبادل على ضرورة الحفاظ على التوازن بأي ثمن، مشيرًا إلى أن السيناريو الأول يُسلِّط الضوء على الجَزَر الذي يُبدي “بوتين” استعداده لتقديمه لـ”إردوغان”، في حالة انتصار “روسيا” في الحرب ضد “أوكرانيا”.

وكذلك يُظهر أن “تركيا” ستواصل الإبتعاد عن حلف الـ (ناتو)؛ لأن “إردوغان” ليس مستعدًّا لتغيير سياسته الداخلية. أما السيناريو الثاني فيحمل بعض المزايا لـ”تركيا”، لكن هذه المزايا تستند إلى توقعات غير واقعية في “أنقرة”. في حين يُسلِّط السيناريو الثالث الضوء على أوجه عدم اليقين المستقبلية وعجز المجتمع الدولي عن إجبار “روسيا” على الاستسلام. وستُزيد مثل هذه النتيجة الأمور سوءًا فيما يتعلق بـ”تركيا وأوكرانيا”، على وجه الخصوص، وكذلك ستظل تُشكِّل تهديدًا لـ”بلغاريا ورومانيا” عمومًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة