عبر “بوليتيكو” .. كاتب ليبي يدعوا “أوروبا” للتدخل في وطنه بمندوبين رسميين ويغريها بالنفط !

عبر “بوليتيكو” .. كاتب ليبي يدعوا “أوروبا” للتدخل في وطنه بمندوبين رسميين ويغريها بالنفط !

وكالات – كتابات :

من المؤكد أن تصاعد حدَّة التوترات في “ليبيا” يُهدد بانزلاق البلاد إلى هاوية حرب أهلية مرةً أخرى، والتي ستؤثر عواقبها في “أوروبا” والمجتمع الدولي بأسره؛ وهذا ما حذَّر منه؛ “معين الكيخيا”، مؤسس ورئيس “المعهد الديمقراطي الليبي”، في مقاله المنشور في مجلة (بوليتيكو) الأميركية، مناشدًا القارة العجوز بإيلاء “ليبيا” بعض الاهتمام قبل فوات الأوان.

في بداية مقاله، يُشير الكاتب إلى أن اهتمام العالم، منذ شباط/فبراير الماضي، كان مُنصبًّا بقوة على الفظائع التي تتكشَّف في “أوكرانيا”؛ (بحسب مزاعم الكاتب)، ولكن في الوقت الذي أولت فيه “أوروبا” معظم اهتمامها للأزمة المشتعلة في جانبها الشرقي، تعرَّضت الأزمات التي لاحت بوادرها في جنوبها؛ (ليبيا)، للتجاهل وكثير من عدم الإكتراث.

وفي الوقت الحالي، يُنذِر تصاعد حدة التوترات السياسية واندلاع أعمال العنف في الآونة الأخيرة بخطر انزلاق البلاد إلى هاوية حرب أهلية مرةً أخرى، والتي ستؤثر عواقبها في “أوروبا” والمجتمع الدولي بأسره، ولم يُعد ممكنًا بعد الآن تأجيل التصدي للأزمة الليبية، وهناك ثمة طريق واضح أمامنا للقيام بذلك.

دولة فاشلة..

يوضح الكاتب أن “ليبيا”، التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية على مستوى قارة “إفريقيا”، تجد نفسها في حالة من العجز الكامل، ويُمكن توصيفها بدقة بأنها دولة فاشلة، ومنذ اندلاع الحرب الأهلية، التي وضعت أوزارها؛ في عام 2020، انقسمت البلاد فعليًّا بين حكومة معترفٍ بها دوليًّا ومقرها “طرابلس” في الغرب، وبين “الجيش الوطني الليبي”؛ المتحالف مع “روسيا”، الذي يُسيطر على شرق البلاد، حيث لا تزال أعمال العنف مستمرة.

وفي آيار/مايو الماضي، شَهِد قلب مدينة “طرابلس” اندلاع اشتباكات وتبادلًا لإطلاق النار بين القوات المسلحة الموالية لـ”حكومة الوحدة الوطنية”، وقوات “مجلس النواب الليبي”؛ في “طبرق”، شرق البلاد، وانتشرت بعدها في حزيران/يونيو، مقاطع فيديو تُظهر قافلة تُرافقها دبابات ومدفعية تتحرك باتجاه العاصمة الليبية إنطلاقًا من قاعدة في مدينة “الزنتان”، وبعد مرور يومين، انتهت ولاية الحكومة من دون وضع أي خطة لإجراء انتخابات جديدة لتشكيل حكومةٍ أخرى تحل محلها.

ويؤكد الكاتب أن مشكلات “ليبيا” لا تُخصها وحدها، إذ تتشارك “أوروبا” و”ليبيا”؛ في “البحر الأبيض المتوسط”: وكان “الإسكندر الأكبر” والإغريق والرومان، بل والنورمانديون، يتبادلون مع “ليبيا” السلع والثقافة والأفكار؛ بيد أن هذه المحاذاة والتقارب تعني كذلك أن الأزمات، التي تواجهها “ليبيا”، غالبًا ما تنجرف أمواجها حتى تضرب الشواطيء الأوروبية.

على سبيل المثال؛ منذ بداية أزمة اللاجئين؛ عام 2015، استخدم المهاجرون البائسون من “إفريقيا جنوب الصحراء” الكبرى؛ “ليبيا”، نقطةَ إنطلاقٍ في محاولتهم للوصول إلى “الاتحاد الأوروبي”، وفي الوقت الذي تجد فيه “أوروبا” نفسها في حاجةٍ إلى مصادر طاقة بديلة، في إطار مساعيها للتخلي عن الاعتماد على “الوقود الأحفوري” الروسي، تُعد “ليبيا” أقرب مصدر بديل للطاقة لـ”الاتحاد الأوروبي”.

التوقف عن تجاهل الفوضى في “ليبيا”..

يُلفت الكاتب إلى أن “أوروبا” تبذل قُصارى جهدها بالفعل للحفاظ على اتحادها بشأن العقوبات الروسية، وإذا لم تتمكن من العثور على إمدادات وقود جديدة وفيرة، فقد تضطر إلى رفع الحظر النفطي المفروض على “موسكو”؛ ومع ذلك، فإن حالة عدم الاستقرار المستمرة في “ليبيا” تقف حجر عثرة أمام “أوروبا” وتحُول بينها وبين الحصول على إمداداتها إلى حدٍّ كبيرٍ، ذلك أن الأغلبية الساحقة من احتياطاتها تخضع لسيطرة ما يُعرف: بـ”الجيش الوطني الليبي”؛ بقيادة الجنرال “خليفة حفتر”.

وهذا ليس سوى غيض من فيض من الأسباب التي تُجبر المجتمع الدولي على الكف عن تجاهل الفوضى المنتشرة في “ليبيا” وبذل قُصّارى جهده لمساعدتها على النهوض من عثرتها لكي تُصبح دولةً فعَّالة من جديد، ويوضح الكاتب هنا كيفية فعل ذلك: أولًا: يجب أن تُشكَّل حكومة انتقالية مؤقتة، تُسنَد إليها مهمة تحقيق استقرار البلاد بالقدر الكافي الذي يُتيح إجراء انتخابات، وتتشكَّل هذه الحكومة من قيادة غير سياسية وتكنوقراطية وتكون على أهبة الاستعداد للعمل نحو بناء توافق آراء بين أطراف النزاع في البلاد.

ويُشدد الكاتب على ضرورة أن تكون هذه الحكومة أيضًا من الشباب، ولا يزيد أعمار أعضائها عن: (45 عامًا)، ويُعلل الكاتب ذلك بقوله: لأن هذا يعني أن أيًّا منهم لن يكون ملوثًا بعلاقات سابقة مع نظام “معمر القذافي”، مما يوفر قطيعة نهائية مع الماضي، كما يجب أن يكون عدد أعضاء الحكومة قليل، ولكن يجب أن تكون ممثلة للمناطق الجغرافية البالغ عددها: 13 منطقة، والتي يجب أن يُمثِّل كل منطقة منها وزير واحد، مما يضمن أن يشعر جميع الشعب الليبي بأن لديهم مصلحة متساوية.

أزمة حُكم..

ينوه الكاتب إلى أنه ضمن هذا الإطار، سيكون صُناع القرار الوحيدون هم القائم بأعمال رئيس الوزراء ونوابه، هكذا وليس أكثر؛ وبهذه الطريقة، سوف يضمن عدد أعضاء الحكومة القليل التضييق على فرص الكسب غير المشروع والفساد؛ لأن كل عضو فيها سيكون تحت الأضواء ومحط الأنظار، كما أن قلة أعضاء الحكومة سيُسهم في الحفاظ على تركيز الوزراء؛ لأنه سيكون أمامهم هدف واحد يجب عليهم تحقيقه في نهاية المطاف، وهو إرساء الاستقرار في “ليبيا” والإشراف على انتخابات برلمانية حرة ونزيهة، ولا شيء غير ذلك، وبمجرد أن يتحقق ذلك، تُحل هذه الحكومة الانتقالية فورًا.

ومع ذلك؛ تحتاج “ليبيا” إلى دعم المجتمع الدولي، ولا يتحدث الكاتب هنا عن توفير الدعم المالي؛ إذ إن “ليبيا”، بخلاف الدول الأخرى المنهارة، لا تُعاني من أزمة مالية بقدر ما تُعاني من مشكلة تتعلق بحكم البلاد، وفي الوقت الحالي، تمتلك “ليبيا” ما يكفي من النقود في مصرفها المركزي لكي تظل باقية عدة سنوات، ولديها عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الأجنبية، ناهيك عن إنتاجها من “النفط”، فعلى الرغم من كل تلك الفوضى التي تشهدها البلاد، لا تزال “ليبيا” قادرةً على إنتاج أكثر من مليون برميل من “النفط” يوميًّا للتصدير، إلا أنها دولة تنقصها الخبرات اللازمة لبناء دولة فعَّالة، وهذا هو دور المجتمع الدولي.

ويُضيف الكاتب أن “ليبيا” بحاجةٍ إلى الاستعانة بمستشارين وخبراء يجلسون مع نظرائهم الليبيين لكي يُصقلونهم بالخبرات اللازمة لبناء الدولة، ويمكن تطبيق ذلك بصورةٍ مثاليةٍ مع بعض الوزراء التكنوقراطيين السابقين؛ كما يجب أن يكون هؤلاء الخبراء من دول ليس لها مصالح سابقة في “ليبيا”، مثل: “النرويج” أو “اليابان” أو “كندا”، لأننا بحاجة ماسَّة إلى أن نبدأ صفحةً جديدةً بيضاء.

نزع سلاح “ليبيا”..

يُتابع الكاتب قائلًا: يجب على الجهات الفاعلة الدولية أيضًا منع الدول الأخرى من التدخل في شؤون “ليبيا”؛ وفي الوقت الحالي، نجد أن: “الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وتركيا وفرنسا وقطر والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا ومصر والجزائر”؛ جميعها ناشطة في “ليبيا”، وتتعاون مع شركاء محليين شتى سعيًا وراء تحقيق مصالحها المتضاربة؛ وهذا الأمر لن يُؤدِّي إلا إلى تأجيج التوترات في بلدٍ يبدو فيه أن الجميع يضع إصبعه على الزناد؛ (في وضع الاستعداد للحرب)، في انتظار أن يُطلق أحدهم الرصاصة الأولى.

ويُشير الكاتب إلى أن “ليبيا” حاليًا تعُج بالأسلحة، وكثير منها من مخلفات عهد “القذافي”، ذلك أن الديكتاتور السابق كان يهوى التسوق لشراء الأسلحة، ومن الغريب جدًّا أنه لم يُشيد مطلقًا مصنعًا واحدًا لتصنيع الذخيرة، ومن ثم، تعمل جهات أجنبية على تهريب معظم شحنات الذخيرة جوًّا أو بحرًا إلى الداخل الليبي، وإذا تمكنت قوة عالمية كبرى أو هيئة دولية من القضاء على خطوط الإمداد تلك، فستنفد ذخيرة الفصائل الليبية المتحاربة قريبًا، ولن يكون لديها خيار سوى العمل نحو إيجاد حلٍّ سلمي للبلاد، وبطبيعة الحال، لن يكون هذا الأمر سهلًا، لكن الوضع الراهن سينتهي ببساطة.

وترتبط “أوروبا” و”ليبيا” معًا بالجغرافيا والثقافة وعدة قرون من التاريخ المشترك، وهذا هو السبب الذي يجعل “أوروبا” لديها القدر نفسه من الفرص لعزل نفسها عن مشكلات “ليبيا”، كما لو أنها تُبحر بعيدًا إلى جنوب “المحيط الهاديء”، وقد أظهر الماضي أنه عندما يزدهر أحدنا، يزدهر الطرف الآخر أيضًا، بحسب ما يختم الكاتب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة