عبد الزهرة شيال .. معارض شرس لصدام ثم للمالكي

عبد الزهرة شيال .. معارض شرس لصدام ثم للمالكي

كتب حيدر الحجامي : لم تمنع الشيخوخة، رجل التظاهرات من التصدي لخراطيم الماء التي وجهتها ‏لصدره قوات مكافحة الشغب طوال العشر سنوات الماضية، وهو يطوي عقدهُ السابع سريعاً، يمضي ‏بهمة شاب في مقتبل العمر، واندفاع ثوري في الوقوف بوجه ما يسميه “فساد المسؤول في العهد ‏الجديد”. أنه الشيخ الذي صار شعاراً لمدينة تعيش قهر الزمنين بـ”مهفته” المصنوعة من سعف نخيل ‏تيبس بفعل عطش السنون ودورة الزمن الغادر .‏

عبد الزهرة شيال الشيخ المنسي في احد أحياء الناصرية البعيدة عن مركزها ، تحول الى واحدة من ‏ايقونات الاحتجاج السلمي المصحوب بعنف تمارسهُ السلطات هنا للتغطية على فشلها في تحقيق ما ‏يريد الناس .‏
مضت عشرة اعوام من عمر هذا الكهل وغيره من ابناء المدينة، لكن لا شيء يلوح في الافق سوى ‏‏”زبد الوعود المعسولة” الامر الذي دفعهُ للتظاهر مرة بمفردهِ مردداً عبارته التي تتلاشي بين اتربة ‏شوارع المدينة واصوات سياراتها المتزاحمة للعبور بين الضفاف “راح مجلس واجه مجلس والشعب ‏دومه مفلس”.‏
عبدالزهرة واتباعه القليلون يؤكدون أنهم ماضون في طريقهم بالاحتجاج لتحسين خدمات تقابل ‏مليارات الدنانير التي تنفق دون ان تحقق لهم شيئاً على الارض، وحين تصل الامور الى أبعد مما ‏يمكن ان يسمى “سوء خدمات”، الى ما يقوله انصاره بأنه “فساد سياسي” يستهدف الفقراء في مدينة ‏يقطنها اكثر من مليوني نسمة، تنذر الأمور بما لا تحمد عقباه يقول مراقبون بوجوم .‏
هو معارض سابق له خبرة مع الازمنة، فهو كما تشير احدى الوثائق الرسمية التي يحملها سجين ‏سياسي، قضى شهوراً من عمره في سجون الامن العامة نهاية التسعينات من القرن الماضي، بعد ‏اتهامه بنشاطات معادية للحزب والثورة حين كان مؤذناً في مسجد صغير في المنصورية ذاك الحي ‏المنقسم الى ثلاث اجزاء كبيرة ويقطنه ذوو الدخول المحدودة كواحدة من اكبر التجمعات السكانية في ‏مدينة مكتظة بالسكان والفقر .‏
لحيته البيضاء وسحنهُ وملابسه العربية بألوانها الغامقة ، تذكره بماضيه وتشخص له امام حاضره، لذا ‏فهو لا ينفك يذكر بتاريخ تلك الحقبة ويدينها كما يفعل أي سجين سياسي قاسى ذاق مرارة الظلم .‏
لكنه وكما يردد دائماً لم يذق “حلاوة” الديمقراطية للآن بسبب الفساد واستشراء المحسوبيات ونقص ‏الخدمات وعجز الحكومات المحلية المتلاحقة عن اداء واجبها تجاه وتجاه ابناء مدينته .‏
في العام السابق والذي قبله كان عبدالزهرة شيال واحداً من القلائل الذين قادوا ما سميت حينها ‏بـ”انتفاضة الكهرباء” في الناصرية، وتعرض لضربات وكدمات وجروح جراء اصطدام قوات ‏الشرطة ومكافحة الشغب مع المحتجين، بعدها اوفد ضمن مجموعة من الوجهاء للقاء رئيس الحكومة ‏واصر على اصطحاب “مهافته” معه للقاء الرئيس المالكي ، ولا يعرف احد كيف استقبل الرئيس هذا ‏الاصرار من هذا الكهل العنيد، غير أن مقربون من الوفد قالوا ان المالكي وعد “الحجي خيراً” وطمأنه ‏بأن الازمة في طريقها للحل، الا ان وعود رئيس الحكومة لم تقنع الحاج على ترك مهافته للزمن ، ‏فوعود الحكومات قليلة التطبيق في زمن عز فيه نخيل العراق، فكيف بـ”مهافته” الثمينة!.‏
منتقدو الحاج يقول انه يبالغ كثيراً في انتقاداته وتظاهراته الفردية منها او تلك التي يدعو لها من ‏مكبرات الصوت في مسجده الصغير، بل ان بعضهم قال عنه “انه يحب التظاهر لأجل التظاهر، ‏مستغبرباً من وقوفهِ بمقدمة تظاهرات تطالب بصرف رواتب تقاعدية لأعضاء مجالس محلية لم تشكل ‏ولم تعمل” بحسب غامزون .‏
وثمة اخرون يغمزون الى أن الحاج عبد الزهرة قد قبل في وقت سابق عرض من حزب اسلامي متنفذ ‏للسكوت عنه مقابل تعيين احد اولاده في مؤسسات يسيطر عليها ذلك .‏
وبرغم كل يقال وما يتسرب يبقى الحاج عبد الزهرة شيال بعصاه و”مهافتهِ” وعباءته الداكنة واحد من ‏الشخصيات التي ستحتفظ لهم الناصرية بذكرى في سجلها ، ضمن شخصيات حفرت لها اسماً بتاريخ ‏المطالبين بحقوقهم .‏

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة