28 يونيو، 2025 11:22 م

عبر أموال طائلة في الانتخابات التمهيدية لـ”الكونغرس” الأميركي .. الأصابع الإسرائيلية حاضرة !

عبر أموال طائلة في الانتخابات التمهيدية لـ”الكونغرس” الأميركي .. الأصابع الإسرائيلية حاضرة !

وكالات – كتابات :

أنفقت مجموعات الضغط المؤيدة لـ”إسرائيل” مبالغ “ضخمة” لتغيير مسار سباق الانتخابات التمهيدية لـ”الكونغرس”؛ في الحزب (الديمقراطي)، في عديدٍ من الدوائر خلال العام الماضي فحسب، وهذا ما كشفه “بيتر بينارت”، أستاذ الصحافة بكلية “نيومارك” للدراسات العليا بجامعة “نيويورك سيتي”، خلال المقابلة التي أجرتها معه؛ “إيمي غودمان”، الصحافية الاستقصائية، و”خوان غونزاليس”، صحافي مخضرم، ونشرها موقع (تروث أوت)، الذي يهتم بقضايا العدالة الاجتماعية.

في مستهل المقابلة التليفزيونية، تُرحب المحاورة بضيف برنامجها (ديموكراسي ناو)؛ “بيتر بينارت”، وتطلب منه أن يشرح مدى حجم التحديات التي واجهها بعض الديمقراطيين التقدميين، مثل: “دونا إدواردز”، عضو “الكونغرس” السابقة، لاستعادة مقعدها الأثير بولاية “ماريلاند”، وحجم الأموال التي أُنفقت لإلحاق الهزيمة بها؛ فأجابها “بينارت” قائلًا: حقًّا، إنه أمر غير عادي أن يشهد سباق “مجلس النواب” قيام مؤسسة واحدة، إحدى لجان العمل السياسي، بإنفاق حوالي ستة ملايين دولار على الانتخابات التمهيدية لهزيمة “دونا”.

لجان العمل السياسي..

يُوضِّح “بينارت” أن ما نشهده في “الولايات المتحدة” بأسرها هو أن لجنة العمل السياسي؛ التابعة لـ”لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية”؛ (أيباك)، غالبًا ما تُنفق أموالًا بالقدر الذي تُنفقه الحملات الانتخابية نفسها، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى قرار “المحكمة العُليا” الصادر في عام 2010، الذي أنشأ لجان العمل السياسي، التي يُمكِنها قبول مبالغ غير محدودة من الأموال وإنفاقها طالما أنها غير منسقة مع الحملة الانتخابية نظريًّا.

نتج ذلك عن واقع ما شهدته (أيباك) والمنظمات الموالية لـ”إسرائيل” المتحالفة معها من: “تهديدات” بدايةً من عام 2019، عندما انتُخب أشخاص، مثل: “رشيدة طليب وإلهان عمر وألكساندريا أوكاسيوكورتيز”، في “الكونغرس”، وقرروا إنفاق مبالغ غير محدودة لضمان ألا يُصبح طابعهم السياسي المميز، الذي يتسم بالتأييد لحقوق الفلسطينيين ويُعد أكثر تقدمية في القضايا الاقتصادية، هو مستقبل الحزب (الديمقراطي) ومصيره.

وطلب “غونزاليس” من “بينارت”، مدير المجلة اليهودية التقدمية (التيارات اليهودية)، الحديث عما اكتشفه من علاقات تربط بين مجموعات، مثل “التيار الديمقراطي” السائد، وبين مجموعات الضغط المؤيدة لـ”إسرائيل”، مثل: “الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل”؛ فأجابه بالقول: نعم، وجدتُ، في أحيانٍ كثيرة، أنه عندما تستهدف منظمات اللوبي الإسرائيلي مرشحًا تقدميًّا، يُصبح هذا المرشح مستهدفًا كذلك من جانب مجموعات لا تهتم بـ”إسرائيل” و”فلسطين”، ولكنها تسعى لإلحاق الهزيمة بهذا الشخص ببساطة لأن توجُّهه قد يكون تقدميًّا في مسائل الرعاية الصحية، أو قد يدعم: “الصفقة الخضراء الجديدة؛ (برنامج مُحّفز اقتصادي مقترح يهدف إلى معالجة عدم المساواة الاقتصادية وتغيُّر المناخ)”.

ولذلك، إذا زُرتَ موقع مجموعة (التيار الديمقراطي السائد) على الإنترنت، فلن تجد شيئًا يتحدث عن “إسرائيل” و”فلسطين” مطلقًا، وكل ما تقوله إنها لا تُريد أن تُسيطر الجماعات اليسارية المتطرفة على الحزب (الديمقراطي)، ولكن (الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل)؛ هي التي تُدير (التيار الديمقراطي السائد) فعليًّا، وهكذا يتجلى لنا جميعًا هذا التحالف الوثيق جدًّا، وتهدف هذه العلاقة الوثيقة للغاية بالأساس إلى سيطرة أشخاص مثل: “جو مانشين وكيرستن سنيما”، على الحزب (الديمقراطي)، وهم الذين يأخذون أوامرهم من شركات صناعة “الوقود الأحفوري”، وقطاع الرعاية الصحية، وقطاع الخدمات المالية، بحسب ما جاء في المقابلة.

التأثير السلبي لإنفاق الأموال..

وردًّا على تساؤل “غونزاليس” عن مدى نجاح هذه الجهود في السابق، والسجل الحافل لهذه الجهود، قال “بينارت”: للأسف، كانت هذه الجهود مثمرة جدًّا، وكان هناك نوعان من السباقات الانتخابية، أحدهما في ولاية “بنسلفانيا”؛ والآخر في “إلينوي”، حيث تمكن المرشحون التقدميون من الفوز؛ لكن في معظم الحالات، تعرض المرشحون المستهدَفون للخسارة.

وحتى عندما لا يخسر هؤلاء المستهدَفون، يُصبح لذلك أثرًا مُحبطًا؛ إذ يُلاحظ السياسيون هذا الأمر ويُفكرون: “لا أرغبُ في أن تُنفق ملايين الدولارات ضدي في سباق مجلس النواب”، ومن ثمَّ، يتوارى المرشحون، الذين قد يكونون أكثر ميلًا لاتخاذ مواقف تقدمية بشأن الحقوق الفلسطينية أو غيرها من القضايا، عن الأنظار ويتحاشون المتاعب ويفضلون عدم اتخاذ تلك المواقف حتى يتجنَّبوا هذا النوع من التحديات التي واجهها غيرهم من التقدميين.

ودعت “إيمي بينارت” للعودة إلى الحديث عن “دونا إدواردز”، موضحةً أن “نانسي بيلوسي”، رئيسة “مجلس النواب”، دعمت “دونا” دعمًا كاملًا، نظرًا لأنها تنحدر من ولاية “ماريلاند”، وخرجت “نانسي” بالفعل؛ في حزيران/يونيو، وهاجمت هذه الأموال التي أنفقتها المجموعات المتحالفة مع (أيباك)، مثل: “مشروع الديمقراطية الموحد” لتمويل الإعلانات المهاجمة دون إثارة قضية “فلسطين” و”إسرائيل”.

وقالت “نانسي”: “عندما مثَّلت دونا إدواردز منطقة الكونغرس الرابعة بولاية ماريلاند، طيلة عقد من الزمان تقريبًا، كانت أحد أكثر النواب فاعلية في الكونغرس، وناضلت دونا كثيرًا من أجل توفير الوظائف والاستثمارات في مجتمعها، وبذلت كلَّ ما في وُسْعِها من أجل مساعدة الناخبين المحتاجين وتحقيق النتائج المرجوَّة؛ وبصفتي رئيسًا لمجلس النواب، كنتُ أعلم أنه بمقدوري دائمًا الاعتماد على دونا إدواردز بوصفها عضوًا فعَّالًا في الحزب (الديمقراطي)”.

وتستطرد “إيمي” قائلةً: “إذاً، نانسي بيلوسي تدعم دونا إدواردز؛ ومع ذلك، وجدنا أن الإعلانات في كثيرٍ من الأحيان، وأعني المبالغ الضخمة من الأموال، التي تُقدر بملايين الدولارات في هذه الحملة الانتخابية، تصب في صالح منافسها”، وتسأل “بينارت”: هل يحدث ذلك لأن خصمها لا يُثير قضية “إسرائيل” و”فلسطين” حقًا ؟.. ولكي أكون أكثر وضوحًا: توجد مجموعات أخرى مؤيدة لـ”إسرائيل”، مثل منظمة (جي ستريت)، أكثر تقدمية، تدعم “دونا إدواردز”.

أكدَّ “بينارت” أن (جي ستريت) تدعم “دونا”؛ لكنها ليس لديها ولو قدر بسيط من الأموال التي تمتلكها منظمات (أيباك) و(الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل) في المقابل؛ إلا أنكِ محقة تمامًا فيما ذهبتِ إليه، إذ لا يكون لإعلانات الهجوم، في أيٍّ من هذه السباقات الانتخابية، أي علاقة بالأجندة الفعلية للمنظمات التي تدفع مقابلها؛ وذلك لأن (أيباك) و(الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل) تُدركان أنه ليس هناك ناخبين كثُر في هذه المقاطعات يهتمون كثيرًا بقضية “إسرائيل” و”فلسطين”، ولكنهم يهتمون بالقضايا المحلية.

كيف يُلحق اللوبي الإسرائيلي الهزيمة بالتقدميين ؟

يُنوِّه “بينارت” إلى أن ما تفعله منظمات (أيباك) و(الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل) هو تنظيم استطلاعاتٍ للرأي، ويُهاجمون المرشَّحين بناءً على كل ما يعتقدون أنه يُربك الناس ويُقلل من شعبية هؤلاء المرشحين المستهدفين، ولجأت هذه المنظمات، في ولاية “أوهايو”، في انتخابات “نينا تيرنر”، ولأنها كانت من أنصار “بيرني ساندرز”، السيناتور الأميركي التقدمي؛ والذي كان ينتقد “جو بايدن”، إلى تصوير “نينا” على أنها ليست ديمقراطية مُخلصة.

وفي حالة “دونا إدواردز”، زعموا أنها لم تُقدِّم للناخبين أي خدمات عندما كانت عضوةً في “الكونغرس”، وهذا هراء واضح، أليس كذلك ؟.. إنها مجرد وسيلة تستخدمها تلك المنظمات لإلحاق الهزيمة بها، لأن “دونا” أظهرت سابقًا الحد الأدنى من الاهتمام بحقوق الإنسان الفلسطيني، ولهذا السبب يُريدون خسارتها.

ويُجيب “بينارت”؛ “إيمي”، على سؤالٍ مفاده: هل يمكنك التحدث عن دور “باكاري سيلرز”؛ في هذه الحملات ؟.. قائلًا: بالطبع، كان “باكاري سيلرز”؛ سياسي سابق في ولاية “كارولينا” الجنوبية وتربطه علاقات وثيقة بـ (أيباك)؛ والتي كانت ولا زالت تترأس لجنه العمل السياسي التي تُكرِّس جهودها بصورةٍ أساسيةٍ في هذه المرحلة لهزيمة؛ “رشيدة طُليب”، في ولاية “ميشيغان”، وزعمت المنظمة أنها تُريد انتخاب الديمقراطيين السود، وأن هناك من السود مَنْ يُعارض ترشُّح “رشيدة”، ولكن هذا أيضًا غير منطقي بالمرة، كما لو أن (أيباك) ومانحيها قلقون حقًّا بشأن زيادة تمثيل السود.

ويُشير “بينارت” إلى أنهم يُلاحقون “رشيدة” لسببٍ واحدٍ فحسب: لأنها فلسطينية في “الكونغرس” ومدافعة شغوفة وبليغة عن آدمية الفلسطينيين، وتضع “رشيدة” هذه المسألة على رأس أولوياتها في “الكونغرس” على نحوٍ لم يفعله أي شخص آخر، ولكن لأن خطة اللوبي الإسرائيلي لن تحظَ بشعبيةٍ كبيرةٍ إذا وُضِعت بصورةٍ واضحةٍ، تلجأ هذه المنظمات إلى هذه الإدِّعاءات المكشوفة لتُظهِر أن الأمر يتعلق بشيءٍ آخر، واستخدموا مع “رشيدة” إدَّعاءً مفاده أنها لا يمكنها بطريقةٍ ما تمثيل إحدى مقاطعات “ميتشيغان”، لأنها ليست سوداء، على الرغم من الدعم القوي الذي تتمتع به “رشيدة” من السود، فضلًا عن كونها مدافعةً عن الناس في منطقتها من جميع الأعراق ولا تعرف الكلل.

جيل جديد من الديمقراطيين التابعين لـ”أيباك”..

يتطرق “غونزاليس” إلى سباق انتخابات الحاكم في ولاية “ماريلاند”، وهي انتخابات تمهيدية تنافسية في الحزبين (الديمقراطي) و(الجمهوري)؛ لانتخاب خليفة للحاكم الجمهوري؛ “لاري هوغان”، ولكن هل شاركت منظمة (أيباك) في تلك السباقات أصلًا، أم أنها تُركز على سباقات “الكونغرس” فحسب ؟.. يقول “بينارت”: لم يكن تركيز (أيباك) مُنصبًا بصورة كبيرة على انتخابات “الكونغرس” فحسب، بل على الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين في سباقات “الكونغرس”.

ويوضح “بينارت” أن هذه الجهود التي تُبذلها منظمة (أيباك) وغيرها من المجموعات المؤيدة لـ”إسرائيل”؛ تدور حول محاولة إنشاء جيلٍ جديدٍ كاملٍ من الديمقراطيين الأصغر سنًا في “الكونغرس” الذين يتبعون خط (أيباك) وينصاعون لتوجيهاتها بشأن قضية “إسرائيل” و”فلسطين”، بالإضافة إلى اتخاذها، في حالاتٍ عديدةٍ، نوعًا من المواقف المؤيدة للشركات، ومن ثمَّ، التخفيف من حدة الاتجاه الذي كنا نشهده فيما يتعلق بميل الحزب (الديمقراطي) إلى اتجاه تقدميٍّ أكثر.

وفي ختام المقابلة، تسأل “إيمي”؛ “غودمان بيتر بينارت”: هل هذا الأمر جديد، أن يكون لمنظمة (أيباك) هذا النوع من لجان العمل السياسي ؟.. فردَّ قائلًا: نعم، هذا الأمر جديد، ولم يكن لدى (أيباك) لجنة عمل سياسي أبدًا، لكنها رأت أنها بحاجة إلى استخدام أسلحتها الفتَّاكة استجابة للاتجاهات التي رأيناها مع انتخاب أعضاء “الكونغرس”؛ كما أن المنظمة لديها موارد مالية جبَّارة تحت تصرفها، وقد دعمت عديدًا من الأشخاص، على سبيل المثال، بشيكات مكتوبة بمليون دولار، ولا تزال الأموال قيد الجدولة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة