27 أبريل، 2024 6:21 ص
Search
Close this search box.

عبر التوسع التدريجي .. خريطة انتشار نفوذ وسيطرة “داعش” داخل الكونغو !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

سعى فرع تنظيم (داعش) المُسمى: (ولاية وسط إفريقيا)؛ إلى تنويع نشاطه العملياتي في المناطق التي ينشط فيها بدولة “الكونغو”؛ خلال الأشهر القليلة الماضية؛ وذلك في ضوء محاولته توسيع النفوذ الميداني بأسلوب متدرج، وتحديدًا خلال العامين الماضيين؛ كما أكد “محمد الفقي”؛ الباحث في شأن التيارات الحركية لتنظيمات الإسلام السياسي؛ في تحليله المنشور على موقع مركز (إنترريغونال) للتحليلات الإستراتيجية.

وقد شهد فرع (ولاية وسط إفريقيا) مجموعة من التحولات مؤخرًا، ويأتي على رأسها الانفصال عن عناصر (داعش)؛ التي تنشط في “موزمبيق”؛ خلال شهر آيار/مايو الماضي، باعتبار ذلك جزءًا من إعادة هيكلة اتجه إليها التنظيم خلال العام الجاري، في إطار السعي لزيادة النشاط العملياتي.

اتجاهات النشاط..

ينشط فرع (داعش)؛ المُسمى: (ولاية وسط إفريقيا)، في دولة “الكونغو”، بمنطقتين رئيسيتين؛ هما: “بيني” بمقاطعة “كيفو” الشمالية، ومقاطعة “إيتوري” المجاورة، وإن كان النشاط العملياتي للتنظيم في منطقة “بيني” أكبر من نشاطه في “إيتوري”، باعتبارها مركز الثقل للتنظيم.

ويمكن الوقوف على اتجاهات النشاط العملياتي لتنظيم (داعش) في “الكونغو”، وتحديدًا في منطقة “إيتوري”، عبر ما يأتي:

01 – موازنة النشاط العملياتي بالاتجاه نحو الحدود والداخل..

بالنظر إلى النشاط العملياتي لفرع (داعش) في “الكونغو”، يمكن ملاحظة أنه منذ عام 2019، بدا أن اتجاه النشاط العملياتي يميل إلى الحدود مع دولة “أوغندا” المجاورة، لكنه كان في إطار مقاطعة “كيفو الشمالية”، قبل أن يستمر الاتجاه في التركيز على الحدود مع بدء الاهتمام بتوسيع النشاط إلى الداخل بدايةً من عام 2020؛ باتجاه مقاطعة “إيتوري”، المجاورة التي تقع شمال مقاطعة “كيفو”.

وخلال عام 2021، بدا أن الاهتمام بالنشاط العملياتي باتجاه الداخل يتصاعد، لكنه يظل في اتجاه مقاطعة “إيتوري”.

02 – منحنى غير ثابت للنشاط العملياتي باتجاه “إيتوري”..

يتَّسم النشاط العملياتي لـ (ولاية وسط إفريقيا) باتجاه مقاطعة “إيتوري”؛ بعدم الثبات في عدد العمليات.

وبوجهٍ عام؛ وفقًاً لرصد وتحليل العمليات التي أشارت إليها وكالة (أعماق)؛ الموالية لتنظيم (داعش)، منذ كانون ثان/يناير 2021؛ حتى 10 آب/أغسطس 2022، فإنه يمكن تحديد عدد العمليات كالآتي:

أولاً؛ عام 2021 (كانون ثان/يناير: لم تُسجل عمليات، شباط/فبراير: 04 عمليات، آذار/مارس – نيسان/إبريل: لم تُسجَّل عمليات، آيار/مايو: عملية واحدة، حزيران/يونيو: 05 عمليات، تموز/يوليو: 08 عمليات، آب/أغسطس: 05 عمليات، أيلول/سبتمبر: 05 عمليات، تشرين أول/أكتوبر: 03 عمليات، تشرين ثان/نوفمبر: عمليتان، كانون أول/ديسمبر: عمليتان).

ثانيًا؛ عام 2022 (كانون ثان/يناير: عملية واحدة، شباط/فبراير: لم تُسجل عمليات، آذار/مارس: 06 عمليات، نيسان/إبريل: 07 عمليات، آيار/مايو: 04 عمليات، حزيران/يونيو: عملية واحدة، تموز/يوليو: 04 عمليات، حتى 10 آب/أغسطس: 04 عمليات).

03 – استمرار تركيز العمليات في “بيني” مقارنةً بـ”إيتوري”..

رغم محاولات تنظيم (ولاية وسط إفريقيا) توسيع النشاط العملياتي باتجاه “إيتوري”، فإنها ظلت أقل من العمليات في منطقة “بيني”.

ويتضح ذلك عند مقارنة عمليات فرع (داعش) بين المنطقتَين؛ منذ آيار/مايو الماضي، كالآتي: (آيار/مايو: “بيني”: 09 عمليات، “إيتوري”: 04 عمليات، حزيران/يونيو: “بيني”: 17 عملية، “إيتوري”: عملية واحدة، تموز/يوليو: “بيني”: 17 عملية، “إيتوري”: 04 عمليات، حتى 10 آب/أغسطس: “بيني”: لم تُسجل عمليات، “إيتوري”: 04 عمليات).

ويتضح أن التنظيم يُركز العمليات في منطقة “بيني”؛ لاعتبارات تتعلق بأنها مركز الثقل الرئيس للتنظيم، ومنها تنطلق العمليات، بالإضافة إلى أن التنظيم يواجه مقاومة من قوات الجيش في “الكونغو”، التي تُنسق مع الجيش الأوغندي لضبط الحدود بين البلدين، خاصةً أن التنظيم يُنفذ عمليات على الشريط الحدودي، ومن ثم فإن تركيز العمليات في منطقة “بيني” لا يتعلق بخطط التنظيم فقط، بل أيضًا بالعمليات العسكرية النظامية، التي تستدعي في المقابل مقاومة أكبر.

04 – تحولات في طبيعة الأهداف العملياتية في “إيتوري”..

من خلال تحليل النشاط العملياتي لفرع (داعش) في “الكونغو”، فإن ثمة تحولات في طبيعة أهداف هذا النشاط بمنطقة “إيتوري”؛ فخلال عام 2021، نفذ التنظيم: 22 عملية لاستهداف قوات الجيش، مقابل: 09 عمليات لاستهداف مدنيين، وعمليتين لاستهداف من يصفهم: بـ”الميليشيات”، وعملية واحدة لاستهداف مبانٍ حكومية.

أما منذ بداية عام 2022؛ حتى 10 آب/أغسطس الجاري، فقد نفَّذ التنظيم: 09 عمليات لاستهداف قوات الجيش، و14 عملية لاستهداف مدنيين، و04 عمليات لاستهداف من يصفهم: بـ”الميليشيات”.

ويُمثل شهر نيسان/إبريل 2022، بداية تحول ملحوظ في تزايد عدد العمليات ضد المدنيين مقارنةً بقوات الجيش أو “الميليشيات”، باستثناء شهر تموز/يوليو الذي نفذ التنظيم فيه: 03 عمليات لاستهداف الجيش، مقابل عملية واحدة لاستهداف المدنيين.

05 – ثبات في تكتيكات الهجوم بمنطقة “إيتوري”..

يُظهر تحليل نمط العمليات لـ (ولاية وسط إفريقيا)، الاعتماد على نحوٍ أساس على نمط الهجوم المباشر باستخدام الأسلحة الخفيفة، بغض النظر عن طبيعة الأهداف، سواء كانت قوات الجيش أو “الميليشيات” أو المدنيين، كما أن العمليات لا تعكس تطورًا في قدرات فرع (داعش) باتجاه منطقة “إيتوري”، ويمكن تقييمها على أنها ضمن المستوى البسيط، نظرًا إلى عدم تزايد العمليات، فضلاً عن ثبات تكتيكات الهجوم، أو الأسلحة المستخدمة، كما أن استهداف المدنيين على وجه الخصوص عمليات بسيطة في حد ذاتها، باعتبارهم أهدافًا سهلة، لا تتسم بالتعقيدات، مقارنةً باستهداف قوات الجيش أو الشرطة الذي يستدعي عملية تخطيط مسبقة؛ لموازنة القوة.

06 – حدوث نشاط التنظيم في نطاقات جغرافية محددة..

من خلال تحليل النطاق الجغرافي للنشاط العملياتي لفرع (داعش) باتجاه منطقة “إيتوري”، يُلاحَظ أنها تحدث في اتجاهين: الأول؛ عمليات تنطلق من منطقة “بيني”، باتجاه مقاطعة “إيتوري” عبر مسارين باتجاه منطقة “مامباسا”، وباتجاه منطقة “كوماندا”.

الثاني؛ عمليات عَرَضية على طول الطريق بين المنطقتين. وعلى سبيل المثال أعلنت وكالة (أعماق) تنفيذ فرع (داعش) هجومًا على قرية “كاندوي”؛ التي وصفها البيان: بـ”النصرانية” على طريق “مامباسا – “كوماندا”، في شهر حزيران/يونيو الماضي.

مكاسب متعددة..

في ضوء تحديد بعض الاتجاهات الرئيسة للنشاط العملياتي لـ (ولاية وسط إفريقيا)؛ من خلال بعض البيانات التفصيلية للعمليات باتجاه منطقة “إيتوري”؛ يمكن الوقوف على بعض دوافع فرع (داعش) لاستهداف تلك المنطقة، والتركيز على استهداف المدنيين خلال الأشهر القليلة الماضية؛ وذلك كالآتي:

01 – العمل على توسيع النفوذ الميداني بالتدريج..

يمكن النظر إلى النشاط العملياتي في “إيتوري” – رغم عدم تصاعده بدرجة كبيرة وعدم ثبات المنحنى العملياتي – في إطار الإستراتيجية التي يتبعها التنظيم؛ وهي التدرج في التوسع الميداني غير السريع.

وتعتمد هذه الإستراتيجية على توسيع النفوذ لا على السيطرة الميدانية الكاملة على المناطق والقرى؛ إذ لا يتجه التنظيم إلى السيطرة الدائمة.

ورغم أن عمليات التنظيم في “إيتوري” تتسم بأنها هجمات خاطفة، فإنها في مُجملها ومع استمرار هذا النهج بالتركيز على نطاقات جغرافية محددة، قد تؤدي إلى تمكين التنظيم من قدر من النفوذ في تلك النطاقات، في ضوء خطة ترتكز مرحلتها الأولى على توسيع استهداف قوات الجيش من أجل إحداث نوع من الإخلال بالسيطرة، قبل الاتجاه إلى استهداف المدنيين عبر هجمات على القرى.

02 – رغبة التنظيم في زيادة هامش حرية الحركة المتاح..

من خلال تحديد النشاط العملياتي جغرافيًا في “بيني” على نحوٍ أساس والمناطق والقرى في محيطها، قبل توسيع النشاط إلى مقاطعة “إيتوري”؛ يتضح أن التنظيم يسعى إلى زيادة النطاقات الجغرافية؛ لهدف إستراتيجي يتعلق بالحفاظ على قدر أكبر من المقاومة والبقاء لأطول فترة ممكنة؛ إذ يرغب التنظيم في عدم محاصرته في منطقة محدودة، بحيث يسهل مواجهته وتوجيه ضربات تؤدي إلى إضعافه، ومن ثم فإن توسيع جبهة المواجهات مع قوات الجيش في “الكونغو”، تزيد إمكانية تحمل الضربات، وتوزيع عناصر التنظيم على نطاقات أوسع جغرافيًا، بما يُتيح له حرية الحركة نسبيًا، وإحداث خلل في إستراتيجية الدولة للمواجهة.

ووفقًا لبعض التقديرات الغربية، فإن النطاق الجغرافي للعمليات زاد في: عام 2021 إلى: 364%؛ مقارنة بالنطاق الجغرافي عام 2017.

03 – استغلال قصور إستراتيجية مكافحة الإرهاب..

يمكن النظر إلى اتجاهات النشاط العملياتي في “إيتوري”؛ باعتبارها أحد إرتدادات إستراتيجية مكافحة الإرهاب، التي لم تتمكن من تحجيم نشاط فرع (داعش) المتزايد خلال العامين الماضيين، في ظل التركيز على الدفع بقوات عسكرية ودوريات في منطقة “بيني”، وباتجاه الحدود مع “أوغندا وروندا” المجاورتين؛ لمواجهة تمدد التنظيم باتجاه الحدود، في حين لم يكن هناك اهتمام بمحاصرة عناصر التنظيم من مختلف الاتجاهات؛ لحرمانهم من توسيع النشاط باتجاه الداخل، وفرض حصار محكم لإبقائهم في نطاق جغرافي محدد يُسهل من عملية المواجهة.

وفي المقابل؛ تُشير بعض التقديرات إلى أن الوجود العسكري في المناطق المتاخمة لـ”إقليم كيفو”، متراجع مقارنة بكثافة الوجود في “بيني” والمناطق المجاورة لها، بما وفر للتنظيم فرصة مناسبة لتوسيع النطاق الجغرافي للعمليات باتجاه “إيتوري” وتحديدًا في منطقة “إيرومو”.

04 – الضغط لإجبار المدنيين على النزوح في الداخل..

منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي، ثمة تزايد في معدلات النزوح الجماعي، في “الكونغو”؛ وتحديدًا في “إيتوري” مع تصاعد عمليات (ولاية وسط إفريقيا)؛ إذ تُقدر تقارير أممية عدد النازحين بنحو: 1.9 مليون شخص في “إيتوري”، قبل أن تُحذر التقارير من تبعات موجة العنف التي تستهدف المدنيين؛ منذ نيسان/إبريل الماضي.

وهنا فإن فرع (داعش) يُركز على استهداف المدنيين، في إطار رغبته في إجبار المدنيين على النزوح الجماعي الداخلي إلى مناطق بعيدة عن نطاق عملياته الجغرافي، ليُحقق بذلك بعض الأهداف للتنظيم، أولها إحداث فراغ بفعل عمليات النزوح، بصورة تؤدي إلى مزيد من حرية الحركة للتنظيم، وتوسيع النفوذ بقدر أكبر، في إطار من إزاحة قوات الجيش والمدنيين وما يصفهم التنظيم: بـ”الميليشيات” بعيدًً عن نطاقات الاستهداف المتكرر، وثانيها زيادة الضغوط على الحكومة والمسؤولين عن ملف مكافحة الإرهاب، بشأن توفير أماكن لإيواء أعداد كبيرة، إضافة إلى توفير مواد غذائية أساسية.

05 – توظيف قدرات منطقة “إيتوري” المميزة مستقبلاً..

يمكن أن توفر منطقة “إيتوري” مستقبلاً أهمية إستراتيجية للتنظيم. وهنا فإن محاولات توسيع النفوذ وإن كانت بطيئة، تخدم رغبة مستقبلية في الاستفادة من موقع “إيتوري”، في أمرين رئيسيين: الأول يرتبط بامتلاك المنطقة غابات يمكن استغلالها حال الوصول إليها؛ لكي تكون منطقة آمنة للتمركزات وإعداد الخطط أو تكون مركزًا للقيادة، فضلاً عن رغبة التنظيم في توفير مصادر تمويلية إضافية، من خلال فرض إتاوات على بعض الشركات والمجتمعات المحلية، خاصةً مع احتواء “إيتوري” على منجم ذهب.

06 – الاستفادة من تعقيدات المشهد العرقي بـ”إيتوري”..

يمكن أن يستفيد فرع (داعش) بمحاولة توسيع النفوذ من خلال بعض العمليات وتحديدًا ضد المدنيين، عبر الاستفادة من الانخراط في المجتمعات المحلية في “إيتوري”، وزيادة الضغوط على السلطات وقوات الجيش، خاصةً أن تلك المنطقة تشهد نشاطًا لعدد من جماعات التمرد المحلية، بالإضافة إلى محاولة استقطاب بعض المجتمعات المحلية، مثل مجتمع (Banyabwisha)؛ إذ إن بعض التقديرات الغربية أشارت إلى مبايعة عدد من المنتمين إلى هذه المجموعة العرقية فرع (داعش)؛ المُسمى: (ولاية وسط إفريقيا)، خاصةً أن بعض أفراد تلك المجموعة منبوذون محليًا، وانتقل بعضهم إلى منطقة “إيرومو”؛ التابعة لـ”إقليم إيتوري”.

توسيع النفوذ..

وختامًا، فإنه على الرغم من عدم تصاعد النشاط العملياتي لـ (ولاية وسط إفريقيا) باتجاه “إيتوري”؛ المجاورة لـ”إقليم كيفو”، الذي يشهد النشاط الرئيس لفرع (داعش)، وتحديدًا في منطقة “بيني”؛ فإن هذا النشاط يعكس رغبة لدى التنظيم في التمدد غير السريع دون السيطرة الميدانية على الأرض، خاصةً مع عدم وجود مؤشرات على تطوير تكتيكات العمليات، ولكن تبقى فرص توسيع النفوذ قائمة مستقبلاً، ضمن خطة متدرجة المراحل.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب