كتب – سعد عبد العزيز :
لا يكاد المجتمع الإسرائيلي يفيق من آثار شرخ مجتمعي إلا ويعاني من آخر، ومن المعلوم أن المجتمع الإسرائيلي منقسم عرقياً وطائفياً ودينياً ولغوياً وثقافياً. وهناك حالة من التصدع المجتمعي تؤدي إلى خلق مزيد من الحواجز الاجتماعية. وفي هذا السياق نشر موقع “نيوز وان” العبري مقالاً للكاتب “عامي دور أون” يتناول فيه أزمة جديدة تطل برأسها على المجتمع الإسرائيلي، وهي أزمة “الإسرائيليين المختلطين” الذين ولدوا من زواج رجال يهود بنساء مسيحيات قدمن إلى إسرائيل للعمل فيها.
واقع ديموغرافي جديد..
يشير “أون” في مستهل مقاله إلى انه: “على حين غفلة منا، ينشأ ويتفاقم في إسرائيل واقع ديموغرافي جديد وخطير، ففي السنوات الماضية ارتفعت حالات الزواج بين رجال إسرائيليين يهود ونساء غير يهوديات جئن إلى إسرائيل للعمل، فنتج عن ذلك الزواج المختلط جيل إسرائيلي جديد غير خالص العرق”.
إسرائيليون ليسوا كبقية الإسرائيليين..
يرى “دور أون” أنه من الصعب جداً معرفة عدد أولئك “الأطفال الإسرائيليين المختلطين” الذين ولدوا فعلاً أو من المنتظر أن يخرجوا للحياة، لأن بعض الأزواج من هذا النوع يُنشؤون أُسرهم من دون زواج رسمي. ولكن المشكلة – من وجهة نظر الكاتب – ليست في الأعداد، وإنما في عدم معرفة هؤلاء الأزواج المختلطين بما يعنيه أن يكون المرء يهودياً، وبالتالي فإن هذه الشريحة من “الإسرائيليين الجدد” تواجه مشكلة من نوع خاص تجعلهم ليسوا على قدم المساواة مع بقية الإسرائيليين، وتتلخص هذه المشكلة في أن جميع أمهات هؤلاء “الأطفال المختلطين” مسيحيات، وذلك أنهن قادمات من دول عديدة على رأسها “الفلبين ورومانيا”.
ويضيف الكاتب الإسرائيلي: “من الناحية النظرية، بما أن هؤلاء “الأطفال المختلطين” وُلدوا في إسرائيل، فإنهم يعتبرون إسرائيليين بكل ما تحمل الكلمة من معنى، والدليل على ذلك أنهم إذا اختاروا في المستقبل أن يكملوا حياتهم في إسرائيل وبلغوا سن التجنيد، فسيتم استدعاؤهم لأداء الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، وسيُمنحون بطاقات هوية وجوازات سفر إسرائيلية. ولكن المشكلة تكمن في أنهم إذا رغبوا في الزواج رسمياً في إسرائيل فإنهم سيواجهون معضلة حقيقية، لأنهم سيُطالبون بالدخول في الديانة اليهودية قبل أن يحصلوا على تصاريح الزواج، وذلك أنه وفقاً للشريعة اليهودية: “لا يعتبر يهودياً من كانت أمه غير يهودية، حتى وإن كان أبوه يهودياً”، بل إن الشريعة اليهودية تقول أيضاً: “لو أن الأم اعتنقت اليهودية بعد ولادة أطفالها، فإن اعتناقها لليهودية لا ينتقل إلى أطفالها، وأنهم يظلون على الدين الذي كانت تعتنقه أمهم ساعة ولادتهم”.
العلمانيون سبب هذه المشكلة..
يعتقد “دور- أون” أنه من شبه المؤكد أن جميع الآباء الإسرائيليين في هذه الزيجات المختلطة هم “يهود علمانيون”، لأنه من المستحيل على الرجال المتدينين و”الحريديم” أن يقدموا على الزواج من امرأة غير يهودية، أما اليهود العلمانيون فليسوا دائماً على قدرٍ كافٍ من العلم بأحكام الشريعة اليهودية، ولذلك فإن من سيتحمل عواقب وتبعات هذا الجهل بأحكام الشريعة ليسوا فقط أبناء هؤلاء الأزواج المختلطين، وإنما أبناؤهم وأحفادهم على مر سنوات طويلة، لكن إذا قرروا اعتناق الديانة اليهودية، حينئذ فقط تنتهي معاناتهم.
التوعية المسبقة هي الحل..
ختاماً يقول الكاتب الإسرائيلي: “ليس في إسرائيل سوى مؤسسة مدنية واحدة تهتم بشؤون وحقوق العمال الأجانب، وتدعى “كاﭫ لاعوﭬيد”. وهو يناشد تلك المؤسسة بأن توضح للعمال الأجانب – القُدامى منهم والجدد – كل الأمور المتعلقة بتلك الإشكالية الناجمة عن الزواج المختلط، مع ترك كامل الحرية للعمال الأجانب في اختيار الطريق الذي يرونه مناسباً، واضعين نُصب أعينهم مصلحة أجيالهم القادمة”.