23 أبريل، 2024 10:37 ص
Search
Close this search box.

ضيف يُدعى “الصمت” .. يهدد الأسر الإيرانية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – محمد بناية :

أضحى “الصمت” اللغة الرائجة بين أفراد الكثير من الأسر الإيرانية.. حيث يتواجد الكثير من أفراد العوائل بشكل مادي؛ لكن الألسن لا تتحدث في الغالب، والكل يفكر عله يجد دواء لألم الصمت.

لقد تحولت العلاقات والإرتباطات الأسرية من القول إلى الكتابة؛ وأحيانًا إلى مجرد “أستيكر” أو “إيموشن” على مواقع التواصل الاجتماعي الإفتراضي بلا روح. بحسب “ستاره لطفي”، بصحيفة (همدلي) الإيرانية الإصلاحية.

أرقام تكشف عمق الكارثة..

وكما تقول الإحصائيات؛ فإن متوسط الحوار داخل الأسر الإيرانية لا يتجاوز نصف ساعة في اليوم.

وكانت “معصومة ابتكار”، مساعد رئيس الجمهورية للشؤون النسائية والأسرية، قد أكدت، خلال اجتماع مشروع الحوار الأسري، تراجع معدلات الحوار بين أفراد الأسر الإيرانية، وقالت: “استنادًا للدراسات العلمية؛ تقلصت معدلات الحوار بين أعضاء الأسرة الواحدة من ساعتين يوميًا، قبل 20 عامًا، إلى 20 دقيقة”.

وهذه الأرقام تكشف عمق الكارثة، في حين يدعي خبراء الحوار العلاجي، أن بمقدور المتحدث بالفارسية إلقاء مئة كلمة في الدقيقة. مع هذا لو يكون معدل الحوار بين أفراد الأسرة الإيرانية، كلمة واحدة بالدقيقة، فإنه يمكننا بحسبة بسيطة تأكيد استخدام الأسرة الإيرانية، 2000 كلمة يوميًا؛ مقارنة بعدد 12000 كلمة قبل عقدين.

والحقيقة أن تراجع معدلات الكلام بين أفراد الأسر الإيرانية ليست مسألة جديدة، فقد حذر خبراء العلوم السلوكية والاجتماعية من أن الصمت سيكون ضيف الأسر الإيرانية غير المدعو، وتطور الوضع إذا لم يتم التفكير في حلول. ولم تُسفر هذه التحذيرات سوى عن تراجع معدلات الحوار بين الأسر الإيرانية عامًا بعد آخر.

والبديهي أنه لا يمكن توقع، (لاسيما في ضوء الثورة الإلكترونية على مستوى العالم خلال العقود الأخيرة)، عودة كيفية العلاقات الفردية والاجتماعية إلى ما كانت عليه قبل الثورة التكنولوجية.

أسباب إنهيار الحوار الأسري..

ومما لا شك فيه أن ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، والإقبال على الإنترنت ووسائل التواصل الجمعي؛ ترك تأثيره ليس فقط على نوع وشكل العلاقات داخل الأسر، وإنما على المستوى المجتمعي، وبالتالي تغيير أجواء الحوار.

بعبارة أخرى؛ تلبي هذه الشبكات كل الأذواق وتضع أمام المخاطب في جزء من الثانية أنواع وأقسام من المعلومات والأخبار، وبالتالي لم يعد المخاطب في حاجة للحوار الأسري. مع هذا لا يمكن تحميل الشبكات الاجتماعية تبعات تراجع معدلات الحوار بين أفراد الأسر، لأنه وبغض النظر عن دور الشبكات الاجتماعية المعروف، تلعب عدد من المسائل والأسباب، (التي توارت خلف تضخيم دور شبكات التواصل الاجتماعي)، دورًا في هذه المشكلة، منها على سبيل المثال المشكلات الاقتصادية والمعيشية.

والواقع أن تدهور الأوضاع الاقتصادية وتفشي الفقر وعجز الكثير من الأسر الإيرانية عن توفير متطلبات الحياة اليومية، قضى على الآفاق المستقبلية الواضحة أو حتى الرمادية. وفي ظل هذه الأجواء لا يبقى كلام يقال يمكن للشخص أن يُسمعه للآخرين ومشاركة باقي أفراد الأسرة.

وعليه فإن هجوم اليأس والحيرة في المجتمع صعق المواطنين لدرجة أن الكثير من الأسر الإيرانية ترجح الصمت على الحديث عن الأحزان والفقر.

من ثم؛ ونظرًا لتعاظم تأثير الفقر على قطاع كبير من المجتمع، وكذلك دور شبكات التواصل الاجتماعي، لا يمكننا تجاهل عدد من الأسباب الأخرى التي تتسبب في انخفاض معدلات الحوار داخل الأسر؛ مثل ضعف ثقافة الخطاب التاريخي بين الأسر الإيرانية.

ذلك أن هيكل المجتمع والأسر الإيرانية، (منذ القدم وحتى الآن)، يغلب عليه الطابع الذكوري، فالسائد أن الكلمة الأول والأخيرة للرجل والعُرف لا يجيز المعارضة. وحتى لو وجدت المعارضة لا يكون التعبير بالكلام؛ وإنما باللكمات أو ما يُعرف باسم “ثقافة القبضة”.

ومن البديهي في ظل هذه الأجواء الديكتاتورية ألا تنهار الأجواء الحوارية فقط، وإنما انتقال هذه النقص التاريخي للأجيال المقبلة على نحو ما نراه الآن من تفشي ظاهرة الصمت القاتل بين الأسر الإيرانية.

ومما لا شك فيه؛ أن أسباب هذه الظاهرة لا ينحصر فيما ذكرنا، ولكن ثمة الكثير من الأسباب منها اختلاف الأجيال، والفجوة في رؤى أفراد الأسرة، والمستوى العلمي للآباء والأمهات؛ وغيرها ممن لا يمكن حصره في هذه المقالة.

لكن لابد من التعاطي مع هذه الظاهرة بشكل جاد؛ لأنها تمثل جرس إنذار يهدد كيان الأسرة الإيرانية، وتتسبب في الكثير من المشكلات الاجتماعية والأسرية، واستمرار الوضع يهدد بمشكلات أكثر على المستوى المجتمعي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب