“طالبان” ترث الأسلحة الأميركية في أفغانستان .. سيناريوهات تتكرر ومصائر مفتوحة الاحتمالات !

“طالبان” ترث الأسلحة الأميركية في أفغانستان .. سيناريوهات تتكرر ومصائر مفتوحة الاحتمالات !

وكالات – كتابات :

نشرت حركة (طالبان) لقطات تُظهر سيطرة مقاتليها على طائرات هليكوبتر عسكرية “أفغانية-أميركية” الصنع، تم الاستيلاء عليها في “مطار قندهار”، والذي كان حتى وقت قريب أحد أهم القواعد الأميركية في البلاد.

سارع المتمردون إلى التباهي بغنائمهم الحربية في المدينة الجنوبية، مسقط رأسهم الروحي، والتي أصبحت الآن واحدة من أكبر انتصارات الهجوم الخاطف الذي يشنونه على مستوى البلاد.

أدى سقوط “قندهار”، ثاني أكبر مدينة في “أفغانستان”، يوم الجمعة، إلى سيطرة المتمردين بالكامل على معقلهم العرقي البشتوني، حسبما ذكرت وكالة (فرانس برس).

في مقطع فيديو نُشر على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لحركة (طالبان)، يوم السبت، شوهد متمرد يتجول حول طائرة هليكوبتر عسكرية أميركية الصنع من طراز (بلاك هوك).

الطائرة كانت مموهة باللونين البني والأخضر وعليها علامات سلاح الجو الأفغاني، ويُزعم أنها في حظيرة طائرات بـ”مطار قندهار”. كما شوهدت طائرة (بلاك هوك) أخرى على مدرج المطار.

وبينما كان يمشي المقاتل إلى جانب الحظيرة، شوهدت طائرتان مروحيتان آخريان؛ بينما سمع شخص آخر يقول: “ما شاء الله”. لم يتضح ما إذا كانت أي من الطائرات المروحية صالحة للطيران.

يبدو أن (بلاك هوك) داخل الحظيرة، كانت في المخزن، مع غطاء أسود يغطي زجاجها الأمامي؛ ويبدو أن محركها الأيسر مفقود، فيما كانت الطائرتان الآخريان بلا شفرات تحليق، مع غطاء يغطي مقدمة هيكل الطائرة.

وسمع صوت أحد المقاتلين؛ وهو يدعي: “وجود خمس”، مروحيات عسكرية في المطار وعدة طائرات. ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من عدد المروحيات والطائرات في “مطار قندهار”.

بينما تمكنت حركة (طالبان) من نشر معدات أخرى في ساحة المعركة، شكك الخبراء في فائدة المروحيات والطائرات التي تم الاستيلاء عليها، إذ لا يُعرف عن (طالبان) امتلاك الطيارين أو الفنيين اللازمين للطيران.

ظهرت صور مثل هذه من مدن في جميع أنحاء “أفغانستان”، سقطت في أيدي (طالبان)، تُظهر المتمردين وهم يحملون أسلحة تم الاستيلاء عليها، ويقومون بدوريات باستخدام المركبات التي كان يستخدمها الجواسيس الأفغان وقوات النخبة.

كما استولى مقاتلو (طالبان) على مركبات تكتيكية وعربات (همفي) وأسلحة صغيرة وذخيرة. قدمت “واشنطن” الكثير من تلك المعدات للجيش الأفغاني، وبقيمة تصل إلى: 88 مليار دولار، منذ عام 2002.

وأنفقت “الولايات المتحدة”، خلال عشرين عامًا، مئات مليارات الدولارات لتدريب الجيش الأفغاني وتجهيزه. لكن ذلك لم يمنع القوات الأفغانية من الإنهيار أمام هجوم حركة (طالبان)، التي باتت تملك ترسانة هائلة غنمتها من العدو.

ترك أفغانستان ومصيرها مع “طالبان”..

في تموز/يوليو الماضي؛ قال الرئيس الأميركي، “جو بايدن”: “لقد قدّمنا لشركائنا الأفغان كل الأدوات، دعوني أشدد على ذلك، كل الأدوات”، أثناء دفاعه عن قراره سحب ما تبقى من القوات الأميركية من البلاد وترك الأفغان يقاتلون من أجل مستقبلهم.

إلا أن عناصر قوات الأمن الأفغانية لم يبدوا رغبة كبيرة في القتال. فقد ألقى الآلاف من بينهم أسلحتهم، أحيانًا بدون أدنى مقاومة. وسارع متمردو (طالبان) من جانبهم إلى وضع يدهم على هذه “الأدوات”.

تنتشر بشكل واسع، على مواقع إلكترونية موالية لـ (طالبان)؛ مقاطع فيديو تُظهر مقاتلين من الحركة يصادرون شحنة أسلحة هنا أو هناك، ومعظمها مقدّم من قوى غربية.

في صور أخرى لجنود يستسلمون أمام مقاتلي (طالبان)، في مدينة “قندوز”، في شمال شرق البلاد، تُظهر آليات مصفّحة ومجهّزة بقاذفات صواريخ بين أيدي المتمردين.

في مدينة “فرح” الغربية، يسيّر مقاتلون دوريات في الشوارع على متن آلية رُسم عليها “نسر” يهاجم “أفعى”، وهي الشارة الرسمية لأجهزة الاستخبارات الأفغانية.

غنيمة غير متوقعة لـ”طالبان”..

توضح “غوستين فليشنر”، من مؤسسة بحوث التسلح أثناء النزاعات، (كونفليكت أرمامنت ريسرتش)؛ أنه رغم أن القوات الأميركية أخذت معها أثناء انسحابها المعدّات التي تُعدّ “متطوّرة”، إلا أن متمردي (طالبان) استحوذوا على: “مركبات وآليات (هامفي) وأسلحة خفيفة وذخيرة”.

يرى الخبراء أن هذه الغنيمة، غير المتوقعة؛ ساعدت إلى حدّ بعيد متمردي (طالبان)، الذين بإمكانهم أيضًا الاعتماد على مصادرهم الخاصة للحصول على أسلحة. واتُّهمت “باكستان” خصوصًا بتمويل مقاتلي (طالبان) وتسليحهم، الأمر الذي نفته على الدوام.

يعتبر الخبير في كلية “إس. راغاراتنام” للدراسات الدولية في “سنغافورة”، “رافايلو بانتوتشي”؛ أن هذا التسلح لن يساعد متمردي (طالبان)، في الوصول إلى “كابول” فحسب، إنما كذلك في: “تعزيز سلطتهم” في المدن التي سيطروا عليها.

مع الانسحاب شبه الكامل للقوات الأميركية، يجد متمردو (طالبان) أنفسهم يملكون عددًا كبيرًا من المعدّات الأميركية، بدون الحاجة إلى إنفاق فلس واحد للحصول عليها.

وأضاف “بانتوتشي”: “إنه أمر خطير للغاية. من الواضح أنه نعمة سقطت عليهم”.

السيناريو الأكثر شؤمًا للأميركان..

قبل أسابيع من الذكرى العشرين لاعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001، في “الولايات المتحدة”، تعرض (طالبان)، بزهو؛ هذه الترسانة وتواصل، بحسب “الأمم المتحدة”، إقامة روابط وثيقة مع تنظيم (القاعدة)، الذي يقف خلف هذه الاعتداءات.

يوضح “غايسون أمريني”، وهو عنصر سابق في القوات الأميركية الخاصة؛ شارك في غزو “أفغانستان”، عام 2001، لطرد (طالبان) من الحكم، أن الأميركيين كانوا مستعدّين لفكرة أن مقاتلي (طالبان) سيستحوذون على بعض الأسلحة، لكن سقوط المدن بشكل سريع في أيدي المتمردين كان السيناريو الأكثر تشاؤمًا بالنسبة لهم.

ويقول: “الولايات المتحدة؛ جهّزت الجيش الوطني الأفغاني؛ مفترضةً أن الأسلحة والمعدات يمكن أن تقع في أيدي (طالبان)”. مضيفًا: “الأزمة الحالية كانت السيناريو الأسوأ، عندما اتُخذت قرارات شراء” المعدات.

دعاية..

في “مطار قندوز”، يظهر عنصر من (طالبان)، في فيديو؛ على متن دراجة نارية حمراء اللون أثناء مشاهدته مروحية عسكرية على مدرج قريب.

يمكن ملاحظة مشهد الإبتهاج نفسه في كافة الأراضي التي سيطرت عليها الحركة. لكن إذا واصلت إظهار هذه المشاهد لإثارة حماسة مقاتليها، فلن تتمكن من استخدام هذه المروحية بدون طيار في ساحة المعركة.

يُشير المحلل السابق في مجال مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات الأميركية، (سي. آي. إيه)؛ “أكي بيريتز”؛ إلى أن: “ذلك سيكون لأغراض دعائية فقط”.

فالأسلحة الخفيفة أكثر فائدة، على غرار الآليات التي ستسهّل التنقلات في هذه الأراضي الوعرة. ستعزز هذه المعدّات؛ إضافة إلى تراجع معنويات الجيش الأفغاني، التهديد الذي تمثله (طالبان).

رغم ذلك، أكدت إدارة “بايدن” أنها ستواصل تجهيز الجيش الأفغاني، الذي يوشك على الإنهيار.

التاريخ يُعيد نفسه بالنسبة لـ”الولايات المتحدة”. فبعد انسحابها من “العراق”، سيطر تنظيم (داعش) على مدينة “الموصل”، منتصف العام 2014، واستولى على أسلحة وآليات (هامفي) أميركية. واستخدم التنظيم هذه المعدات بعد ذلك لإعلان “الخلافة الإسلامية”، في “العراق” و”سوريا”.

على غرار مقاتلي تنظيم (داعش) في “الموصل”، يقف مجنّدو (طالبان) لإلتقاط صور مبتسمين، وهم يحملون ذخائر استولوا عليها في المدن التي سيطروا عليها في كافة أنحاء “أفغانستان”.

يقول “بيريتز” إن: “هذا الانسحاب يتحوّل إلى هزيمة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة